السبت، 22 أكتوبر 2016

فراشات الخرابة!

ثم يجادل ويجادل ويجادل، يتخاذل ، يذبل في عينيها، يؤلمها السمع مثلما أصبح يؤلمها الكلام!

الصراخات لا تجدي ولا التعنيف ولا الدمعات الهاربة من مخدعها في حالة غفلة من جأشها الرابض على الجفنين.

تتحول سلال الأمل بداخلها إلى واحة خربة، تتكوم على حوافها المزابل!

تبصق إذ تسير بحزاءه، وتسب وتلعن هذا الأمل ألف مرة!

لكنها إذ تنوي الاستسلام، تذوب في أملها المغرق في الأحلام ولا تستسلم!

تنظر في عينيه بقوة، تقول له سوف تندم عليها أشد الندم، تسخر من لعبة القدر التي تجعله صديقا وخصما في آن واحد!

تضحك بمرارة على تكرار مأساتها بأبعاد أخر مع أشخاص أخر!

تقف موقف الفتاة، تصرخ وتدمع وتسعل وتناقش وتحنو وتبص وتلعن!

تحاور في شبحه المشحوب طيف حبيبها، يصرخ داخلها لكلماته المهترأة، تفزع، تخشى أن يكون حبيبها في الغيب يردد ذات الكلمات لنفسه ليرتاح ضميره وينام!

تعود إلى رشد قلبها وتقول، الحب لا ينام!

نفسها الشريرة المتربصة بأملها الوحيد تلوح في زهو: لو كان حبّـًا!

تلك السماوات المفتوحة للسحب، تلك الأمطار التي تثير بداخلها نشوة الطهر والبراءة والطفولة، تلك الشمس التي تقرر التخاذل في لسعات البرد، وذاك الصديق الذي يجادل ويلقي كلمات من مزابل الإنسانية على مسامعها، وذاك الحبيب الذي اختطف التنين والفراشات والورد والألوان وهرب!

لماذا ينهون بعنف موسم الفراشات الجميل؟ 

السبت، 15 أكتوبر 2016

ترقص ...

كانت هناك ..... تقف بعيدا لكن في المنتصف تماما .... ترقص ....بشغف ترقص بأمل بجنون .... ترقص بكل كيانها وجوارحها

كانت ترقص كأن كل الكون تلاشى من أمامها .... كأن الذي يغني هناك يستهدفها وحدها .... لا شيء هناك سوى الموسيقي .... كالبجعة ترقص .... كالغزالة .... كالفراشة ... ما بين الرقص والقفز والدوران ... حالة من اللاشعور والهيام لا تفصلها عن شيء ولا تنفصل بها إلا عن كل شيء ... سوى ضربات الدفوف!



هناك .... من قريب وعلى بعد يقف يرصدها .... تزعجه عيناها المغمضتان في بحر من العشق التام ..... حالات التوحد تلك لا تتولد بين ليلة وضحاها وليست وليدة لحظة أبدًا .... هي حالة تسترعي اهتمام من نوع خاص جدا!

مثل البعجة ترقص! هل قلت ذلك .... كان يراها مثل النعجة ....... كيف لنعجة صغيرة أن تخالف القطيع أو تسير معه دون اهتمام خاص به!!!!

تقدم لخطبتها منذ أسبوع ..... لم يكن يتوقع رؤيتها هناك حيث الأكتاف العارية ..... تتراقص وتميل مع الريح .... وحدها .... ويا للعجب وحدها كانت تمتلك تلك القدرة على التمايل برهف .....

الهواء هناك .... النسيم ..... الحب .... كإن ميلاد جديد للحب ينمو في أحشائها العذراء .....

التقت عيناهما ..... لكنها في عالمها ..... تدور وتنتشي .... مثل السكارى ..... هؤلاء المنعمون بعالم الغيب .... يطيرون مع الريح ويستقرون في السماء .... فردوسهم هنا على الأرض ... في قلوبهم ... دائما السكارى يحملون الفردوس في أضلعهم .... سكارى الخمر ... والأمل ... والحب ... وكل يسكر بقهوته الخاصة!

لم يغضب .... لم تر ملامح وجهه حين عاد مستديرا منكسا رأسه خائب الرجاء ... هل هذه التي أريد خطبتها والزواج منها؟ تجوب أرجاء السماء سكرانة بالرقص؟

لم يبد وجهه بعد ذلك غاضبا .... بل بدا حزينا ..... حزينا جدا .... كأنما طعنهم أحدهم في قلبه !!!

أما هي؟

هي لم تكن هناك بالأصل ..... هي كانت تكمل معزوفات السماء عن الحب والحرية ...... هي كانت بلا قيد تقف .... بلا خسارة ..... بلا هزيمة ...... بلا طوق يجوب رقبتها وسط رقاب النعاج .... تحررت من كل شيء ..... رغم أنها كانت قد وضعت كل حريتها وحياتها وقلبها ..... نظير الحب .... الحب وفقط!