السبت، 5 نوفمبر 2016

الألوان ..... والنور

إن محبتي للألوان لا أعلم من أين أتت أو بدأت، متى ضربت بجذورها في قلبي؟ لا أعرف!

منذ صغري لدي مشكلة كبرى مع الرسم!

خطي سيء للغاية، أتعجب جدا مع عشقي للكتابة أن خطي سيء! لعلي أحب الكتابة باللغة الإنجليزية أكثر في بعض الأحيان لأنها تحتمل موهبتي الضحلة في رسم الخط!

أما اللغة الملكة -العربية- لا ترضَ بالقليل! أحبها، وأحب رسم خطها، ولكني -ولا يد لي في ذلك- أوتيت جمال التعبير لا جمال الرسم!

وكانت ذات الحال مع الرسم، لم أكن أتحكم في القلم بشكل صحيح، لا أعرف كيف أرسم المطلوب مني ببساطة!

أجيد رسم الخلايا مثلا في العلوم والأحياء، أتعلم كيف أنسخها، أنقلها، أجرب مرة تلو مرة، أجيدها ببساطة!
لكني لا أنسخها من المرة الأولى يدي لا تساعدني!

أجيد الرسم الهندسي! سهل ومحدد الأهداف والداوفع ...

لكن أن أقوم برسم احتفال شم النسيم! أكاد أبكي أمام هذا الطلب!

ورغم ذلك، لم أتنصل من الألوان، لم أخاصمها ولم أتجاهلها، لم أهجرها يوما، كنت حريصة دائما على اقتناء علبة ألوان جديدة في بداية العام الدراسي، حريصة على استخدام الأقلام برفق والمحافظة عليها، حريصة على تجريب ألوان ودرجات جديدة، فأطلب من أبي علبة أكبر!

وكنت أنال من سخرية أخي، لماذا أطلب هذه الألوان إذا كنت لا أجيد الرسم ... مثله مثلا! فهو ما شاء الله موهوب بالفطرة!

لا أملك ردا حقيقيا غير أني أحب الألوان!

على الدوام كنت أرتدي تلك الألوان التي تخفيني!

تشعرني بالراحة لأني مختفية، الأسود الكحلي الغامق والرمادي الداكن، ألوان الشتاء تدفيء قلبي جدا!
إنها مثل القوقعة،لهذا أحبها.....

أنبهر بالألوان الجميلة، والرسومات المنمنمة، والنقوشات المبهرة، لكني أبدا لا أشتريها! لماذا؟ لا أعرف!

كإن شيء في تلك الألوان المبهجة يجعلني أتسمر في مكاني أتأملها، الجمال حر طليق، لماذا كنت أشعر أن النور في خزانة الملابس يقتلها؟ لا أعرف!

حتى اليوم، يعض الأصدقاء يتهمني أني أرتدي ألوانا ذات بهجة! أتعجب، ألواني هادئة وخجولة، أغبط تلك الألوان الزاهية الرائعة التي تخطف قلبي وعيني!
أذهب لمن يرتديها أثني عليها، لا أقصد أي شيء وراء الثناء سوى الإعجاب الخالص لرقي الألوان، أو لجرأتها، وغجرتيها التي لا يقدر عليها سوى أصحاب القلب الشجاع الواثق!

الألوان ..... تلك البهجة ...... وذات الخدعة!

الألوان هي عبارة عن تغير في الطول الموجي لطيف النور الأبيض الخالص من نور الشمس ^_^

الألوان أصلها نور .... والنور لا يفعل شيئا مثل بهجة القلوب .... نتساءل الآن لماذا القلب يعشق كل جميل تراه العين!

في كل مرة أرى فيها لوحة، أتمنى لو أملك ذات أصابع الفنان وعينه، أرسم ما يبهج هذا القلب الحزين!

لعلي أجد في الكتابة بهجتي لذات الأمر، أشتهي الكتب التي تحمل لونا وطعما وصوتا ورائحة! لهذا أذوب في كتابات نجيب محفوظ وأغرق فيها...

ولهذا تسرقني في كل مرة كتابات السيدة راء! تجذبني من قلبي إلى تلك التفاصيل المنمنمة الرقيقة والملونة في غرناطة، كرائحة بحر الطنطورة ويافا والإسكندرية!

كل الألوان تشرق من ذات النور ..... والنور يأتي من الظلام، من قلب العتمة، من هذا الفضاء البعيد، الذي يطل علينا بثوب فاحش في المساء مرصع بالنجوم، الفضاء أدرك حقيقة النور، وحقيقة الألوان، الظلام يدري كيف أن لكل شيء قلب، والنور هو قلب الأشياء!

لا أعرف حتى اليوم كيف أمسك الفرشاة، ولا كيف أضبط الألوان، ولكني أعرف أن الألوان تحبني جدا، وأني أحبها بجنون، وأنه في يوم ما سيحين بيننا اللقاء فيكون لقاء عاصف مجنون، لقاء الأحبة بعد طول اشتياق ولوعة، فيمتزجان، ويتوحدان، وينسجمان في موسيقى اللون، ويرقصان كالبجعات، ما بين سحر الدقة، وجنون الغجرية، لا شيء يبقى بلا أجنحة!

إلى هؤلاء الذين يحملون الفرشاة، لونوا قلوبنا ببعض الجمال....
وهؤلاء الذين وهبوا سحر القلم والبيان، عقولنا وقلوبنا تشتاق إلى الجمال والهدوء والصخب، يلونون بريشاتهم، وتلونون بكلماتكم
وإلى أولئك الذين يحملون خبايا النور في قلوبهم، انثروا علينا التراب النوراني، انثروا علينا بعض ثرات الحب فتزهر في قلوبنا ألوان الطيف وأزهار الورد، وقوس قزح!

قوس قزح؟ لا يفوتني في ذكر قوس قزح أن أكتب سطرا في حب السحاب the cotton candy
في أن السحاب يوما سيحملني، ونطل من فوقه على غابات العالم وأشجاره وأنهاره وألوانه، ونرسل من فوقه قبلة للعالم في صورة ....... قوس قزح!