الأحد، 27 ديسمبر 2020

عباءة جدي

 اعتاد جدي رحمه الله على هذا الأمر! أن يفتح طرف العباءة وأن أتكور بداخلها، يقوم بالأمر بشكل تلقائي، وأنا آخذه كحق مكتسب، يمسك جهاز التحكم ويقلب قنوات التلفاز كلها، وأنا أشاهد وانتظر أن يستقر على قناة، قد يعجبني فيلم، أقول له "ارجع كده يا جدو" فيرد " لا ده فيلم بايخ خليني أشوف حاجة تانية"

تمر ساعات وأنا متكورة مثل قطيطة، لم ألحظ قبل اليوم أني لم أكن ألتحف العباءة فقط، بل أستند بكلي عليه،، كثيرا ما يلف ذراعه حولي ليزيد دفئي، كان يسهر معظم الوقت، وكنت أحب السهر منذ صغري، فيصفو الجو معه، نشاهد المعروض في ليالي الشتاء الباردة إلا من ونسه ومحبته الخالصة، ولا نقوم إلا وقد نفذ ما نشاهد، أو غلبه النوم، فإن أصررت على البقاء أودعني عبائته، ولفني بها جيدًا وقال بصوته القوي " متسهريش كتير الفيلم يخلص تقومي تنامي على طول واطفي التليفزيون"



ظلت رائحة جدي في أنفاسي طويلا، هذا المشهد أعاد لقلبي تلك الرائحة، لا عجب أن عقلي أنكر موته لأكثر من أربعة أعوام ... لا عجب أن عقلي أيضا ألغى الذكريات لفترة طويلة بعدما اقتنعت بموته ... لا عقلي ولا قلبي احتملا هذا الفراق!

لفترة طويلة أجنب قلبي الصدمة، عقلي يعرف أنه مات ولكن قلبي لا يحتمل، لا أدخل غرفته العبقة بعطره، ولا أسأل عنه، كثيرًا ما كنت أنسى أنه مات، يراودني السؤال، ثم في لحظة النطق به أمنعه، يقول عقلي في ذهول حقيقي "هل تسألين حقًا؟ هل أنت مستعدة لسماع الإجابة؟"
ألهي نفسي، أسليها بأمور كثيرة حدثت بعد موته، فراقه فكرة مرعبة، أن تفقد كل السند وكل الحب وكل الدعم وكلَّ كلِّ شيء دفعة واحدة فكرة مرعبة بحق .....
أراه في منامات كثيرة، كأنه كان غائبا عن البيت ثم عاد، أهرع إليه وأرتمي في حضنه وأبكي بقهر، أخفوك عني مثلما يخفون عني كل جميل!!! لماذا استسلمت لهم؟ لماذا سمحت لهم أن يخفوك عني؟ لماذا قالوا لي أنك مت!
أحلام كهذا تراودني، حضن يكفيني لفترة، بكاء مرير لم أتخلص منه في الواقع، شكوى، اشتياق، بدأت أوقن أنه مات، وأنه لن يعود، فاحتال عقلي حيلة أخرى وهي الرضا بالموجود، فانتبه أكثر لدراستي، وصار عقلبي يدفعني أكثر نحو القراءة التي أجد فيها سلواي، لكن لا شيء حقق لي دفء عباءة جدي، وهذا الأمان، والسكون لسنوات تالية ....
رغم أني عايشت السكون مرة أخرى، رغم أني لأوقات طويلة نسيت فاجعة جدي حتى كبرت كفاية أن يعاب على مثلي رثاء جدها، وكأني ألزمت عقلي لجاما جديدا، "اكبري ... انضجي"
الفقد مرعب ... مؤلم .. عسير .. يجربه المرء مرة فيفقد اتزانه، وأنا اختبرته مرتين، ما إن قبلت الفقد الأول وتعايشت معه، حتى ذقت لوعة الثاني، فقدت اتزاني، قرابة الخمس سنوات الآن، لا أعرف متى يمسك عقلي زمام الأمور وينقذني من التيه، لكني أعرف صدقًا أن عباءة جدي رغم خشونة الصوف كانت الأرق والأرأف بحالي، وأنها كانت أكثر الأماكن دفئا على وجه البسيطة، وأنها كانت الأمان، وأنه صوته على البعد كان كل السند وكل الحب، وأني الآن يجب أن أقف وحدي، وأن أتمتع بشيء من الحب من نفسي لنفسي، لتلك الطفلة المذعورة التي لم تبكٍ كفاية، ولم تفزع كما يجب، ولم تهرب بأقصى سرعة، ولم تصرخ بأعلى صوت، ولم تتكور في جنب الأرض ترتجف من الخوف، ولكنها ربطت قلبها لسنوات وهي مراهقة حتى انفجر وهي شابة، وما إن لملمت أشلاءه حتى اصطدم ثانية، ربطته لشهور وانفجر لسنوات، وأظهر كل الفزع، وكل الرعب، وارتجف حتى كاد يتوقف، وبكى حتى جفت مدامعه ولم يجف نزفه، وقضت من شابة إلى امرأة في محاولات للوعي، محاولات لشق النَّفَس بين أكوام الألم وجبال من الثقل تقف على قلبها وعقلها، أمنح تلك الطفلة الفرصة للبكاء من جديد، والفزع، والخوف، والنهم، والالتصاق بالأرض بلا حراك، ومراقبة السقف بلا كلمة، والشعور بالفناء، وتخطي كل هذا على مهل!

كل مُـــرّ سَـيَمُـرّ!

الغربة والوطن وأشياء أخرى!

 بالأمس ... طلبت مني صديقة كتاب باللغة العربية، هي تعرف القراءة والكتابة، تتحدث بالفصحى ولغتها إلى حد كبير سليمة بل وجيدة أيضًا .. حركتني تجاه متجر الكتب .. لم أخطُ تلك الأماكن منذ زمن!

في هذا المكان تحديدا، التابع لدار نشر أعدها من مفضلاتي لأنها تنشر مفضلاتي، وقفت أنتقي لها رواية، أقارن بين الروايات، أسأل المرشد هناك، تأخذني قدماي كالعادة تجاه الأستاذ نجيب، أقف في كل مرة منبهرة أمام الكتب، ألمس الروايات التي قرأتها من قبل وكأني ألقي التحية على الحاضرين من أبطالها، أود لو أعانقهم بشدة، لو أشكرهم فردًا فردًا على تلك المتعة والجمال، أربت على غلاف الرواية وأبتسم، أقول للأستاذ نجيب في تربيتي عليها لقد قرأتها وأعجبتني ونلت شرف فهمها وتذوقها!

أخذتني روايات الأستاذ التي لم أقرأها، تمتد يدي بحركة لا إرادية تجاه الكتب، أحب الكتب وتحبني الكتب، يناديني الكتاب تلو الآخر لا تعودي لبيتك بدوني! 

لفترة طويلة سابقة انقطعت عن كل شيء، عن الحياة، عن الكتب، عن الألوان، عن الناس، عني ... عن كل أسباب العيش ... 
كنت أتيه في نفسي ولا أعرف من أنا وماذا أحب، الفقد مرير، وأكثره مرارة عندما تفقد روحك، وعندما تصفعك الصدمات فيصيبك شلل من شدة الألم، شيء أشبه بالخدر، لا تستقم لك حياة كالتي قبل الصدمة من جديد!

أشتري الكتب بشكل آلي، عادة أفعلها لسنوات، ولا أقرأها، أدور في مكتبة كبيرة، الكتب تستفزني، ولكني أعرف أني لم أعد أقرأ أي شيء، أمد يدي نحو الكتاب، أقرأ بضعة أسطر، أضعه في سكون، أبتسم ابتسامة المقهور، أود لو أمسك الكتاب بقوة كما اعتدت أن أفعل، أن أنجز القراءة في أسبوع او اثنين، أن أقرا وألخص الكتاب، أن أعيد قراءة سطور بعينها أو فصول محددة ..
لكني لم أكن أنا ...

بالأمس شعرت بالجوع، مأدبة شهية من الكتب، رصة رائعة لكتابات الأستاذ نجيب تستفزني، أمد يدي للرواية، يقول لي المرشد لغتها ليست بتلك السهولة، أقول له لكن القصة تجذبني، ألتقط الأخرى فالأخرى، أقول له سأقرأهم أنا وأشتري لها شيئا آخر!

صديقتي متحمسة للقراءة جدا، وأنا راسلتها بقولي: أنت تعيدينني للقراءة من جديد!

منذ شهور طويلة وسنوات، فقدت نفسي وسط كل هذا الزخم، نسيت من أنا وكيف أبدو، سألت صديقة لي كيف كنت؟ لكنها أخطأت الفهم فأجابت بأشياء لا تمت بصلة!
أصابتني خيبة أمل كبيرة، في صديقتي وفي نفسي كالعادة!

كنت أتساءل أسئلة بسيطة جدا، مثل: ما هو لوني المفضل؟
ما حيواني المفضل؟
ما أيقونتي المفضلة؟
من هو الشاعر الذي أحبه؟
وما هي الأغنية التي تجذبني؟
وأي لون من الموسيقى أعشق؟

الموسيقى صديق حميم، صحيح أصابها العبث الذي أصاب أفكاري وصورتي عن كل شيء، لكني بقيت أختار أغنيات موسيقى الجاز في المفضلة، ومازالت موسيقى الجاز هي مفضلتي!

بالأمس .... الأشياء الجميلة تحدث بالأمس .... في الليلة الأخيرة بين الوطن والغربة ... في الوصلة بين هنا وهناك ...
وجدت سلسالا على شكل فراشة .... جذبني بشدة ... رغم أنه جذبني آخر وآخر وآخر ... لكني وقفت عند الفراشة، عندما وضعته على صدري وكأن شيئا جميلا أضاءه ... الفراشة تشبه صدري .. تشبه بشرتي وجلدي ... تشبهني أكثر ... الفراشة كانت ولا زالت مفضلتي ... قلت للبائع كلهم رائعين .. لكن الفراشة تشبهني أكثر

أسير سعيدة بانتصاراتي الطفولية الحمقاء ... فنجان قهوة من "عبدالمعبود" (مظبوط) حافظت على (الوش) من الذوبان وارتشفت منه رشفتين بلذته الكريمية السماوية الجميلة، القهوة لم تزرع في الأرض القهوة أنزلت من النعيم!
أبتسم لنفسي ... أضحك ... أشعر بسعادة غامرة أني وصلت إلى السيارة ولم أسكب القهوة ولم ينفذ صبري بسهولة
أنفذ وصية أخي ... أفتح النافذة ... أدير الموسيقى ... أسير و (زقزوقة) على مهل وتؤدة ... الهواء البارد يلفح وجهي وقلبي ... القهوة تمنحني ما كنت أفتقده ... الأمس ... الأمس الذي يشبهني ... وتحضرني لليوم الذي أكتشفه ... ذات الطعم الذي كان يقدمه لي أبي وأنا طفلة في بداية معرفتي بالقهوة!

أشتاق الغربة ... أقول أني أنتقل من وطن إلى وطن

من بيتي إلى بيتي

أسير وسط صخب الناس وزحامهم وذهولهم بتلك الحياة الذي تفضحه خطواتهم المضطربة على ثباتها، أقول الحمدلله بقلب شاكر ... أسكن لفكرة الرحيل .. اشتقت البيت ... أقول لمولاي لعل هناك مكان يركن فيه قلبي أكثر ... أعرف أني أبحث عن الوطن ويبحث عني، أعرف اليوم أن للإنسان أكثر من وطن، وأن وطن الميلاد كالأم لا نختارها ولا نكمل معها، ووطن العيش كالحبيبة ... وأنا أبحث عن نفسي وعن حبيبي ... أطمئن للمدينة التي أسكنها .. أحبها ... وأشتاق إليها ... أعدها في كل مرة أسير فيها أني ان ابتعدت سأعود ... لكني مازلت لا أعرف أين وطن العيش !

الغربة غربة الروح لا الأماكن، ولا الأوطان!

الخميس، 10 ديسمبر 2020

عندما نستوطن ..

عجيب أمر الإنسان يستوطن اليوم ما كان بالأمس القريب غربة ووحشة، يعتاد الوحدة وتصبح أحب إليه من الصخب والأضواء والزحام والأشياء اللامعة، يأنس بالصمت، ويحادث الهدوء، ويسمع من النسيم أصواتًا وحكايا، وتصبح الموسيقى كعادتها الوليف الأكثر ألفة، والصديق الأخف روحًا!

في خطواتي الليلية، أخرج من بيتي الصغير البعيد عن كندا، بعد منتصف الليل بقليل، أتنسم الهواء العليل، أضم سترتي، وأجرّ السحَّاب ليلملم عظيماتي وأحشائي، ويمنحني بعض الاستعداد للسعات البرد الشتوية المحببة، أبدأ المسير، وصوت الست أم كلثوم يرن في أذني ليذهب مباشرة لقلبي يهدهده كأم حنون، تعيد على مسامعي وصفولي الصبر، وتشرق في نهاية الأغنية ب وهل الفجر بعد الهجر، يرتفع الطريق بي إلى تبة متوسطة الارتفاع، بديع ما يفعله الإنسان أحيانًا حينما يتماشي مع سلوك الطبيعة ولا يعانده، السير في مرتفع عكس الجاذبية يذكرك بسلوك المقاومة الذي صار جزءًا لا يتجزأ من روحك، في السابق كنت لألعن اللحظة التي قررت فيها السير ليلًا، كنت لأتراجع، كنت لأغش في عدد الخطوات، كنت لأبكي أحزاني جميعًا وأسترجع كل العثرات فقط لإنني سأخطو عدة أمتارٍ في عكس اتجاه الجاذبية، لكني اليوم امرأة أخرى، أسعد بتلك الخطوات التي تشد عزم ساقي الضعيفين، وأشجع تلك الصغيرة بداخلي على المضي، وتنظر المرأة التي أكتشفها فيّ إلى السماء والنجوم وتنعم بالنسيم، والشابة المرحة تتلفت حولها تسترق الأنوار، وتلك الانطوائية تنطلق مثل الفراشة، وتلك الحازمة تتخذ القرار بهدوء تجاه المضي، الجميع بداخل راضٍ عن تلك الخطوات المرتفعة، الجميع بداخل متعاون وسعيد، كل يركض وراء أمرٍ مشوّقٍ لطيف وجميل، مازالت عبلة كامل حياتي تستمع في ركن بعيد إلى أم كلثوم، تصبح تلك العجوز ظلا واهنًا جدًا كوهن الذكرى التي تستدعيها الأغنيات، تبتسم المرأة التي أعرفها اليوم عن نفسي ولا تندم لحماقات الأمس، تتذكر جملة من الأغنية (يامسهرني) عندما أرسلتها تلك الانطوائية الساذجة لأكثر رجل أحبته في العالم تمازحه بها على خجل ومهل! أذكر هذا اليوم، أذكر ثورته فيها، أذكر فزعها الذي لم أعهده في نفسي، أذكر أنها بكت فجأة لأنها لأول مرة تشعر أن أملها لم يعد يفهمها، أذكر كيف تولت المرأة الحكيمة الزمام في هذا اليوم، أذكر أن الفتاة الانطوائية بداخلي أرضت نفسها بكلماته بنهاية اليوم التي كانت "بلا طعمة" لكن الشابة التي تحاول اقتناص الفرح كانت تضخم كل الكلم المعسول!

نكون غرباء جدًا، ليس فقط في العالم، وليس فقط على الأرض، وليس فقط تجاه الحدود، ولكن بدواخل أنفسنا، حينما لا يصبح "ما يجب علينا فعله" شبيها لـ "ما نود فعله حقًا"، وحينما يتملكنا الخوف، فيتولى غيرنا زمام الأمور! 

أتعجب حينما نخرج من أوطاننا، نستوطن الظلام، ويتوطن العفن والخوف والبرد، ونعتاد الوحشة والخوف، ونعتاد الموت الذي يشبه الحياة، ونظن أننا بألفة الأشياء نجونا، أو بالغربة عن المألوف سنهلك، ثم من حيث لا ندري نستوطن أمورًا جديدة، ونستوطن الشطآن المريحة، ونسبح في المياة الصافية، ونعرف الشمس، ونتذوق حلاوة القمر، ونراقب النجوم كل ليلة في شغف، حتى أننا نشتاق لأرض لم تكن يومًا بلادنا، ونألف السماء وتألفنا، وتشعل لنا كل ليلة نجمًا تواقًا لكل الحب الذي نمنحه بمراقبته على طول الطريق!

تلك المرأة الطيبة التي تسكنني كانت مرتاحة الليلة، رغم كل اضطرابات النوم التي لم تختفي، ورغم كل الفزع الذي يقض مضجعها ومضجعي كل ليلة وحتى لو حاولت النوم ساعات النهار، ورغم الوحدة الحميمة، ورغم الغربة التي لم تعد غربة، ورغم الليل الذي صار أليفًا وليفًا، كانت تسير مع الجماعة، كان الجميع في قلبي يهنأ ... بالنجوم ... بالنسمات ... بصوت الست ... بعتاب الصبر الذي له حدود .... بتحدي الجاذبية الطفولي .... بجسمي الذي صار صديقي ... رغم اضطرابات الأكل والنهم ... رغم زيادة الوزن المقلقة ... رغم هبّات الحساسية التي لا تحمل تفسيرًا طبيًا منطقيًا .... رغم الاختناق الذي يصيبه في عز النوم فيقتل الدقائق التي يغفل فيها بحق .... لكنه سعيد وراض عني ... وأنا أحبه وراضية عنه ... ومسيراتي الليلية تمنحني الجميل والجميل لأعده .. ولأحتمل الحياة قليلًا أكثر وسط البشر !

الاثنين، 30 نوفمبر 2020

Dear Santa!

 Yes, I started as dear Santa, but for some reason, I will write my wishes in Arabic. Isn't it true that you read all the languages and even the ugly handwriting? I will make it easier for you, no ugly handwriting here, only Arabic!


 عزيزي ساتنا: عندي أمنيات كثيرة ... لكني لا أستطيع صياغتها كالعادة، ليس في وقت الحدث المهم، هل تعلم سانتا أنني رأيت لأكثر من مرة شهابا في السماء؟ أردت أن أتمنى أمنية، تقافزت جذلا بجمال الشهاب وصفاء السماء، قلت (للا أحد) هل رأيت الشهاب؟ إنه ... يا إلهي انظر إنه شهاب آخر الآن! يا إلهي لما أقل أي أمنية! يا إلهي السماء جميلة ... ولكن كما تعرف اللا أحد لا يرد لإنه غير موجود! أحمد الله أن أمورًا مثل هذه تحدث لي في ساعات الليل، في مكان فضاء ليس فيه أحد غيري ولا عابر سبيل قد يرى اندهاشي الطفولي فيسخر مني، أو يتحرش بسعادتي!

منذ زمن طويل لا أمنيات حقيقية، كقائمة، وطويلة عندي، أفزع من الليل فأنظر لسقف الغرفة وأقول يارب: أريد كذا أو احميني من كذا أو جنبني كذا! في مرات أنظر عبر النافذة وأنا ملقاة على السرير في وضع حلزوني يحاول التقاط تراب جنية النوم لأنام، أيأس، أقول: يارب أنام، شوية نوم يارب!


لكني هذا العام المجيد، أشعر بأجواء العيد، أشعر بالفرحة لميلاد المسيح، أشعر بالسعادة لرؤية المتاجر تعرض مخبوزات الزنجبيل المزينة بشجرة الميلاد، أنوي شراء كوب جديد عليه صورتك عزيزي سانتا لإن أحدهم (أنا طبعا) أضاع الكوب الذي اشتريته لك العام الماضي، لا بأس لا بأس ... مازال عندي كوب عليه غزال الرنة ... أعتقد لدينا فرصة للاحتفال على أية حال!


هذا العام، سوف أنظم أمنيات كثيرة، مشعثة وغير مترابطة، سوف أهدي الكثير والكثير من الأمنيات لصديقاتي، صدقًا عندي أمنيات لنفسي، وهدايا كثيرة، أريد الكثير من الأموال وسأتولى زمام الأمور كما تعلم، لكني لا أعرف هدية معينة يمكن تغليفها بصندوق بني مزين بأوراق الزينة الحمراء وعليه قصاصات خضراء وذهبية! هل يمكن أن تضع لي بعض الهدوء وسكينة القلب في صندوق؟ بعض السلام في كيس ألعاب؟ هل يمكن أن تأتي وأنا مستيقظة وتمنحني حضنًا دافئًا يحمل قلبي شهور الشتاء؟ أمنياتي لا تصلح لأوراقك اللامعة الملونة الجميلة، وصناديق الهدايا، ولكني سوف أنحيها جانبًا إن استطعت أن تهدي صديقات مثل هذا الحب الذي أطلبه لنفسي!


أعتقد أن خديجة الصغيرة النابهة الجميلة ستحب أن تحصل على جرو ذهبي في العيد، وأعتقد أن نهال ستفرح جدًا بشال صوفي عليه نمنمات ملونة كألوان الربيع كي يشعر قلبها بالدفء! وأعتقد أن نجلا سوف تطلب حبوبًا جديدة من القهوة لهذا العام أيضا، وأعتقد أن الشيماء ستحب أريكة مريحة وأطباق من الحلوى والطعام، وصحبة طيبة تمضي معها عشية العيد، وتجعل من كل عشية ليلة عيد، أعتقد أن ريم ستود لو تحصل على دراجة بخارية تسافر بها وحدها حتى تلمس آخر الدنيا وتعود سعيدة بهذا الاكتشاف، وأعتقد أن أخي يريد محفظة جديدة بحجم متوسط وجودة عالية، وأعتقد أن يسرا تريد آلة الزمن لا شيء يسعنا فعله لها حاليا! وأعتقد أن مكمك سيفرح جدًا بالمزيد من أدوات البناء أو الألغاز، وأعتقد أن لا أحد يجرؤ أن يقرر لخديجة بنت عمرو، خديجة ستقرر لي ولك وللجميع يمكنها أن تنحيك وتستقل هي بالمهمة كلها!


أعتقد أن كل أطفال هذا العالم يستحقون قطعة الحلوى عزيزي سانتا، وأعتقد أن كل كبار هذا العالم يتمنون قطعة الحلوى ولكنهم يخلجون من شواربهم وأثدائهن أن يطلبوها! وأعتقد أن هذا هو السبب الوحيد الذي يجعل الكبار يفسدون فرحة العيد على الصغار ويرددون جملا سخيفة مثل .... سانتا غير حقيقي وغير موجود ... إنها الغيرة عزيزي سانتا!


سوف أنتظرك .... سوف أنتظر قطعة الحلوى .... وسوف أصنع لك كوبا من السحلب، أنت لا تعرفه، معروف في بلادنا، أبيض كالحليب، به الكثير من المكسرات، دافيء وطيب ولذيذ جدا! 

السبت، 14 نوفمبر 2020

هل يصلح الوقت الأشياء حقًا؟

منذ زمن بعيد تعرفت على شاب، أكبر مني سنًّا، أحبه كثيرًا رغم أننا لم نلتقِ مرة واحدة، بين كل عام وعام قد نتحدث مرة، قد يمر عامين أو ثلاثة بلا حديث، ثم نتهاتف فنفرغ جعبتنا المليئة عن آخرها!

يا الله، أعتقد أننا بلغنا العشر سنوات ربما أقل قليلا، حقًا لا أذكرّ

لكنه كان بمثابة الأخ الأكبر لي، صديق مخلص وناصح أمين، هل تعرف أولئك الذين يهدونك عصارة قلوبهم بهدوء وصفاء ورضا؟ إنه من هؤلاء، يقرأ روحك على البعد، تقول له الكلمات المتلعثمة والمختلطة، أتعثر بأفكاري وأسقط وأقوم ألف مرة في جملة واحدة لم تكتمل، لكنه يسمع ويبتسم! على الجانب الآخر يبتسم،، أقول له : هل تفهم قصدي يا مينا؟ يقول: تماما يا عزيزتي..تماما!
في مكالمة طويلة، امتدت لساعات طويلة أيضا، قال لي: وجدتها، وجدت ما كنت أبحث عنه، أقول له أني وجدت قلبي التائه، ووجدت وليف روحي الذي أهدأ فقط لكونه هنا، هل تعرف كيف تسكن روح حائرة في سجن الضلوع يا مينا بعدما كان الموت خلاصها الوحيد؟ يبتسم: هو كذلك يا عزيزتي، هو كذلك، سكون وسكينة وهدوء ... أبادره: هل تذكر طواف أصحاب المولوية؟ يهزّ رأسه، يضحك ضحكته الرزينة الجميلة المحببة، أقول له: إني تائهة في كلماتي ووصفي، يدركني: أفهم تمامًا ما تشعرين به وما يدور بقبلبك يا عزيزتي! أفهمه جدًا، يصيب الداخل، الباطن، كلمات الروح التي لا يفهمها إلا من ذاقها، من ذاق عرف يا عزيزتي من ذاق عرف!

قلبه صوفي، هكذا أراه، عقله حر، هكذا يرى نفسه! 

يحكي عنها، كيف أنها تأسر روحه تماما، أقول له: أشعر أني التقيته في الغيب يا مينا، كأنني كنت أعرفه قبل أو أوجد هنا! يقول لي: في سكون الروح بجانبها طعم جميل، كأنه حلم، لا أريد منه أن أفيق!

ماذا هناك يا عراقي؟ .. أمازحه

يحكي كيف أنه غارق، يسبح، يجول كالمسيح الأرض والسماء، أنه وجد ضالته المنشودة أخيرًا وقد كان شبه مضرب عن الزواج!

كيف أنها "كل شيء" يخالف مجتمعه ويعارضه، كيف أنا مثلا على غير ديانته، وغير طبقته الاجتماعية، كيف أنها تعول أطفالًا، كيف أنها مطلقة وربما كانت أكبر سنًا قليلا، كيف أنه لا يرى ولم ير سواها بالنهاية، كيف أنها يسبحان في ملكوت خاص!

هو مسيحي النشأة، مع أفكار عقدية متحررة، يميل إلى اللادينية، يؤمن بالكل ولا يعتقد في أحد بعينه، يفر من القيود فراره من النار، يعارض الكنيسة ولا يكره شعبها، سوف يأتي معك احتفال ديني إن كان له روح توافق روحه، ولن يذهب لأبعد من هذا، ولن يجتنب التبسم في وجهك حتى إن سمعك تلعن أسلافه بأذنيه!

وهي، كما يصفها، امرأة حرة مع تحفظ شديد، روحها صوفية طوافة، تود لو تفر معه لآخر العالم، لكن روحها في ولديها معلقة، تقول له لن يسمحوا لنا بالزواج وأنت على دينك، كان ليغير دينه لأجلها، كان ليقف أمام مجتمعه المحافظ الأرثوذكسي لأجلها، كان سيدع كل شيء يدور حولها ويتمحور، هذا العنيد الحكيم الرزين الطيب، كان يهرب من الزواج حتى وجدها، ووجدته!


في تفاصيل كثيرة، في معركة أخيرة، تخلت هي بشكل أو بآخر، وكان هو على أعتاب وحدة موحشة، كانت تنسحب من المعركة التي كانت خسائر كل منهما فيها جوهرية، خسائر حقيقية موجعة، قد تخسر أطفالها للأبد، قد يخسر عائلته للأبد، قد تخسر حياتها وتعيش اضطهاد من أهلها إن علموا بتغييره لدينه، قد يخسر روحه لتغيير دينه في مجتمع قاس لا يعرف الرحمة، ولا يعترف بالحب ولا بالتغيير ولا بأن الجورب اليمين يجب أن يلبس في اليمين حتى لو قرر الناس جميعا أن يلبسوه في أيديهم اليسرى! مجتمع لا يعرف الصحيح حتى يصح، لكنه يسير بعوار كامل ويتنمر على الأصحاء كأنهم هم العوج والعور والعوز!


تمر الأيام، ويقابل فتاة أخرى، معادلة أسهل كثيرًا من التي قبلها، يفاجئني بأنه يفكر في الزواج بها!

يفاجئني أكثر بغزلياته لها!

تفاجني ضحكته في كل صورة تجمعهما!


شابة عنيدة، شقية، ضحكتها عريضة، ملامحها تبدو صغيرة ولطيفة وبريئة لشخصية قوية ومصرة ومتحدة!

أراه، أتذكر أحاديثنا المطولة، أتذكر جنوني وأفكاري، وتلك الكلمات المبعثرة والمتداخلة التي كان وحده يفهمها، من ذاق عرف، وإن المصائب يجمعن المصابينا، وإن ما أصابني في مقتل أصابه في قلبه!

هل محظوظ أن هناك من يملأ تلك الهوة؟

هل يندم بين حين وآخر أنه رحل!

قال لي: إنه استنفذ كل الحلول، وقدم كل العروض الممكنة والغير ممكنة!

يقول لي دوما: أنه حقا سعيد، ولم يكن يعرف أنه سيكون بمثل تلك السعادة، يقول سأقولها لك بلغتك يا عزيزتي: الله لطيف وله تدبير..

هل أصلح الوقت ما بقلبه الندي؟ اللكمة التي تلقاها فؤاده؟ الصدمة التي شربها عقله بمرارة الرضا؟ هل يصلح الوقت الأشياء حقا؟

بين كل ما كنت أشعر به

بين كل ما أراه حولي

بين ما أريد

وما كنت أتمنى

بيني هنا وأنا في الماضي

بين كل ما حدث ويحدث

أضيع كثيرا

أشعر بالفراغ، بالهوة، بالهاوية، بالخوف

لا أفتقد، ولا أشتاق، ولا أحلم، ولا أنام، ولا أقلق، ولا أرتاح!

شيء بلا شعور

لكني، كنت ومازلت، في كل وقت، أريد البكاء..

هل كان كل ما مر كابوس أو سراب؟

هل كل ما شعرت به ورأيت كان وهم؟ لعبة عقلية؟

كيف شكل الحلم؟ كيف يكون؟ ماذا أريد!

كثيرا ما أتمنى الموت، أقول لنفسي في لحظات الوعي انتبهي لأمنياتك، وفي أحلامي أفقد من أحب، كل يوم يموت شخص من جديد، استيقظت اليوم وأنا أحمل أمي ميتة بين يدين، وأنا أصرخ وأقول لها لا، متموتيش دلوقتي، متموتيش والنبي!

يقول لي أخي: ما شكل الحلم الذي تحلمين؟

لا أعرف

ما شكل وظيفتك؟

لا أعرف

ما شكل حبيبك؟

طويل؟ قصير؟ أبيض، أسمر، أشقر؟

لا أعرف

فكري

ليس عندي أفكار، أريد الخروج من هنا

إلى أين؟

إلى اللاشيء، لا أعرف أين، إلى مكان لا أحد فيه ولا أشعر فيه بالوحشة

هل تعرف؟ أريد أن أنام ... أريد النوم بشدة!

الاثنين، 21 سبتمبر 2020

حد يسيب قلبه وراه؟

 دائما يدور في قلبي سؤال، من الذي يترك قلبه خلفه ويمضي وكأن شيئًا لا يعتمل في قلبه بالمحبة والود والشوق العميق!


أقول لنفسي مجنون! 

ثم أقف بذات الموقف، أسير بعينين مندهشتين إلى مصير لا أعرفه جيدًا لكني على يقين أني أريد أن أفر من مكاني هذا إلى مكان آخر، لا أعرف وجهته، ولا أعرف حقيقته، ولا أعرف كيف يكون قلبي به! لكني كنت أصلي، كنت أقول لربي أني تعبت ... قلبي تعب!


أسير بخطى واسعة وثابتة، في ذاك الطريق الذي لا أدرك أنه يترك قلبي خلفه إذ أقصد مسلكه! 

بشئ كبير من المشيئة تنتهي حياتي هناك لتبدأ هنا، أسير إلى قلبي وجلة، أقول لا أعرف يا قلبي أنت هنا وأنا هناك!

أسير إلى بيت المشيرة، أقف على عتبتها، كطفلة صغير مع لعبة جديدة، أو مع فستان بورقه المفضض المزركش، لا تعرف هل تسعد بالفستان أم تحزن لإنه ليس العيد، وليس فرحة العيد، وليس مكان العيد، ولا عيد بلا حبيب! أقول لها يا أمي هاك! باركي سيري ومسيرتي!

أخرج... قلبي مرتبك، لا شعور غالب، أنظر إليها بشوق حاضر.. أكمل زيارتي لأحبابي.. أسير إلى بلد آخر أو بالأحرى أطير، ماذا يحدث؟ لا أعرف!


في أول زيارة بعد فرقة ..... في شوارع الغربة، في البعد أقول لنفسي، مجنونة أنت؟ حد يمشي ويسيب قلبه وراه؟

حد يمشي ويسيب قلبه وراه؟

قلبي فيك ... ظله في صدري وحقيقته عندك ..... لإنه يا أمي" مفيش محب إلا انكرم ولا ينظلم ولا ينحرم!"


في كل شوق وشوقي دائم، أسأل ذات السؤال ..... حد يمشي ويسيب قلبه وراه؟

الاثنين، 3 أغسطس 2020

خاطرة


" كتب صديق "على الأرجح أن محاولات اقترابنا من الاشخاص الذين نحبهم حبا صادقا لا تفشل إلا إذا قررنا نحن ذلك 


ولكن .... ! 

على الأرجح أنا نخاف! نخاف من الرفض، من الوهم، نخاف من الفقد والبعد، نخاف من الحلم الذي قد يتحول لكابوس، نخاف من الزبادي الذي احترقنا من نفس كأسه مرارًا حينما كان يحوي المرق الملتهب، نخاف يا صديقي كثيرًا، نود أن نقترب، نلقي كلمة، بسمة، همسة خافتة جدًا تكاد لا تسمع، ثم نقضي الليالي عبثًا في لوم أنفسنا، لا القرب يجدي، ولا البعد يجدي، وكل الأشياء الجميلة الناعمة تصير مخيفة جدًا في الليل!

نظن القرب يثبت خفقان القرب المضطرب والمرتعد لوتيرة وحيدة متناسقة، لا ترتفع فجأة فتخطف منك أنفس الحياة، بل تمنحك لحن الحب، نقترب، ويصير مرور اللعاب من البلعوم أصعب من مرور الخيط في يد نبيل الحلفاوي من إصبع العسلية! حقًا لا أمزح، هل تذكر ذات المشهد بكل اضطرابه وعرقه المنهمر على وجه الضابط المرتعد؟ نصير كذلك! هل تبدأ بمساء الخير؟ هل تسكت؟ هل تنظر لصورة أحدهم وتقول لو؟ تضع كل الفرضيات، تود لو تصح خطوتك، تقترب، ثم تتظاهر بالعبثية، تتظاهر بأنك لا تقترب، بأنك قريب للجميع، بأن ما يحدث محض أي شيء، غير اقتراب!

رغم أن تلك الكلمات المتفرقة المرتعشة، تلك الكلمات العبثية جدًا في ظاهرها والخائفة تمامًا من العبث، توازن خفقان قلبك المرتعش، وتسير بنبضاته لخط متراقص بسيط، وتشعرك بسكون يهدأ مع بسمة أو طرفة متبادلة، تود لو ينكشف ما بقلبك، لكنك ترتعب من أن ينكشف ما بقلبك!

تعود صفر اليدين، بلا خف لحنين، بلا نعل وبلا قدم، تقول في الليل الساكن الموحش الوحيد، هل تعمل المعجزات في أزماننا؟ تود لو أنها تعمل، بدعوة صادقة، أو بتعويذة متقنة، لا تعرف بأي شيء تعمل، المهم أن تعمل، لو أن لك مع الجنيات الطيبات سبيل! أو لك مع صاحب الوصل طريق! أي حجة تجعل المعجزة تعمل ...... يا ليتها تعمل!


الأحد، 5 يوليو 2020

الفزع

أستيقظ بعد منتصف الليل بساعتين تقريبًا فزعة!

قلبي ينبض

أتأمل الغرفة وأسأل أين أنا؟ ثم فجأة ومن العدم يأتي سؤال مرعب لعقلي .... هل خلقني الله؟ متى!

لا أفهم السؤال .... لا أفهم أين أنا ..... هل أنا ميتة؟ .... هذه غرفة النوم أنت تعرفينها .... هذا أخوك أنت تعرفينه .... كنت تحلمين ربما! 

متى تسلل النوم لعيني كي أحلم؟ لقد دخلت فراشي بعد تجاوز الوقت منتصف الليل بما يقارب الساعة!

أجبر نفسي على النوم

أعرق .... أشعر بالحر والعطش والبرد كل في آن واحد، ألتحف الغطاء، أقول نوبة فزع لا تقلقي .... استسلمي للنوم ولا تفكري .....

أراك في منامي صدفة .... تبتسم لي وتحاول الكلام معي ..... أقول لك أنت تعرف أنه لم يعد سبيل! 

تسكت

وأنا قلبي يعتصر وأبلع كمدي في صمت وأظهر بأسًا أكرهه! لكني صرت أخاف منك كثيرًا .... أخاف أن أراك، أخاف أن أكلمك، أخاف أن أسقط فيك مرة ثانية .... لإنك ستتركني وراء ظهرك من جديد .... صدقني ..... أنا أعرفك .... إن أردتني يومًا معك لم تكن لتتخل عني هكذا!
أصبحت أخاف أن أراك، قلبي يفزع ويضطرب عندما أرى اسمك ... مجرد اسمك أمامي .... يصيبني المغص ... مغص شديد .... أنا لا أكرهك ... أنا لم أكرهك .... لكنك تعرف كل شيء ... كل شيء!

أنسحب من المجلس (في منامي) وأمشي ... أبكي وحدي في الطريق .... حتى منامي يحكي واقعي .... كيف أني بالنهاية وحدي!

متى ظهر خاتم خطبة في يدك؟ مطبوع عليه اسم فتاة! فتاة جميلة ورقيقة ..... وأنت أمامها ملاك طاهر بريء كأنك لم تعرف غيرها!

تصيبني نوبات الفزع من جديد في منامي!

أراك ... أرى أمك ... أرى اخوتك ..... أغضب وأفزع ... أتقلب في فراشي بحثًا عن الهواء ..... أفزع من نومي لإني أعجز عن التنفس ..... ضربات قلبي متسارعة .... غصة في قلبي ...... تشنجات المريء والحلق تضغط على مجرى التنفس من شدة القلق والخوف ...... هل حقًا أرى ما لا تخبرني به؟ أم أني فقط أرى خوفي وغضبي! 

أشعر بالندم .... لأشياء كثيرة ... لكهفي المنتهك على يديك .... لجزيرتي التي استبحت خصوصيتها ثم هجرتها أسوأ مما كانت .... كأنك أخبرتني أين الشمس ... أن هناك شمس .... أشعرتني بدفئها المشتهى .... ثم ألقيت بي في بئر سحيق مظلم وبارد وهربت!

في كل مرة أسأل ..... ماذا جنيت؟

الثلاثاء، 30 يونيو 2020

الروائح! .... أشياء مبعثرة

عندما أتيه، أحاول التشبث بشيء، أحاول ألا أغرق ثانية في بئر الخوف والظلام ... يا إلهي كم هو مرعب!

أحاول أن أفعل أي شيء يبقيني حية!

أريد أن أموت، لكني أتردد في الفكرة كثيرًا، أشعر بالذنب تجاه نفسي والعالم، أقول سأموت لا شيء مثلما عشت لا شيء! فكرة مؤلمة تحمل في طياتها رسالة لاأفهمها!

عندما يضيق صدري، أخبز .... أخبز عندما يملأ قلبي الحزن والألم .... وعندما يصارع قلبي ضلوعي ورئتاي على النَّفس،  أخبز شيئًا حلوا كي أضيف له السكر والفانيلا، أو السكر والقرفة، أحب رائحة الموز في المخبوزات!

منذ أكثر من شهر أعدت التجربة مع الكعك ... خبزت الكعك (كوكيز) وكنت سعيدة جدًا به! بدأت نظام غذائي كي أفقد ما اكتسبته بفعل النهم العصبي (وقد صار عادتي إذا ما داهمني القلق والاكتئاب ابتلاع الأخضر واليابس والأكل بغُلٍّ حقيقي لا أعرف ممن أنتقم في الطعام؟) فبحثت عن طريقة مناسبة بدقيق اللوز وجوز الهند

أخبز، بمزيج من التعب والثقل، أحرك نفسي تجاه المطبخ كأنما أرفع جبلا أو أدفعه! أبدأ بالمكونات السعيدة، البيض والزبدة ورائحة الفانيلا! أنا أعشق الفانيلا! 

يميل قلبي لذكرى الموز فأضيف قطرتين من رائحة الموز لنصف العجين، وأضيف مسحوق الكاكاو للنصف الآخر!
أهرس التوت مع قليل من السكر وأزين به الكعكات الصغيرات قبل دسهن في الفرن!

أقفل بتعب وثقل وقلة حيلة، بحزن يسحبني كلي للأسفل، أنتظر بفارغ الصبر أن تبتسم لي الكعكات من خلف الزجاج وتقول لي لقد نجحت!

أصنع لنفسي كوبا من الشاي في بداية المهمة، أضيف له أوراق الورد المجفف، ذرات الهيل المطحون، وبضع فصوص من القرنفل! 
هذه المرأة أنا! تلك هي الأوقات القليلة جدًا والنادرة التي أرى فيها "أنا" 

امرأة تحب الورد دائمًا وأبدًا، تنشقه وتعتني به، ولا ترضى له الموت فتبعث فيه الروح ثانية في كوب شاي، أو فنجان مع مزيج من الأعشاب الجميلة، تفوح من إبريقها رائحة عطرية ساحرة تملأ نفسها بالهدوء أخيرًا!

الصيف قبل الماضي اشتريت إبريق شاي زجاجي تمامًا، حتى أرى فيه بديع المزيج السحري الذي يعيد لي روحي لدقائق قبل هروبها من جديد!
كنت عندما أسافر إلى "دهب" في سيناء أشتري توليفة جميلة وشهية ... أوراق ورد ومرامية وحبق .... آخذ حفنة وأضعها في إبريق الشاي العادي وأضيف بعض حبات الشاي .... كان كل ضيوفي يصيبهم شيء من هذا السحر البدوي الجميل!

أحب الشاي والورد والقرنفل والهيل، أمزجهم بصبر ورجاء، فيضمونني بحب وسلام!
هذه المرأة التي تحتسي الشاي على مهلٍ وبتلات الورد تداعب ناظريها هي "أنا"!

يحملني الورد على تكملة المهمة، الدقائق الثقيلة أمام الفرن، يبتسمن .... يزهرن ..... يتحول لونهن الأبيض إلى ذهبي جميل، يتوسطه أرجواني التوت المذهل ... أخرج الطبق وقد فاحت رائحة الفانيلا والموز والكعك في كل أرجاء المكان

أعيد الكرة، مرة ومرة ومرة ..... تتزاكي الرائحة وتنبعث وتعلو وتحيط بي وتقول لي لا بأس ... أرأيتِ؟ الخبز يصلح كل شيء!

تثني أمي على الرائحة، تقول إن رائحة الكعكات تجعل البيت سعيدًا!

أتذكر مقولة المرأة العجوزة في رواية برتغالية لِكِنَّتِها، اصنعي الخبز في البيت يا ابنتي، هكذا يعرف زوجك البيت، هكذا يحب زوجك البيت، هكذا يشعر أنه بيت!

يخنقني العالم ورائحة الفانيلا تنقذ أنفاسي! هل هي الفانيلا وحدها؟ 

السكر أيضًا مثل يد حنون تسحبني! أشتري ثمار الفراولة والتوت والعليق، أمزجهم على النار، أستمر في التقليب مع السكر، يتمازجون، يبعثون في البيت رائحة المربى الشهية، أبتسم لهم، أبتسم لنفسي، أقول اليوم صار بيتي بيتًا!

يجثم الحزن على صدري !

ألتمس أصدقائي، فلا أجد

ألتمس قلبًا كان يشعر بقلبي على البعد فلا أجد

أتذكر أني لم أضع آخر الكعكات نضجًا في علبة محكمة حتى أتناولها في الصباح

أعدل وضع الكعكات .... أجيء هنا كي أهذي بما يعتمل في صدري .... وأرغب أن منتصف الليل الحزين يكون شفيعًا لعقلي بالنوم!

الثلاثاء، 23 يونيو 2020

كتابة مؤجلة .... قراءة .. موضوعات للطرح والفضفضة

كل شيء تأجل .. كل شيء بلا طعم

الفراشة سناء في السجن مرة أخرى!

الاثنين، 22 يونيو 2020

أشرع في كتابة جديدة ..... أود أن أكتب عن الرحيل والبعثرة!

عن الرغبة القاتلة في الهروب ..... الهروب من هنا .... هنا نفسك .... إلى اللاشيء! العدم التام!

يأخذني اكثر من شيء عن الكتابة ..... يقاطعني العمل وغيره

ثم أعود إلى هنيئًا لمن جاء باب الحسين! فأقرر الفرار من الكتابة .... من الحزن الجاثم .... إلى باب الحسين ❤️

الجمعة، 19 يونيو 2020

في يوم من الأيام

كنت أستطيع نسج الحكايا، أسمع للصديقات وأكتب عنهن، أكتب عني أحيانًا، لكن كثيرًا ما كتبت قصصهن كأنها قصتي الأولى والأخيرة!

منذ التقينا، كنت أتجنب الكتابة عنك، لا أريد لك أي ظهور على الورق، لإني أكتب عن كل ما أريد التخلص منه، وأردت لك البقاء!

في يوم ... كنت أريد أن أخبرك كم تعني لي، كم أحبك، كنت أريد أكثر من تلك الحروف البسيطة التي تسمعها مني، كتبت لك، كتبت عنك، كتبت لأجلك! 

في يوم، كان ما أقوله لك مباشرة لك وحدك، لم أقله لأحد، ولم أكتبه لأحد، وصار كل ما كتبته لك بعدها خارج من قلبي، لا من عقلي، ولا من هوايتي!
كل تلك القصص، الكلمات، الشعورات، كل تلك الأشياء المختزلة في أسطر، كانت لك، من قبل أن ألقاك!

وعندما رأيتك عرفتك، وعندما التقيتك عرفتك، وعندما تقاربنا عرفت أني إن غرقت فيك لن أنجو!
وكأني كنت أتمنى ان تكون تلك الحكايا كلها لك من البداية غير الفراق!

ثم كان كل الحب لك، كل الحكايا، وكان الفراق!

لم أكن أكتب الكثير عني لأني اعتدت نشر ما أكتب أمام أهلي وأصدقائي، وصرت الآن أكتب عنك كلمات مبعثرة، وأسطر غير منمقة بما يكفي، أشياء مشعثة مثل أفكار وصراعاتي وحبي ورغبتي ورحيلي واقترابي المرتعش وبعدي المستغيث!

لكنك لن تقرأ ما أكتب، فما نفع التنميق؟ ولا أسيطر على صراعاتي أمام عينيك فما نفع هدوء الأسطر وأنا أشتعل؟

لكنك إن قرأت لن تفعل أي شيء سوى المزيد من البعد! 

وكأنك لا تعي ما يحدث بداخل قلبي وما يعتمل فيه؟
ويكأنك لا تدرك كل ذاك الحب الخائف من البعد والاقتراب!


الخميس، 18 يونيو 2020

للذكرى أيضًا



في محاولاتي للسيطرة على النوبات بتصنيفاتها التي جعلتني أتيه فيها!
أطبخ ... أخبز

أصنع المربى! يا إلهي أصنع مربى التوت والفراولة أخيرًا!

في هذه الحال التي لا نعرف على أي وضع تنتهي (كورونا والحظر) الكثير من الخسارة للناس، أموال وأنفس!
لا يطل بعيني سوى الأطفال .... أخاف عليهم كثيرًا، كلما أتذكر أن هناك بالفعل العديد من الأطفال بلا مأوى أو طعام أو حلوى أحزن كثيرًا، أحزن بعمق، أود وقتها لو يتسع حضني لكل أطفال العالم، لو تصبح الجنية الطيبة حقيقة ونأخذهم إلى جزيرة بعيدة عن كل القبح والألم!

قد أبدو مجنونة، لكني أحتمل طفلا بلا تعليم، ولا أحتمل طفلا بلا حب، حنان، غذاء، حلوى! الحلوى مهمة جدًا!

منذ سنوات طرح أمامي نقاش عن حول ما يتصدق المرء به على نفسه في حال مات ويوصي به أهله!

فكرت، ما أجمل شيء أريدهم أن يخرجونه على روحي! الحلوى .... الشيكولاتة .... أحب الشيكولاتة كثيرًا، أستمتع بها، أميز طعمها ومرارتها وأستعذبها! أقول لهم "باتشي"!!! شيكولاتة باتشي .... إذا مت أطعموا الناس على روحي الشيكولاتة، خاصة الأطفال، الشيكولاتة تسعدني حية! بلا شك سوف تسعدني وأنا ميتة!

لا أنسى قول نجيب محفوظ يصف بائعًا صغيرًا متجولًا بين السيارات" أحلام الأطفال قطعة حلوى وهذا الطفل يبيع حلمه"
لا أريد لأي طفل أن يبيع حلمه ولا طفولته، الأطفال خلقوا للمرح والضحك، العالم خارج الطفولة قبيح بما يكفي، سوف يرونه على كل حال!

ما زلت أخاف من اليتامى، أن أحبهم، أن يحبونني، أن يتعلق أحدنا بأمل مخيف، كنت أزور الأطفال في الماضي، أظنهم لا ينتبهون لي، أرحل، أغيب بلا قصد في حياتي، أعود إليهم فيذكرونني، ويعتبون علي الغياب، تعهدت أمام نفسي أكثر من مرة ألا أغيب وأطيل الغياب، لم أكن أملك أكثر من المحاولة التعيسة البائسة! فلم أكرر فعلتي، لا بالظهور حتى لا يتكرر الغياب ... 

اليوم مر طيفهم الجميل أمامي ... سوف أختم يومي بأمنية لهم جميعًا

أتمنى يارب أن يبيت كل اطفال العالم، خاصة الأيتام، الذين ينامون في العراء، هناك في سوريا أو وسط أفريقيا أو أزقة المكسيك أو في ريف بلادي وضواحي حضرها، أن ينعموا بمحبة وسلام منك، أن ينزل بهم لطفك فيحملهم كما حملتني، أن يروا منك مالم نرَ نحن، ما يطمئن قلوبهم ويؤمن وحشتهم!

أتمنى يارب، لو أعيد الكرّة باللعب معهم، بالضحكات المتتالية بلا توقف، بالمرح، بالحكايا اللطيفة، وبالأحضان الساكنة، ألا يفقدوني ولا أفقدهم، وأن أكون في تلك المرة ألطف وأخف طيفًا ... 

الخذلان والجبر ...... أشياء مبعثرة!

في لحظات كثيرة، نظن أن هذا الصديق\ة سيكون معنا للأبد، أو قبل الأبد قليلًا أو كثيرًا، أو حتى إن خانتنا الظروف لن يكون الطاعن في ظهورنا!

يكون لديك شيء ساذج في قلبك يدفعك بحب تجاه البشر، ما الذي قد يفعله صديقك ضدك! 

قابلت في السنوات الأخيرة من كل نوع .... لن أتهم البشر ... أصابني العمى! أنا الجاني يا سيدي في تلك الحكاية!

ثم توقفت عن الكتابة لسبب ما، لفت فيه صديق انتباهي ببيت شعر، أكملت ببيت، أكمل وأكملت وصارت قصيدة! ومر الأمس وكتبت اليوم .....

صديق أول يوم تقابلنا فيه منذ ثلاث سنوات تقريبًا قمت بتوبيخه، لإنني كنت أُقل صديقه وزوج صديقتي لبيت أقاربهم، انتظرته في مكان غير مخصص للانتظار، هذا أمر يوترني، لا أحب أن يتحامق علي أحد من رجال المرور، ركب خلفي مباشرة، ظللت طوال الطريق أؤنبه، وأسخر منه، من برجه السماوي، من مهنته، من مواعيده، من كل شيء، الرجل مهذب، دمه حامي لكن مهذب، يكظم غيظه بمعجزة!
وصلنا وجهتنا، كان لطيفًا ومهندمًا تحدثنا جميعًا في أشياء كثيرة، كان زوج صديقتي يرسل له بعضًا من كتاباتي، كان يتصور أني امرأة رقيقة ولطيفة يخاف علي المرء من نسيم الهواء حتى لا يجرحني، لا امرأة إن قررت أن تسخر من أحد فلها دعابة لاذعة، خفيفة ومضحكة ولاذعة جدًا... كانت الصدمة .... وبدأت الصداقة! كنت أعرفه قبلها لكن لم نتكلم من قبل!

بالأمس كنت أكمل ما أحكيه عن صداقات العمر، عن الحبيبة التي كنت ألقبها بالأم الثانية والأخت الكبرى، التي كان معها سري وكنت أظن أن معي سرها ...

أصف نفسي دومًا بصفات بين السذاجة والغباء، حتى وجدت مقطعًا صوتيًا يقول إياك أن تفعل ذلك مع نفسك، لم يؤثر في حكمي على نفسي الحقيقة!
أرى أمام عيني الكثير من الأمارات، لكن أوثر الفرص، الأولى والمائة والألف والمليون وحتى الأخيرة، ألتمس الأعذار لإني مريضة بالفقد، أخاف فقد الناس والأشياء، ما بالك بالأصدقاء .... أتجاوز وأتجاوز حتى إذا حدث مني فعل واحد لم تجد لي تلك الصديقة عذرًا واحدًا، لم تكلمني، حدث موقف واحد لم أخطيء فيه لكني لم أكن على هواها!

هناك نوع من البشر يريد أن يأكلك وفقط! أن يأخذ لحمك فإذا نقص وزنك قليلًا صرت بلا نفع!
يقول المنشور أنهم يحيطون نفسهم بالناس السذج، أقول لنفسي أني سذج وأضحك!

لشهور قاربت العام، بدأت مؤخرًا أتصالح مع كون صديقتي لقرابة العشر سنوات، من التعامل اليومي، مشاركة الطعام، حكاية الأسرار، بث ما في الفؤاد، المساعدة، التشارك، هانت ... هانت حتى أنها لم تحسن الوداع :)

ce la vie! 

الأربعاء، 17 يونيو 2020

للتدوين والتذكرة

اليوم كان لطيفًا

كتب صديق لي بيت شعر فردت ببيتٍ، فرد ببيتين، فكتبت ثلاثة ... وهكذا .... من اللاشيء صارت قصيدة

من الألوان ... من قوس قزح ..... من الحب .... من المودة .... من الحلم اللطيف ..... من الامتنان لرب العالمين أنه يمنحي كل تلك الفرص والألوان والجمال ... 

من جحر خذلان عشرة العمر .... إلى قوس قزح أصدقاء الرحلة، ورفقاء الغربة!


الحمدلله 

السبت، 16 مايو 2020

قبل نهاية العالم بدقائق!

أحدث نفسي أنه لربما ينجو العالم مما يحدث، سوف يتغير شكل العالم بعد هذه الجائحة، الجميع يقولون هذا، الجميع يزعمون أن الأمر لن يمر كما مرت حوادث سابقة، الأمر جلل، الأمر أعاد تشكيل القوى مرة ثانية، وأبرز الأدوار الأكثر أهمية من غيرها، وأبرز العلاقات المهمشة التي أصابتنا جميعًا بكسرات في أنفسنا، وقال للأباء كلمة الفصل أن الأسرة أهم من الشركة! وأن الإنسان أهم من المنظومة، وأن العلم أهم من الطعام!

قال لنا جميعًا أن تلك العلاقات التي كان بالإمكان التمسك بها كانت لتصبح طوق النجاة اليوم من هلاك نفوسنا من الوحدة قبل المرض، أن هذا الصديق صعب المراس لكنه مخلص الود أهم من كل الأقارب الذين لا تربطنا بهم رابطة غير الدم! ولا يعرفون عنا سوى تلك النكات السخيفة التي نمرر بها الوقت في المناسبات المهلكة لقوانا!
أن شخص واحد فقط يحبك، يحبك فقط، يحبك بصدق، يحبك من قلبه، أهم وأفضل من رصيدك البنكي، ومن عشرات المتابعين على الفيسبوك، ومن كل البشر الذين يرسموت بسمات سخيفة صفراء في وجهك من اجل الاجتماعيات الفارغة!
أن الاجتماعيات الحقيقية كانت طوق نجاة، ولم تكن إكليشيهات تتردد وفقط وأن أوفر الناس حظًا هم الذين تربطهم علاقات جميلة وصحية وسوية بأصدقاءهم وأقاربهم وعائلاتهم الكبيرة!

أحدث نفسي أنه لربما تحدث معجزة لم أكن لأشجعها يومًا لأني أود فناء البشر، أو على الأقل فنائي أنا شخصيًا، بلا رجعة، بلا أسطورة روح تطوف عقب موتي إلى الأماكن المحببة أو إلى الأشخاص المفضلين، إنني أفقد الحياة وأنا على قيد الحياة، أنا فقط على قيدها، أتظاهر بكل متعها ....

هل تعرف ماذا أرتدي الآن وأنا أكتب تلك الكلمات الكاحلة؟ ألبس فستانًا أبيض بزركشات زرقاء، ورسمة نخيل هادئة جميلة، أضع الكحل، وبعض الألوان فوق جفني وأحمر شفاه بلون بنفسجي مشرق جميل، صففت شعري جيدًا في المساء وأصبحت محافظة على مظهره بلا تجعيدة واحدة، ولا كسرة خفيفة، ألبس العطر، عطري المفضل مزجته مع عطر أمي المحمل بنسيم الفواكه والسكر، أظفاري مطلية بلون مشرق جميل يناسب بشرتي الفاتحة، والذي يراني أجلس هكذا على المكتب يظن أن تلك المرأة لابد تشع بالحياة وتحمل في قلبها كل المرح والحب والأصالة (نظرًا لثوبي والكحل) والحياة المشرقة الجميلة!
لكن كل هذه خدعة لطيفة، أحب أن أخدع بها نفسي قبل أن أخدع بها أي أحد!

أحدث نفسي، أنه لربما ينجو البشر من هذا، أعرف أنهم سيعودون حثالة كما تعودت منهم، وأعرف أنهم سيأكلون الضعيف ويبصقون الفقراء من أفواههم كما اعتادوا فعل هذا بكل عجرفة وغرور، لربما تنجو الأماكن الجميلة، ولربما يبقى بعض الوقت قبل الفناء محمّلًا بألحان الموسيقى الجميلة!

أحدث نفسي أنه لابد إن فتحوا المجال للطيران أن أبدأ رحلتي المؤجلة إلى مدينة الحب والسحر والجمال، ليست باريس لكنها روما، مدينة التاريخ والفن والموسيقى واللوحات الجميلة والجيوش الكاسرة، أن أذهب بخطوات ثابتة إلى تلك الساحة الحميمة التي تصدح بألحان أندريه ريو، أن ألبس فستانًا فضفاضًا ربما مثل الذي أرتديه الآن، وأن ألبس نعلاً مفتوحًا بخيوط رفيعة وكعب مريح، وأن أضع القليل من التبرج والكثير من العطر، أحمل في يدي حقيبة صغيرة بها فقط هويتي وتذكرة الحفل وبطاقة البنك أو تذكرة الحافلة، ولها يد طويلة من سلسال فضي، وحجاب قطني مريح محكم على رأسي .... 
وأن أجلس في الصفوف المتوسطة، أرى كل الساحة، لست بالقريبة جدًا فأنزعج ولست بالبعيدة جدًا فلا أرى الحدث بوضوح ..... أن أجلس وحدي على طاولة مستديرة، مع أناس لا أعرفهم، ربما من الطليان وربما من اليونان، أناس يتمتعون بخفة الروح وحب الحياة، يلبسون ألوانًا جميلة، ويمدحون ثوبي الغريب عن ثقافتهم، أناس يرحبون بك بلطف ولا يضعون أقدامهم عنوة في مساحتك، يندمجون من اللحن، ويتركون لك فسحة في ملكوتك الخاص حتى تتمايل وترقص وتسكر من روعة الألحان!
سوف أجلس بهدوء، وسوف أنفعل، وسوف أقفز وأصفق كثيرًا، وسوف أذوب في تلك الموسيقى الساحرة، سوف أرقص كثيرًا حتى لو لم أتحرك من على الكرسي، وسوف يهب علينا نسيم عليل جميل يحمل رائحة الماء والزهر!
وعندما ينتهي الحفل، لن أهرع للحافلة ولا لسيارة أجرة، سوف أمشي، سوف أمشي كثيرًا كي أهضم كل هذا الجمال في قلبي، كي أعطي فرصة لهذا القلب أن يوزع كل نغمة على كل خلية في جسمي، سوف أمشي كي أمتص كل المتعة بكل جسدي وكل روحي وكل نقطة فيّ، سوف أسير بخطوات بطيئة ساكنة منتشية وثقيلة، مثل هذا الذي أكل طعامًا شهيًّا ودسمًا جدًّا ومن فرط لذته قرر المسير كل ينصت لكل حركة في معدته، وكل تصفيق حار في جسمه يشكره على تلك الروعة التي تمشي الآن في عروقه توزع اللذة حيثما أرادت أن تصل! من أخمص قدمه، إلى سويداء روحه المشتاقة!


أحدث نفسي أنه إذا نجا العالم من تلك الجائحة، سوف أسافر إلى روسيا، ربما أوكرانيا، أو أي دولة أخرى تقرر فرقة البالية المحببة أن تقدم فيها عرض بحيرة البجع لتشايكوفيسكي .... سوف أرتدي فستانا هادئًا، بألوان مشرقة، ربما بلون واحدٍ، لن يكون ضيّقا كما هو المفترض في زيّ الأوبرا، ولن يكون فضفاضًا كفستان روما السابق، سيكون بين بين، ثوب سهرة راقٍ لكنه مريح، حذاء على الأغلب أسود لكنه بلا كعب عالٍ، وحقيبة بيد قصيرة تسع قبضة يدي، غالبا ستكون من الجلد، وسترة صوفية مغزولة تشبه سترات المراهقات البسيطة جدًا، اليوم سوف أجلس بنهاية الممر، بالكراسي العليا كي أرى كل المسرح، سوف أجلس بابتسامة لن تفارق شفتي حتى أن عضلات وجهي ستؤلمني لكني لن أستطيع التوقف عن التبسم، سوف أجلس بوضعية واحدة شاردة كالمسحورة، على رأسي طير جميل يستقر كما لو أنه بنى عُشًّا ووضع بيضًا! هذا الفن جميل، سوف يعلق الناس على الرقصات، قد يصفقون، قد يتململون، قد يأخذون انتباهي للحظة، سوف أنظر لهم كالمسحورة، ببسمة تعلو شفتي، بعيون هادئة لأن قلبي مسمتع جيد ومتفرج عاشق، سوف لن أفهم تعليقاتهم، سيحاول أحدهم أن يشركني فيترجم ما يقوله بأي لغة يظن أني سأفهمهما، سأفهمهما، لكني سأبتسم ولن أجيب، قد أهز رأسي على أقصى تقدير لكنه بعد التفاتي لساحة الورد، ومسرح الزهر، وعرض البجع! أنا في عالم آخر، أنتظر لقاءه منذ سنوات، أنت لا تعلم أي شيء عن قصتي، لا يهم، لا شيء يهم الآن سوى استمتاع قلبي وأذنيّ وعينيّ بالحدث الجليل!
سوف ينتهي العرض، لن أصفق، لن أحدث أي صوت، سوف أبتسم أكثر، سوف أرى أن التصفيق مهانة لكل هذا الجلال، قد أفيق، قد أصفق مرة أو اثنتين مجاملة للضيوف، لكنني لن أتحرك قبل أن يوشك المسرح على الخلاء!

ماذا تفعل بعد أكلة لذيذة ملأت أركان معدتك وقلبك وروحك وتسللت إلى عقلك فأصابه الوجوم وصار مسيّرًا لا مخير ولا مختار ولا متحكم؟ نعم بالفعل .... تسير بحركة آلية .... تسير بقوة الدفع ... أسير كالبلهاء أبتسم للجميع، لا لإني أريد أن أبتسم للجميع لكن لإن البسمة ارتسمت كالوشم الحميم على وجهي المرتاح! إلى أي وجهة أسير؟ لا أعرف .... هذه ليست روما التي تسير في جوانب أعمدتها القديمة تشم النسيم وتملأ به قلبك الراضي تمامًا عن الوجود!

سوف أسير حتى أفرغ كل تلك الشحنات التي تمنعني التصرف الحكيم بالقفز في سيارة أجرة والعودة إلى سريري وإكمال العرض في منام لذيذ .....
سوف أستيقظ منتشية، أبحث في الصباح بخطوات حثيثة خلف رائحة القهوة، وخبز من الكورواسون الناعم المحمل بالشيكولاتة الساخنة، سوف أشتري زهرة أو اثنتين من زهور الأماكن الباردة .... وسوف ألتمس وسط النسيم البارد طريقي من جديد إلى نفسي! 

فلينتهي العالم غدًا ..... فلينته العالم بهدوء .... فلينته العالم بفزع ... فلينته العالم حيث وكيف يشاء ..... لقد وجدت غايتي ومهجتي .... فلينته العالم وأنا أضيع الدقائق في علكة سكّرها لا ينتهي!

الخميس، 23 أبريل 2020

امرأة بلا طريق هي أسوأ أحلامك!

أنت لطيف حيث لا تعرفني، تدعي أنك تعرفني، أنك تراني وتقرأني!
كيف وأنا في تلك الحال لا أعرف نفسي!

أقترب وأبتعد، أهمش كل الحيوات حولي، أهمش كل الأحياء، كل من له لسان ناطق وعقل قد يؤذيني!

جبانة؟ نعم، ولم لا، أليس من حقي أن أحمي نفسي؟ أن أحتمي ولو خلف جدار غضبي الهش؟
غبية؟ أضيع أفضل الفرص؟ يتسرب عمري من بين أصابعي؟ أعرف، تلك النظرات التي ألام عليها بلا سبب لا أعرف كيف أوقفها؟ لا أعرف كي أسعد أمي بحفيد، وأطمئن قلب أبي برجل! لماذا لا يطمئن قلب أبي بي؟ وحدي؟ ولماذا لا تسعد أمي بحفيد من إخوتي؟ لماذا أنا؟
لأني الكبرى؟ لأني الفتاة؟ لم أكن ولن أكون المفضلة يومًا، لا تخدعني!

أنت لطيف، شبح حزن في عينيك يعطيك وقارًا غير مسبوق، وشبح طيبة طيب، شيء يجعل عينيك أجمل، ويجعل قلبي أشقى!
لست أنا! أنا لست بهذا اللطف الذي تحسبه، ولست بذاك المرح الذي تراه، وتلك الضحكة التي تهز المكتب ليست ضحكتي، وتلك الألوان الساحرة التي يشرق عليها يومك ليست حقيقية، وتلك الزينة المرسومة على عيني كلها محاولات بائسة لإصلاح الدهر نفسه وليس فقط ما أفسده!
أنا لست تعيسة، لكني لست فرحتك المنتظرة، ولا بسمتك الطيبة! أتمنى لو كنت، وأتمنى لو حظيت بطيب طيبتك، لكني غابة محترقة، وحلم مريع، وزهرة يحيطها الشوك وليس يجعلها أفضل الزهور وأغلى المراد صدقني!

ليتني أقابلني من جديد، ليتني أعرف طريقي مثلما كانت تلك المراهقة الصغيرة تعرفه، تكشر في وجه الرعاع من البشر، تعرف كيف تلكمهم وتسدد الضربات بلا هزيمة، تعرف كيف تبارز، وكيف تهجم وكيف تدافع ومتى تنسحب، كانت تفعل ذلك بسلاسة، لم تكن تقود حربًا ولا تترصد الأعداء، لم تكن تعادي أحدا، لكنها كانت تسير بقلبها في الخلق، في الملكوت، كانت تغامر، وتقامر وتراهن، يصح قولها يومًا فتبتسم، وتصاب بخيبة صغيرة فتقول لنفسها لا بأس، كانت تتسلق الشجرة الجاثية أمام منزلها منذ أكثر من ثلاثين سنة، كانت تتخيل بيتًا فوق شجرة، وجزيرة بعيدة برمال ناعمة بيضاء، تطل على شاطيء وحيد لكنه آنس بالأشجار والطيور، كانت تصادق شجرة البونسيانا، تقول لها صباحًا تمنِّ لي يوما طيبا، وتقول لها في الظهيرة مرحى كان يومي جميلا بحق!
كانت تراقب ابن الجيران من بعيد، ترى في عينيه الطيبة التي تراها في عينك ولكن بلا حزن! وعندما رحلوا حافظت على عاداتي القديمة من كلامي مع النباتات! كتبت الشعر وتوهمت حلمًا لطيفًا، لكني لم أعلق هناك. مراهقة صغيرة تعرف كيف تحول كل شيء إلى أبيات شعر بسيط، وكيف ترص الكلمات في سطر برفق فيقولون كيف احترفت السحر في عمر صغير؟ فتاة لا ترضى أبدًا بأي نتيجة، ولا يعجبها الكمال، لا ترى الجميل وتنظر للأجمل، فلم تكن ترى نفسها، تذوب فيما تحب، وتغرق وسط الكتب والحكايا لساعات، تصادق المذياع، وتنصت لأغانٍ شرقية وغربية، حتى يخترق الحزن قلبها بطعنات مستمرة، فلم تكن تعبأ، صفحتها بيضاء يا عزيزي وذاكرة مخها فارغة تسمح بتخزين الكثير وعدم الاكتراث، الحياة أمامنا تبتسم لنا، من يصدق أن ذات المراهقة البيضاء الجريئة، التي تتلون بالأحمر سريعًا كالفراولة، تتحول لشابة تائهة ثم لامرأة بلا طريق معبّد؟ امرأة تسير وسط أشباح في مدينة يغلب عليها لون الرماد ورائحة السناد، امرأة لا تذكر آخر مرة روت فيها نباتاتها، ولا آخر عهدها بالنوم والأحلام؟ امرأة تعيش في واقع موازٍ، تقتل نفسها في العمل، وتدافع عن كل ما تبقى من شبح نفسها وكأنه معركتها الأخيرة! امرأة تضحك مجاملة، وترقص ألمًا ولا يريح قلبها سوى التعب، تسير لساعات وسط شوارع المدينة الغريبة، تلهث، تعرق، تتألم، وعندما يهدها التعب تجر قدميها للمنزل، تقف تحت ماء يغلي، يلهب جلدها، تخرج شبه عارية تلتمس الفراش لإن التعب أكلها وشرب! تقول في قلبها لعل الألم يغلب الفكر فأنام، فلا يغلب أحدهما الآخر بل يتصارعان، يغرق عقلها تارة، ويفيق، فإن غرق فللكابوس، وإن أفاق فللألم! 
أين تلك المراهقة، التي كانت تبتسم فتطاع، وتكشر فتهاب، وترق فيذوب الحديد لها! تعرف من أين جاءت وأين تسير وإلامَ ترمي!
كم مرة يتوجب علي أن أنعت نفسي بتلك النعوتات السخيفة التي أكرهها لكنها أقرب ما يكون للواقع؟ انا يا عزيزي امرأة خربة، وأنت رجل في عينيه يطل حشيش أخضر وعشب نضر وحياة غضة! حزن يمسح عينيك برفق لكنه ليس الخراب، لقد عاشرت الخراب وحفظته وألفته وعرفت كيف يبدو في العيون! لقد تشابهت أشباحنا فصار الخراب يعرفني إذ أجيء ويختار، إما أن يفتح لي أبواب كوابيس ضحاياه أو يلمح لي من بعيد أنه لا فائدة!!! هل تصدق أن أحدًا يصادق الخراب؟

الخراب يا عزيزي صادقني!
ولا أعرف السبب، ولا أذكر متى حدث ذلك، كنت أبحث عن رفيق، كنت أحتفظ .. لا ليست أنا ... هي ... تلك البضة الشهية اللذيذة التي تشبه حلوى العيد يوم العيد، كانت تحتفظ بأشياءها في أماكنها، كانت تحفظ عينيه وشكله، كانت تعرفه، كانت تعرف رائحته، قابلته، قابلت شبحه، قابلت إنسانًا أو ضربا من الجان والجنون، لا أنا ولا هي نعرف من قابلت! لمست وجهه وكان ذات الوجه، ذات صوان الأذن، ذات الرقبة، ذات الهالة، ذات الأمن الذي تعرفه منذ سنوات قبل أن تلقاه! ثم كان هذا أعنف كوابيسها الذي لا استيقاظ منه، لقد رأته في الواقع، كيف نفيق من الواقع؟ وكيف ننام؟ 
كانت لديها جزيرة، برمال ناعمة بيضاء، وكهف صغير من الرمال والحجر الأبيض، كانت هناك وحدها وتظل وحدها، أدخلته الكهف، هو وحده على وجه الأرض من دخل الكهف، أشعل الخراب في كهفها الوحيد وذهب، أين يهرب المرء عندما يفقد منزله؟ وملجأه وسكونه وحتى الشارع الذي اعتاده؟ أين يذهب المرء حين يحتل الخراب روحه التي تلازمه؟ أين يهرب؟ أين يسترجي الشمس كي تطل من جديد على فؤاده الحزين، الحزين جدا، الحزين بعمق لا آخر له؟ أين يجد شربة الماء الرويّة؟ وأين يجد لقمة مشبعة؟ وأين يجد فراشًا لا ينقضّ؟ ومضجعًا آمنًا؟ عندما يتوحد مع الذي يجب أن يهرب منه؟ ماذا عندما تفسد روحه، وتخرب نفسه؟ أين يهرب المرء منه؟
تلك المرأة تحزم حقائبها وتسافر، تبدل الناس بالناس، تحرم نفسها الطعام وتصاب بالنهم، تهيم على كل شاكلة ولون، تبغي راحة الطفل في حضن أمه، وحتى حضن أمي صار يسبقني الخراب إليه فيقضه علي!

عزيزي الغريب الذي لا يعرفني، والذي يزعجني الحزن في عينيه يتلصص الفرح الزائف في عيني، امرأة مثلي هي الكابوس، امرأة بلا طريق هي أسوأ أحلامك لا أجملها، امرأة بكل هذا الخراب .... خراب!

السبت، 8 فبراير 2020

الخوف .... الشجاعة ... وأشياء أخرى!

تتأخر في تسليم عملها .... يشفق قلبي عليها، أعود إلى حجرة العمل حيث تجلس وأساعدها، يجن علينا الليل، نأكل ونشرب ونضحك ونكمل عملنا في حماسة مرة وفي ملل وتأفف وسباب متبادل مرة!

الجميع ذهب منذ زمن، والمكان شبه مظلم بالأسفل، نحتاج لعبور هذا الدهليز ثم ذاك الممر ثم الساحة حتى نصل للسكن، أمشي بخطوات واثقة وواسعة، أشق الطريق كأنه منتصف اليوم، أفكر فيما سأبدأ به أو سأمنح نفسي راحة نهاية الأسبوع؟ 

تناديني بخوف، تسألني ألا تخافين؟

بلى ..... أرتعب!

كيف تشقين الظلام بثقة إذن؟ لا شيء يخيفك!

هل عندك حل آخر؟

هل أبيت هنا حتى تشرق الشمس؟


زميلتي المسكينة لا تعلم كم أرتعب، كم أخاف من الحياة، من البشر، من السيارات السريعة، من أطعمة المطاعم، من المراحيض العامة، من الأيدي الغير نظيفة التي أضطر لمصافحتها، من العقول القذرة التي أحدثها، من العيون التي تشق ملابسي تحاول اكتشاف ما تحتها، من العمل الذي لا ينتهي، من الدراسة التي لا أفهم عنها شيء، من ورقة بحثية أو مقال أكاديمي أكاد لا أرى حروفه من شدة الرعب أني قد لا أفهم، أو أني تأخرت في تسليم عملي!
من صفحة كاملة أقرأها عشر مرات ولا أفهم، أشرحها لنفسي، أجد الكلام بسيطًا، تتسارع أنفاسي وتنهمردموعي، أبكي بجنون كالتي فقدت نفسها ولا تعرف كيف تعود إلى البيت لإنها هي الوحيدة التي تعرف الطريق هنا!
أتصفح الورق مرات ومرات، أقول لأخي لا أفهم شيء! لا أفهم شيء

بلا مبالغة أكاد أصل لعشر مرات أو أقل قليلا أو أكثر قليلا، أقرأ نفس الفقرة، آخذ نفس الملحوظات، أعلم، ألون، أكتب، أملي على نفسي، أشهق، أبكي، لا أفهم، أصرخ، أنا ضائعة ماذا أفعل!

أنهار تمامًا، أجلس على حافة السرير وأبكي بحرقة، أنظر للحاسوب ولا أعرف لماذا لا أفهم، أترك نفسي للسقوط، وبعد أيام أفتح الصفحات، أقول لنفسي أنا إنسانة أخرى، أو أقول لها لا مفر سوف نذاكرها ....
أقرأها، فإذا هي بسيطة، مفهومة، لا تستدعي كل هذا الصراخ، وكل تلك المشقة، لماذا انقطعت أنفاسي في العشر مرات السابقة؟ لا أعرف!

منذ يومين، كان علي أن أنجز مهمة، لم أقم من السرير لأكثر من عشر ساعات، وعندما خطوت خارجه كنت أقنع نفسي أني بخير، مر اليوم وأنا لا أريد أن أفعل أي شيء، مر اليوم وجلست بمنتصف الليل لا أعرف كيف أخطط للساعات القليلة الباقية قبل مهمة عمل طارئة بالعطلة، صليت، جلست أدعو كأن شيئًا لم يكن، أقول يارب ساعدني ,,,,, 
أنام في السرير وأنا أراجع اليوم، أعرف أني لم أفعل شيئا يستحق الذكر، ألوم نفسي

ثم أعترف ... ثم أنهار!

لم انجز عمل اليوم لإني كنت حزينة، كنت أشعر بالوحدة الشديدة والحزن، كأن الغربة فاجئتني تلك اللحظة، كأن الحزن فجأة قرر أن يضع بصمته، على حافة سريري، على جنبي اليمين، وجدت قلبي يلفظ كل ألم حبسه طوال اليوم، بدأت أبكي كالأطفال الصغار، أقول له يا ربي كنت حزينة، اليوم كنت حزينة، جمعت صلوات لإني كنت حزينة، لا أريد أن أقوم من السرير، ولا أن أغسل وجهي، ولا أن أفتح نافذتي وأرى العالم، لا أريد أن اذاكر، ولا أن أرتب يومي، ولا أن أغسل ملابسي، ولا أن أخرج، ولا أن ألتقي أحدًا .... 

تقول زميلتي ..... كم أنت قوية! ومستقلة، ولا يسهل الاقتراب منك ... يتعمل لك ألف حساب!

هل تعرف كيف أرتعب ليلا!
أني لا أخاف من الوحدة لكني أخاف من الناس؟
وأني أحب الهدوء والصمت وأكره الوحدة؟
وأني قوية لإني فقط وضعت كل الضعف بداخلي وصرت وصار أضعف من أن يظهر؟
وأني مستقلة لإني أتجنب وجود أحد بشكل مباشر وقوي في حياتي ... وصرت هكذا أريد لحياتي! أن أكون أنا وأنا وفقط!





اليوم أكتب ...... أني جبانة جدا، أخاف كثيرًا بل أرتعب، وأنه إذا فزعت تجمدت فلم أعرف ماذا أفعل سوى التظاهر أنه لا شيء يحدث!
اليوم أكتب، أني لم أكن يومًا شجاعة، وأن شجاعتي تجاه شيء كانت دومًا بدافع الخوف من شيء آخر

قال أحدهم، الشجاعة هي مواجهة الخوف

وقال أحمد خالد توفيق، في لحظة تخاف ترتعب تبحث عن الكبار لتحتمي بهم ثم تكتشف أنك صرت أنت الكبار!

في كل يوم، أفاجأ أني أنا الكبار، وأنا ... جدار متهالك لا يستر ولا يحمي!
كل يوم أواجه خوفي وحيدة، أخاف من أن يفترسني فألكمه، وأجري، فإذا أنزل الليل ستره علي صرت أبكي بشدة، لأني أخاف أن يعرف الخوف بخوفي فيفترسني وأنا وحدي!

يخرج لي الخوف أنيابه، أحيانًا ينتصر عليّ وأدور في غرفتي كالمجنونة، أصرخ أو أتلوى من المغص أو أدخل الحمام لفترة طويل وأحيانًا أغيظه، وألقي بيه بين السيارات المسرعة، وعلى حافة الهاوية وأقفز، أنتصر عليه وينتصر علي

كلانا صار يعرف قدر الآخر، كلانا يخاف الآخر، وكلانا يحترم الآخر!

هل يمكن للمرء أن يصادق الخوف؟ وأن تصبح أشباح الظلام هم أصدقاء الأنس بالليل؟

أمسكت نفسي مرة من ليلة، أشعر بأرق شديد، صورة التنين الكارتوني على كوب جديد اشتريته تنير بالليل وتزعجني، أشعر كأن روحًا تسير في الغرفة، أقول لها بثقة، أريد أن أنام لإن عندي يوم شاق غدًا، أجعل وجه التنين في مواجهة الحائط، أعود حافية أتلمس الطريق للفراش في الظلام، أنام!
أومن بالأشباح، التي نحتل بيوتهم بدعوى تعمير الأرض، والذين يحتلون أرواحنا بدعوى فراغها!
أحترمهم، ويحترموني، غير أن الخوف عاركني فصرعته، وعاركني فصرعته، وعاركني فصرعني ثم عاركته!
فرضت احترامي على الخوف، وتقبلت عنفوانه الكاذب، وبلونته الملأى بالهواء، تصادمنا، وتصادقنا، وصار الخوف يخبرني بالخطر في عظامي، وصار يصدقني القول تلك المرة، منذ تصادقنا، لم تكذب مخاوفي!

وتخبرني صديقتي كل يوم ...... كم أني شجاعة!! هه!

الأحد، ١٩ يناير ٢٠٢٠ أبوظبي

الجمعة، 17 يناير 2020

الوقت يمر ..... الذاكرة لا تتسع!

كان علي أن أكتب قبل شهر كيف أن حياتي تغيرت في السنة الماضية ...... كيف أن آخر أشهر فيها كانت الأصعب والأجمل!

عجيب أن يحمل لنا القدر كل التناقضات! أن ينخلع قلب بسبب إنسان، وأن يتداوى جرحك بإنسان!
أن يسرقك البشر، وأن يأتمنك البشر
أن يبتعد البعض، وأن يتمنى وجودك الآخرين

وأين أنت؟ 

لا يجب أن يرى الإنسان نفسه فيمن اقترب ولا فيمن ابتعد، يجب أن يراها في نفسه، أنه قادر على كل شيء، أن يصبح قابلا لكل شيء، للأخذ والعطاء، للصحبة والوحدة، للمرض والمعافاة، للمنح حتى آخر نفس، والغرق حتى آخر نفس فيما تحب وفيمن تحب!

أعطتني الدنيا قبل خمس سنوات حلمي! الإنسان الذي طالما كان حلمي، كلما اقتربت منه أدركت أنني يجب أن أبتعد كي لا أغرق، كنت أعرف أني إن اقتربت سوف أغرق، نفذت منس السبل للهرب، فما كان مني سوى الغرق عميقًا عميقًا ...

وبقدر الغرق، بقدر الحب الذي كان يجتاحني أنا قبل أن يجتاحه، كنت أخاف من تلك النهايات، لإدراكي الضئيل وقتها أنه من المستحيل أن تمنحني الدنيا كل هذا القدر من الحب على طبق من فضة، أصابني وجوده بالهلع، ورغم كل الطمأنينة التي تحملها أنفاسه وصوته كنت أصاب بالهلع، متى ستقضي الدنيا على حلمي؟ متى ستأخذه بعيدًا، في الحقيقة رسمت الكثير من السيناريوهات السوداء، ماعدا واحدًا ..... أن يلوح لي من بعيد ويقول عذرًا لم أقصد أن أحبك أو أن أجعلك تحبينني، أحبك لكن ليس هكذا!
من فرط ثقتي به، برجولته، بأخلاقه، بعاطفته الطيبة، بعينيه الحانيتين العميقتين، من فرط ثقتي بهذا الدفء في يده، بتلك الحميمية في صوته، بهذا التعب الذي يلقيه تحت قدمي ليريح رأسه في حجري، بكل تلك الضحكات التي خرجت من قلبي، وبكل تلك الكلمات التي تقول "أحبك، شكرًا لأنك هنا، أنا أسعد رجل بالعالم، كنت أعلم أنك موجودة بهذا العالم، كان على هذا الحب أن يسكن لإنسان ما وقد وجدتك، كنت أعلم، كنت أعلم"  لم أتخيل لوهلة أنه سيدفن كل تلك الأشياء، والأمرّ من كل شيء إنكاره واستنكاره وحنينه لامرأة ولّت، عذبها حتى ولّت، مرّرّ حياتها حتى ولّت، أبكاها بكل لحظة حنونة بينهما دمًا حتى ولّت، وجدها غيره كالجوهرة فأخذها درة لتاج رأسه، حفظها وكرّمها وأشهر للعالم حبه لها، هذا الحب الذي هرب هو منه .... كنت أسأله لشهور من أنا؟ وظللت أسأل نفسي لسنوات ما كان كل هذا الحب وأين ذهب ومن أين جاء!

المادة \ الطاقة لا تفني ولا تستحدث من العدم! هكذا تعلمت! فأين كل ما كان!

بقدر الحب، بقدر عمقه، بقدر حلاوته، كان الثمن، كان المرض، كان الألم، كانت السمنة المفرطة في شهور، كان شرهٌ للسكر، كان ألم لا توصيف له ولا آخر حتى جعل الموت رحمة!

كل لحظة ضحكت فيها معه، بكيت شهورًا مقابلها! لم أبك فقط لكني تحولت تمامًا!

أعطتني الدنيا أصدقاء، سقط الكثير منهم وبقي من يحصى على أصابع اليد!
صدق أو لا تصدق، قبل شهور أعمق صداقاتي أو ما كنت أظنها كذلك، انهارت، كأنها لم تكن، كأني لا شيء، كأني في حيوات الناس عدم، آلة تعطي كل شيء في جعبتها ولا تأخذ إلا الرفض والطرد والتجاهل والتخطي!

قبل أعوام قليلة، ارتحل العضد الذي أستند عليه إلى بلاد كانت بعيدة قبل أن أستوطنها قبل شهور، واجهت الدنيا بيد خالية وصدر عارٍ وظهرٍ مجلود ..... واجهت الدنيا وليس في حلقي سوى الصراخ وليس في قلبي سوى المرارة!


العام الماضي، بدا وكأن الحياة تحاول أن تصالحني!
العام الماضي كان الأشقى
العام الماضي كان الألطف
العام الماضي كان الأحزن
العام الماضي كان الأجمل!

كان كل شيء وعكسه تماما!

العام الماضي كان مديري الجديد تماما يفتخر بكوني من فريقه! كان يعطيني كلما تلاقينا نظرة تجعلني أذهب للسماء بجناحي رضا!
العام الماضي فقدت صديقة مقربة لتسع سنوات متواصلة!
العام الماضي اكتسب صديقة لم أكن أعرف قدر محبتها لي!
العام الماضي فقدنا زميلة طيبة بقلب نقي سبقتنا للسماء!
العام الماضي أنجبت رفيقتي طفلا يشع بسمات جميلة ويضحكني ويأتيني ويلاعبني
العام الماضي كنت أستعد للاستقالة تمامًا
العام الماضي تم قبول نقلي لبلاد أجمل وأفضل!
العام الماضي اختبرت نوبات الهلع القوية والمترابطة والمتزامنة بأحداث والمفاجئة والثقيلة والقوية
العام الماضي رجعت لحضن أخي الذي افتقدته طويلا!
العام الماضي اختبرت أفكار انتحارية!
العام الماضي وضعت خططًا للمستقبل
العام الماضي قتلني من كان حلمي!
العام الماضي اختبرت شعورًا طيبًا مع أحدهم!
العام الماضي كان الألم ينهشني
العام الماضي تعلمت كيف أحيا وحدي
العام الماضي كرهت الوحدة!
العام الماضي صادقت نفسي
العام الماضي فقدت ثقتي بالعالم
العام الماضي وجدت الغوث عند خالقي
العام الماضي كفرت بالحب!
العام الماضي تزينت لإنه أعجبني أحدهم وأعجبته!
العام الماضي جلدت نفسي لضياع سنوات من عمري في الاكتئاب والانتظار
العام الماضي تم قبولي في دراسة عليا!
العام الماضي رأيت ضعفي عاريًا!
العام الماضي وجدت قوتي جلية!
العام الماضي كنت طفلة تبكي كسر لعبتها وتلعن العالم
العام الماضي كنت امرأة تعرف أي عطر تختار للصباح وأيهم يناسب المساء
العام الماضي ابتعد عني العالم
العام الماضي اقترب مني الله!
العام الماضي كنت عمياء تحاول السباحة وتخاف من الغرق وتبلع الماء وتشرق وتشهق وتبكي
العام الماضي كنت بصيرة تطفو بكل ثبات على الماء وتمتع نظرها بزرقة السماء
العام الماضي كنت آكل كثيرًا بشكل شره وجنوني
العام الماضي خسرت ثمان كيلوجرامات من وزني في شهر بحمية غذائية ممتعة
العام الماضي لم أقص شعري ..... جلست لأربع ساعات في الكوافير، زينت شعري، ونظرت لتلك المرأة الجميلة في المرآة، ينسدل شعرها على ظهرها وكأنه شمس جميلة لإنه ليس ليلا!
وقلت في نفسي ..... بالله كيف لا تكون تلك الجميلة أميرة الأميرات؟ وسيدة الجنيات الطيبة؟ وبطلة من بطلات ديزني؟
العام الماضي تبعت حمية غذائية بلا سكر ...... بلا طعام مصنع ...... بلا طعام جاهز ....... بلا منتجات ألبان كثيرة
العام الماضي امتلأت معدتي بأكلات لذيذة لم أعرفها من قبل!
العام الماضي كان كل فرد في أسرتي الصغيرة في مدينة!
العام الماضي اجتمعنا كلنا بنفس المدينة!

أنا ممتنة! 

لكل تلك الوجوه التي قابلتها، لكل تلك الذكريات التي تتسارع وتتصارع، لكل الحنين الذي شعرت به لحبي القديم، لكل النسيان الذي محى أثر لمسة يده ودفء أنفاسه، لكل لحظة أساء فيها معرفتي، وكل لحظة عرفني فيها وندم، أنا ممتنة لنسيانه وجودي، وجرحه لي، وكشفه عن مدى قسوته وجنونه، أنا ممتنة لتركي وحدي ثانية على قارعة الطريق، أنا ممتنة للصداقات التي انكسرت، للعهود التي لم تحفظ، للكلمات الخاوية التي لا معنى لها ولا صوت ولا صدى، أنا ممتنة لأطفالي الذين تركتهم خلفي في مصر، أنا ممتنة لملائكتي الذين يمنحونني كل يوم حضنًا طيبًا وبسمة، أنا ممتنة لرفيقتي الأردنية التي تتصل بي فجأة وتقول " وينك سارة اشتقت لك" أنا ممتنة لؤلائك الذين يعبرون بجانبي بلا تحية! أنا متتنة لرئيسي الجديد في العمل، الذي جعلني أمتن لرئيستي السابقة وأرى جانبًا منها لم أعرفه من قبل، أنا ممتنة لمديري الجديد الذي يجعلني أضحك أحيانًا رغم صرامته، أنا ممتنة لسكني وحدي في بلاد غريبة لأربعة أشهر متوالية، أنا ممتنة للصمت، وممتنة للضحكات، وممتنة للبكاء لإني لم أنجز كل أعمالي، أنا ممتنة لأخطائي التي كسرت أنفي، وممتنة لصمودي الذي يرفعه عاليا للسماء، أنا ممتنة لكل تلك الركلات التي ركلتها الحياة في بطني وقلبي، لكل السياط التي جلدت ظهري، لكل الحبال التي التفت حول عنقي، لكل النصائح المضللة، ولكل النصائح الصادقة! ممتنة لكل الوقت الذي يمر، والذي مر، والذي ظننت أنه مر بلا فائدة، رغم أن المعاناة فائدة!

أنا ممتنة لله .... وحده .... لكل هذا .... لكل الذي يجعلني أقف وحدي بالحياة، لأراني ... لأراه .... لأراه بداخلي وفي، ولأراني معه وعنده .... لأني من قبل لم أكن أراني .... لم أكن أراه ... لم أكن أرى!

في العام الماضي ...... أكلت عسلًا عند سيد كريم ..... ذهبت له في آخر أيام العام الماضي .... قلت له سيدي بالله ضيفني بالعسل، أشتهي حلاوته ..... تأخرت الضيافة وأنا على موعد سفر بعد يوم، استأذنت منه وهممت بالرحيل وأنا والله ممتنة لسماحه بزيارتي، فإذا بالخادم يدخل بالعسل ..... أكلت من العسل ما اشتهيت ... أكلت وكأن العسل ينزل إلى قلبي!

الحمدلله!