الأحد، 25 أبريل 2021

كيف؟

 لا أعرف كيف -بعد طول جفاء وغربة- يخبر المُـشْتاق أَنَّهُ مشتاقٌ؟

كيف من وراء كل تلك الحجب تتسلل تلك الشعورات لقلوبنا؟ وكيف بعد كل هذا الجفا مازال بالقلب اشتياق؟

أتتبع الصور أحيانًا عَــرَضًا بعين غير مبالية، أقول في نفسي قسوته مرعبة، وانتقامه مخيف!

لم يعد الرجل الذي عرفته، ولا أعرفه، وتعود الذكريات إلى عقلي الصغير المحشو بكل القلق والخوف والصدمات، أتذكر كيف كان لطيفًا وحنونًا، ثم تأتيني لحظات قسوته كالصريخ، كبوق يوم الحشر، كالإعصار والزلازل، كصعقة، كصفعة، ككابوس، فأنتفض، ويلمُّ برأسي صداعٌ وألم!

كنت أعود لرشدي سريعًا، أقول مثل هذا الرجل البعيد ليس لي، ولا يجدر به أن يكون لي، ولا يجدر بي أن أضع له خطًا يقف فوقه في حياتي فما بالك بكرسي وأريكة وفراش ومكتبة وأسطوانات موسيقى وأغانٍ ورقصات ناعمة وجولات ومطبخ ورسومات وضحكات وفسح حول العالم!

أكثر ما جذبني فيه حنوّه الطبيعي بلا تصنع، وأكثر ما يجعلني أفرّ منه - ولو كان مجرد فكرةً في رأسي - قسوته المباغتة!

ثم ....


من حيث لا أدري يجتاحني اشتياق!

إليه، إلى صوته، إلى نكاته السخيفة، إلى ضحكاته العالية الساخرة، إلى تفقده إياي، إلى عينيه التي كنت أتجنبهما بقوة وأباغتهما بذات الثبات!

كيف يباغتنا الاشتياق؟

وكيف نصرح به!

وكيف والحجب مسدولة بيننا؟

وكيف وقلبي لا يأمن الكسر .. فقد تفتفت مرة ومرتين وعشرة!


 كيف -بعد طول جفاء وغربة- يخبر المُـشْتاق أَنَّهُ مشتاقٌ؟

دون أن يعتريه الحياء

دون أن يخشى الصدّ والردّ

كيف!