الأحد، 31 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (12)

بالأمس استيقظت على كابوس مرعب

فتحت عيني لسقف الغرفة قبالتي، يدخل بعض النور من نافذتي، قلبي مضطرب، يدق بشده، ألهث، كأن الركض كان حقيقة، أبتلع ريقي، أحدق في السقف، أنا على السرير، أنا في غرفتي آمنة، أنا بخير، ما كان هذا؟ هل هذا حقيقي؟ بالطبع لا، ماذا لو كان حقيقي؟ أي شبح هذا الذي يطاردني؟ ولماذا عاد إلى أحلامي من جديد؟

عندما يصيبك القلق المرضي، من الصعب أن تصدق الحقائق، ومن الصعب أن تكذب المخاوف والوهم!!!!!

وعندما يأتيك كابوس تضطرب حواسك، أيهم حقيقي وأيهم مجرد حلم؟
وحينما تختلط لديك الأحلام بالتصديق والتحقق، يصيبك الجنون!!! صدقني إنه الجنون بعينه، وأنا تلذذت بكل تلك الأنواع!

كان عهدي معه، أني عندما أراه في حلمي، عندما يقول لي شيئًا محددًا، فإن الأسابيع والشهور قد تمر، لا شيء يصل بيننا، ثم فجأة ومن حيث لا أدري يقف قبالتي ويخبرني بذات الكلمات التي قالها في حلمي!
عندما يحلّ على رأسي مثل الصداع، أجد منه رسالة، أو نصًّا أو توددًا لا أفهم له مغزى ولا أجد له مبررًا!

منذ سنوات تراسلنا، أخبرته بما يدور في رأسي، بصراعاتي البسيطة وقتها، بربع الحقيقة وربما أقل، كنت أريد أن أعرف شيئًا محددًا، كنت كصحافيي الأخبار، وهو صحافيّ منذ زمن، لم يلتو في كلامه، كان واضحًا ومستقيما، كان مريحا جدا، محادثة قصيرة ومحددة كانت كفيلة بأن تخرج من قلبي مسمار جحا، أي شبهة بأني ظلمته، وأي تساؤل بأني ظلمت نفسي.

انتهى .... الحب كان انتهى من قبل تلك المحادثة بعام أو أكثر، كنت مثل الفراشة في حضن حلم جديد، لكن القلق والشك والوساوس والخوف، شيء سخيف يعتريني عند غموض شيء يثير فضولي وقلقي .... قد أكون غبية، لكني اعتدت الأمر!

محاولات غامضة ومريبة للرجوع، لا أعرف كيف كان توقيتًا مواتيًا لكل العته والعبث والجنون، كان حلمي الجميل يتحول إلى كابوس على طريق موازية، وكنت وحدي، كنت وسط الصحراء القاحلة وحدي، وأنا أخاف الوحدة، أعتاد وحدتي النفسية، لكني أخافها جدًّا وأكرهها، وأكره فراق من أحب، وأكره أن أخذِل أحدهم أو يخذلني من وثقت بهم!

ورغم انهاكي وضعفي، كيف استجمعت كل قوتي للرفض القوي؟ وكيف أغلقت الباب وأوصدته خلفه؟ وكيف لم أسمع لخطوة قدم أن تخطو على أرض؟ وكيف كان السور منيعًا وصاحبته هشّة؟ كان الحب في قلبي قويًّا، ما كنت لأخون من وثق بقلبي يومًا .....

محاولة بائسة، أثارت شفقتي، وعصبيتي وجنوني، أثارت شفقتي أكثر من أي شيء، أكتشف نفسي من جديد في تلك المواقف البائسة!
تراجع .... وأغلقت أبوابي بقوة .... ولم يعد يضايق مناماتي ... ولم أعد أصاب بالصداع لأني لم أكن أذق للنوم طعم معذبة بما وضعت فيه كامل قلبي وشقفة روحي!

في الصباح، يطاردني في منامي، منام لم يطل لثلاث ساعات متصلة، يطاردني بباقة ورد، وظرف أبيض يود لو يضع عليه صورتي بجانبه،يسألني إن كنت أحب أحدهم؟ إن كان هناك أسد آخر في العرين؟ أخبره أني أحببت بكامل قلبي، أني عرفت الحب حقًّا مع هذا الجميل، يسألني أين هو؟ أقول له لعله لم يحبني.
يسألني أن احضر حفلة، يصّر، لأذهب لأتخلص منه، يطاردني بنظراته، ثم يطاردني بباقة الورد والظرف الأبيض! كان يبتسم ويقترب، وأنا أصرخ وأركض، كان يقول لي اسمعيني، وأنا أقول له كفى!
كان يرجوني أن أقف، وأنا أرجوه أن يفيق، يقول أحبك، أقول له تلك نوبة هوس أصابتك ... سوف تفيق منها قريبًا، سوف تعرف أنك لا تحبني، سوف تعرف أنك لا تريد الزواج مني، سوف تفيق، أنا مررت بهذا الكابوس حقيقة من قبل!!!!
كنت أركض بكل قوتي، وكان يبتسم بكل قوته
صعدت السلالم حتى وصلت إلى الباب، أغلقته خلفي وجلست ألهث، أحكي لأبي وأمي وأخي النصف نائم، أخشى أن يرتفع صوتي فيسمعني ويستكمل المطاردة، أراه واقفًا بالأسفل يبكي، يثير شفقتي ويثير ذعري!


على سريري، قلبي يقفز، يداي باردتان، نفسي ثقيل ومتسارع في وقت واحد، وعقلي كأن خارج الوقت مصدوم لا يفهم أيهما الكابوس وأيهما الحقيقة .... السابعة ... من يستيقظ في السابعة في عظلة نهاية الأسبوع؟
أراسل أخي، صديقتي، وشخص أخر أخمن أنه مستيقظ، أفكر .... من مستيقظ الآن؟ أريد أن يقول لي أي شخص أنه حلم، أني بخير، أن هذا لن يحدث، أن الكابوس القديم لن يقفز على صدري ويخنقني ....
هل أذهب لسرير أمي أتوسد ذراعها وأبكي أو أطمئن؟ أنا حقًا خائفة!!!!


ما هذا الذي يحدث؟ متى تحول كل هذا إلى كابوس؟
من إنسان لطيف ذكي مثقف يثير إعجابي بقلمه وفكره، إلى كابوس أخشى أن ألقاه، وأخشى أن تجمعني به الطرق؟

ما الذي يحدث؟
أين الحلم الجميل الذي كنت أحياه؟ أين زهر الربيع وورد المريخ؟ أين تلك البسمات التي تنير قلبي قبل وجهي؟ وكيف حال البعد بين النسيم والزهر؟

من أنا بين كل ما يحدث؟ وهل تلك أحلامي التي كنت أعيش بها؟

الأحد، 24 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (11)

لا أحد يحبك ....

ألم ننتهي من هذه الحقيقة؟ 

أعيدها لنفسي مرارًا وتكرارًا، أحاول أن أتقبل الهزيمة وأسامح نفسي وأعيش بفشل بسيط، أو كبير لا بأس، أحاول أن أتصالح مع الفكرة، أني فشلت فيما كنت أصبو إليه طوال عمري، وأني فشلت فيما أجيده، في الشيء الوحيد الذي أجيده ولا أجيد شيئًا مثله ......

لا أحد يحبني، ولم يحبني أحد، ولقد أهدرت هذا القلب على اللاشيء، على عمرٍ صار هباء، مرّ كالسراب، كأني لا أعنيه وكأنه لا يعنيني ....

مازلت أرى أشباحي تطاردني

صارحت نفسي بأشياء قاتلة، سببت لي اضطراب جسدي للعشرة أيام الفائتة، واجهت نفسي ببعض الحقائق المريرة التي لا أريد أن أراها، أسمعت نفسي الكلمات التي لا أريد أن أسمعها عنوة حتى لعلها تفيق!

واجهتها مرة أخرى بكلام من أحبّته أن كل شيء مرّ كان مجرد خدعة، أجبر نفسي على التصديق، أكسر معها ما تبقى من أحلامي، أحطم ما تبقى من لوحات جميلة للصدق والطهر والبراءة والحب والمثالية وتلك الوردية التي كانت تملأ بها حياتي، أقول لها كل تلك الألوان زائفة، وكل تلك الصور التي تحيطين نفسك بها ما هي إلا ذكريات كاذبة، لم يكن يحبك فيها مثلما أحببته، ولم يكن يحلم بك فيها مثلما حلمت به، ولم يكن فيها وردتك مثلما كنت فراشته .....

لثلاث سنوات، توقفت فيها عن ارتداء فستان بضيّ الأبيض عليه فراشات سمراء وحزام أسود في المنتصف، واسع يجعلني أشبه دمية جميلة، كان يحب هذا الفستان، في ليلة كنا فيها معًا، أحببت أن أفاجئه به، قال لي في لحظة صفاء: لو تقدمت لخطبتك أحب أن أراك بهذا الفستان ..... كيف قال جملة كهذه وسط الجمل؟ وكيف ضحكت كبلهاء ساذجة؟ وكيف انطوت الجملة بقلبي وانطوى الفستان بخزانتي ولم أرتديه يومًا بعده؟ أضعه في حقائب السفر، من الخزانة للحقيبة ومن الحقيبة للخزانة ولا يلامس جسدي ولا لمرة واحدة طوال تلك المدة .... 
ما الذي يمنعني؟

أنا كاتبة

بحق الله أنا كاتبة

أنا أقرأ القصص والروايات وأغزل الحبكة ...... وأنا أريد الحبكة في واقعي .... سوف يعود يومًا وسوف أخبره أني لم أرتدي فستانك الذي أحببت لسواك، وأني لم أخن عهد قلبي .... وأني لم أرد لغيرك أن يرى ما رأيت ...... ليس لأحد ما هو لك!

أنا كاتبة

أنا أغزل الحبكة والقصة والحكاية، وأصنع الخير والشر والحب والحياة وأسلبها وأهب الموت متى أريد

نسيت أني هنا خارج الكتاب، خارج القصة .... مخلوق ضعيف يُحكَمُ عليه بالموت كباقي أبطال القصص، أن كتابي سوف ينتهي دوني، دون أن أضع أنا كلمة النهاية وأستمتع بالخاتمة وأناقش فيها القاريء ....

نسيت أني في الحياة لا أمسك القلم، ولا تسير الأشياء مثلما نخطط للرواية، وتجري الأحداث وفق أنجمنا وأبراجنا، والطالع قد لا يطلع في الحقيقة، وتلك الأمنيات قد تظل مجرد أمنيات عابثة وعابسة!

أدركت كيف أني مخلوق ضعيف صغير جدًا، لا يقو على شيء، ولا يملك من أمره أي شيء، أسير مع قدري حيثما يؤذن لي!
وأن تلك النهايات السعيدة التي أحبها، تخيب فيها الحياة آمالنا، وأن الروايات الحقيقية ليس لها نهاية، ولا تنتهي بحدث ولا فكرة، وأنها تظل مفتوحة، مثل تلك الروايات التي كنت ألعن كتابها وأمقتهم، أود لو أحييهم من قبورهم لأسألهم ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ ولماذا تفعل بي هكذا؟

أخرجت الفستان وارتديته، ذهبت به إلى العمل، كان يومًا سعيدًا، أتلقى المجاملات على رقة ذوقه، أتغافل عن مجاملاتك التي ترن في أذني، أنشغل وأتشاغل، أجلس طويلًا مع الأطفال، مع الزملاء، مع ألعاب هاتفي، أحمل نفسي في نهاية اليوم إلى المجمع التجاري، أشتري ثوبًا، أنفق في اليوم التالي كل ما ادخرته في الأشهر السابقة في بعض الزينة، أعود في المساء أجر أذيال خيبتي، تواسيني أمي .... أجبر نفسي على التجاوز بدون تخيل رأيك فيما اشتريت، وبدون التعليق على كلامك عن إسرافي وجنوني في الإنفاق!!!

واجهت قلبي الصغير بك، جعلتك تكرر الكلام الذي كنت ترفض تكراره، لا لشيء إلا ليسمع قلبي، ويتوقف عن التفكير والامنيات وتلك الخيالات المريضة .... فلما تقفز في مناماتي؟ تتجاهلني في المنام كما تتجاهلني هنا، وتوجع قلبي في اليقظة والمنام، وحياتي التي تجري ولا أستطيع اللحاق بها ... ولولا الله لا أعرف ما الذي كان ليحلَّ بي!

أواجه أشباحي في السوق، أتذكر من الذي ظلمني ومن الذي ظلمته؟ من الذي أحبني ولم أستطع أن أحبه، أقول لنفسي لعل فلانًا كان صادقًا إذ أخبرك يومًا بحبه وتجاهلتيه، لعله كان صادقًا إذ أدرت وجهك عنه، والآن يدير الحب وجهه عنك ولم يصدق في حبه مثلك!
لكن القلب .... للقلب أحكام لا أتجاوزها، لم يتحرك قلبي قيد أنملة هناك، وتركني قلبي شبرًا وذراعًا وأميالًا هنا!!!!!
فلماذا تحكمين على قلبه؟
ولماذا تصرين على اجتذاب محبة كانت خدعة منذ الأساس؟

من المخطيء هنا ومن المصيب؟

أهلا بك يا صغيرتي في عالم الكبار المتشابك ..... حيث لا حب ولا كراهية ..... وحيث لا أبيض ولا أسود .... وحيث البشر مزيج مرعب من نور الملائكة ونيران الشياطين ....... وحيث أنه لا شيء يصفو إلا عند علام الغيوب 

لا أحد أحبني فقط!

لا أحد أحبي قط!

هذا شيء بسيط، لم يحبك وحدك، أحب نفسه أكثر، أو أحب عمله أكثر، أو أحب المال أكثر، أو أحب السفر أكثر، أو أحب النساء أكثر، أو أحب التقاليد والأعراف والعائلة أكثر، أو أحب الحرية وكأنك قيد على رقبته أكثر، أو أحب ذبابة تطير لمسافة قصيرة فوق طعامه مرارًا وتكرارًا أكثر

أيًّا ما كان كيف وماذا أحب أكثر ..... لم يحب أحد أكثر إلا أنت ... ويكأنني بقائلة لك أن الحب جريمة

الحب جريمة الصغار يا صغيرتي في عالم الأشباح الذي تعيشينه!

كاتبة مصابة باضطراب القلق، ورهاب الكذب، والشك، والإفراط في تتبع الصدق، مريضة بالحقيقة مهما قتلتها، يجعل حياتها تنتهي كل هذا القدر من التعقيد والكذب واللامبالاة
هي تعذرك جدًا لأنها مريضة مثلك، هي تفهمك وتود لو تضمك بصدق وتحمل عنك أوزارك وأثقالك، وهي تتيه الآن في كل شيء، في المفاهيم الكبرى

ما هو الصدق؟
ما هو الحب؟
كيف يعرف المرء أن الحب حب؟
وكيف يعرف المرء أنه تسلية وتمضية وقت؟
كيف يكون الصدق إذا تلاقت الأعين؟
كيف نعرف الكذب من الألسنة وهي تقسم باسم الله المجيد؟
هل يمكن لعاشق أن يكذب؟
وهل يمكن لكاذب أن يعشق؟
ثم كيف أن الأرواح تتبادل وتتعانق وتتآلف وتراسل بعضها وتكشف الصدق وتبادله بالصدق وصافي المودة بالحب الزلال ثم يكون كل هذا على غير ما كان عليه ؟
هل تخطيء القلوب؟
هل تخطيء الأرواح؟
ما الذي فاتني؟
ما الذي سيبقى؟
من أنا؟
أين أنا؟
ما الذي جاء بي إلى هنا؟
هل أستطيع النجاة من كل هذا؟

المرة القادمة أخبركم عن ألطاف الله .... :)

الأحد، 17 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (10)

العالم مضطرب جدًا، بالداخل والخارج، تختار التجاهل كي تحافظ على ما تبقى، وشيء بداخلك يناديك بواجبٍ عليك فعله.

أعظم ما يحارب إنسانًا مضطربًا هو الشعور بالذنب .... تلك الدائرة التي تدركها وتعرفها ولكنك لا تنتهي منها أبدًا.

التجاهل لا يحميك يا صديقي، هو مثل حجرة فارغة تلقي فيه بالأوراق المشعثة التي لا تقوى على قراءتها أو فهمها الآن، تمتليء الغرفة وتسير بكاملها إليك لتواجهك بالحقيقة المرة، أنه عليك قراءة كل تلك الأفكار والمشكلات وحلها ...

المدة التي تمتليء فيها الغرفة تختلف من شخص لآخر، والقدرة على التجاهل أيضا، عوامل كثيرة تحكم تلك العملية ....

فجأةً تدرك أن وقتك فات، وأن عمرك مرّ، وأحيانًا أنك تلك المواعيد التي كنت تظن أنك ستفعلها لم تعد موجودة، وأن هؤلاء البشر الذين وعدت نفسك بالاعتذار لهم أو بتصحيح الوضع معهم لم يعودوا هنا!

شعور مريع، تحتاج في هذا الوقت من يخبرك أن كل شيء سيكون بخير، من يعمل معك على إصلاح خراب ماضيك وفوضى مستقبلك، شخص يعمل لله والوطن بلا مقابل وبلا تعب وبلا كلل!

في يوم ظننت أن الطبيبة سوف تكون هذا الشخص، ليس بذات المعنى ولكنها قد تهتم ولو قليلًا، قد تنشلني من موجات التجاهل والقوقعة حينما أهرب من الجلسات أو أقطع التواصل معها لإن الثقب الأسود يبتلعني من جديد، هذا لم يحدث، هذا لن يحدث، لا شيء بلا مقابل في هذا العالم، وكل هذا الحب الذي ظننته مجانًا لم يكن ولن يكن كذلك!

تدفعني صديقتي التي أصبحت تخابر ذات الطبيبة إلى العودة لجلسات العلاج، تخبرني أنه لا أحد سيبقى هنا لأحد، ذات الصديقة تخبرني لثلاث سنوات أن أنضج، أن أتخلى عن كل تلك المفاهيم الطفولية عن العالم والناس، ثم؟ تنهار قواها وتبكي معي في ليالٍ كثيرة وطويلة، لم تحتمل فيها برودة الغرب، وأنا لا أحتمل فيها ظلام العالم والبعد والفراق والغربة حتى في عقر داري وموطني ........

عندما أنفعل، يقول أخي بعض الحلول، يحاول ترتيب الأوراق معي، ينفعل أحيانًا لحماقاتي المتتالية، ينصحني بالتخلي والتجاهل والسير، أخي لا يعرف أن بوصلتي متكسرة، وأن نظري بات ضعيفًا جدًا كي يقرأ النجوم ويهتدي الطريق!
أقول له: إنني حقًا لا أعرف متى تبدأ كل تلك المشاعر وكيف تتكاتف ومتى تنتهي، هناك هوّة عظيمة في داخلي ليس لها قعر ولا قرار، تبتلعني، أريد أن يعود العالم كما كان أو كما أذكر ولعله كما أتخيل، لقد فقد هويتي، لا أذكر أيهم كان حيواني المفضل؟ وما الطائر الذي يبشرني بحظ سعيد، وأي الورد كان فألي الحسن؟ الشيء الوحيد الذي أعرف أني مازلت أحبه بشدة وأنظر له دومًا هو السحاب .... أتمنى ألا يصيب السحاب اختلال ذاكرتي واضطراب هويتي ....

أخطأ صديقي في احتساب عمري، أنقص منه خمس سنوات، ثم فجأة سألني عن عمره، أخبرته، اندهش، قال لي كلا، هذا ليس عمري، قلت له ولا أنا، هناك خمس سنوات من عمرينا لا ندري فيم ذهبوا، بدا لي أنه حافة السلبية، قلت له أنّا في صراع ضخم، إننا أبطال، إننا طوال خمس سنوات نقاوم، لم أتغيب عن عملي سوى لمرض بدني شديد، وأنت ناضلت مع أسرتك وعملك ودراستك العليا، لقد قاومنا كثيرًا يا صديقي، لو كنّا في تلك الدول التي ننظر لشبابها ونقول أين نحن من هذا لكنا انتحرنا وأنهينا أعمارنا منذ زمن، قاتلنا وحدنا، ونقف الآن وحدنا أيضًا، لا بأس عليك يا أخي لا بأس عليك!

الجمعة، 15 مارس 2019

هذا هراء!

أنا أكتب هنا الكثير من الهراء

عن أشياء كثيرة

عن بعض الحمق وبعض الغبن

وعن بعض الحياة

وعن الكثير الكثير من الموت

أنت غير مضطر لأن تقرأ كل هذا

وغير مضطر لأن تتابع القراءة فيما يلي 

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (9)

إذا سألني أحدهم ما الذي أكرهه كالعمى أقول الغباء!

الحياة لا تحتمل المزيد من الغباء، لا أطيق الأغبياء وأضيق بهم ذرعًا ..... أتعجب كيف يأتيني صبر عظيم في بعض المواقف، ولا أتعجب أبدًا من رغبتي في إحراقهم أو دهسهم والمرور فوقهم عدة مرات!!!!!

Mariam, common sense is not common, you have to know this!
Me: But! they are stupid, you know the most thing I hate is stupidity.
But this is the only thing they can do, the only thing they know.
Me: No, they don't even use their minds .. they don't even think, the sense of keeping life in not exist. Animal think Doctor they DON'T!
Do not be harsh! If they know better definitely they will do better.

منذ سنوات لا أسير في الشارع على قدمي إلا فيما قلّ وندر، أكره الناس، وأخاف الناس، أرى وجوههم مثل وحوش مستذئبة تنتظر الفرصة، الرجل والمرأة والعجوز والمراهق، كلهم ينتهزون الفرصة كي يأخذوا منك قطعة أو يدمروا لديك شيء، تقول لي الدكتورة أنهم سوف يبقون هكذا إذا ظللت أنظر لهم هذه النظرة، مرتين من التحرش والناس ساكتون أحدهم يبصق على وجهي، والآخر يشتمني بشرفي الذي لا يعرف عنه شيء، أخي في مدينة أخرى حيث يعمل وصديقي الأقرب لا يرد على هاتفه، لم يكن يومًا جيدًا لي إطلاقًا ..... 
تقول لي: لقد تعرضوا لاعتداء ما، إنه سلوك وراءه دافع!
هل أتحمل كل هذا الخراء لأن لكل واحد دافع وراء خراءه؟ هل أحتمل هذا الغباء لإنه مطلوب مني المزيد من التفهم؟ 

أصبحت ألوم نفسي أكثر مما سبق، أشعر بأنني بشيء ما لا أستحق أن أغضب أو أثور أو أعترض على كل تلك الغباءات والاعتدااءت!!!!

من لم يملكون الحس لم تتم ترتبيتهم، لم يتعلموا ولم يكتسبوا أي نوع من الأخلاق أو القيم، هذه هي خلاصة الأمر
رزقهم الله عقلا وقلبًا، ما ذنبي أنا إن لم يستخدمهم غيري؟

لماذا وضع الله الشريعة؟ لماذا لم يقل لنا عند كل اعتداء أو خطأ ابحثوا فقط عن الدوافع؟ لماذا وضع القصاص والتعزير ولماذا كان من حق القاضي أن يؤدب فيما لم يرد فيه نصًا بما رأى فيه مصلحة الناس؟
ولماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن حسن الخلق في كل موضع؟ ولماذا وضع الإنسان القانون؟

لا يمكن أن أحتمل كل تلك الغباءات في الشارع مثلا لإن كل واحد منهم وراءه دافع!!!!
هم ليسوا عائلتي ولا أصدقائي ولا يتصرفون خارج ما أعرفه عنهم حتى أحتمل كل هذا

ثم يهرب بعض الأصدقاء والأقارب إلى دول أخرى، أفكر في الهروب وأسعى له، ولكني أقف كثيرًا متسائلة، هل هذا معقول؟ أن نهرب جميعًا؟ أن نختبر غربةً جديدة فوق غربتنا؟ لا أعرف!

الأفكار المتضاربة، اللامنطق أحيانًا، الخوف والقلق، التردد والحيرة، ثم التكور والانغلاق على الذات، أشياء لا تستطيع التحكم فيها أحيانًا

أكتشف الآن أني اختبرت القلق في سن صغيرة جدًا، وأني وقعت ضحية الخوف مبكرًا أيضًا، وأن الاكتئاب جاء تابع لا سابق ..... أحاول التذكر متى بدأت الخوف من الناس والأشياء؟ ومتى كنت أفزع من الطرق الطويلة، ومن خيالات الزرع، ومن صوت الرياح؟ ومتى كنت أتكور في سريري خائفة من كل شيء بالخارج؟ ومتى كنت طيبة ومنفتحة على هذا العالم أشارك دميتي الجميع ولا يشاركني أحد، وأحافظ على أي لعبة أمسكها ولا يحافظ أحد على لعبتي! أحفظ خصوصية من حولي ويتم انتهاك أدق أسراري بشكل فجّ
تستغرب أمي منذ زمن لماذا لا أحب أن يفتح أحد أدراج مكتبي؟ ولماذا لا أحب أن يفتش أحد في كتبي أو دفاتري، رغم أني أحافظ على الكتب بشدة، لا أكتب على هوامشها، أعتبر هوامش الكتب حرم مقدس، ورغم هذا أكره هذه الأفعال .....
لإن الناس تكسر لعبتي، ولإن الناس لا يحافظون على أوراق الكتب إذ يقرأونها، ولأن الناس يسخرون من الاختلاف إن كان أفضل منهم ولإنك الوحيد الذي تمت تربيتك زيادة عن اللزوم وسط هذا الهرج! لهذا وعدت نفسي، وعدت أبنائي الذين لا أملك أية فكرة إن كنت سأحصل عليهم يومًا أني لن أربيهم في هذا الهرج.

ولأنه لا أحد يترك الخيط خيطًا بدون أن يشاكله، كنت أهوى أن ألف بكر الخيط بحرص، وكنت أرتبهم، وكنت أخشى أن يكون هناك أي عركلة في مسيره إذ أبدأ بالغزل، انتقل سلوك الخيط إلى حياتي، لا أحب المشكلات، لا أحب الصراخ، ويومًا بعد يوم صارت أذني تؤلمني في بداية المعركة، فإذا ما بدأتُ الصراخ فاعلم أني لم أعد أحتمل ولم أعد أقوى على السمع أكثر! وأن ما تقوله يؤلمني ويزعجني ويقيدني ولا يحل المشكلة ولا يساعد بأي شكل.
أصبحت أبحث عن بداية المشكلة، أرتبها، وأنقد نفسي، أراجع ما قلت وما فعلت، أود انتهاء هذه ( الكعبلة) حتى لو لم أغزل بالخيط شيئا جديدًا، حتى لو لم يكن لدي خطة لاستخدامه أو الاحتفاظ به، أريد حل تلك العثرات التي توقفت عُقَدًا في قلبي توجع وتؤلم وفقط ..... أصل في نهاية المطاف إلى قانون خاص، يقضي بحل العقد واغلاق تلك الصفحات التي تعرقلها العقد عن الانغلاق!

أحيانًا كثيرة أرتاح بعدها، أرضى بالخسارة جدًا، أنسحب من الحياة في سلام، أو ..... أفتح صفحات جديدة وأحاول الاستمتاع بما تقدمه الحياة لي من مفاجآت .... أنا بلا شك أستحق المزيد والمزيد من جمال الحياة ومفاجآتها السارّة لتكتنفني وتعوضني ما قد قاساه هذا القلب الصغير لوقت طويل جدًا ... أستحق بسمة لا تنسحق وحب لا يخفت وبطلٌ يثق بي يثق بمقدار حبي له يظل هنا بجانبي رغم حماقاتي التي (لا تنتهي) إلى النهاية

الثلاثاء، 12 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (8)

الحزن يغلبنا ويأكلنا، ونفوسنا صغيرة كالأطفال، نحايلها ونشتري لها الحلوى لتلتهي عنه وتهدأ ....

يقسمنا الحزن إلى أشخاص كثيرين، لا نعرفهم، ولا يعرفوننا

نفكر كثيرًا، يأكلنا الفكر كالنار في الهشيم، ونكلم أنفسنا، ولا نجد من يكتب وراءنا ولا من يجيب تلك الأسئلة

في الكتابة تسلية عن الحزن ... بث لما في الجوف من لهيب وضياع، محاولات للإمساك بخيوط الأشياء التي تضيع

إحدي الكاتبات الرائعات التي ألهمتني أن أكتب أنا أيضا في العلن خارج دفاتري وأوراقي الصفراء المكدسة في درج مكتبي، كانت تقول عن اضطراب القلق، أنك لا تعرف أي شعور تختبر ولا من أين تأتي تلك الشعورات المتراكبة والمضطربة والمتداخلة!

أسّركم قولًا، يسحقني الحزن، وأضحك بين دموعي، ويأخذ الأمل بيدي في الصباح، وينهش اليأس روحي مساءًا، ويقتلني الاكتئاب كل يوم عند مفارقة سريري ....

كلنا نقاوم، كل واحد منا يختار الشكل الذي يقاوم به، أحد أصدقائي تغير شكله تمامًا، ينهك نفسه في التمارين كل يوم، أتابع صوره أحيانًا، أتأسف على تلك الأيام التي كانت أقصى نزاعاتنا تصاريح الأمن في الكلية لإقامة حدث طلابي!
صديقة أخرى، تتجول هنا وهناك، تبتهل وتصلي، إيمانها يلملم أجزاء حزنها ويجعل منها ما يشبه البشر، أقول لنفسي إذ أراها أي قلب هذا الجميل الذي يهجر ....
صديقة غيرهم، تقاوم بكل شيء، تستيقظ في الصباح الباكر في بلد يغلب عليه الجليد، تأكل وتتقيأ، تنزل للجري في الشارع حتى تتصبب عرقًا في عز البرد، تعود لاهثة، تستحم وتبدأ في لملمة أوراقها لمكان عام تذاكر فيه وتراقب فيه البشر وتهرب منهم بين الكتب وتسير بين الشجر، ترقص في يوم وتسهر في آخر وتمارس التأمل في أيام أخر، ولم يستقر قلقها حتى حينما وجدت قلبها أخيرًا من بلاد الشرق في غرب البلاد!

كلنا كنا نقاوم، قبل أن ندرك أنا نقاوم، وقبل أن ندرك بأي شكل نقاوم، كلنا كان لديه حلمه وكابوسه الخاص، وكلنا وصلنا إلى تلك القشة التي قصمت أظهرنا!

كلنا رحل عنه حبيب ..... كلنا كان يرى شيئًا جميلًا أعطاه من قلبه وحبه وروحه
كل واحدٍ منا كان لديه حلم معين، كان لديه رؤيا معينة

ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه!

عشت كل حياتي أستغرب أن يحب أحد اثنين، أقول في نفسي أحدهما حبيب والآخر زهوة

لكن أيهما أنت في قلب من تحب؟ حبيب أم زهوة؟
أقول الحب لا يقابله إلا حب، الزهوة تقابلها زهوة، قابلت زهوتي وقابلتني .... انبهرت ... واقتربت واحترقت وأدركت أنها زهوة!

وقابلت الحب ... وعرفت أنه لا يمكن أن يكون زهوة، الحب نور لا يحرق، ولا يخبو ولا يخفت، نداريه عن العيون، عن أنفسنا أحيانًا نخاف أن نعترف به لأحد حتى لا نُلام، ونخاف أن نعترف به لأنفسنا وقت ضعفنا حتى لا نضطر لقتال لا نحتمله الآن
فنقول كلا، لم نحب ولا نحب!

ولكن ..... ما نفع الحياة إذا لم نقاتل؟ وما نفع الحياة إذا عشنا بلا نورها في الظلام والرطوبة والجفاء؟

ذات يوم قسمني الحزن إلى نصفين، نصف أعرفه ونصف يعرفني!
نصف يبتغي الحياة ونصف ينتظر الموت
نصف يبحث عن حبيبه، ونصف يخشى أن يلقاه!

غلبني النصف الأول، وجدت حبيبي، ( صوت المطرب محمد عبد المطلب وهو يقول شفت حبيبي
هل لقوس قزح طعم؟ السعادة مثل طعم قوس قزح، الوصل مثل احتضان الشمس للأرض الباردة في صباح شتوي قررت الشمس فيه أن تخبر الأرض كم تحبها بعد ليلة مطيرة ....
كيف نطير بدون جناح؟ كلا لم أطير، لكني كنت مثل مركب هاديء يسير برفق على نهر رزين، يتأرجح بحنانٍ وود، الجو جميل، وله أريج خاص، رائحة لا تسري من أنفي لعقلي ولكن لقلبي، تُدرك هناك، وتذوب، وتسري في كل جسمي كسكينة، سكينة تجعل العالم مكانًا أفضل، وجنّةً صغيرة.......

فإذا ما استقر الحب في قلبي، وإذا ما وثقت به ووجدت مهجتي، ثار النصف الثاني وأشعل الثورة ضد هدوء قلبي!

هل يعقل أن تكون نفسك ضد نفسك؟

أنت ضدك؟

جزء منك صارعك؟

شيء منك يتمنى لمدنك أن تحترق وحياتك أنت تذوب؟

تخاف، ترتبك، تمسك بحبيبك وتتركه في نفس الوقت، تريد أن تضمه وتذوب فيه، أن تتلاشى على صدره وتصبحان شيئًا واحدًا، وتريد أن تذهب لآخر العالم بعيدًا عنه وتختفي

تشتاقه بشده، يبكيني الشوق ويصرعني، ويقتلني الخوف
وأنا بين كل تلك الخرافات .... أموت وأحيا!

أي شيء أذهب الحياة في الاتجاه المعاكس؟

أي شيء سلبني شمس الحياة؟

وكيف وصلنا إلى هنا؟

وكيف يصبح حبيب القلب غريبًا، يغلق الباب خلفه ويذهب؟

وكيف يكون لأي اعتذار معنى والقلب غريب؟

وكيف يكون لأي صوت أثر والروح زاهقة؟

كيف مرت السنون؟ وكيف مر كل هذا الظلم بقلبي؟ أيهما ظلمني أكثر؟ قلبي أو عقله؟ ثم أيهما ظلمتُ أنا؟ أي قلب كسرتُه؟
وأي روح انسابت من بين أصابعي لتتيه في أرض الضياع؟

وكيف أبحث عن الدواء عند كل طبيب والترياق باقٍ في عينيه ثابت لا يتغير!

كيف نعشق من ليس لنا؟ هل كان لنا؟ هل كان ليكون لنا؟ هل لم يكن لنا؟ أو هل أنه لا يرغب أن يكون لنا؟

الحزن يشطرني إلى ثلاثة أجزاء، إلى أربعة، إلى خمسة، إلى أجزاء عديدة متناثرة

أختار كل فترة أن أتجاهل كل هذا

أذهب للتسوق، أنفق مبالغ طائلة، أتسوق أشياء فاخرة، أنفق مدخراتي، أندم لفترة طويلة، أحزن، أذهب للتسوق، أكل، أسبح، أمشي طويلا، أكل، أكتب في دفتري، ثم أصوم عن الكتابة والقراءة والحياة لشهور

وأدرك الآن أني طالما قاومت الموت بالكتابة، وقاومت الحزن بالكتابة، وقاومت انشقاق قلبي وانفطاره بالكتابة، وأني مازلت أحاول المقاومة، وأدركت اني لا أبدأ بالمقاومة إلا عندما أقترب كثيرًا كثيرًا من نقطة الصفر

النقطة التي أفقد فيها كل أمل وكل نور وكل إيمان
النقطة التي أحب فيها الموت أكثر من أي شيء مضى وأكثر من أي وقت مضى
النقطة التي يتصرف فيها عقلي بنظام آلي نحو أفضل ما وصلنا إليه من طرق الانتحار، تلك الطرق الجميلة التي لا ننجو منها

أحب الشريان الفخذي، أستهدفه، أعرف أنه صعب النجاة من جرح قطعي فيه، أعرف مكانه، أتحسس زرقته الجميلة، نصف ساعة وينتهي كل شيء ❤️ 
أمرٌ جميل

لكن .... لسبب ما .... تظهر الكتابة وكأني كنت نسيتها واكتشفتها مرة ثانية
لعل هذا ما يطلقون عليه عناية الله؟

أو أن هذا لطف الله الذي يمتد ليؤجل الأجل ..... 

أو أن الله ... ربما الله سبحانه ... قد يمد لنا يده مرة أخرى .... قد يلملم شعث قلوبنا؟ ... قد يجبر كل تلك الكسور؟
قد يرزقنا تلك الأمنيات المستحيلة .... أو قد مسح ذاكرتنا ويعيد لنا حياة جميلة جديدة؟

أتمنى من الله أن يرسل لي لطفه على قدر كرمهلا على قدر حاجتي وفقط! أعتقد أني بحاجة للمزيد ... للكثير والكثير الدائم

الأحد، 10 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (7)

أنا خائفة

يعتريني الخوف ... يغمرني .... يحاصرني

ألم أخطو بنفسي كل تلك الخطوات العبثية؟ 

نعم
لا

لا أعرف

لا أقصد

لماذا لا ينتهي العالم من حيث بدأ؟

ولماذا لا يعود الزمن للوراء؟

ولماذا أنا هنا ولماذا كل ما يحدث يحدث؟
لم أقصد أي من هذا، لقد آمنت بالبشر أكثر مما ينبغي، أمنت بالصدق، آمنت بالإخلاص، آمنت بتلك القيم التي قرأتها في قصص الفرسان

لماذا كنت أقرأ قصص الفرسان؟ ولماذا كنت أتخلق بأخلاق الفرسان؟ ولماذا كنت أتبنى مبادئهم وكلامهم وقيمهم؟

لقد آمنت بالحب، لقد أمنت بالحب أكثر من كل شيء، الحب يصلح كل شيء، الحب يزين الأشياء، الحب هو ما يجعل للحياة قيمة ومعنى وينشر ألوان الطيف على هذا الخراب!!!

لماذا يجرني الحب إلى تلك الحروب التي لا أريدها؟ وإلى تلك الخرابة التي أخافها

هل أعترف لك بشيء؟

أنا خائفة يا سيدي

أنا مرتعدة

أود لو أنني أهرب، أود لو أنني لم أكن أنا ولم أكن هنا

يا سيدي أنا أفقد التوقيت وأفقد المكان والزمان والحس والانتباه

أخبرك شيئا؟ بالأمس كنت لا أشعر بالسيارة تحت قدمي ...... لا أرى أمامي، أتصرف بآلية وفقط، عقلي أين كان لا أعرف، كل ما كنت أريده أن أقف في الفضاء وأصرخ، أو أتكور حول نفسي وأختفي
ليس عندي أي قوة على أي فعل ولا رد فعل!

لماذا يحدث كل هذا؟ ولماذا ينكسر الحب بين أصعابي وأعجز عن فعل شيء؟ ولماذا يجرح كفي وأقبض عليه؟ ولماذا يطعنني كل تلك الطعنات وأخاف نعم أخاف أن ألقيه على قارعة الطريق وأذهب؟

لم أتمنى أي شيء من هذا، ليس هذا ما تصورته عن حياتي، لقد انتظرت طوال حياتي حتى أقابله، أعطيه من روحي، وأحميه، وأحتمي به من العالم 
ليس هذا ما رأيت في أحلام يقظتي، ولا هذا ما قد قرأته في القصائد

كلما ألمس الأشياء تتغير، يتغير لونها، كأنها أفعات صغيرة تتلون كالحرباء وتخرج لسانها والفحيح في وجهي وتسخر من سذاجني

أنا ساذجة يا سيدي

كنت أهرب من هذا العالم في الكتب

هذا يا سيدي ما حصدت من صدق الكتب

أوَ كانوا يكذبون علينا في الكتب؟

أنيس منصور كان يقول: " إن كنت تصدق كل ما تقرأ، إذن لا تقرأ"

قرأت هذه الجملة في عشريناتي، في بادئها، بعدما كنت قد قرأت الكثير، قد قرأت ما يكفي وصدقت ما يكفي لأن أصبح البلهاء الساذجة التي تؤمن بالحب والصدق والبشر!!

حالتي ميئوس منها صدقني

أقاوم 

لكني يجب أن أعترف لك أنا خائفة جدًا
أنا مرتعدة
هل من مكان أختبيء فيه حتى عن عيوني ونفسي؟

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (6)

هذا العالم لا يحبنا يا أمي!

أعرف

تزداد الوحدة بينك وبين العالم ...... هوّة كبيرة تحدث بينك وبين من أحببت ..... كأن كل صلتنا بالعالم تحدث من خلال من نحب، هناك شيء يحثنا على الحياة من أجلهم .... نفقد هذا الشيء ..... نفقد معنى الحياة

سوف أعيش من أجل نفسي ...... 

هذه كذبة الإنسان عبر القرون .... لا يعيش الإنسان وحده أبدًا .... نقول هكذا عندما نغضب كالصغار من هذا العالم، نحاول قدر المستطاع ألا نحتاج لأحد ..... نمر بكل ما نمر ولا نرفع صوتنا ليسمعه أحد 
نتعلم كيف نبكي بغير دموع، وكيف ندعي عدم الاهتمام حتى نصل إلى التبلد، ثم نمتليء فلا ندري أي اتجاه نذهب ولا حضن من نكتنف؟

أريد حضنًا ...... منذ الأمس وأنا أريد من يحتضنني .... منذ أسبوع لكني أعرف أنه ليس هناك أحد ..... منذ شهر ولكني كنت قوية بما يكفي ...... منذ عدة أشهر لكني كنت أتجاهل حاجتي .....

أنا شخص تلامسي جدًا ...... لا تتحدث يمكن أن تضمني فتزول كل جبال الثلج وتذهب كل البراكين إلى حيث جاءت إلى الجحيم ..... فجأة يذهب كل شيء ويعود الكون إلى مداراته والأفلاك إلى دورانها وهدوءها 

فأي شيء يمكنني فعله وعندما أبحث في شخوص الحكاية أجد أن البطل يسير في شارع بارد مظلم وحيدًا، لا يمر من جانبه سوى الأشباح، تتراءى من بعيد له شبهة ابتسامة وشبهة حياة، لكن لا أمل، ليس هناك سوى الضلالات الكبرى!

العائلة، هي كل شيء، هي أحيانًا كل ما نملك، نحافظ على الأطر الخارجية لإنها كل ما نستطيع احتماله، ولكن؟ أي حضن قد يساعدك على القيام؟
تبحث في الوجوه فلا تجد

متلازمة القلق وعدم الشعور بالأمان

متلازمة من أسوأ المتلازمات، أن تلتصق بإنسان مؤذٍ لك، بقصد أو بدون قصد هو مؤذٍ لك، لأنه هو كل صورتك عن الحياة، هو كل الأمان الذي تعرفه، هو الشخص الوحيد الذي تعرفه، هو من تثق به، يلعب بك الكرة إذ يعرف أن ثقتك به أمر مسلّم به ومحتوم، لا يقيم لك وزنًا، وتدفع من عمرك وأعصابك وصحتك وعقلك وقلبك وما تملك كي يرضى عنك.

أملٌ طفوليُّ أحمق أنه قد يرضى يومًا عنك، أنه عندما يرضى قد يعطيك هذا الأمان ويصبح درعك أمام العالم ....
لا يحدث
هذا لا يحدث 
ببساطة شديدة .... هذا لا يحدث

لا تجد الأمان من مصدره، تبحث في الوجوه عنه، تريد كالمتسول المحتاج أي شجرة يحميك ظلها عن هذا السعير، كل الأشجار سامة، حتى تلك الأشجار التي لها ورد وزهر وثمار، تلسعك من حيث لا تدري، تؤوي من الحيات والأفاعي مالم يجز عليك في تلك الحياة .... يا إلهي ... أي باب تطرق وأنت وحيد

تعود إلى مصدر الأذى المنوط به الدفء والأمان، يؤذيك، يبتزك أكثر، الاستعباد مقابل الحماية .... أي حمق يحمل برياح سفينتك إلى تلك الجزر المهجورة الموحشة!

لا أحد يفهمك

لا أحد يسمع شكواك 

من تشتكي؟ أمك؟ أبيك؟ بيتك الهاديء المثالي الصغير؟ عائلتك المحترمة التي يضرب بها المثل؟ من تشتكي؟ قلبك المكسور؟ حطامك تحت كعوب الأصدقاء؟ أشباح الأصدقاء؟ أنياب الأصدقاء؟ زميلك الذي يود لو تسحقك الأرض وتتنزل عليك لعنات السماء لمجرد أنك متفوق عنه؟ رئيسك الذي يراك بمرونتك وذكاءك تهديدًا رئيسيًا له؟
من تشتكي؟

والسؤال الأهم .... لمن تشتكي؟

أين تهرب وكل الطرق مغلقة عليك ....

القلق ينهشك والخوف فزّاعة مناسبة جدًّا لتلك الأجواء .... والاكتئاب يأكل فوق روحك ويشرب ولا يبالي

أصابتني متلازمة الإفراط في الطعام

أكلت كل شيء وأي شيء 

ازداد وزني كثيرًا ملابسي لم تعد تناسبني، ولم أعد أجد ما يناسبني بسهولة

تأكل وتتقيأ ما تأكل، وتسهل ما تأكل وتتقطع أمعاؤك بما تأكل، الشعور الوحيد الذي ينتابك وقتما تأكل هو الهروب، أنت تهرب في كل تلك الأطعمة اللذيذة، وتدفن كل تلك الأفكار في قالب الحلوى .... لم أكن يومًا صديقة الحلوى أصبحت صديقة الحلوى والقشدة وكل شيء شهيّ ولذيذ
أجرب الحميات الغذائية أقول لها أنا قادرة على دهسك، أمنع السكر، أمنع الكافيين، أمنع المقليات، أمنع وأمنع وأمنع وأعود بشراهة أكبر من السابق

الهوّة التي بينك وبين العالم تلتئم بحضن دافيء

فجأة .... كأن العالم كله تصالح على جنوني وعقلي الخفيف

كأن العالم يقول لي أقبل بك على أرضي وتحت سمائي

كأن العالم يمنحك تذكرة دخول ذهبية للحياة من جديد

في أفرادٍ نادري الوجود، قوةُ خفية خارقة، عندما يمنحونك الصباح، فإنهم يمنحونك الحياة، يمنحونك كل شيء كل شيء وكأن العالم لم يسلبك شيئا أبدًا

أتمسك بهياكل الأشياء، بهيكل العائلة وهيكل الأصدقاء، بلا وعي أقترب مع من يعاني ذات المعاناة
يخبرني صديق: مريم، انسي، لن يتغير شيء ..... هكذا قدرنا ... لا تعوّلي على أحد ولا عائلتك ولا أحد، سوف تعتادين الأمر، إننا أناس عاديون، تقبّلي الفكرة، نمرر الأيام كل لا نقوم بفعل غبي، نقول الله لطيف، ولا ننتظر أي شيء أن يتغير
أنا: ومتى ينتهي كل هذا؟
هو: بالموت ....
أنا: أريد أن أنهي كل تلك المشاكل، هذا الشعور القاتل، أريد أن أسعد مرة ثانية
هو: لا سعادة هنا صدقيني، السعادة كلها في الجنة، هنا أشياء عابرة .... عابرة جدًّا، تأقلمي!

يقترح صديقي القديم عدة نشاطات لأقوم بها، أخبره أني أفعل، أنها مسكنات، أني أريد استعادة حياتي ... يقلب شفتيه ... يعتذر .... يذهب ... نسكت طويلا ..... نسكت حتى يفاجئنا شيء نتحدث فيه .... أو نسكت حتى يفزع أحدنا لسكوت الآخر

نوبات الموت تجعلك تفزع لاختفاء أحدهم .... كأنها دائرة صغيرة تنتظر النهاية وفقط!

الوحدة لازمة، تأكلنا، تأخذنا، نستسلم لها ... لو أن لي يد أثق بها فقط ... لو أن هناك ولو نبتة صغيرة تقول لي أنها ستأتي بالصباح .... لو أني أسقي النبتة كل يوم وأبيت ساهرة بجانها، يحتمي كلانا بالأخر من العالم .....

أو 

لو هناك أمل ولو صغير بأن ينتهي كل شيء .... بأن أنتهي أنا من هنا .... الموت طيب ... لماذا نخاف الموت وهو الخلاص؟
ولماذا نتخلص به من الدنيا وهو مخيف؟

لا أعرف

حقًا لا أعرف

السبت، 9 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (5)

قرأت مرة عن أحد الفرسان الشجعان عندما سئل عن الشجاعة قال:

الشجاعة لا تعني انعدام الخوف، أنا أخاف، لكنني قررت أن أواجه مخاوفي، هذه هي الشجاعة أن تواجه ما تخاف"

لدي صورة ذهنية مشوة عن نفسي، صفة يشترك فيها جميع المضطربين .... هناك ضبابية في أحد أركان البيت!

لا أعرف من أنا ولا ما يجب أن أكونه؟ أحيانًا أتوه، ولا أعرف أيها الاختيار الذي لا يتبعه الندم .... الندم مرير!

الشجاعة .... أنا لست شجاعة، أقول لنفسي أني شجاعة ولكني لست كذلك، أنا لا أحب مواجهة الخوف، ولا أحب الخوف، ولا أحب المواجهة ... أميل للتكور في مكان هاديء مع كتاب ومشروب محلَّى، أميل للطبيعة وصوتها فقط إلى أن تتحول إلى مزعجة فيأتي الليل لينقذني.

منذ سنوات أدركت أني جبانة، أني أخاف أشياء كثيرة لا يخاف الناس منها عادة، أخاف القرارات الخاطئة فأصبحت آخذ القرارات، وأخطيء طوال الوقت، تعلمت الندم، وتعلمت تحمل تبعات قراراتي الرعناء.
أدركت أني أخاف لسبب ما خفي من المرتفعات، أجبرت نفسي على تسلق مأذنة مسجد أحمد بن طولون، ثم يتبعها بسنوات أدركت أني مازلت خائفة، أجبرت نفسي على تسلق واحدة من أعلى المآذن في قاهرة المعز، بالقرب من بوابة زويلة القديمة، تسلقت وتسلقت وتسلقت، تمسكت بحديد مهزوز، يكاد قلبي يقف، وتكاد معدتي تفقد السيطرة على انفلات أمعائي، أرى الناس متناهية الصغر، قبعات مثل نقاط كدرة على صفحة بيضاء، ولا يدور في رأسي غير فكرة واحدة، سوف يسقط شيء من يدك!

لا أخاف الطائرات، سافرت بالطائرة أكثر من مرة، أستمتع بلحظة الركوب والإقلاع، أنتظر الهبوط كي أنطلق، وعلى مدار ساعات السفر أحب السحاب ونتبادل قصص المحبة وكلام العيون، لا أخاف الألعاب الخطرة، أقلق قليلا منها لكني أكمل طريقي في الصف بانتظار دوري، أنزل لاهثة لولا طول الصف لكررتها مرارًا وتكرارًا.

لماذا أخاف من النوافذ العالية؟ ولماذا أشعر دومًا أني أفقد شيئًا؟ ولماذا أخاف أن أرى من أحب يقف على حافة عالية أو خطيرة؟
التفسير العلمي الوحيد هو ترسبات الطفولة!

أنا جبانة يا سيدي ...... أخاف الناس، وأخاف الخذلان، وأخاف أن أكون إنسانة سيئة .....
أخاف أن أفقد من أحب، وأخاف أن يموت الحب بداخلي، وأخاف أن أصبح قاسية القلب، وأخاف أن أظلم أحدًا!
أخاف مرور اليوم، حلو أو كئيب، أخاف انتهاء الوقت وانقطاع الساعات عن الدق ..... 
أخاف ألا أبدو جميلة ...... أقص شعري عندما يحزبني أمر شديد ..... أعلّم نفسي الصبر بهذه الطريقة .... أعلّم نفسي كيف يتقد الشوق ويهدأ وتتحقق الأمنيات على بطء خطوتها!

أسمي هذه انتصاراتي الصغيرة، لأني أخاف أن أبقى خائفة أواجه خوفي، كل يوم أواجه العالم، أواجه أعين الصغار، أواجه أفكار العالم الملوثة، أخاف أن تلوثني، وأخاف أن أستسلم لها

في كل يوم، أواجه اليأس، أواجه أفكارًا سيئة عمن أحب، أواجه نظريات الناس عني وعن معتقداتي التي لم أعد أؤمن بها كثيرًا لكني سأدافع عنها وأتحلى بالشجاعة لأني أخاف .... أخاف أن أظهر أمامهم جبانة وضعيفة!!!!

أنا أتشجع ..... أستقوى بلا شي .... أحاول ... فقط أحاول 

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (٤)

في لحظة تنسى من أنت حقًّا؟

كيف كنت تبدو؟ 

وكيف كنت تبتسم وتأكل وتمشي؟

ماهو لونك المفضل؟ وما هي أغنيتك المفضلة؟

هل كنت تحب هذا الفنان؟ أي نوع من الموسيقى؟ أي عرض أوبرا كان يمتعك؟

أي طريق كان يخفق قلبك فيه؟

وأي وجهة كانت تشرح صدرك؟

أي طبق مفضل؟ وأي نكهة أفضل؟ واي مشروب يضمك؟ وأي طعم تتحاشاه!

من أنت؟

وما هي هويتك حقّا؟

هل أنت أحد؟

هل أنت لا أحد؟

أم أنك كل أحد؟

أي صوت كان يزعجك؟

ولماذا لا تحبذ هذا اللون من الموسيقى؟

ولماذا تزعجك تلك الفتاة بالتحديد، وهذا الرجل بعينه؟

أي نوع من الأفلام كان مهربك؟

هل لديك كهف؟ هل له لون؟ شكل؟ رائحة؟

 هل لديك سرّ؟

هل لديك سحابة بعينها تطير فوقها؟

وهل لديك نجمة أمنيات؟

وهل لديك جنية طيبة؟ أو أسطورة تعيش بها؟

هل لديك معتقد ما؟ أي معتقد؟

هل لديك إيمان حتى؟

من هو .... أي أحد؟ 

من هو إيمانك وهل مازلت تؤمن به؟

هل مازال معتقدك مثلما هو؟

هل خيّب أملك بعد؟


من أنت؟

من أنا؟

في لحظة أحتاج لأجابة واضحة ..... من أنا؟

أيهم أنا؟ 

تلك الشريرة التي لم تعتد تحتمل البشر؟ تقتل آلاف الناس كل يوم في عقلها؟ لا تتعاطف ولا تشفق؟ ترى بعض البشر عبئا يجب التخلص منهم؟ تتمنى احتراق الكوكب حتى لو احترقت، لا تبتسم لهذا الطفل، ولا ترق لتلك المتسولة؟ تنظر لهم باشمئزاز شديد، تشعر أنهم مثال لكل ما تكره في الكون من الكسل والتراخي والعَيْلة؟

أو

تلك التي تدمع عينها إذ تر ذاك الطفل يبيع حلوى غزل البنات، في منتصف الطريق تقف له، تبتاع منه، تعتبر حلواه هي يوم ميلادها، تربت على كتفه، تخبره أن يعود للبيت، تود لو تأخذه معها، تحضنه، تدفئه بكوب حليب، وتغير له ثيابه الرثة وتضعه في السرير، ترى أن من حق هذا الطفل أن يحلم، أن ينام قرير العين، أن يصبح في مكان آمن، أن يتناول فطورًا منظمًا ومعدًّا له، أن يشرب شيئا دافئًا، وأن يلبس سترتة نظيفة!

" إن الطفل الذي يبيع الحلوى هو طفل يبيع طفولته " #نجيب_محفوظ

من أنا في كل هذا؟

لقد كنت أعرفها، لقد كانت هنا، لقد كنت أثق بها وأترك لها مجالًا واسعًا .... لقد كانت تبتسم .... لقد كانت تضحك!


عند نقطة زمنية محددة أفقد كل شيء، أفقد كل تلك الإجابات، وأتيه بها، أنت لا تعلم شيئًا عما يعانيه مريض الاكتئاب المزمن، أنت لا تعلم كيف هو الشعور أن تفقد هويتك وذاكرتك وذكرياتك، أن تصاب بالشك والقلق والوحدة القاتمة!

أن تفهم بعقلك مثل الحاسوب حدود العلاقات وأن لا أحد سيقف بجانبك، وألا تفهم أي شيء من هذا كأنك لا تفهم كيف يتواعد البشر ويقتربون ويكونون عائلات وأقارب وأصدقاء!

لقد نسيت كيف أصنع الأصدقاء!

الأصدقاء لا يصنعون الأصدقاء هبة السماء! 

ثم من هم الأصدقاء؟ من هم أصدقائي؟ هل يحبونني حقًا؟ هل أحبهم؟

كيف يعيش الناس مع بعضهم؟ لا أحب الوحدة أكرهها، أريد أن أعيش برفقة طيبة ولكني لا أستطيع!

كيف أخبر أمي التي تريد أن تفرح بزواجي أني ببساطة فقدت تلك القدرة الخفية على الحب والتقبل والأمل؟

أني فقدت كل غريزة طيبة عندما رحل عني الحب! 

أن قلبي قد مات حينما قال لي: لا أحبك على الوجه الذي تعتقدينه، أحبك، ولكن ليس هكذا، أنت أختي!

الزمن قد توقف هناك، الزمن انعدم في الأوقات الأخرى، الزمن لم يعد له قيمة!

في يوم من الأيام سطعت الشمس حينما همس لي أحبك قبل أن أنام، في يوم فقدت فيه وجودي وشعوري بالوجود يوم أدار ظهره!

عادت كل تلك الهلوسات، هرب الأمل، كان يهرب في نوبات اكتئابي ثم يلوّح لي من بعيد

أعتقد أني كنت من هؤلاء المرضى بالأمل قبل أن يبلعني الاكتئاب!

أسخر من نفسي عندما يمر أحدهم بأزمة، أقترب منه وأحضنه، أقول له كل شيء سيمر، ثق بي ..... كل هذا سينتهي
أنظر في عينيه بثقة .... أبكي بالليل ضارعة وأدعو له\لها ...... ينتهي كل شيء .... تشرق شمسهم ... وتغرد عندهم العصافير ....

لماذا لا ينتهي أي شيء عندي؟ ولماذا لا تصاحبني ولو عصفورة .... وتشرق شمسي من جديد؟

لماذا يختفي الامل من عندي دومًا وحينما أناديه يعرض عني! حتى تركت الدعاء وتركت الصلاة!

الله لديه خطة ما لا أعرفها!

خطة أصبحت أخشاها جدًا ..... لا أعرف ما هي؟ ولا أعرف هل سوف تنير قلبي أم لا!

يقول الشيخ هذا بلاء، اصبر وتذكر قدر مولاك!

لكني عزيزي الشيخ لا أحب ذكر مولاي وأنا مظلمة وهو نور ..... لأني لا أريد أن أقول شيئًا أندم عليه

لأني لم أعرف مع الاكتئاب سوى الندم!

كل يوم أندم على أشياء كثير فعلتها أن فعلتها ولم أفعلها أني لم أفعلها!

أُأَجِّلُ السفر، أخاف من المسافات وأختنق بالوحدة، هل ياترى الترحال يصرف ما مسني؟

اذهبي للمعالج، اذهبي للدكتورة .... هذه أسخف كلمات أريد سماعها .... هذه أسوأ نصيحة قد تقدمها لي

لماذا لا تجدولين أهدافك؟ ولماذا لا ترسمين خطة زمنية؟ ولماذا لا ترسلين تلك الرسائل الإليكترونية التي تسألين فيها عن برنامج الدراسة الذي اخترته؟ ولماذا ولماذا ولماذا؟

هل تصدق أني أكره أن يتكرر اليوم؟ أن أمر بنفس الروتين؟ أن أفعل اللاشيئ؟ أن أحتفظ بأعمالي معلقة؟ ألا أنجز أشياء تخص مستقبلي؟

هل تصدق أني أكره التواريخ؟ وأعياد الميلاد؟ وأسماء الشهور تصيبني بنوبة إسهال؟
لا أريدك أن تخبرني أن الوقت يمر

أنا أرى الوقت في أطفال أصدقائي الذين كنت أحملهم بالأمس وأتسكع مع أمهاتهن ثم اليوم نبحث عن مدرسة وعن كتب وعن معلومات مفيدة!

أنا أرى الوقت حبل رفيع يقتلني ببطء ..... أنا لست كسولة كما يبدو لك، أنت لم تعرفني في شبابي، كنت أشترك بأكثر من نشاط في ذات الوقت، كنت أنهي كتابا في الأسبوع وربما أكثر، كنت أتعلم بعض المصطلحات اللاتينية من كتاب أصفر الأوراق، كنت أتابع برامج تثقيفية كثيرة، وكنت ألتقِ بأصحاب فكرة وثقافة، كنت أذهب حيث الربوع المقفرة وأبحث عن الشمس والماء والبذور وأزرعها، كانوا يقولون لأمي لديك ابنة مثل الفراشة

من الذي أحرق الأجنحة؟ لا أدري!

يحضنني طفل صغير، أتمسك بهذا الحضن الدافيء الذي أخجل  أن أطلبه، والذي يفقد معناه إن طلبته، والذي لا أعرف كيف أختاره من وسط كل تلك الوجوه التي لا أثق إن كانت تحبني حقًا؟

كان حلمًا، أني قابلت واحدًا ليس مثلهم، أسميته زهرة الربيع، كان الوردة الوحيدة التي تنبت في بستاني المقفر الموحش، كان شمسًا وقمرًا ودفئاً ...... فتحت له ؟ لا لم أفتح له أي شيء، كان موجودًا منذ القدم، كان هنا وكان هناك في العالم الآخر الذي مررنا به قبل أن نلتقِ هنا، أنار لي الكهف بهدوءه، كانت بسمته تشرق في صباحي، لم أرَ أجمل منه، ولم أتمنى أكثر من أن تستمر صباحاتي مشرقة بتلك البسمة! لأول مرة أشعر بالحب ...... هذا الدفء الذي يغلفك .... هذا الأمان .... هذا الأمان الذي تنام فيه قرير العين .... صوت حبيبك يهدهد قلبك وروحك وتنام! تنام وفقط!
ثم أفقت يومًا تلو يومٍ تلو يوم على فقده ..... على اختفاءه .... كأنه نسيم مرّ على قلبي ورحل، وعاد قلبي للقفار
أتلفت حولي، لا أراه ولا أرى العالم، هناك اختفى، هناك ثقب أسود ابتلع كل شيء فلم يبقى لي إلا الفراغ!!!!

في آخر محاولاتي لفهم ما حدث سألته: لماذا كنت تقول لي حبيبتي في كل مرة؟ إن لم أكن حبيبتك ؟ قال: قلتها كي لا تحزني!!!!
قتلني كي لا أحزن
ألقى علي الحب شفقة على مرضي وهلاوسي؟
تعطف بالحنان كي لا أقتل نفسي مثلا؟
مثّل دور العاشق والشمس والقمر، مثّل عليّ الحياة كي يرضي ضميره؟
صدقةً؟ أخرجها من جيب قلبه كي لا يسأله الله عني يوم القيامة؟
لماذا؟
لماذا فعل كل هذا؟ ولماذا اقترب ولماذا تحمل كل هذا الجنون!

قبل إجابته اللوذعية كانت تسألني واحدة لماذا تهدرين قلبك وعمرك على حب ذكراه؟
قلت لها: لأنه تحملني، رآني، صدقني، أنارني، لم يفقد الأمل فيّ، ولم يستسلم أبدًا، وثق بي ودعمني حين لم تعلم أمي عن أي شيء أعانيه، ولا عن دموعي على كتفه، ولا عن شهقة بالحياة أخرجتني من الموات، لا تعلم عن وجوده الذي يشبه الحياة وعن فراقه الذي أمر من الموت!

هل كان كل ما كان شفقة ورأفة بمرضي؟

تنهشني الأسئلة ..... ويقتلني التساؤل


الجمعة، 1 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (٣)

الوحدة ..... ومن أنا؟ 

منذ سنوات قريبة لم أعرف ما الذي يصيبني، كان أخر تشخيص يفسر كل ما يحدث هو الإكتئاب.

كانت تجتاحني النوبات الشرسة ولا أعرف ما الذي يحدث، تمر السنوات وأعرف وأفهم، وأتعلم كيف تبدأ النوبة وكيف تنتهي، وأتعلم كيف أأقَّت لها (أضع لها توقيتًا) نوبات الاكتئاب طاحنة إن كان لك روتين محدود، لا يهمها إن كنت تعمل أو متفرغ، لا يعنيها إن كان عليك الاستيقاظ كل يوم في الخامسة أو في السادسة، قد لا تجعلك تنام حتى الرابعة صباحًا، ولا يزعجها أبدًا أي التزام لك.

الاكتئاب يأكل كل أخضر حولك، أصدقاءك، أهلك، حتى إن أسعدتك الدنيا بحبيب سوف تأكله، دعني أكون متفائلة على غير عادتي هذه الأيام وأخبرك أن معدة الاكتئاب مثل البطن الحوت تبتلع كل شيء ويكون ما يزال أمامك فرصة أن تستخرج أحدهم من داخلها حي يرزق!

 لكن القلق ..... دعني أقول لك أن القلق يمضغك شخصيًّا يأكلك ويأكل كل شيء، يقرمشهم، يكسرهم، يمضغهم، يبتلعهم ويعتصرهم بأمعاءه ...... القلق لا يمس أصدقاءك أبدًا في الحقيقة، لا يقترب منهم ولا من حبيبك، لكنه يأكلك أنت ... يبعدك أنت عنهم، يهددك بحياتهم أو حياتك؟ أنت ضعيف، أنت وحيد، أنت تحبهم، أنت تضحي بحياتك معهم من أجلهم!

تضطرب إن صارحك أحد بالحب، وتضطرب إن لم يفعل، تقلق عليهم وتخاف منهم في نفس الوقت، لا تحتاجهم، وأنت في أمس الحاجة لوجودهم، تذهب بعيدًا وتراقبهم عن كثب، كأرجوحة عالية في هواء عاصف، يعصف بك القلق!

سوف أخبرك سّري ....

لقد قررت الكتابة عن أسراري حتى أتخفف منها 

" كلماتنا في الحب تقتل حبنا إن الحروف تموت حين تقال" #نزار

منذ موت جدي، كنت أخاف أن كل ما أتمناه سوف يموت، وكل من أتمناه سوف يرحل، قابلت صديقا، لم يكن حبًّا إذ أراه اليوم لم يكن ليكون أكثر من تلك الأوقات العابرة، كان يرحل كل يوم، وكل لحظة، لم يكن موجودًا أصلا حتى ونحن نتحادث، كان زياراته في الكلام قليلة جدا، نادرا ما كان يحضر كأكثر من صديق، كحبيب مثلا!
كنت أبحث عن عدة صفات وجدت جلّها فيه، القراءة والتفكير والعند والاستقلالية والتحرر والنقدية والتقبل والانفتاح على هذا العالم الشاسع، وكل كل ذلك ..... لكني غفلت أهم شيء ولم يكن هو .... أن يكون الأمان والحب والهدوء والسلام وأشياء لي وحدي دون غيري من البشر حولنا .... لم يكن!
رحل ..... وعاد لعدة مرات انتهت بالرحيل .... آلمني .... لأن رأيه الفكري كان يعني لي كثيرًا، مرت أحداث كثيرة بتلك البلد كنت أتمنى لو نتحدث، كنت أتمنى لو نفكر سويا .... لكن هذا لم يحدث

ثم .......... يأتي الحب حينما ندفعه خارج حياتنا، يأتي من أولئك الذين أزعجنا وجودهم في باديء الأمر، من هؤلاء الذي نخاف صحبتهم ونخشى السقوط على أعتاب قلوبهم صرعى!

ثم .... جاء الذي علمني الخوف أكثر مما علمني أي شيء، هنا سوف أكتشف شيئا جديدا، أن الخوف ملازم للقلق، وأن الهلع مولود لقيط من هذا السفاح!
وأنك أنت ضحية الكل حين تأتيك النوبة!

الحب يجعلك قويا جدا، يجعلك تقرر أن تذهب لآخر العالم وتقفز من أجل ضحكة، أو ضمة، أو كلمة رضا!
الحب يجعلك ضعيفًا جدا، يجعلك مثل الهلام في أصابعك من تحب، يجعلك مثل الخرقة البالية في رياح من تحب، تجعلك مثل آخر أعمدة الخشب يخشى أن يتداعى كل لا يتأذى من تحب، يجعلك ضحية لكل شيء ....
يودي بحياتك منذويا في غرفة تصرف الشر عن الأحباب ....
يجعلك لعبة في يد أي أحد، اكتئابك، قلقك، خوفك، أفكارك السيئة، هلاوسك حول الماضي، فزعك من المستقبل، واقعيتك المتشائمة، أحلامك المشئومة، دجل البشر، وشعوذة الأيام!

الخيانة تقتلنا مرة ........ الخوف من الخيانة يقتلنا ألف مرة! 
البعد يقتلنا مرة ....... الخوف من الفراق يقتلنا ألف مرة!

ثم ..... تتحقق النبوءة، يخونك الصادق، ويفارقك العاشق، وتصبح الكلمات ثانية كالكلمات العادية .... مجوفة من المعنى وخالية من الفكرة، ومجردة من الصدق، الصدق ... ذاك السحر الذي يعطي الدنيا معانيها القيمة وبدونه لا شيء يبدو جيدا ولا شيء ذو قيمة تذكر!


الوحدة؟

تصادق الوحدة، تتأكد أن لا أحد يقف لك هنا، لا أحد يقف بجانبك، لا أحد سيبقى من أجلك، ولا أحد سيفهم جنونك ويقدره!

هل كلمات الحب لعبة؟

إن كانت كذلك يا عزيزي عليك توخي الحذر من أولئك القلقون، الذين لا يعطون العالم ابتسامة مطمئنة، والذين يصارعون طواحين الهواء من أجل أن يمنحونك بسمة صادقة، وكلمة عذبة، ولمسة يضعون فيها قلوبهم بين يديك ...
هؤلاء يا عزيزي رأو فيك تذكرة الخروج من المقبرة والدخول للحياة، كنت لهم قارب النجاة، آخر شعرات الثقة مع العالم، آخر أمل لهم كي يشعروا بقلوبهم التي كاد يقتلها العفن من كثر الكذبات التي تلقوها

الكذب ..... سهم مسموم تضعه في نحرهم مباشرة، تقتلهم به قتلات بشعة، ولا ترياق لسمه ثانية من يديك!

أنت كنت ثقتهم بالعالم، أنت كنت العالم، ثم أنت كاذب، ثم أنت لا شيء بعد ذلك، ثم العالم لا شيء، ثم هم لا شيء، ثم لماذا لا يأتي الموت أسرع؟

حمقى؟

يمكنك أن تحكم عليهم كيف تشاء، لكن صدقني يا عزيزي لن يمكنك أبدًا فهم ما يشعرون سوى أن تخلع ثيابك كلها، وجلدك ولحمك وعظامك وتبقى بقلبك وروحك وعقلك بين الرحى!
وتترك للجلد واللحم والعظام والمعدة والقولون والحنجرة والرئة تجربة الأطباء وتكوين خبرة عظيمة عن مجالات جديدة للأمراض النفسية العصبية وتأثير اضطراباتها على المعدة!

الدواء؟
لا ..... سوف يواجهون الأرق، اضطرابات النوم، النوبات العصبية، البكاء المتواصل، الضحك بلا سبب، الشراهة، الجوع، اختفاء الصوت ورجوعه في ساعات اليوم، اضطراب التنفس، وأشياء كثيرة كثيرة بلا دواء
لماذا؟
لأنهم يخافون من الدواء
لأن الدواء يجعلهم مثل الآلات أحيانا، ويفقدهم الشعور لفترة، وهم يخافون على بواقي تلك الإنسانية المنسحقة، كأنه عذبهم الألم حت استعذبوه!

منذ ذلك الوقت ..... اختبرت نوبات كثيرة، استشرت طبيبة، قرأت، قراءة عابرة نظرا لقدرتي على القراءة فهذا أمر لا يستحق، تتبعت النوبات بعد أن كانت تتبعني هي، استسلمت مرات كثيرة، وقاومت كثيرًا أيضًا ...... خابرت نوبة في العمل، ونوبة في طريق سفر مقطوع، ساعدني الله أن كانت معي صديقة تواجه نفس المتاعب، بخبرتها عرفت أن هذه نوبة، قفزت من مكانها، أخبرت السائق أن يسمع كلامي ويتوقف

هل هناك مجنون يقف على طريق الزعفرانة في منتصف الليل؟

أخبرتك أني أخاف من الطرق الطويلة؟ وأن أشباح الليل تطاردني!!!!

مريم ..... تنفسي ..... 
لا أستطيع
حاولي فقط
أحاول، الهواء لا يدخل 
تماسكي
لن أبكي لا تقلقي 

أنثني .... أنتصب ..... أتلوى ..... أسير يمنة ويسرة وشمالا وجنوبا، لو كنت أستطيع أن أسير على الحائط لفعلت ... البخاخ ... أين البخاخ ..... لا أعرف ... من هذا؟ من هؤلاء .... 
من هذه ... مريم ... صديقتي مريم .... اسمانا مريم .... نتشابه في الجنون ولا نتشابه في الشخصيات

هي لديها رهاب من نوع آخر .... رهاب التلامس ... الناس ... الاقتراب الزائد .... وأنا؟ أريد حضنًا!!!
أريد أن يلمسني أحد ..... أن أتشبث بيد أحد ..... أنا الغريق وأريد القشة ..... أعطني أي شيء أعصره بيدي كي أشعر أن هناك أمل وأني سأنجو ..... قبضتي ضعيفة .... أمسك الهواء .... أمسك الفراغ ...
قلبي .... يزداد اضطرابا .... قلبي هذا لا يساعدني ارجوك .... حاول بهدوء، حاول ببطء ..... 
أتحدث من رئتي .... الناس تخرج من الحافلة .... هي مضطربة أو مجنونة؟ هل أصبح الآن القرد أبو سديري؟
هل أصبح الفرجة؟ .... أضطرب أكثر .... تقول مريم من فضلكم أفسحوا لنا مجالا، هي مصابة بحساسية تنفسية .... الحساسية الأنفية تنفع كثيرًا في تلك المواقف، لا يصبح مجرد ادعاء كاذب لن يسعفك عقلك على تبنيه في تلك اللحظات، بل يكون من طبيعتك فتلفظه بسهولة وسط اضطراب التعبير!
مريم .... تضمني ... تقول اهدأي ... أحاول .... بعد خطوات كثيرة .... بعد رجاء يعلو وجه السائق أن أتحسن كي ينطلق ... يبدأ الهواء متعجرفًا الدخول إلى قصبتي الهوائية .... يبدأ متعجرفًا متثاقلًا كامرأة بدينة كسول تتفضل على العالم بفتح عينيها بعد أذان العصر لتشهد النهار جمال طلعتها يدخل إلى رئتي .. النصف الأعلى ..... كالغريق ... أرتشف الأكسجين وأكاسيد كثيرة وكل غاز صاف أو غير صاف تجاه حالتي يواجهني!
كالغريق .... أتشبث بذرات الهواء .... أشهق .... أسحب الهواء غصبا إلى داخل جسمي ...... إلى معدتي ربما بدلًا من رئتي، أخبره طريق الدخول علَّه يصيب مرة!

الوقت ..... لا قيمة للوقت مقابل الحياة .... ولا قيمة للحياة مقابل الرضا والهدوء والسلام!

أتعلم كثيرًا عن القلق والخوف والفزع

أتوائم معهم 

أمسك الآن لجام الأمور في معظم الوقت
ويفلت مني ولكن قليلًا!

أعرف الآن بصدق أن هذا العالم لا يحبنا ولن يحبنا .... أتصالح من الفكرة ..... أحب نفسي أكثر .... أحب مرضي وخوفي وجنوني واضطرابي، أحمي الصغار من الوقوع في براثن خيباتي مع العالم ..... وأحمي نفسي من الانخداع في تلك الآمال الكاذبة.

الوحدة 

تعلمك الكثير .... تصبح الوحدة هي صديقك وصديقتك ...... تحتاج وجودهم فيختلون بأنفسهم وأحلامهم ويحجبونها عنك رغم كل ما وهبت من الحب ومازلت تحمل لهم! تبتسم .... تهب هذا الحب لنفسك .... تقتلهم في حياتهم ... تقتلهم في ذكرياتك ومستقبلك .... تجعل المستقبل على نفس القدر مع الموت 
لا تحمل خططًا ولا تجعل جعبتك فارغة 
تصادق نفسك
تحق آخر بساتين الياسمين
تزرع الياسمين بقلبك فقط

سوف تتعلم يوما كيف لا تبكي على اللبن المسكوب حينما تلحسه القططة.
وكيف لا تنظر بعين الحزن لتلك البسمات الرقيقة التي انمحت من حياتك وبقيت في الصور
وكيف لا تحب أحد أكثر من نفسك! مهما وهبك
سوف تتعلم أن تفلت يدك سريعًا، قبل أن يفلتها أحدهم

سوف تتعلم السباحة ..... كي لا تصبح الغريق .... كي لا تحتاج قشة غريق

وسوف تمتلك يختًا رائعًا ..... تحبه ... تفرح به .... ولا تغرق إن قفزت من فوقه وقت الحريق!