السبت، 29 نوفمبر 2014

غــبــيـة !

لماذا لا أبدو براقة أمامك ؟ تحبس أنفاسك عندما تحادثها ؟

لماذا عودتك أن تجلس كما أنت في أي اتجاه وبأي طريقة تحكي وفقط ؟

لماذا نبدو أغبياء جدا عندما نكون بحضرة الأحباب ؟ لا نبدو لامعين أمامهم كما نحن في عيون الآخرين ؟

لأني أردت الوقوف أمامك عارية عن كل شيء إلا أنا .... أنا التي لا يراها أحد ... فتاة بلا خيوط تزينها شعثاء حافيةً ... تدور في المكان كغجرية تطأ قدماها مدن أحلامك الحضرية لأول مرة !

تعبث بالأشياء وكأنها في عيونك لا تبالي ... كانت تكتشف اختلاف المدن المهندمة عن غاباتها الغوغاء !

تأكل بكلتها يديها ... تضحك بصوت عالٍ مجنون ... تمص أصابعها وتتجشأ ! ماذا يضيرها إن فعلت ؟ ألست تحب طبيعة ربنا ؟

كلنا يعرف حدوده في التصنع ....

حتى اليوم لا تعرف كيف ترسم ذاك الخط المموج فوق جفنها الأعلى لتبدو عيونها أكثر جرأة وعمقا .

لا تقضي الوقت أمام المرآة ترعى تفاصيل زينتها .

ترعى كلماتها الصاخبة عندما تتحدث ولو كتابة !

تحدثك كثيرا بألفااظ رديئة .... تستخدم كلمات سوقية ... ألفاظ الشارع التي يعرفها كل شخص لكنه يحافظ جدا على تأنقه أمام الآخر

عندما لا تجعلك آخر .... تجعلك نفسها ... تبدو غبية جدا !

سترته الثمينة

حذاؤه اللامع الذي يعكر صفحة وجهه ذرة غبار عابثة .

سيارته

أناقة عطره الفواح

كلماته المتلاعبة الذكية التي ينتقيها بحذر شديد .

كنجوم السينما يبدو

أو

كعبقري صغير يلملم شعث أفكاره المبعثرة دائما !

يبدو كرجل أتباهى به أما صديقات عدة

أو يبدو كرجل يحقق لي مجدا سريعا .

لا وقت عندي لترهات حكاياه الصغيرة .

اليوم ... وقع في الحب ... تنازل عن بريقه المحفوف بالحذر ... يتثائب كالخلق .... يعلو شخيره ليلا !

تمويجات الدهون على جسمه تزيد ....... أو .... تلك النحافة الأنيقة ليست جميلة خارج البِــزَّة الأنيقة !

يبدو كئيبا جدا ... مجنونا وصاخبا ... خجولا ويتعثر بالكلمات عندما يعلوه التوتر ؟

يبدو .... شرقِـيَّــاً أكثر مما توهمت .... يبدو متملكا أكثر مما أحتمل ؟ لماذا لا يظن أنيقا طول الوقت ؟ هو بداخل البزات أفضل !



لماذا تبدو مجموعات من البشر غبية جدا عندما تعشق ؟

ببساطة لأن هؤلاء قرروا \ قررن التخلي عن المرآة اللامعة

التخلي عن الاتكيت المصطنع .

قرروا الجلوس أمام أجسادهم الأخرى عرايا بلا خيوط ولا ألوان أخرى غير تلك الطبيعية الرائعة .

قرروا أن يجعلوا تلك الطبائع تتحدث عن نفسها ، لأنها تلك الأشياء التي تدوم .

شعرها الأشعث وصوتها الصاخب وجنون فكرها ،

شخيره بالليل وطباعه الشرقية وتلعثم أفكاره عندما يتوتر .

لماذا يبدو الأمر للبعض أن الحب بحث عن شريك يناسب حجم حياتنا ؟ مستوانا الاجتماعي ، تأنقنا أمام الناس ؟ كفستان غالٍ وكبزة فريدة (سينييه ) نكمل بهما ذاك الزيف الذي نعيش !

لماذا لا نتحمل عفوية الآخر ؟ ونغمض عيوننا عن تلك التي خرجت منه بلا قصد تكشف جزءا فريدا منه ، لأنها أشياء لا تناسب ألوان تبرجنا اليوم !

أن تبدو غبياً أمام حبيبك لأنك كنت أنت بلا بريق كالذي يراه الغرباء طول الوقت فيك ، ليس عيباً .

أن تظل تحاول أن تكون مبهراً لهذا الحبيب فقط لتحافظ على وجوده هناك في مساحة القرب ، بالزيف والضغط على نفسك ، عيبا كبيراً .

هناك .... في النصف الآخر من الأرض ... ذاك النصف الذي أدرت له ظهرك وقررت عدم البحث فيه ... عدم النظر له حتى ... لأنه على الجهة الأخرى من حبيبك المزيف .... أزهار جذابة ... بعطور حقيقية جدا .... إن تركتها لأجل بريق اصطناعي ..... وقتها تصبح\ين غبي\ـة حقاً !

الحلم ليس أن تبقى مع تحبه بجنون ربما .... الحلم عندما تبقى مع من يصدُقك ... ومن يراك عاريا عن كل شيء ويظل مبتسما بوجهك ... ويراك بائساً وحزينا فيرسل وردات تفاؤله لـتـنـير صباحك .... ويراك ضعيفاً فيقف بحذر شديد في ظهرك ... يقيم عودك .... ويخشى أن يؤلمك الرفق ... ويراك كما أنت ... شعثاً ومتوتراً ... ويراك متردداً جداً ويبتسم .. كل شيء سيكون بخير ... يعرف اتجاهات الريح ... كي يبعث لك بعض الشذا ... ويرى أشيائك المتكسرة ... فيشاركك وجع مكتوم ... تعرفه عندما يجنّ عليك ويصرخ مكتوما في وجهك أن أفق ... لا تخسر كل الأشياء ... يدير وجهه عنك ويهم بالرحيل ... لكن لسبب ما لا تعرفه ... يبقى هنا !

إن وجدت الحلم لا تقف .... ألق أحلامك بالنهر ... وعش معه حلماً جديدا ...... تحرَّك ..... إنت مش شجرة ! 

الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

صراعات .....



القهوة وجبران الشتاء

أحيانا نصبح أضعف مما نبدو

نكون منكسرين بشدة

نحاول أن نقف كل مرة

نظن أن جهة الريح واحدة

لكنا نجد أن الريح تجيء من كل اتجاه

ليس له باب نقفله في وجه الرياح ونستريح

كريشة في مهب أعاصير متصارعة

كل منهم لا يعرف لنفسه اتجاه

كمحارب لطواحين الهواء تقف

لا تدري أي ثغر تسده أولا

كبحار على مركب بدأت الثقوب تتفتح واحد تلو الآخر 

كقطع دومينو بدأت في السقوط 

يسد ثغرا

يبدأ الآخر بالانفجار

يدور حول نفسه

يود لو يترك كل شيء

الماء الذي يلقيه خارج مركبه

والخرقات التي يسد بها أقرب الثغور إليه

والأهوال التي يضربها بعصاً من خيال

وتلك الأمواج المتلاطمة

ثم يجلس …….. ويبكي !

يبكي فقط

يصرخ أنه فشل هل استرحتم ؟

يبيع نفسه للشر

أو يظل يخرج المياه من القارب

لا شاطيء قريب

ولا استراحة ممكنة

ما إن يتوقف المطر والإعصار فيظن الأمر استقر له

حتى تهب عاصفة جديدة

المياه من الأسفل لا تستريح ولا تتوقف

القارب يميل

وهو متعب

ولا شيء يقف

ولا هو يستريح

ولا الموت خيار متاح !

الاثنين، 24 نوفمبر 2014

وتعرفين يا صفية ............. 3 ... !

أن الحب ناعم .... كالنسيم .... منعش كشذا الزهور .

أن الشمس ليست وحيدة في هذا الكون .... ترسل الدفء والود الخالص .

أنه إن طرق الحب بابك ... فافتحي له الباب باسمة ... تقفين بصحبة زهرات الزنابق في استقباله ... تقفين بنعومة الورد نقية

ترشدينه للطريق .

تعرفين يا ابنتي ....

أن الجوهر مهما استهلكه الناس وأضاعوه في قاذوراتهم لا يتلوث ولا يتغير ... يبقى جوهرا ... ويبقى الناس في حكم كل عقل وكل زمن وكل دين للحب سفهاء .

قد كنت عزمت يا ابنتي أن أخبرك بكلمات قاسية ... أن اهربي ... أن لا تفتحي له باباً ولا منفذاً .... ولكنني وجدت أني أخالف ضميري وقلبي !

وجدت أني سأضللك عن الصحيح لأجل قاذورات الخلق !

وجدت أنه .... لربما طرق بابك حبيب صادق .... لربما كان في زمنك النبلاء أكثر ... لربما في زمنك تحررت القدس

وللقدس يا صغيرتي سحر على الدنيا !

للقدس ما يعجز الكتاب عن وصفه ........ تراه عمك تميم أبدع حين قال في القدس

فالقدس نور الحب في العالم

إذا ما أطلت وجدت الصدق وجدت الحب يسكن في تلك الربوع المحيطة ... وتشرق وتشرق .. كشمس يتدرج نورها حتى يضيء الكون !

في القدس صدق ... القدس تعرف من يصدُقها ومن يكذب .... القدس تتطرد كل كذوب

القدس تنشر شذا عطرها الفواح بكل صباحات المحبة لمن قد زارها عشقا ، ومن قد جعلها قدَراً !

فإذا ما أرسلت إليك قبلات العصافير يوماً اقبليها

وإذا ما أتاك من يهيم بروح القدس عشقا

يحمل الحب كزهرات الزنابق

يحمل الحنون في كف والياسمين في الأخرى

عيون الزعتر تطل من وجهه

ورائحة البرتقال تكسوه

وبحر يافا ترك صفائه على الخدين

ووقف منتصبا كما الفرسان

فاستقبلي القدس في عينيه وابتهجي

وافتحي بالأكاليل دنياه :)

واتركي الحب يا صغيرتي يسري .... واتركي القدس تعيد خلق دنياكِ

واذكري

الجوهر يظل جوهرا .......... لا يتغير بقاذورات الآخرين ........ لا يتغير لكون المسوخ تحمله ........ لا يتغير لكون السفهاء لا يفهمون جيدا كيف تكون اللاليء والجواهر غالية ! 

الأحد، 23 نوفمبر 2014

تسمحيلي !

تعالى .... دوس هنا -----> تسمحيلي بتاني رقصة ؟

تسمحيلي ؟ 

أيتها الفراشة التي مازالت رغم بؤس أيام الأرض تدور فرحة في رقصة عشوائية حول الزهور ؟ 

أيتها الشمس ؟ 

التي تغيب بين الغيوم .... ثم تداعبنا باسمة بعدما يلفحنا البرد ؟

أيتها النجوم ؟

التي تشرق في سماء الليل تناجي كل الساهرين الناظرين إلى السماء في هيام أو ترحال أو تأمل مبهورين بنعومة ذاك النور ؟

تسمحيلي بتاني فرصة ؟

أيتها القطرات الندية من سماء الشتاء 

أن أرقص ثانية معك تحت المطر ؟

أن يصبح الأمر أولا كأول مرة ؟

أن أبدأ من جديد ؟

أن أولد بين يديك من جديد ؟

أن أصبح امرأة أخرى غير تلك العجوز الخرفة التي عايشت ؟ 

أن أخلع عن رأسي كل القناعات وكل الجنون

أن أصالح العقل مرة واحدة لعل مع العقل بعض المرح ؟ 

أن أمسك قلبي المسكين تحت شذاك أراقصه تماما كما كنا نفعل وحدنا في أيام الطفولة البعيدة !

كسيح .......... أعرف أنه كسيح ........ اسمحيلي بتاني فرصة ......... يمكن يدور ......... يمكن يلمع كما البنور تحت المطر 

يمكن يرقص 

يمكن يعرف تاني ينط يلف يميل ........ يمكن يقدر تاني يدوب مع الأوتار ....... يمكن يطلع مرة فقلبي تاني نهار ..... 

يمكن يعرف يعزف عزف بيرقص ....... غير اللي كان بيبكيه مع كل وتر عود أو كمان ....... !

اسمحيلي !

أيتها الأيام أن أشرق كما تشرقين في أنحاء الأرض عدا غرفتي !

أن أستطيع الحلم ...... بعد خيوط الكابوس الذي ألمَّ بي وكبلني ! 

الجمعة، 21 نوفمبر 2014

تبا ! ......... أنت الكبرى !

عندما كنت أخاف .... لأي سبب .... أجري لغرفة أمي ... أختبيء بحضنها !

يوم قتل محمد الدرة بحضن أبيه ... أتاني فكر مرعب تلك الليلة ........ هرعت لغرفة أمي .... وقفت بالباب ! أبو محمد لم يحمه ! عودي لغرفتك ! استدرت باكية وعدت ... وضعت وجهي في وسادتي وانخرطت في البكاء ... القهر !

سنوات مرت

مات جدي

تجاهلت موته بشدته ....... رفضته .... ثلاث سنوات من الرفض الكامل لتلك الحقيقة .......... أغمض عيني عندما يفتحون باب الغرفة الفارغة ... نائم هو كعادته على السرير ... تعودت غيابه ... لكني لم أعترف أبدا بموته !

أدركت يوما تلك الحقيقة المرة ... توالت الموجعات وحضن جدي ليس هنا ولا صوته .... بكيت بقهر ... بكيت وحدي أيضا ... لأن أمي لن تفهم ولن تصدق أني أبكي الآن فراق جدي ... وأنا التي ملأت البيت دعابة كي أمسح ذاك الحزن !

سنة .... وربما زادها أشهر .... جارتي المسكينة تمسك بيدي على فراش الموت ... تنظر بعيني مباشرة نظرة المرتعب من النهاية ... تقول بصوت ضعيف ... هموت يا سارة ... هموت ... أنا عارفة مش هقوم منها المرة دي .... متبالغيش كل مرة بتقومي ... كغريق يتشبث بيد الحياة كانت تمسك يدي ... هموت ... متسيبونيش هنا ... عجزت عن فعل شيء ! ... عجزت عن الكلام وعن الفعل ... ساعات وربما يوم ... وماتت .... ماتت ولم أبك ... كنت أدور بين ابنها وابنتها في المستشفي ... أحضن تلك وأمسح دمع ذاك ! لا أعرف مالذي يمكنني فعله سوى حضن !

أيام العزاء ... بعدها تسافر أمي ليومين ... أعجز عن النوم ... أطيافها تقتلني .... أخاف ... أدس وجهي في الفراش ... ما عاد الأمر يجدي .... أبكي بقهر جديد ... أمي ... أتسلل لغرفة أبي ... أنام بجواره .. أحتاج منه أن يلفني بذراعه .. أحتاج إلى يد الحياة كي أتشبث بها لأفهم أنها وأني هنا على نفس القارب ... بابا ممكن أمسك ايدك ؟

أصبحت أخجل من عمري ..... كوني كالصغار أحتاج إلى حضن أحدهم كي أنام وأطمئن ... لكني لم أستطع التوقف !

عندما أصبحت مخاوفي وهمومي شخصية جدا ... شخصية لدرجة أنه لا يجب إزعاج أمي بها ... كنت أختبيء بفراشي وأبكي كالصغار كثيرا ...

كنت أفكر لو أن يوما يجيء بلا أمي لمن أهرب وأدس في حضنه وجهي ؟

بدأ الأطفال يدسون وجوههم في صدري في حضني عند ركبتي ويبكون !

بدأت أدرك فجأة أني تحولت - رغما عني وعلى غفلة - إلى صف الكبار !!!!

متى كنت من الكبار ؟

جلست بجوار أمي

يزعجني شيء يذهب ويجيء في صدري

خوف .... وتردد ...

أرحت رأسي على كتفها وهي تشاهد التلفاز

همست ... ماما ... نعم ؟

وجدت أن الذي يود الخروج فقط ........ أنا خايفة !

ترددتُّ ......... سكتُّ

صرت بصف الكبار ..... ذهب خيالي لأمي الجالسة بجواري ....... إإلى من تبثين شكواكِ يا أمي ؟

لمن تذهبين ؟ من الذي تدسين وجهك بصدره وتبكين ؟ ماذا إن أغضبك أبي دون أن نعرف ؟ ماذا تفعلين وجدتي بعيدة بعيده ؟

ماذا كنت تفعلين قبلا ؟

ماذا إن صرت مكانك ؟ كنت أظن أبي يحمل الكثير عنك لكن ماذا عندما يغضبك ؟ تلك الأشياء الصغيرة التي لا نلحظها نحن لانشغالنا أو لأننا لا نعرفها من حرص سترك ؟

هل تبكين مثلي ؟ ماذا عندما أغضبك ؟ هل تشعرين أن العالم سيء جدا ليمنحك ابنة مثلي ؟

كيف تحتملين يا أمي فقط بكاؤك في الصلاة ونحن نيام !

وكيف إذا صرت كبرى أكثر وأكثر وأكثر ورحلتُ عنك بعيداً ؟

تبا !

ما عاد لنا مكان بين الصغار لكي نختبيء !

تبا !

صرت أنت الكبار !! 

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

القلب .... !

والقلب لا يعرف النصف ... لا يفهمه

لا ينبض نصف نبض ولا يرتعش نصف رعشة ، لا يعشق نصف عشق ولا يحب نصف حب .
ةإن أراد الحياة فإنه لا يتنفس بأذين واحد فقط !

القلب لا يعرف نصف الأشياء ، إما أنه ينبض أو لا ، يرتعش أو لا ، يحب أو لا !

إما أنه يصدق أو يكذب ، لا يصدُقُ نصف صدق ، ولا يكذب نصف كذبة !

لا يختلج بصراعات متضاربة الأنصاف كالعقل ، لا يعرف نصف الشك ولا نصف الحقيقة .

كل شيء لديه واضح تماما ، إما حقيقة كاملة أو شك محض مرير !
إما يقين كامل أو فرية مكتملة الأركان .

لا يؤمن نصف إيمان ، ولا يصدِّق نصف المعتقد .

لا يعرف عشرات الألوان بين الأبيض أو الأسود !

هو إما رحيم صادق ، أو كاذب محترف .

إما أبيض ناصع ، أو أسود مكتحل .

القلب متسق جداً مع ذاته ، يميل كاملاً ، أو لا يميل مطلقا !

هو لا يعرف نصف الميل ولا نصف التصديق ولا يعترف بنصف الشعور !

لا يقبل أنصاف الحلو ولا يفهم الوسط ، قد يتعايش مع تلك الأنصاف .... محبوساً ومختنقاً ، لكنه أبدا لا يطرح النصف كحل وسيط !

الاثنين، 10 نوفمبر 2014

وتعرفين يا صفية ..2 ...... !

وأنت تعرفين يا ابنتي أن العمر قصير قصير .

كم من بائس يا عزيزة يطلب الموت في أتعس لحظات الوهن ثم ما إن تتراخى قواه بفعل الأدرينالين يتمسك بتراب الأرض أملا في البقاء ولو لساعة أخرى ولو ليوم آخر .

قد يكون العمر أقصر من ضمة لكِ تتحرق شوقاً ... وقد يكون أطول مما نظن فنتلاعب بالوقت كأنه أوراق الخريف !

وكيف يا ابنتي تمر سنوات الحب والفرح كنسمات عبير صافية .... استنشقيها عن آخرها ... املأي صدرك بها كلها ،
املأي صدرك بعليل الزهر الذي يفتح أوراقه بالصباح كعيون طفل يتعرف الكون ببراءة العمر .

وتعرفين يا ابنتي .... قد أموت ... وليبق لكِ مكتوبي .... للدنيا وللغيب ... وليبق الحب سبيلك وليبق الصدق وان امتلأت الدنيا حولك كذبا وزيفاً ... وليبق الحب وليبق التسامح والعفو نسمات وردتك الفواحة .. وليبق الحب يا صغيرتي .. الحب هو ورد الدنيا من بذور الجنة .. تظنين نَــفَــسُ الصبح يأتي من البحر وحده ؟ إنما هي تنهيدات الزهر وسط قذارات العالم ! ... وليبق الحب يا صغيرتي هو غيمتك ترسلين معها بسمة صباحك فتمطر الدنيا جمالا وخيرا وحقيقة :) وليبق الحب يا صغيرتي ... لأعداءك قبل صديقاتك ... فهذا العدو لم يقرأ الحب في عينيك ولا قلبك ... أرسلي له باقة ورد بالصباح .. أمطريه بدعوة حرَّة في جوف ليل بارد ... وليبق الحب يا صغيرتي ... إن التحف عمرك ثوب اليأس .. موقدا يرسل الدفء إليك رغم الخوف .... ونوراً يحمل الأمل من جحر الشتاء الكئيب .. وغيمة تمطر الدنيا بماء طيب القطرات فكأنما غسل الصباح تكلف بسمتك العفوية ... وليبق الحب يا صغيرتي .. أول رضعاتك بالمهد وآخر زوادة في الطريق .... وليبق الحب يا صغيرتي هو شمعات الطريق ونسمات الطريق وأشجار الطريق وظلك يا صغيرة على ذاك الطريق ... نهاية الأمر ... إله جعل الحب ديناً يتبع ... وجعل الود اسما من أسماءه العليا به يرجى ...  ويبق الحب يا صغيرتي .. هو ما يرفع الصديقين درجات .. وهو ما يدخل المجرمين تلك الجنات بلا صالح عمل ! 

السبت، 8 نوفمبر 2014

وتعرفين يا صفية .... !



وأن تعرفين يا صفية القلب والعمر أن فلسطين لنا وطن نحياه ونحيا له

وسط انكسار العالم كنا نتعلم من رجالهم الصمود والكفاح والأمل !

وأن تعرفين أن زهور القدس تيجان الأميرات .. وأن القدس أميرة الأميرات وزهرة المدائن

وأن تعرفين أن كل عروس بالقدس تسير فوق الزعتر والحناء ... ويفرشون لها عناقيد العنب تخطوها

وأن أجمل لحظات عمرنا لم تأت بعد  لأننا ما زلنا يا صغيرتي خارج حدود الوطن نرسل الكلمات للقمر يبلغها عنا !

الخميس، 6 نوفمبر 2014

آمْــــنِـــه :)

تلك التي تخطف روحي وعيناي كل مرة أراها .

أحاول التذكر كيف صار الحب نهجاً بيننا ؟ ولم ؟ وكيف ؟
لكل شيء بالحياة نقطة بدء إلا الحب ! يتسلل ويتسلل وفقط تجد نفسك بالمنتصف ! متى وكيف لا تدري .... تجد نفسك تحب وفقط لا تريد شيئاً وقد لا تعطي شيئاً آخر سوى شعور خفي دفين عميق جداً بهذا الحب .

آمنة ...... منذ اللقاء ... في عينيها شيء يسحر .. يجذب من يكلمها ... حروفها المتكسرة .... الإنجليزية اللمزوجة بأصوات عجيبة ... وأشد ما يقتلني ضحكا ثقتها الشديدة بنفسها عندما تسألها شيئا وترد بقوة Yes !

تفرض رأيها ورغبتها بجنون ، بشيء يجعلك تستجيب ، لا تعرف هل تستجيب لأنها صغيرة أم لأنها آمنة أم لأنها حقا قوية !

الحضن الأول ....... تتعلق بساقي .... عندما التقينا ثانية ... تصرخ ببهجة عجيبة ... تضرب الأرض بقدميها الصغيرين كقطع الملبن .... ثم تجري نحوي وتقفز وجل ما تطاله هي ساقاي !

أحملها

تتعلق برقبتي ... تتشبث بها ... تضحك كثيرا ..... وأضحك جدا لهذا المرح .


يدها الصغيرة ... كقطعة ملبن آخرى ... ضغطت عليها قليلا فنبتت لها أصابع دقيقة ... فقط تراني ... وتؤدي طقوسها المجنونة ... صراخ مبهج .. تنادي باسمي ... تسرع نحوي ثم أقرب الأماكن ...... ساقاي وتلتصق هناك :)
ترفض وقتها السير مع أي من إخوتها ... تمسك يدي بقوة ثم تبدأ بدفعهم بعيدا معلنة أنها ستسير معي إلى وجهتها الصباحية :)

أصابعها التي لا تشغل سنتيمترات قليلة من راحة يدي ... تضغط على يدي بقوة ورفق ... دافئة هي كشمس صغيرة هربت من بين شموس الكون وصارت بجواري .

تسير بعدها بثقة وتباهٍ غير مسبوق ..... من الذي لا يقع في حب آمنه ؟

أول قبلة ....... كنت أقف بجوارها ... أعمل ومنشغلة جدا بعملي ... أتابعها وأبتسم لها ... منشغلة أنا بالحديث مع أحدهم ... تقف بجواري وكعادتها تمسك يدي ... أحاول لمس أصابعها بأنامي وأنا أقبض كفي عليها ممتنة لوجودها .... ثم وعلى حين غفلة مني تماما ........... ترفع يدي تجاه شفتيها وتطبع قبلة ليسقط قلبي !
كَــسارة ! لدي مشكلة عظيمة من تقبيل الأيدي ! مشكلة لا أفهمها أنا شخصياً .... لكنها بكل بساطة قبلت يدي ! أقرب جزء مني لقامتها المسحورة الصغيرة ... شهقت .. فاجئتني ... نظرت لها وعينيها اللتان تبتسمان دوما ... رفعت يديها وقبلتها .
Amneh Don't do this again ! ok ? و ككل الكلمات التي تتلقاها فهي تنفذ فقط ما يروقها :) لتفعلها مراراً .. لتجعلني حذرة إذ تمسك يدي !


أن يحبك بالغ ... شيء جميل ... أن يحبك طفل ... هنا يكمن سحر الدنيا ... أن يتقافز حولك ... أن يرتمي بحضنك ... أن يمسك رأسي براحتيه كما تفعل آمنه لتضع قبلتها تلك المرة على رأسي أو خدي أو جبيني أو أقرب مكان يقابلها حتى لو عيني لا يهم المهم أنها ترجّ رأسي في المقابل وهي تضحك جداً كأني لعبتها ودميتها لا العكس :) .... تلك الأشياء التي تبدو سخيفة جدا من غير الصغار .
ذاك الحب الذي لم يتبعه لوح شيكولاتة ولم تسببه عصا الحلوى ولا تجذبه لعبة صغيرة ولا شيء
ذاك الحب الذي ينشأ فجأة ويستمر ويكبر ويتنامى ويكون بريئا كالأطفال وطاهرا كقلوبهم ، ويجعلك تحاسب نفسك ألف مرة كم أهدرت من تلك البراءة !

عندما يكون يومي مبعثرا ... أتمنى لو أني أرى آمنه ... لتضحك ضحكتها المجنونة ... لتقبض على يدي بقوة ... لأشعر معها كم أن الدنيا صغيرة مقابل بسمة عيونها الصافية !

بسمارها شيء جذاب ... قبلة كفيها الصغيرة لها مذاق خاص ... آمنه كلها لها مذاق خاص ... كقطعة شيكولاتة بدأت تنطق بحروف البشر ! 

الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

خلقت القوانين لتكون مجتمعاً .......... وعندما يكون التزامها يحوِّلنا إلى آلات ! هناك وجب كسرها لتبقى إنسانيتنا التي خلقت القوانين لتحميها من الأساس ! 

بشرياً أم إنــساناً ؟

بين أن تكون بشريا ... مخلوقات من تلك المخلوقات التي تنتصب واقفة على قدمين ... تأكل وتشرب وتتناسل وتعيث فسادا في أرض الله الواسعة ، يميزها كما قالوا العقل لكنها كثيرا ما تفقد حيوانيتها في التعامل مع مثيلاتها من البشر فتقتل وتسرق وتغدر وتفعل ما كانت تعيبه على وحوش الغابة ، وما لا يفعله وحوش الغابة أيضا من انحطاط !

وأن تكون إنساناً ، ذاك الذي ( من المفترض ) كرمه الله بعقله ، أرسى له الشرائع لتهذب روحه وتروض نفسه ، وهبه الخير والشر في آن واحد ، وزاد في قلبه محبة الخير ، وجعل الجزاء في كل هذه الدنيا على قدر ترويضه لنفسه ولشرور أهواءه . وعليه يكون العمل والجزاء والمساءلة .

بين ان تكون ماكينة تسمع وتنفذ ولا تعي ، وبين أن تكون إنساناً له قيمه الخاصة وتصوراته الخاصة عن تلك الدنيا قدرية أو عبثية !

بين أن تعامل أترابك كمخلوقات لها نفس الأعضاء وتشتركون أنكم بلا ذيل ، يميز الواحد فيكم عن الآخر لونه وعرقه وسلالته وثروته وقوته ونفوذه .
وأن تعاملهم أنكم جميعاً هنا لإحداث التغيير المنتظر ، وترى التفاوت شيء طبيعي لا يميز أحدا بحسن ولا بقبح ! وإنما تظهر الأشياء بأضادها ، وإنما هي اختلافات البشر التي تجعل الحياة مليئة ببهجة التعدد !

شعرة رفيعة جدا ، شعره صغيرة ،

تجعل امرأة ترفض قرينة من نفس الدين ونفس القارة ، لأنها امرأة سوداء !!!! ........ لم تنظر لمكانة تلك السيدة اجتماعياً ، لم تنظر لكون زوجها ذو منصب لا يؤخذ إلا بسمات رفيعة ، لم تنظر لشيء إلا إلى كون البشر السود يفعلون أشياء سيئة ، ولا تريد لابنتها أن تصادق طفلة سوداء ... فقط .... لأنها سوداء !

تجعل رجلا يصرخ بوجه امرأة تطالب بحقها ، حقها في جسدها ، حقها في عدم المساس بها ، لأنها محجبة ! لا ترتدي مثلما توقع سيادته من أمثالها ! فقط لأن حجابها يدخلها فئة نبذها المجتمع !

تجعل آخر ، يقف بوجه أحدهم ليمنعه صعود الحافلة ، ويقف بوجه فتاة يمنعها شراء حاجياتها من السوق بعنف ، لأن مظهرهم يوحي أنهم من غير ذات الدين الذي ينتمي إليه سيادته !

تجعل الكثيرين ينظرون لشعوب كاملة أنهم عبيد ! لا يفقهون شيئا ، لا يحيون سوى بوجودنا ، وجودنا المتخم بالكسل والعفن والتخلف !

أن تكون بشرياً شيئا ولدت به ، كونك بلا ذيل وبرأس كبير فوقه شعر أملس أو مجعد ، بعينين في واجهة الرأس أنف أسفلهما تتبعها شفتان صغيرتان أو غليظتان ، لحية أو بدون ، لا ذنب أسفل الظهر ، تسير مستويا على قدمين ـ تعرج أو لا ليست قضية ، لك شيء أحمر في العروق ، لونك ما بين حالك السواد وشديد البياض بدرجاتهم ، يجعل من يراك أسودا يظن ان دماءك سوداء أيضا ، ومن يراك شديد البياض يعتقد أن ما يسير في عروقك لبناً ، وعلى أفضل تقدير عصير فراولة ، أشياء تجعلك في فئة البشر !

أن تعرف أن كل تلك الاختلافات لا تشكل فرقا سوى إن كنت باحثا في علم الاجتماع تدرك أن البيئة هي من يشكل الإنسان لا لون بشرته ولا طول قامته ولا ثقل وزنه وامتداد كرشه أمامه من عدمه ، أشياء تجعلك تتقدم خطوة لتصبح إنسانا .

ملحوظة :

إن كان هناك من يظن أن الذي يسري في الأبيض لبنا ، فأنا أعتقد بشدة أن ما يجب أن يسري في دماء السود ....... أطيب سوائل الشيكولاتة ........... لقبلة البشرة السوداء طعم مختلف ...... طعم لذيذ :) 

الأحد، 2 نوفمبر 2014

عيونها الخضراء الرملية ..... !

بعيون أهل الصحراء صفاء عجيب .... صفاء رائع ووضوح يسحرك ....... عيونهم كفيروزية المياة التي يغتسلون منها في سيناء ... لون الزتون يترك أثره كثيرا مشبعا بلون الصحراء في تداخل دخاني مموج رائع تتوسطه نقطة ارتكاز كَــحِـــيْـلَة :)

ينظر لها أترابها من أهالي البلاد أنها هامشية الوجود ! إما جاسوسة ، أو امرأة مقهورة ، لا تفهم مصطلحاتهم لأن أباها ينحني أمام الجدة مقبلا يدها ورأسها وربما كعب القدم ، ولأن أخاها ينحني على رأسها يقبلها ويحملها على الكتف ، ولأن مفهوم الرجولة أن لا يعلوا صوته أمام امرأة ، ولا يعلو كفه بوجه امرأة ، لا تفهم معنى المحكمة ، لأن جلسات العائلة يكون فيها قولا فصلا ، لا تخشى الرجال ، بل تحترمهم ، لأنها تعرف أن حقها مصون أكثر وأكثر لأنها امرأة !

عيونها الخضراء الرملية الرائعة ، بشرتها البيضاء المشربة بحمرة الرمان والتعريجات الخوخ ، تجعل من ملامحها شخصا أجنبياً عن تلك الدولة التي يغلب على ملامحها السواد !
ألوان الربيع بوجهها وشعرها الذهبي ، تجعل من ينظر لها سبح بحمد ربه مرتين ، لكنتها السيناوية الأصيلة تجعلها تبدو كشخص غريب بداخل عمق الوطن في العاصمة !
يفتخر جدها بالحرب ، بأنهم لقنوا الصهاينة درساً لن ينسوه ، وتتعجب لما تقصه أختها التي تدرس بالقاهرة أن الناس يظنون أهل سيناء جواسيس ! يثور الجد ، وربما في خضم ثورته طعن في شرفهم أيضا ، " يكفينا شرفا أنا كنا نقتل الخائن بيننا بأيدينا يا ابنتي قبل أن تفطن له السلطة ، كنا نطهر انفسنا بأنفسنا ، لا أحد يعرف من بالمدن " يذهب بعيداً حيث كانت الذكرى .

غير مدركة لتلك الأحاديث ، تأخذ ألعابها وتخرج لتلاقي إحداهن ، يلعبن طوال النهار بحقل الزيتون ، يتواعدن للقاء مع الآباء يوم العصير ... يقفن مسرورات بلقاء رائع آخر حيث العيد !

منذ أسابيع بدأت قذائف ترج البيت كل يوم وربما كل بضعة أيام ، تهديء الأم روع الصغار ، يقول الجد متى ننتهي ! لماذا لا يتحدث إلينا أحد ! الأب يعود مسرعا ملهوفا ... يطمأن لحال الجميع ، يصلون كي ينتهي هذا الكابوس !

شهر مر ، الأمر لا ينتهي ,,,, والصغار اعتادوا القصف .... وبات مفهوما جدا لديها حظر التجوال !

شهور .......... سنة وأكثر ........ تلك الحركات الغير اعتيادية تكون في القرى المجاورة .. تقترب كل يوم ... لكن بيت الجد حصين .

في صباح باكر ......... كان عليها أن تحمل حقيبة ظهر ....... بها كل اللعب ........ ليس هناك مكان للعب يا صغيرتي ضعي أواعيك أولا ...... أمامنا ساعات قليلة ........

هرج ومرج

الجميع في البيت يجرون ميجئة وذهابا ، بعيون قطة صغيرة تحاول جمع المشهد ، لا تفهم الأم تصرخ من هنا والأب يهرع من هناك ، كل أثاث البيت يتحول إلى سيارة نقل الأثاث ! " عبي أواعيكي عبيهن "

تجلس تبكي بين اللعب ! ............ تبكي بشدة .......... تقول لماذا يا أبي ؟ لماذا سنترك بيتنا ؟
لأن الجيش سيضربهم لأن الإرهاب كما قالوا يحتمي بأرضنا !
ولكن يا أبي لا احد في الحقل سوى أشجار الزيتون ... هل سنأخذ الأشجار معنا يا أبي ؟
الأشجار ؟ كلا يا ابنتي الجيش قام بتجريف الشجر بكيرة اليوم !
وشجرتي ؟ تلك التي أعلق بها شريطا برتقاليا لآخذ كل زيتونها ! لن اجمع زيتونها هادي السنة ؟
يغالب دمعاته : لن نجمع شيء ، عبي أواعيكي .. وخذي معك أهم شيء .. سنترك الباقي .. لا وقت لدينا ولا سيارات تحمل كل الأشياء .
هي : لكني أريد غرفتي ......... أريد الغرفة والشرفة ..... أريد كل لعباتي ...... أريد أشجارالزيتون ... الكلب ... هل سنأخذ الكلب ؟ لن نتركه أليس كذلك ؟
بنفاذ صبر وهو يجمع بعض الأغراض : لا وقت ... لاأريد أن يقصفوا البيت ونحن فيه .

تفشل في جمع كل الأشياء ... الحقيبة ضيقة ... رسماتها المعلقة على الجدران ، ألوانها المبعثرة تحت السرير وفي الأركان ، عقد الصدف الذي اشترته لها الصديقة من الإسكندرية الصيف الماضي ... ترى ما شكل الإسكندرية ؟ طوق الكلب ... هل سنأخذ الكلب ؟ الكلب صديق طفولتها ..تبكي ... تصرخ ... لاأريد الذهاب من هنا ...
مش ناقصنا غير هاي !
يتضجر الجد ......... ما يلبس أن يتضامن معها .......... يسعل كثيرا ...... يصمت .,... يغالب دمعاته ... هذا البيت بيناه في عز شبابه ، كانت زوجته حبلى بالطفل الأول ، قرر أن يوسع الدار لكل صبي دور ، سنوات ويمتليء بالأحفاد الذين يصرخون طوال اليوم ، عرس ابنه البكر ، الوحيد الذي بقي معه من أصل خمسة أبناء ، ثلاث إناث تزوجن ورحلن إلى بيوت أزواجهن ، وشاب قرر السفر لإكمال دراسته ، لا يستهويه الزيتون ولا بأس لدي أن يدرس ، ضجيج الزفاف ، الوليمة التي أقامها في صحن البيت ، بكاء أول حفيدة ، ثم حبوها ومشيها ، ثم قدماها تحملانها إلى المدرسة  ،ثم يصرّ أبوها أن تصبح هي ابنه البكر وتدخل الجامعة القريبة في المحافظة ، ثم تأتي كل يوم من الجامعة بأخبار عجيبة ، ثم تسافر إلى القاهرة وتعود بانطباعات لم تكن تصدق أنها حقيقة بين البشر مكذوبة عنهم!
ثم الحفيد الثاني ، ثم نوارة البيت الثالثة الصغير ذات العيون المختلطة ، ثم يعود لخطبة ابنته من رجل فلسطيني الأصل من رفح من الجانب الآخر ، منذ متى كانت رفح مدينتين ؟ ثم أخيه الذي يقبع على الجانب الآخر من الشريط لأن امرأته وحيدة أهلها هناك بعد استشهاد باقي أفراد العائلة !
ثم الاحتلال
ثم المخابرات التي تجثو على بيته منتصف الليل لتستجوبه إن كان مجندا لدى الجيش المصري
ثم حبسه في مكان أشبه بالقبر كي يعترف إن كان ينقل أخبارهم !

يومان في بيته يستريح
ثم الفجر يكون بسيارة رملية ، يقاد إلى التحقيق من جديد ... اللكنة قاهرية إذن مصريون هم ... يتسائلون إن كان يعمل لحساب الصهاينة ! تضييق وتضييق وتضييق ......... ثم يفرجون عنه ويعتذرون بشيء لا يشبه الاعتذار ولا يشبه العجرفة !
لذا لم يعارض سفر ابنه للخارج !
دموعه تفر ........... لا يستطيع أن يقف أمام جيش الدولة ....... ليس من الحكمة إراقة الدماء على أرض طاهر .... ليس من الحكمة ترك الأرض لمزاعم وفقط لم يتسنى لهم الفرصة حتى أن يناقشوها مع المسئولين ..... وليس من المعقول ترك دياره !

أبي ........ شهل !

يمسح دموعه ......... لا يصح أن يروه هكذا ...... بدت الدموع كأنها سيل وانجرف !

بعيونها الخضراء الرملية ....... تدور في الغرفة وتبكي .......... تجر حقيبة ملابسها ...... تجرها أمها بسرعة ....... نداءات الجيش تتعالى خارجا ....... يركبون السيارة والطفلة تصيح

تعانق كل أعمدة البيت وتصرخ ........ تعانق أشجار الزيتون بالبستان المجاور ....... ترى من بعيد الكلب يجري خلفهم يلهث ......  لا مكان للكلب ولا نملك رفاهية حمله معنا ........

بعيونها الرقراقة تترقرق الدموع وتنفجر ........ تنتحب ....... تنظر لأبيها على أمل أن يغير كلامه هذا الصباح ..... متى سنعود يا أبي ؟
لن نعود !
تنظر للوراء من جديد تجاه البيت وتبكي بحرقة
أزيز طائرة في الفضاء القريب ........  قذيفة مجنونة ....... تتهدم مقدمة البيت وساحته والبستان ...... قذيفة أخرى ... الجانب الآخر يصير ركاما ........ تصرخ البنت ........ بيتنا ......... أبي شوف بيتنا كيف صار ...... تصرخ ولا إجابة سوى دموع تقاوم الحبس وتقاوم الحرية !

وهناك تدرك الطفلة أولى معاني الوطن !