الأربعاء، 31 يوليو 2013

أحلام الفراشة ......

ولأن الفراشات قصيرات العمر

ولأنهم يقضين معظم الوقت في الأحلام

ولأن الأحلام ممتعة أكثر من الواقع الأليم

ففي الأحلام يفنين أعمارهن .... في الأحلام يحصلن على أضعاف العمر الوقع .... يتجولن أكثر ويسافرن أبعد ما يكون !

في الأحلام زهرات أكثر ..... وورد أكثر إشراقاً من كآبة ورد البستان ، في الأحلام لا بستاني يضايقها برش الماء فوق الزهور !

ولا أحد يقص الورد منها أو يطاردها !

في الأحلام ....... تعيش الفراشات أضعاف عمرهن أملا وحياة وإشراقا ..... لأن الشموس في الأحلام أكثر حنانا وأكثر سطوعا !

يتمنين ألا ينقضي الحلم ......... سوى بانقضاء الآجال ........... فلا حياة بدون حلم ! ولا حلم يصفو بتنغيصات الحياة !

ستبقى الفراشة في شرنقة الحلم ترنو إلى ما تريد ! ستبقى حيث يؤلمها الواقع كلما فتحت عينيها عليه !

ستبقى حيث لا تعرف متى تنقضي الآجال ؟ متى تنتهي !

ستبقى حيث لا بيان لسنوات آتية ! ولا ملامح لحلم جديد يلوح في الأفق البعيدة !

ستبقى ........ ستعود حيث الشرانق مازالت تحتفظ ببعض النعومة ........ ستعود تبحث من جديد عن حياة فيها ولو شيء بسيط من براءة !

فقد خانتها البساتين ........... وصارت الأشواك اطول من أوراق الزهور ....... وصارت الرياحيق غارقة في أعماق الورد !

ستعيش في حلمها ......... قد يطول بما يكفي ليمدها أملا وعمرا ! وقد يقصر بما يكفي ليسلبها الحياة !

الثلاثاء، 30 يوليو 2013

برافر ســيـمـر !

لأن أكتب بشكل تفصيلي عن الحدث

الذي يموت إعلاميا كل يوم !!

من المعروف جدا في القضية الفلسطينية ان المصريون هم أكثر من يرفعون القضية إعلاميا وثقافيا

وإن أرادوا التشنيع على أحد فلن يكون مرحوما أبدا .... وإن أرادوا بث الروح في قضية فإنها تحيا بحق !

اليوم

المصريون في اقتتال ........... الكيان الصهيوني هو أكبر مستفيد في هذه الفترة لتمرير أي مشروع

هذا وقت أفضل لإعلان القدس عاصمة كبرى .......... والاستيلاء على الأقصى ورفع الهيكل وتهجير أكبر عدد من الفلسطينيين !

إن لم يمر قانون أو مشروع برافر اليوم ! فمتى سيمر ؟ 

الأحد، 28 يوليو 2013

شوية وجع ......

أول مرة أسمع قصة موسى تاني في الصلاة للمرة المش عارف كام في حياتي وأبكي بحرقة !
أول مرة أحس إحساس اللي ملوش حيلة ودايرة الموت بتضيق وتخنق !
أول مرة أقف جنب واحدة سورية في الصلاة هي ثابتة وأنا منهارة وخايفة أحسن تطبطب عليا وتقولي معلش اللي بيحصل في مصر !
معظم المسجد كان سوريات اللي حواليا على الأقل كانو كلهم كده !
الدعاء كان لوقف الدم !
الــ.. آمين ... كانت تهز المسجد .. الإمام معرفش يتماسك .. مع ان الدعاء كان قصير !

قالتلي ممكن منديل ؟ اديتها ... خفت أبص في عنيها ..... وكأني كنت بشمت في دمهم ! معرفش ليه الكسرة دي صابتني ! مع اني كنت مكسورة وموجوعة من كل قتيل بيموت في سوريا !

حسيت بالذنب الضئيل إني لفترة كنت تعبت قررت مبصش على صورة الناس اللي اتقتل ... قررت أوقف تعاطف او مساندة ... قررت أوقف وخلاص بلا أي نوايا حسنة أو شريرة !قررت إني لازم آخد هدنة ... سوريا كانت بالنسبة ليا قتلى ! جوايا قناعة إنها خلاص اتلعبكت وبقت طوائف ومحدش هيسمع لحد والكل معاه سلاح ..

لما السلاح بيتكلم ............ محدش بيرد عليه غير صريخ الدم ............. والسلاح أطرش !

امبارح جت في دماغي كأنه شريط وأنا بصلي صورة الناس اللي تجاهلت أشوفها........... كلام النشطاء السوريين اللي قررت مش هقراه ........... صورة وكلام كل واحد محروق .............. مش عاوزة أعرف لأني ببساطة فاقدة لكل الحلول الممكنة والخيالية !

امبارح ........... كانت صور الموت كلها بتلاحقني ............ كنت ببكي بحرقة ............ كنت عاوزة أصرخ ......... كنت بس بقول رحمتك يارب ............ يارب يكونوا ماتو على حق ........... يارب يكونو ماتو وبينهم وبينك حق وحاجة كويسة ......... يارب يكونوا ماتوا وهم فاكرينك .......... يارب ارحمهم واقبلهم أرجوك ... اقبلهم وسامحهم ووسع قبرهم !

بس اتحرقت أكتر لما فكرت في اللي قتلهم ......... لما فكرت في ناس مصرة تكون قاتلة وكدابة ومضللة

انهم لسة مصرين يسخروا من عقولنا .......... يتاجروا بدم الناس ......... يضحوا بالأبرياء وكأنهم كباش أو فراخ !

إن مصر بقت في حالة وحشة جدا ............ إن لو حد سألني ليه بتعيطي بحرقة وقلتله فيه اكتر من 120 ( ده الرقم لحد امبارح زاد النهاردة ) اتقتلوا غدر وظلم ......... هلاقيه بيبرر لقتلهم .......... او بيقول يستاهلو .......... او بيقول كانو ارهابيين ........ او بيقولي بعد مصمصة شفايفه اه بقى انتي اخوان ... ولو عارف اني لأ هيقولي بس بتحترميهم !

120 واحد اتقتل ........ ومفيش شارة حداد سودة !
120 واحد اتقتل ......... وانا راجعة بعد التراويح صوت الراديو أغاني وطنية !

مش هم اللي ماتو
إنسانيتنا ماتت ........... احترامنا للبني ادم هو اللي مات ............. ضمايرنا بتموت !

فلاش باك

كنت نازلة من بيتي وأنا بقول لنفسي ........... أنا بقيت خايفة عليكي أوي ....... يحصل مع المصريين زي ما حصل مع سوريا .... يحصل لقلبك تطبيع مع الدم ........ ويبقى القتل عندك طبيعي ............ سارة ......... إحنا لازم نفكر نعمل ايه معاكي عشان تفضلي إنسانة تتنفضي لقتل واحد زي ما تتنفضي لقتل 100 ؟؟ أنا حقيقي مش عارفة ممكن نعمل ايه ؟ يمكن البكا ؟ التضامن ؟ هتتعبي ومش هتتحملي ... أو هترجعي لحالة التجاهل والزهايمر !! خلي بالك ... اوعي يحصلك تطبيع ... اتوجعي لكل نقطة دم 

غير الدم محدش صادق !

حدث بالضبط ما كنت أخشاه تماما !
حدثت بوادر الحرب

بوادر العنف اللامتناهي
الشماتة القميئة في دماء الوطن
دماء تسيل وتهم تقذف وتتبادل

اخرسوا

كلكم كاذبون .......... كلكم مصابون بالعوار .......... تنظرون بعين واحدة
لا تتنشقون الدم ولا ترون سوى الشماتة ! ولا تسمعون نعيق الموت !

اخرسوا جميعا


فلا صادق غير الدم الصارخ ...... لا صادق غير الدم !

الجمعة، 26 يوليو 2013

الليلة في مصر ....... !

الليلة في مصر .... ليلة الجمعة 29 يوليو .... ليلة الجمعة 17 من رمضان !

وسط توقعات مخيفة من جميع الأطراف السياسية في مصر .......... تبدو الأجواء ساكنة في مدينتي البعيدة نسبيا عن القاهرة العاصمة .

في سكون الشوارع نظرت نحو البيوت ....

الليلة في مصر ... هناك في بعض البيوت من ينام على ضغينة وغل وحقد توقدها طوال الليل وكالات الإعلام ، في بيت قريب أم تبكي بحرقة ابنها المقتول ، وأم تلعن وتسب المتظاهرين الذين يجعلون ابنها الشرطي لم يدخل البيت منذ أسابيع ، وأم تصلي لأنها تركت ولديها في أحد الميادين ، وآخرون يبيتون النية لاغتيال حرية الوطن ... لهتك ما بقي من عذرية الوطن .... لسفك ما بقي من دماء الوطن .

وآخرون في المنتصف ............ إنهم فقط يبكون الوطن !!!! وأبناء الوطن !

يحاولون النظر خارج حدود الخلاف والشقاق ، يتلقون السباب من كل الفصائل ، يتلقون الشتائم من كل موجوع ... ومن كل ظالم .

الليلة يا وطني ................ ننتظر سطوع الفجر بعد القادم ....... نريد تخطي الغد القرب ..... وكم من غد تمنيناه لو نتخطاه ... وكم من بؤرة مظلمة وقعنا بها ووقفنا عندها طويلا ... يعمينا دجاها ... ويصمنا صوت الصراخ فيها ... ويخنقنا رائحة الدماء المختلط !

الليلة يا وطني .............. سيقف أناس بين يدي الله ......... في مسجد أو كنيسة ......... يبتهلون ............. أن تحرق إخوانهم في الوطن ................. أن تقتلهم أيادي أشقائهم ........ أن يذبحون ويذهبون بلا عودة !

أما تعلم أبناء مصر أن الصالحون فقط هم من يرحلون ؟ 
أما تعلمو من حماس خالد من طيبة بلال من بسمة مينا من نبل سالي من رقة علاء من نجاح الجندي أن الصالحون فقط يرحلون ؟

أما تعلموا من اغتيال الشيخ أن الأطهار فقط يرحلون ؟

أما تعلموا أن هناك من يريدون دماء الوطن وفقط ؟ أن هناك من يديرنا كعرائس الماريونيت ؟ أن الأعلام الذي يحرضنا اليوم على قتل أبناء الوطن كان يحرض أيضا الجالسين في البيوت وقت وقفت مصر في كل الميادين في يناير 2011 تصرخ في العالم إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر ؟
أنا تاج العلاء في مفرق الشرق ودراته فرائط عقدي ؟

هل ينسى الشعب كل الشعب أن من استباح دمانا كان يحكما بالبندقية والبيادة ؟
أن من سول للناس تشجيع الدماء كان يدفع ويكبل ويكمم الإعلام ؟

أن الإعلام راقصة كل نظام ؟

الليلة يا وطني .............. يقف نصف شعبك أمام إنسانيتهم في المرآة ........... هل ينتوون ذبح إخوانهم في الشوارع أم ينتوون السكوت ؟

هل سيدفعون للقاتل تصريحا بقتل واعتقال كل من ينادي بالحرية ؟ أم سيقولون للقاتل كفاكم خداعا سحرة الفرعون ؟

غدا ............ لا إرهاب يا شعبي سوى لمن يملك القوة والسطوة والسلطة وإدارة اللعبة ويصر دوما على رفع السلاح !!

غدا ........ لا بشر ولا إنسانية إن وافقنا على الدماء بدعاويهم المزيفة باسم الدين او باسم الإرهاب 

غدا ............ أتمنى لو أملك صوت الكون لأصرخ فيهم

دماء المصريين لم تجف ................... وكل القيادات تسيل من أيديها الدماء

توقفوا .............. فلآول مرة في عمري أراكم تقتتلون في رمضان ......... وتشتهون كرسيا خاليا على مائدة العشرات .

الأربعاء، 24 يوليو 2013

العيش ... والحياة

حدثني عن الروح !


الروح هي التي تمنح الحياة :) هي التي تطل باسمة من زهرة يانعة في بستان أخضر تنبض وريقاته بالحياة ...

هي التي تبث فيك الحياة ثانية في ضحكة طفل لا يعرفك فقط نظر لك وابتسم ثم تعالت الضحكة !

في روح زهرة ، تشرق في الربيع بلا موعد بعد جميع الأزهار !

في إمام  حكيم خاشع يؤم الناس في الأقصى بصوت متأن ... والناس وقوف ...... وحالة من العشق بين الصلاة والمكان وروح المصلين والقدس ورائحة التراب سيمفونية عشق لا يدركها سوى من وقف بجميع مشاعر الأرض بين يدي الله في الأقصى بقلب القدس !

في رسمة لفنان يملؤها الأمل والحب ! تراها فتبتسم والدموع كانت تحبسها المآقي !

في رقصة لصوفي ، يدور حول المعاني والكلماتِ !

في موغظة الأحد لقس يعرف عدل الإله ، فيلقي للناس كلمات قوية أن اعدلوا وانشروا سلام المسيح على وجه الأرض !

في لقمة تتقاسمها مع قطة جائعة !

في ضمادة لكلب ضال !

في حذاء وملبس لطفل مشرد !

في نظرة شكر متبادلة بين العيون بلا سابق معرفة !!



أن تأكل جيدا .......... وتمارس الرياضة ......... وتعمل .......... وتنام ........... وتمارس أنشطة الحياة فأنت تعيش جيدا !!

أن تتأمل وتشارك ما تملك مع غيرك وتمنح وتتقبل وتبتسم وتبث الأمل وتحزن وتتقاسم الفرحة والدمعة مع أحدهم حتى لو عصفورة أو شجرة لن تفهم لغتك ولن تعي كلامك فإنها ستشعر وإنك ستحيا !

أن تسبح في ملكوت الله ............... وتطلب منه الإحسان ................ لكل شيء حتى ما يبدو جامدا ! حتى الأماكن ونسمات الهواء .. هذه هي الحياة !

لا تعش ............. تنفس الأشياء ............... تفاعل .............. انطلق ................. إحيا :) 

الثلاثاء، 23 يوليو 2013

لماذا ..........!

لماذا عندما يخلو الإنسان بنفسه يذكر كل شيء يخفيه طوال الوقت ؟

يذكر كل ما يتناساه ويقنع نفسه أنه بالفعل قد نسيه ؟

يضحك على أشياء في غاية الحزن !

يبكي على أكثر اللحظات فرحة !

يشتاق ....... لمن لم يعد يذكر عدد حروف اسمه !

ويشعر رغم الجفاء الشديد بالوجد الشديد !

يحلم ويهتم بأشياء بعيدة عنه !

لماذا يظل مجنونا ........... بحلم ذهب ولم يعد ! ولن يعد !

لماذا صرنا نحب الوهم ........ ونحاربه في آن واحد !

الجمعة، 19 يوليو 2013

الحــنــيــن ........... جدي ... والحنان أيضا

عندما اقترحت إحدى الزميلات في التدوين فكرة الحنين ! 

الماضي ......... لا شيء يبرق في الماضي السحيق مثل عينا جدي ! 

ما طفولتي إن لم يكن هو يزينها ويريحها ويدللها ! ........... ما آمان الطفلة الصغيرة سوى بحضنه الدافيء ...... بكلمته القوية .... بقامته العالية والتي تطل منها من بعيد عيون رجل حنون محب !

صوت قوي ............ وعبارات صارمة ، حزم ومحافظة لم تمنع أبدا المرح والدلال وأوقات الضحك اللذيذة !

لم تمنع أن يدخل يده في جيبه العميق جدا ويخرج نقودا معدنيه يفرقها علينا لنشتري الحلوى أو ما يلهو الأطفال من ( الشيبس والبوزو والأيس كريم .... ) 

لم تمنع أن يقول لأحدنا أنه يريد شيئا محددا وأن يحتفظ بباقي النقود ليشتري حلوا بعدد الصغار في البيت فإذا تبقى شيئا أخرى اشترى نوعا آخر ! اجعلهم يفرحون .

لم تمنع أن ألتحف ذراعه وأتوسد صدره تحت عبائته الصوفيه أمام التلفاز في ليالي الشتاء الباردة .........

مازالت رائحة جدي تهيج في النفس لتذكرها .................. رائحة تحيي القلب معها صبيا من جديد ، تعطيه الحنان والقوة والرجولة .

الحنين ! ما الحنين لشيء فات سوى لجدي ............ كل الذكرى الرائعة يحملها جدي .............. حتى ما أغضبني يوما منه ليس بقدر ما أفرحني .

أنظر اليوم بعيون الشابة إلى الدنيا .......... أتعبت الرجال بعدك يا حبيب عمري !

من ذا يكن رجلا مثلك ! رائعا مثلك ، حنونا مثلك ؟ من ذا أشتكي إليه فيقول اهدأي ولا تبكي يا صغيرتي عندما تأتي سأضرب من يغضبك ، كوني هادئة ومطيعة كوني مهذبة وفقط وأنا لن أسمح لأحد أن يضايقك .

من ذاك يتحسس أكلي ونومي وفرحي وحزني ؟ من ذا يتكلم معي في أشكال البشر ؟ 

لا تنس يا سارة الصينيون لونهم يميل للصفرة بالتركيز ستعرفين الفرق بين الصيني والياباني والكوري 

من ذاك يداعبني إن مررت أمام التلفاز صدفة لاهية في أمري غير منتبهه فيقول يا سارا توجا ( اسم بطانية كان لها إعلان غنائي وأنا صغيرة كان إعلانا مضحكا ومبهجا كنت لا أحبه بسبب سارة توجا إلا أن كان يداعبني به جدي وفقط تحول الأمر ) فأبتسم ! وأره في عيونه معنى التبسم .......... عيونه عالم ضاحك ............ عالم مشرق .

من ذا إذا اشتد مرضه ، وأخيرا قام من السرير ليأكل معنا على طبلية واحدة ( الطبلية طاولة قصيرة معروف بالريف المصري :) لازالت حتى اليوم هي المفضلة عند الأكل حتى مع وجود السفرة ) 

تقاوم عيونه المرض وتظهر المياة البيضاء فيها فتغير صفاء عيونه العسلية .... وتحيلها إلى قليل من الزرقة بسبب المرض .. فأغازل عينيه مداعبة يا أبو العيون الزرقاء يا قمر ..... فيضحك وترجع رأسه إلى الوراء ويقول اختشي ... عيب تقولي لجدك كده ... بتعاكسيني !!! أيون بعاكسك بعنيك الحلوة دي يا حلو انت يا جميل ..... اختشي يا بنت ... ويضحك جدا ... ويقول بصوت أقل مرحا عيوني عسلية الزرقة من المرض .... أقول له ... خايف تقول زرقا وحليوة يا عم انت تتحسد ؟ قمر بردو :) يضحك ثانية ! ما قولنا خلاص بقى .... ولا تتجوزيني بقى مادمتي بتعاكسيني كده ... أنا .... هو احنا نطول يا حليوة انت يا عسل ... طيب قومي اعملي الشاي بقى يا بكاشة ......... 

جدي ! 

في رمضان عندما كان يأتي في الشتاء ....... كان لدى جدي أشجار خشبيه شائخة فاقتلعها ليزرع مكانها في حديقة البيت ، كان يكسر منها كل يوم قطعا أصغر يشعل النيران فيها لنجتمع ونستدفيء ، كان يقوم بالمهمة قبل المغرب ، ويدخل الموقد إلى وسط الصالة ، نتناول الفطور ، ثم يضع براد الشاي فوق الخشب المشتعل ، ثم يأتي بعد ذلك تباعا دور الملذات الأخرى فوق النار أو بدونه .

وفي صبيحة العيد ............. كان حبيبي يلبس جلبابا رماديا أحيانا كثيرة وشالا أبيضا كالعمامة ، نضارته البنيه ، شاربه المهذب ، عصاه العتيقة ، عطره الفواح ، يعطيه مظهرا جذابا كعمدة القرية في الأفلام الملونة ، رجل ثقيل متأني الخطوة رافع الرأس .


يصلي العيد ويأتي بعدها ليجلس على إحدى المقاعد الخشبية خارج البيت ، في الهواء العليل ........... يضع يده في جيب سترته الداخليه يخرج النقود الجديدة الجميلة ، التي تفوح من عطر يديه ، يسأل أمي أو إحدى خالاتي ....... العيال صحيوا ؟ 

وتبدأ الحفلة ............. عيديه صغيرة لنصرفها وأخرى كبيرة تذهب للأم تدخرهم لنا ! 

صباح الخير يا جدي ......... كل سنة وانتي طيبة ......... وانت طيب !

في تلك الجمل ................... كان العيد !!!

ما العيد إلا رائحة عطره في الصباح أستفيق عليها ......... صوت نحنحته وهو يخرج من البيت ........ ثم قبلته بعد الصلاة !

كان لا يضع خده على خدي فقط ويرمى قبلته في الهواء ............ كان يحرص أن تطبع القبلة على خدودنا أو رؤوسنا 

كان لا يمثل الحب والحنان ........... كان لا يؤدي دوره كجد ........... بل كان يحفر في القلوب ليغادرها سريعا إلى علام الغيوب !

هو رحل ..................... والعيد والله رحل معه ! 



رحل في ثنايا جلبابه الناعم ، وأطراف عبائته الدافئه .......... رحل وترك الروح خلفه تبحث في بقايا البشر عن شبهة صفة لرجل !

رحل ................. وتركني يتيمة من الصلات والقربات والعواطف .

رحل ................ وأخذ معه أمان الأب واهتمام العاشق وراحة الصديق ومرح الأخ ودلال الجد والحنان كله ! 

رحل ................ وأخذ معه صوت الفجر وصلاة الجماعة في الدجى ! بقراءة مرتلة رصينه .

رحل .............. وأخذ معه هيبة الرجال ووقارهم وقوتهم وشموخهم وعقلهم وتدبيرهم للأمور وحنانهم !

رحل .............. وأخذ معه لحظات الشوق لآذان المغرب ، ودفء المشاعل في الشتاء ، وصوت المسحراتي في الظلام !

رحل ............. وأخذ معه فرحة العيد ومرح العيد وضحك العيد وذبيحة العيد التي كان ينتقي أطيب أجزائها ويطهوه بنفسه في البكور ليضع في أفواهنا الصغيرة الجائعة لقمة لذيذة لم أذق مثلها حتى اليوم من يد أحد !

رحل .............. وأخذ معه طفولتي .................. وأخذ معه قصة فارسي ......... وأخذ معه أمان جانبي ...... وقوتي ....... وحبي ......... وكل اشتياقي ........... وكل الحنان والدفء الذي يجعلني أحيا لا أعيش !

وتسألون عن الحنين إلى الماضي ! إنه الماضي .......... اسمه الحنين إلى جدي ............ هو كل ما حدث لي 

ومن بعده توقف الزمن ! 

الخميس، 18 يوليو 2013

للـطـوافِ مـعــالـم أخــــرى !




حيث كل شيء يدور في فلكه تماما .

مثلما تدور عقارب الساعة ، بحركات في منتهى الدقة ، حول مركز محدد ، على مسافات متساوية ومتباعدة ، لا يختلف أحد عن مداره ، لا يتأخر ، وبالطبع لا يتقدم .

حيث شكل الجزيئات الدقيقة جدا يختلف في كل شيء حتى الخواص إلا في الطواف حول مركزه بسرعة ودقة وانجذاب وتناغم .

حيث الأجرام العظمى تعرف مداراتها جيدا وتدرك أين المحاور ، وتتناغم في الدوران حولها وفي المدارات بدقة .

كلها تدور في شكل منتظم ، أقرب للهندسة ، نظام لا يخطيء مثقال ذرة ، هذا الأمر ليس عبثيا البتة ، ولكنه إجباري إلى حد كبير !
ماذا عندما يكون إختياريا ! 

لما ينجذب أولئك الآلاف من البشر للطواف حول الكعبة ؟ 

إنه ذاك الشعور الرائع ، أنك تدور في فلك القوة العظمى ، ليس عن طواف الأرض أحكي وإنما عن الطواف الأعظم .

طواف الأرض هو فقط تجربة (بروفا ) للطواف العظيم ... حيث الروح تعلو في السماء لتطوف في المقابل بالبيت المعمور

لن يصف أحد الطواف وصفا دقيقا ، لن يقدر ، لن يستطيع ، ببساطة لأنه شعور ليس بمادي إطلاقا تعجز الكلمات عن وصفه ، فقط جربه ، بنفسك .......... روحك هي الوحيدة القادرة على وصف التجربه لك ! على تبسيطها !

الآن أصبحت أدرك لما يطوف راقصوا المولوية حول محورهم ! لماذا يدورون في دوائر تشبه دائرة الطواف تماما ؟ في عكس اتجاه عقارب الساعة ! مثل كل شيء على الأرض ! 

ليست هذه مصادفة !

إن الصوفية يؤمنون بتسامي الروح ، بأن نسختها تسافر عبر القورن والزمن ، عبر الأفق ، حيث تسبح طليقة وتدور حرة في فلك الطوافين !

للطواف معالم أخرى غير التي نلمسها ونراها ، إنها معالم السمو والروحانية الرائعة ، تلك التي تتدرج بالطائف فيها من الفضاء وعالم الروح إلى البيت المعمور ، إلى العرش !

حيث حول العرش يجتمع الأحبة !

حيث العشاق لنور الإله !

حيث أهل الله وخاصته !

حيث العشق العشق الذي لا تطاله القلوب ، ولا تدركه الحواس ، ولا تعيه الأجساد .

حيث يصغر كل شيء ويعظم نور الله .

حيث يرقصون ( إن صح التعبير ) ، حيث يسبحون بشكل طوافّـيّ حول العرش وكأن كل في ملكوته الخاص !

وكأن الله لكل واحد منهم فقط .

حيث لا شعور بشيء يؤلم ، ولا معنى لأي فرح مثل لقيا الله !

الله ! ........................ حيث العشق المطلق .............. حيث التبادل الأعظم ........... حيث النور ! النور وفقط !

لا يفكر الطائف بنور الإله بمشاهي الدنيا ، إن الدنيا هناك مثل ذرة هباء ، لا قدرة لها حتى على تعكير الهواء ، لا وزن لها أصلا ، لاوجود ولا حاجة إليها .

هناك ، حيث يسبح العاشقون في هيام تام ، يذوبون ويمتزجون بنور الإله ، حيث بصمات الكون الروحيه ، حيث السمو الأعظم .

هناك ................... يا الله ! هناك فقط سوف تدرك صغرك أنت بكل ما أعظمك من أشياء ومنح وعطايا وتملك زائف .

هناك ، سوف تدرك عظمة لحظة خشوع كنت فيها منذ أيام أو شهور أو سنوات ............. هناك لن تفهم قيمة الحساب ، هناك أنت معترف تماما بجرم وبشاعة ما فرطت في حق الإله ............ وهو ........ هو متسامح تماما حيث لا ذنوب تبقى في حضرته .

أنت تشعر بضآلة حجمك يا مسكين أمام المولى ، وهو يشعر بروعة إحساسك ، فيمنحك النور أكثر وأكثر .
أنت تدخل ، مثل الغريب ...... الصعلوك ... في قصر مهيب ، وهو يرفع رأسك لتتمتع بجمال الحضرة في ملكوته .
فإذا ما أبهرك حسن النور 
وإذا ما جذبك طواف الأحبة !
وإذا ما صرت من العاشقين 
وتميزت بين دقائق الأكوان أنك مجذوب !
سوف تدخل كل ليلة طواف العشاق ، مطأطيء الأركان رافع الروح ، وتبدأ بالطواف مثل رجل المولوية ، حول نفسك وحول نور الإله . 



سوف تتناثر عنك الدنيا ، تلك المشاحنات الصغيرة والكبيرة ، سوف تبقى البقايا مادمت غير معتاد الطواف ، سوف تبقى لمعة الأثواب في عينيك ، سوف تبقى إلا إذا أدركت سبل المريدين .................. وجعلت الطواف سبيلا نحو السالكين ..... وواضبت على السلوك حتى صرت من العارفين !

فإذا ما انجذبت وذبت وعشقت وهويت وصار الله هو سيد المعشوقين في عمرك بل هو المعشوق الأوحد المطلق !

سوف تدور أكثر وتتحرر أكثر وتنفش كل خيوط الدنيا التي تكبلك كماريونيت خلفك ، سوف تفهم مصدر خيوط الآخرين ـ سوف تنطلق فوقها ، سوف تعبرها ، سوف تدرك حكمة الخلق والكون ، سوف تنظر بعين الله إلى الخلق ، سوف تعلو في السما ، وتفرش قلبك للناس تسير فوقه على الأرض !

لا تقل كيف والله في القلب ! الله مع العارفين مزيج روح لا دخل للأجساد بالأمر ! الله مع العارفين بؤرة نور تتسع ليذوب فيها العارف وتشكله من جديد .........................

ومازلتم تقولون الجنة !!!!!

قل لي .................. أي متعة تضاهي رؤية النور ؟ أي لذة تجابه متعة النظر إلى وجه الإله ! أي راحة مثل الطواف حول العرش !

وفي الآخرة يجتمع الأحبه ..................... وتجدهم حول العرش سجدا ! أرواحهم في طواف مستمر !

يارب اوعدنا . . . 

الثلاثاء، 16 يوليو 2013

قالوا مجنونا فسقاهم !

يقول عطاء السلمي : منعنا الغيث فخرجنا نستقي فإذا نحن بـ "سعدون المجنون " في المقابر فنظر إليّ فقال يا عطاء : أهذا يوم النشور أم بعثر ما في القبور ؟ 
فقلت : لا ، ولكنا منعنا الغيث فخرجنا نستسقي . 
فقال : يا عطاء بقلوب أرضية أم بقلوب سماوية . 
فقلت : بل بقلوب سماوية . 

فقال : هيهات يا عطاء ، قل للمتبهرجين لا تتبهرجوا فإن الناقد بصير .  ........... ثم رمق السماء بطرفه وقال ( إلهي وسيدي ومولاي لا تهلك بلادك بذنوب عبادك ولكن بالسر المكنون من أسمائك وما وارت الحجب من آلائك إلا ما سقيتنا ماءً غدقاً فراتاً تحيي به العباد وتروي به البلاد يا من هو على كل شيء قدير .

قال عطاء فما اسستم ( أي أكمل ) الكلام حتى أرعدت السماء وأبرقت ( أصابها الرعد والبرق ) وجادت بمطر كأفواه القرب (كأنه ينزل من قربة الماء ) فولي ( أي ذهب بعيدا والمقصود سعدون ) وهو يقول :

أفلح الزاهدون والعابـدونـا ........... إذا لمولاهم أجاعو البطونا 
أسهروا الأعين العليلة حبا ......... فانقضى ليلهم وهم ساهرونا
شـغـلتهم عــبادة الله حتى ............. حسب الناس أن فيهم جنونا  
                                                                                              ( إحياء علوم الدين للغزالي -الجزء 1 - ص 271\272 )


هؤلاء العباد من المتصوفة ، وصموا بالجنون والعته ، فقد روي أن اهل الصفة ( في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) كانوا يخرون من الجوع ويصرعون من الجوع فيظنهم الناس مجانين ، رغم أنهم كانوا على درجة عالية من الزهد عن ملذات الدنيا ومتعها .


وما استوقفني في القراءة عنهم مثل البيت السابق ، شغلتهم عبادة الله حتى حسب الناس أن فيهم جنونا !

فكم عارف بالله قالوا عنه المجنون والمجذوب ! مجذوب لأي شيء ؟ للملكوت ! ما أجمل المجاذيب 

اللهم اجعلنا من المجاذيب يارب 

الأحد، 14 يوليو 2013

وحدك أنت ستسمعني ...... وإن كنت تائهـاً وســط الـجـمـوع !

وحدك أنت ......... ستسمع بحة الصوت المخنوق الصارخ بداخي .

وحدك ... ستأنس الروح أمامه بالتعري عن كل العيوب .

وحدك ...... ستسمع الصوت ، وحدك تعرف قدر الهم وما يثقل الفؤاد .

وحدك تعرف متى نشتكي ومتى نصطرع ومتى نتعارك في تلك الحياة وسط الهموم .

وحدك .... تجدني تائها وسط الجموع .......... وحدك تقودني للوقوف بين يديك شاكيا وباكيا ومنفجرا بكل ما يجول بخاطري !

وحدك يا الله ........... تحمل كل أمنياتي التي تنزل دمعا على وسادتي ليلا ، وحدك تجمع الدمعات كالدعوت كالأمنيات .

وحدك عندما أنهار باكية ببابك تحمل هم قلبي ، تحمل ثقله ، تحمل كل دمعي وتسكن الهدوء والسكينة بداخلي .

وحدك ...... يرتفع ببابه سقف أمنياتي ........... كما يخرج بالكامل وجع قلبي من الصميم .

وحدك .......... تمنحني ثقة الكون ............ أن كل شيء على ما يرام ......... أن الصبر سوف يأتي بكل جميل .

وحدك ....... يفهمني ........ يفهم تلعثم الكلمات .......... يفهم إجلالي بلا ألقاب ........ يفهم دعواتي المبعثرة .

وحدك ........ يفهم أن صراخي ليس سخطا ........ أن كلمات الأطفال المشتتة ليس قلة إحترام !

وحدك ........... يعرف ما يجول في أعماق قلبي .............. يعرف كل ما أبغي قوله ......... وما أريد معرفته ... وما أشتاق سماعه

وحدك ...... أبوح أمامه بذلاتي ...... أخفض رأسي كالصغار عند الحديث عن خطيتي ... أقول آسفة ... وأشعر بأنه وكفى !

وحدك ......... يطوي الكون في مكان سجدة ........... يحمل الأرواح مثل الطيور ، يبتسم .... فيشرق الكون من جديد .

وحدك ......... تنتقي من بين البشر ............. تسمع كل ما يقال عنك ......... تبتسم ....... ولا أحد يحيط علما بك .

وحدك أنت ...... ستفهمني ، وتسمعني ، وتنصت لي وإن كنت تائهة وسط الجموع !

ووحدك أنت ........... عندما أنظر لك ........... وأبكي ......... أو أبتسم ........ ستفهم وحدك أنها لك .


"لك وحدك سأسير بحكاياتي .... بلا أحرف ..... بلا صوت ..... وحدك أنت ستسمعني وإن كنت تائها وسط الجموع "
                                                                                                                                جلال الدين الرومي

السبت، 13 يوليو 2013

سياسات السكون والصمت !










والصمت عند الدمى ليس قهرا وليس مطلوبا دائما ، الصمت في عالمهم غير موجود ، مثل عالمنا تماما لكن من الممكن جدا أن تجد دمية خرساء ، أو دمية تصارع الصراخ بداخلها لتصمت ، لتحيا في مكان مميز باحترام مميز بين باقي الدمى !






فتجدها تجاري الكذب بكذب جديد ملون ، وتجدها قد تحتمل المهانة وقلة القيمة ، وتجدها تقول في دمية أكثر ضخامة وقدما ما ليس فيها اتقاء شرها ، وتجدها تبيع من صفات صنعتها حتى تكسب رضا الآخرين ....... لا تستمر كثيرا لتصبح شائهة ، لتصبح مسخا مثل عشرات الدمى حولها ، تفقد بريقها بسرعة شديدة ، تفقد سحرها وهويتها ، تفقد ما يميزها .

وبعد ساعات قليلة ، تتحول حقا لدمية وسط الدمى !


تتحول حقا لشيء لا قيمة له ولا جمال فيه !

تتحول لشيء مريح جدا للدمية الحاكمة والمسيطرة ، وشيء مريح أيضا لدمى شوهها الكذب والمسخ فصارت كخرقة قماش ، فترتاح إذا وجدت كل تلك المسوخ حولها ... وتبدأ في المقارنة في نسبة المسخ بداخلها بينها وبين الدمى الأخرى !


تماما ........... كعالمنا .......... تماما كأولئك البشر الذين يستسيغون الصمت والذل والقهر والمهانة


يرتضون الاستنساخ .

يحبون القولبة .

يستمتعون بالتشوهات الأخلاقية التي يضعهم فيها الآخرون .


هم يختارون الصمت .

هم يفضلون الأماكن الهادئة حتى وإن كانت خرابة أو مقلب للقمامة .

هم لا يحبون الصخب


حتى وإن كان الصخب مبدعا


حتى وإن كان الصخب كالبحر الهادر تولد منه حياة العالم !


برودة الأماكن تحيطهم ......... الموت ضيفهم وحليفهم ............. يغشاهم ........ ويغشى تلك القلوب الساكتة !





قلوب الأحياء تشتعل نبضا ............... والسكون قاتلها !

الأربعاء، 10 يوليو 2013

حياة الدمى !



ومنذ الصغر كانت تستهويني حياة الدمى بشدة !

أشعر أن لها كلام مثلنا لها حياة !

لكنها وللأسف بلا حراك دائما لا تملك من أمرها شيء ، مثل روائة قصة دمية ! فإن الأمر كل الأمر كل العبث يبدأ عندما نرحل نحن .

لربما كل المرح واللعب بين الدمى يبدأ حقا بعد إطفاء الأنوار ، في الظلمة الموحشة حياة لهم .

تلك الدمى ...... لعلها تفكر ... بالطبع ليس مثلنا .. لعلها تكتسب شيئا من روحنا


من كلامنا معها تستمد تلك الأطياف الطيبة أو الشريرة !

أو لعلها تحاول إضفاء بعض الطيبة منها على طباعنا أو بعض الشر ........ ربما !


ولا شيء كان يزعجني مثل عرائس الماريونيت ! تلك التي تحمل كل شيء ولا تحمل شيئا !

تحمل صفاتها الشخصية الخاصة ، تحمل قصتها المطوية بداخلها ، لكنها لا تقوى الحراك بنفسها ، كل مفصل فيها بعيد عن الآخر كل تفصيله فيها لها ما يحركها ، أظنها أكثر العرائس معاناة ، فهي تحمل القصة كاملة ، لكنها عاجزة تماما عن البوح إلا عندما يريد محركها من البشر لها ذلك !


حتى عند خلوتها ، فهي مليئة بالكلام ، مليئة بالسكون أيضا ، تعجز عن الحراك رغم قدرتها العظيمة على الحلم والتخيل !

هي أكثر العرائس خبرة بما يحدث في عالم البشر ، فهي غالبا ما تلازم الكبار ، وهي أكثر من يرى لمعة الأعين في عيون الصغار ، فتراها تشتهي الحلم والخيال وتراها أيضا تحمل في صدرها كآبة الحقد البشري ، وظلمات الكبار .


فرغم كل القصص داخلها ، رغم مغامراتها حول العالم كل يوم بقصة وحكاية وضحكة ودمعة وقصيدة شعر ، وطرفة أدب ، تراها ساكنة ساكنة حتى في عالم الدمى ، ضعيفة لا تقوى على حمل نفسها وأشيائها ، هي بين الدممى عاجزة كسيرة ، كأنها لا شيء كأنها لا تعرف ما تعرف ولم تخبر يوما كل خبرات البشر !


مثل تلك الدمى يريد التحرر بقوة ، مثل تلك الدمى يخيف البشر ، مثل تلك الدمى يجب أن يظل هكذا مفصول القطع ، عاجز عن الحركة ، مربوط المفاصل دائما ومقيد ، فهو أقدر الدمى على التحرر ، هو أقدر الدمى على التفكير ، هو أقدر الدمى على الخروج من الصمت إن استطاع إمساك الزمام ، أو لم يخش من بعثرة الأجزاء .


وهذا يزعجني ، يجعلني أكره الماريونيت ، أكره جولاته بين حكايا الظل ! وبين كلام الواقع وبين تراثنا وبين أفكارنا بين السخرية وبين الصراع والتحرر ................... لأنها ببساطة تشبهنا كثيرا ، هي نحن بقوة ، هي نحن دائما ، هي نحن عندما نضع كل خيوطنا في يد الحاكم !