الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

بتلك البساطة !


تقابلا في مقهى هاديء على ناصية شارع بأحد تلك الأحياءالراقية

جلسا متقابلين

يغالب كل منهما لهفته واشتياقه

يرسمان على وجوههم ابتسامات مصطنعة وجمود زائف يخفي التهاب وجناتهم

ينتظر كل منهما تلك الكلمة التي تلوح في الأعين فكرة أن ترتسم على شفاه من أولا؟
 
من يمسك صوته فرشة الألوان وأوركسترا الحالة الرائعة

توتر يضطرم داخلا

وشفاه تبتسم بثقة زائدة

رسميون جدا
حتى في ارتشافهم قهوتهم
تأنقهم الزائد! هل هو تأنق؟ أم خوف مقنع؟

كلاهما ينتظر
كلاهما يأبى أن يأخذ شارة البدء فينطلق سباق من مشاعر متأججة تنتظر صافرة الانطلاق

يبتسمان بشيء يملؤه التكلف

يمتلآن بالأفكار والمعاني

يمتلآن بأشياء كثيرة حرصا أشد الحرص على دفنها في القاع

تدور في رأسه كل الكلمات دفعة واحدة وهو ينظر لها ببرود وثبات لا يدلان على النيران التي تكاد تشيب رأسه ، قوية ... ترى بم تفكر الآن ؟ تبدو غير مهتمة ... ذكية ... تلك النظرة القوية في عيونها لا تجعلني قادر على قراءة أي فكر يدور بداخلها ... تبدو كصخر صلد ... غير تلك التي شعرت منها بشيء من رقة الإناث ... متأنقة جدا ... رسمة عينيها توحي بأنها تريد أن تدير رحى المعركة تجاهها ... لن أترك الزمام أيتها الحلوة مهما حدث ! نظرتها للفنجان ساحرة ..... لو أني لست أنا لرجوتها أن تنظرني نصفها ... ولو أنها ليست هي ... لركعت أمام قوتها وسحرها وذكاؤها أطلب أن ترافقني الرقصة التالية ! لكنها ...... عنيدة ومكابرة ... يعجبني الأمر ... لكني لن أنحني له ! بالطبع ... أجيد ثقافات عدة لكنني شرقي حتى النخاع ... [ يتلفت حوله مقلبا شفتيه بجوله سريعة للمكان ] ولا هذا المكان الغربي يجعلني أتنازل لأقول لها كالأجانب رقصة ! لتطلب ... عيونها تكاد تطير إلى ساحة الرقص هناك ..... وأنا ... فلتتكلم ... أليست من رتب هذا اللقاء ؟ فلتكمل قوية وجريئة حتى النهاية .

يبادلها بسمة .. بدت حمقاء جداً لأنها لم تنتبه لها تقريباً ... برصانة وهدوء تهز رأسها عجباً بالموسيقي الهادئة التي تدور ... عازف الكمان يأسر سمعها ، لو ما استبدلوه بعد دقائق بالبيانو لما كانت اعطتهم أي اهتمام !

بطرف عينها نظرت له ... متحفز تماما كأسد جسور لمعركة قوية ! ... بسمة هادئة منها عادة تنهي كل شيء ... امرأة قوية ؟ نعم .. طالما نعتها زملاء العمل بالصلبة والجامدة والباردة أيضا لا بأس من كل تلك النعوتات .... تنظر بشغف لفنجان القهوة الذي شارف الانتهاء ... رشفة أخرى وستضعه جانبا .......... يا له من جذاب ! هذا الصمود الذي يبديه لم أره من رجلٍ قبل .... يعجبني أداؤه القوي ... أحب المعارك الساخنة ... التي يظل فيها الرجل بطلا للنهاية ثم يسقط كخاتم في إصبعي ! لكنه لا يبدو كذلك .. ولو ! سيكون ..... ثم ... لن أكسر صمتك ....... أشتاق لصوته حقاً لكني لا أدفع كل بطاقتي ... ولا أكشفها !

نظرت له ... ابتسمت لأول مرة بلا تصنع ... ابتسم ببلاهة ..

قال لها بصوت طفولي عالٍ قطع تلك البسمة والنظرة البسيطة عليهما ... تيجي ترقصي معايا هناك ؟

بصوت أشبه بالأزيز ... صغير وبريء ... اوك !

جذبها من يدها .... هرولا تجاه الساحة الصغيرة .... أفسح الكبار لهما مكاناً ..... رقصا !

بتلك البساطة .......

وقف ...... عدّل بزته........ خلع عنه كل الشرقية وكل الحماقة وكل الفكر المسبقة  .... همس ... تسمحيلي ؟

تنازلت عن غرورها العقيم .. وضعت ذاك الكبرياء تحت قدمها .. قالت بتسم أشبه للضحك كطفلة... فكت ضفائرها للتو .. طبعاً !

بتلك البساطة ! :)

لأن الأمر بسيط منذ البداية :)

لأنه طفولي جدا كالصبي والصبية ...

لأنه بريء وجميل وراق !

هناك تعليقان (2):

  1. هو ده مش تعليق على التدوينة دي، مش عارف أسميه إيه، المهم هو بس حاجة زي اعلان بإني بأستمتع بتدويناتك جداً، فشكراً ليكي :)

    ردحذف
    الردود
    1. :)
      إن اليوم ينتهي بكلام حد مبدع زيك انه معجب بقلم مكسور ! ده شرف ليا يا فندم :)

      منورني دايما :)

      حذف