السبت، 9 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (5)

قرأت مرة عن أحد الفرسان الشجعان عندما سئل عن الشجاعة قال:

الشجاعة لا تعني انعدام الخوف، أنا أخاف، لكنني قررت أن أواجه مخاوفي، هذه هي الشجاعة أن تواجه ما تخاف"

لدي صورة ذهنية مشوة عن نفسي، صفة يشترك فيها جميع المضطربين .... هناك ضبابية في أحد أركان البيت!

لا أعرف من أنا ولا ما يجب أن أكونه؟ أحيانًا أتوه، ولا أعرف أيها الاختيار الذي لا يتبعه الندم .... الندم مرير!

الشجاعة .... أنا لست شجاعة، أقول لنفسي أني شجاعة ولكني لست كذلك، أنا لا أحب مواجهة الخوف، ولا أحب الخوف، ولا أحب المواجهة ... أميل للتكور في مكان هاديء مع كتاب ومشروب محلَّى، أميل للطبيعة وصوتها فقط إلى أن تتحول إلى مزعجة فيأتي الليل لينقذني.

منذ سنوات أدركت أني جبانة، أني أخاف أشياء كثيرة لا يخاف الناس منها عادة، أخاف القرارات الخاطئة فأصبحت آخذ القرارات، وأخطيء طوال الوقت، تعلمت الندم، وتعلمت تحمل تبعات قراراتي الرعناء.
أدركت أني أخاف لسبب ما خفي من المرتفعات، أجبرت نفسي على تسلق مأذنة مسجد أحمد بن طولون، ثم يتبعها بسنوات أدركت أني مازلت خائفة، أجبرت نفسي على تسلق واحدة من أعلى المآذن في قاهرة المعز، بالقرب من بوابة زويلة القديمة، تسلقت وتسلقت وتسلقت، تمسكت بحديد مهزوز، يكاد قلبي يقف، وتكاد معدتي تفقد السيطرة على انفلات أمعائي، أرى الناس متناهية الصغر، قبعات مثل نقاط كدرة على صفحة بيضاء، ولا يدور في رأسي غير فكرة واحدة، سوف يسقط شيء من يدك!

لا أخاف الطائرات، سافرت بالطائرة أكثر من مرة، أستمتع بلحظة الركوب والإقلاع، أنتظر الهبوط كي أنطلق، وعلى مدار ساعات السفر أحب السحاب ونتبادل قصص المحبة وكلام العيون، لا أخاف الألعاب الخطرة، أقلق قليلا منها لكني أكمل طريقي في الصف بانتظار دوري، أنزل لاهثة لولا طول الصف لكررتها مرارًا وتكرارًا.

لماذا أخاف من النوافذ العالية؟ ولماذا أشعر دومًا أني أفقد شيئًا؟ ولماذا أخاف أن أرى من أحب يقف على حافة عالية أو خطيرة؟
التفسير العلمي الوحيد هو ترسبات الطفولة!

أنا جبانة يا سيدي ...... أخاف الناس، وأخاف الخذلان، وأخاف أن أكون إنسانة سيئة .....
أخاف أن أفقد من أحب، وأخاف أن يموت الحب بداخلي، وأخاف أن أصبح قاسية القلب، وأخاف أن أظلم أحدًا!
أخاف مرور اليوم، حلو أو كئيب، أخاف انتهاء الوقت وانقطاع الساعات عن الدق ..... 
أخاف ألا أبدو جميلة ...... أقص شعري عندما يحزبني أمر شديد ..... أعلّم نفسي الصبر بهذه الطريقة .... أعلّم نفسي كيف يتقد الشوق ويهدأ وتتحقق الأمنيات على بطء خطوتها!

أسمي هذه انتصاراتي الصغيرة، لأني أخاف أن أبقى خائفة أواجه خوفي، كل يوم أواجه العالم، أواجه أعين الصغار، أواجه أفكار العالم الملوثة، أخاف أن تلوثني، وأخاف أن أستسلم لها

في كل يوم، أواجه اليأس، أواجه أفكارًا سيئة عمن أحب، أواجه نظريات الناس عني وعن معتقداتي التي لم أعد أؤمن بها كثيرًا لكني سأدافع عنها وأتحلى بالشجاعة لأني أخاف .... أخاف أن أظهر أمامهم جبانة وضعيفة!!!!

أنا أتشجع ..... أستقوى بلا شي .... أحاول ... فقط أحاول 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق