السبت، 31 مايو 2014

حب اعتباريُّ ! HER

يجلس على كرسي مكتبه

يبدأ في إعداد الكلمات المناسبة

ينطقها بعدما ضبط إعدادات الحاسوب على الحالة الشعورية للراسل 

ليبدأ بدوره في سطرها بخط أشبه بخط اليد البشري !

على ما يبدو أنها مهنة ستكون مستقبلا ..... حيث لا يكون للبشر فرصة الوقت الكافية للحب ... للشوق ... حتى للتعبير عن ذلك !

وقفت هناك ... عند هذا المشهد طويلا ... هل سيأتي هذا اليوم ؟ أما يكفي أننا اليوم نتراسل إلكترونيا بحبر وقلم وهمي ؟ 

أما يكفي أننا نجتهد في تطويع الكلمات كي تحمل أرواحنا !

فرق كبير وشاسع بين خطاب بخط اليد تقرأ في تجاعيده مشاعر كاتبه ... وبين خط جامد لا تحييه سوى حرارة الكلمات تعبيرا !

لا أصدق الخط الإليكتروني إذا ما قورن بخط اليد .

ولا أصدق أن زمان سيأتي علينا نستأجر فيه كاتبا يبث أحبابنا بعض المشاعر التي نعلمه بها بكلمة صغيرة ! فيضيف هو بعض التفاصيل التي يعرفها عنا لتبدو حقيقية ... ويجود الحاسوب الأمر باصطناع خط يشبه تماما خط اليد بل ويوقع تحته أيضا !

ظرف أصفر ......... طابع ........ قبلة ........ ساعي بريد ...... سيبدو الأمر حقيقيا تماما ! 


هذا الكاتب للرسائل.. ثيودر ... والذي يضفي بعض الحميمية على صوته تتحول إلى تعريجات قلم على الحاسوب ... يعيش حالة من الانكسار العاطفي بعد انفصاله عن حبيبته وزوجته في انتظار توقيع أوراق طلاقه .... 

يتذكر وحيدا كجرو بائس كيف كان يعشقها .... كيف حدث شقاق بينهما ... كيف لم يحتملان الأمر وتنازلا عن كل ما مر ... كيف أنها باتت تمضي قدما في حياتها وعملها وكأن لا شيء يحدث في حين أنه يعيش حالة قاتلة من الرتابة !


يتعرف على أحد أنظمة التشغيل ذات الذكاء العالي ... تلك الأنظمة التي تجعل حياتك أسهل بداية من تصفح البريد الإليكتروني إلى تصفح مواقعك المفضلة والتعامل مع التطبيقات الخاصة بك والمتصلة دائما سواء على هاتفك النقال أو على حاسوبك أو شبكة الإنترنت .  

هذا النظام ذو التحديث التقني العالي جدا يستطيع التواصل من تلقاء نفسه ... كعقل اصطناعي بذكاء عالي التقنية .... بحيث أنه يخاطبك ويتفاعل معك جيدا .

اختار ثيودر أن يكون التطبيق بصوت أنثوي ... سألها عن اسمها ... سامانثا ! 

لتبدأ قصة حب ........... مع نظام التشغل ! 

تلون صوتها كامرأة حقيقية ..... تمنحه التنهيدات وتموجات الصوت ... يقف متسائلا ... لماذا تقومين بهذا وأنت لا تحتاجين الأكسجين !

يصور لها كل شيء بكاميرا الهاتف ........... يرسل لها كل ما تريد أن تراه ........ كامرأة حقيقية يتواصل معها .. يمنحها الشعور ... ويتفاعل مع حكاياتها العجيبة والغريبة عن عالمه ... حتى أنه مارس الجنس معها ! ! ! 

صارت كقصة حب حقيقة !

لا سبيل للقاء لكنه مكتف تماما بتلك المشاعر !

هل حقيقية نبعت أم أنها مجرد احتياج إلى أنيس !

يتفاجيء قرب نهاية الدراما المفجعة أنها على تواصل مع آخرين .... يصدم ... يجلس على درجات السلم ... يسألها ... كم رجل تتواصلين معه غيري ؟ رقم فوق الثلاثة آلاف والثمانمائة شخص !

وكطعنة ... يسأل ... كم رجل تحبين غيرين ؟ تبادلينه المشاعر معي ؟ تقول بصوت لا شك بشري .. لا شك مفعم بالحياة والحركة والأكسجين ... حوالي 641 على ما أذكر ربما أكثر ! 

يصعقه الرقم ....... يصفعه ........ تتدارك ...... لكنني أحبك أنت .... حبي لك مختلف حقا عن حبي لهم !


يفيق أنها مجرد تطبيق إليكتروني

لسبب غير معلوم .

تتوقف الشركة عن امداد التطبيق وتلغي تفعيله على جميع الهواتف

صديقته في الطايق القريب تتشارك قصة حب هي الأخرى بعد طلاقها مع نظام بشخصية ذكورية !

يلتقيان أخيرا 

كجروين بائسين

ينتهي الفيلم

لشخصين أشبه بالمسوخ

يقعان ضحية الاحتياج لشخص ذكي يمنحهم شعور ولو كان زائفا بالاهتمام والحب !



المفجع في الأمر أن الشخص نفسه كان زائفا 
أنه لم يستطع الدخول في علاقة حقيقة أو إقامة علاقة جديدة مع امرأة من لحم ودم !

أنه قال لها بهدوء لن ألتزم بشيء تجاهك ! لست في موقف الالتزام بأي شيء !

شيء حزين كم أن الإنسان أصبح بائس ....... كم نحن بائسون ! 

على أتم استعداد أن نحب تطبيق إليكتروني .... أن نحب أي شيء يملأ فراغ حياتنا ... أصبحنا نميل إلى الركن الرتيب في الحياة ... إلى تلك المنطقة المظللة من العالم ... 

غير آبهين لصدق الحب ............. أو لحقيقة المشاعر 

لعل المسوخ التي تشوه قلوبنا في عالم الواقع  هي التي دفعت بنا إلى هذا الركن !


لعل زيف يحيط داخلنا جعلنا لا نريد خوض المغامرة مع شخص يتفاعل حقا ويغضب ويخطيء ونحبه ونسامحه ونعتذر منه ونتداول الكرة فيما بيننا !

وصل البؤس به أن يستغني بمناخ زائف من الصور والموسيقي والتعبيرات الجنسية التي تهمه بها .... عن ضمه زوجته عندما يعود محملا بالهم مساء من عمله !

أن يقف وحيدا أمام الشاطيء وهو يصور لها منظر الناس والموج .... ويستغني بكلماتها عن رؤية خصلات شعرها تطير أمامه محمله بنسيم البحر وعطرها !


عن لمسة يدها وهو يسير معها في الطريق !

كيف يهديها باقة ورد ! 

كيف يلقي رأسه على كتفها ... أو يضم جنونها بين ذراعيه عندما تغضب !

كيف يغار عليها ... هي تطبيق متاح لكل البشر !

كيف أنا بائسون حقا !

من الممكن أن نتحول لحالة من إشباع الغرائز وفقط

نمتزج بالآلات ونتزاوج بتطبيقاتها 

نفقد أرواحنا !
تفردنا بأنا بشريون !

الآلة كانت تخونه

وهو بين ........ هل من حقها خيانته ؟ أم من حقه فرض الملكية عليها ! 

هي ليست كالبشر تهبك حبها وتنشد إخلاصك !

ينتهي الفيلم

بكلمات رقيقة يرسلها إلى تلك الحقيقية في حياته ......... زوجته السابقة !  

( ما دمت حقيقا لا شيء يهم ... لن يحيلك المسوخ حولك مسخا .... لن يقتلك الزيف ... لن يصيب جوهرتك ... ما دمت حقيقيا ... لن تقص جناحاتك التشوهات ... ولن يصيبك الهرم .... ما دمت حقيقيا ... لا تخش الحب أبدا ! ...... الحقيقيون يتعرفون بعضهم في نهاية الطريق .......... وتبقى أصداء المشاعر موسيقى الحياة للنهاية ) 

السبت، 24 مايو 2014

بعض الشغف !

والكتابة شغف .... التجول في صحاري الكتب وغاباتها شغف أيضا !

بعض الشغف يكفي ليحيا الإنسان طوال عمره مأخوذا بحلم ، ومحاربا بكثير من الصبر والعزم !

ربما .. " شغف " هي الكلمة التي كنت أبحث عنها لأعبر عن تلك الأشياء الصغيرة التي تغرقني بداخلها .

التأمل ....... الموسيقى ............ الروائح ......... العبق ........... التاريخ ......... السماء ........ الورد ....... الحلم !



أجنحة الفراشات تأخذ مهجتي وتحلق بها نحو ذاك النور الناعم في السماء

زرقة الألوان تسحرني

صوت البحر

رائحة النسيم

ذاك النفس العميق الذي يتملك الخلايا الداخلية ... حتى تشعر أن البرودة تلامس كل خلية بك !

رائحة الصيف

اللون الأخضر لورقة تفتح عينيها للحياة لأول مرة !

الأطفال

كلماتهم المتكسرة وروحهم الطوافة الخفيفة

الشغف بقطعة موسيقى وترية

بقصة تروى في جنبات دروب القدس

بهمسات ناعمة حالمة وصادقة

الشغف

هو ما يجعلنا نغرق حتى النخاع في أشياء رغم صعوبتها ويجعلنا نخرج رؤسنا نصرخ من التعب والتهور ... هرمنا ! ... ثم جرعة هواء ونغوص ثانية بجنون ومتعة رغم المعاناة نجد شيئا رائعا لا نقدر على وصفه بالكلمات بداخل تلك الأشياء التي نشغف بها !



الحلم !

عالم القصة

شخوص تدور في خيالاتنا

بعض الصفاء والهدوء

إيمان مجنون بأن أسطر الكتاب تحوي المزيد

هرولة نحو الكتب ثانية

نحو فيلم لصور متحركة

نحو أسطورة ينتصر فيها الخير بالأخير

نحو بلاد يسحرنا كل شيء فيها

يفوح تراب شوارعها بروائح تأخذ أنفاسنا

نحو أجنحة الفراشة

نذوب فيها

نحلق معها وبها

نغوص في كل شيء بِـوَلَهٍ وعشق

نغرق في الأشياء

ولا نفيق لتلك المسوخ التي تدور حولنا

نهرب بين طيات الكتاب

حيث أن الكتب ........... هي بعض الشغف !


الأحد، 18 مايو 2014

عيونها! أسرتني!

حتى اللحظة  لا أصدق ما حدث!

لا أصدق أني وهي او هو تواصلنا للحظات بالنظر!

تلك العيون

أذكرها الآن فيعاودني التبسم من جديد!

كنت أجلس بجوار زميلي في سيارته حينما باغتني منظر رائع
بقرة تبدو صغيرة...  تقف بجوارها بقرة أصغر حجما تبدو كدمية صغيرة بعيونها براءة تسحر!

نظرت لها بدهشة..... كم هي رائعة.....  ضحكت....  لوحت لها بحرارة....  وكأني أنتظر منها تلويحا مقابل!
أرى في عيونها كلمات كثيرة
طفولة رائعةة
لأول مرة تجذبني عيون البقر!

أظن السائق فطن الأمر
زميلي كذلك!

سارة!  تلوحين لبقرة!  لعجل!

انفجرت ضاحكة.... لثوان تالية أدركت أنها ليست طفلا سيبادلني التلويح والابتسام.....  يقول ايه السواق؟  بتعملي لمين باي باي؟  مجنونة!

لم اتوقف عن الضحك

عيونها يا محمد...  شكلها !

أظن أنه في تلك اللحظة شكر الله على طفلته ذات السنوات الثمان العاقلة التي كانت لتدرك بلحظتها انها حيوان لن يرد التحيه
وان فعل فلن يردها للغرباء!

ولم لا؟  من قال ان الحيوانات لاا تقرأ الحب وابتهاج العيون بها :)

لقد وقعت في الحب مجددا <3
لازمني المشهد طوال اليوم

لازمني سحر عينيها!

لازمني براءة النظرة

ذهولها!

اكتشافها للعالم!

لم لم يعطني القدر فرصة احتضانها والحديث؟  

نظرة وكنت أحسبها سلام ... #الست حالة تجلي


أم كلثوم !

بقالي فترة عاوزة أكتب حاجة عنها

بكتب بالعامية !

جريمة :)

حالة من التفرد في المعنى والحب والشوق والهجر والعتاب

حالة من التفرد في الإبداع ... وانتقاء الكلمات والألحان

كل واحد صاحب آلة مستمتع باللي بيعزفه واللي بيسمعه

سيمفونية !

مشفتش في حياتي كده !

مكنتش بحب أم كلثوم لأن كل اللي حواليا كانو بيحبوها وبيمجدوها جدا ... وكنت مش فاهمة ليه بيعملوا كده !

عامة أي حاجة ماما تقول فيها شعر بكرهها تلقائي ! غلاسة بقى ... جنان المراهقين ... قال يعني أنا كده ليا شخصية ؟ معرفش يمكن كل دول ... بس ماما وبابا من عشاق أم كلثوم ... خاصة بابا ... وبامتياز !

بدأت أفهمها في المرحلة الجامعية !

بدأت فعلا أسمع الكلمات

آخد بالي إزاي اللحن متناغم جدا مع كل حركة ونفس وتنهيدة منها أو من الأوركسترا اللي وراها !

بدأت أتأمل في حفلاتها التليفزيونية المسجلة ملامح الناس وراها ........ حالة من الاندماج الرهيبة ! الرائعة فعلا !

الناس دي حابة اللي بتعمله ومستمتعة بيه

أم كلثوم بتدي لمعاني الكلمات معاني أعمق بتلوين صوتها ... صوتها اللي بيدي بعد جديد ومصداقية جديدة للقصة اللي بتغنيها !

أنا بسمع دلوقتي " هو صحيح الهوا غلاب ؟ " هي تقول معرفش أنا ... وأنا كمان ! والله ما اعرف يا ست بس شكله كده !

نظرة وكنت أحسبها سلام وتمر أوام أتاري فيها وعود وعهود ... عهود لا تصدق ولا تنصان .. عهود مع اللي ملهش أمان ! وصبر على ذلة وحرمان ووقت ما أقول حرمت خلاص أقول يارب سيبني كمان ... إزاي يا ترى أهو ده اللي جرا وأنا معرفشي !

صوتها وهي بتقول معرفش أنا ... إحساس وهي بتقول عتاب ... يقول إنها هتقرر الفراق والهجر في الكلمات الجاية

صوتها وهي بتقول أقول يارب سيبني كمان ! يخليك تدوب في حالة إنت عشتها أو بتعيشها .. أو حتى بتسرح فيها معاها فتعيش معاها القصة بتفاصيلها

أم كلثوم !

لما غنت سيرة الحب ....... إنت عمري ........ لسة فاكر ....... حيرت قلبي معاك .......... دليلي احتار ...... أمل حياتي ........ ألف ليلة وليلة ...... الأطلال ......وغيرهم

كل أغنية بتكلمك إنت ........ بتكلم حاجة جوايا ........ كلام كتير كنت أسمعه لأول مرة ويصادف وجودي بالحالة دي !
كنت بتعجب من قدرة الشاعر على التعبير دي ....... بس كان بيجنني قدرة صوتها وإحساسها على التعبير بالعمق ده !

كانت تقول الآه كأنها خارجة من جوايا !



كنت بحس إن إرسال أغنية لأم كلثوم للي عاوز تعاتبه أو اللي عاوز تقوله بحبك دي أروع وأجمل وأسهل رسالة !

دونا عن باقي المغنين

أم كلثوم حالة إبداع متفردة !

فهمت دلوقتي ليه ليها عشاقها ............ وليه كانو بيسكتوا تماما أدامها !

عشان ببساطة كانت عارفة تقول كل الآه اللي جواهم .......... وعارفة تعبر عن اللي عجزت كلماتهم عن البوح بيه !

القوة والضعف

العشق والذوبان في المحبوب ........ والقوة والكرامة والكبرياء ....... اللين ....... والقسوة ....... العقل والعشق في نفس الأغنية بتغير موجات الكلام والأنفاس والتنهيدات وكل حاجة !

أوركستر كان عاشق للفن ........ عاشق للحالة ........ فاهم كل حرف بيتغنى ... منسجم .... مندمج جدا ......... حالة مختلفة وملكوت تاني مع صوت وإحساس أم كلثوم !

حالة رائعة

وليها حق تبقى ......... السيدة أم كلثوم :)

الخميس، 15 مايو 2014

مرآة العرايا!

تلك المرآة التي نرى فيها التفاصيل،  ونخلع أمامها الحلي والحلى. 

نتجرد فيها من المشاعر والأفكار ونتأمل فقط حاضرنا كيف يبدو بلا أية أحكام مسبقة او لاحقة. 

نتأمل فيها تجاعيد الزمان كيف يثبت وجوده على صبا جلدنا بلا رفق. 

وكيف تبدو الوجنتين أكثر احمرارا عن ذي قبل رغم السن! 

ندخل في حالة من التيه واللامبالاة.....  كايداع العقل صندوق فارغ من كل شيء سوى مرايا متوازية 

ينظر كيف يبدو صغيرا جدا....  بسيطا وفقيرا بلا حلى! 

كيف يبدو منكمشا عجوزا على غير ما يعلن من عنفوان صباه وقدرته على المراوغة والتفكر! 

يبدو... كعجوز صيني أفنى عمره في تأمل اللاشيء لكنه متخم جدا ومرتاح لحالة اللاشعور التي يجدها أمامه في المرآة! 

لعله بذلك يفرغ شحناته السلبية

يستعد لغسل طويل عن قذارته وقبحه

لعل الروح تحتاج ذات الأمر.... لكنها صبية لعوب....  لا تصمد أمام جرأة المكاشفات عارية كصمودها مشدوهة أمام البحر! 

وقتها تسكت عن جموحها.....  تفرغ كل شيء في صمتها..... وترحل مولودة جديدة عنه! 

للسماء..... تبدو مجذوبة...... وتجري البحر في طيف دمعاتها..... تذكرها ملوحتها بهياج سكون حكمة البحر!  

فتبدو هناك مراياها الخاصة!

الأربعاء، 7 مايو 2014

بقايا الحلم ..... ! أني أكرهك !

ولماذا نرد بكل ثقة عندما نحلم ؟ لماذا ؟

نملك مفتاحا لكل باب مغلقا ..... نملك إجابة وحلا لكل سؤال أو مشكلة ؟

نغرق في المشكلات الكبيرة بلا خوف ولا تردد ؟

لماذا ؟

نبكي ........ نصرخ .......... نسقط .......... نتألم ....... ثم فجأة نهب وقوفا ننفض التراب عن أرواحنا ونقول لأنفسنا هيا فلنبدأ من جديد !!!!

إنه الحلم !

فقط ........ براح سماء الأحلام تجعلنا نحلق في حرية وبلا خوف .... ندرك أن أرض الواقع بعيدة جدا ... ولكن .. ما يشغلنا ونحن نملك حناجين نصقلهما كل صباح بنور الشمس ؟

كيف حال قلوبنا حينما بقينا في كهف مظلم ؟ ........... هل جربت فصول العام في نفس الكهف ؟ هل جربت أن تشم روائح العفن المتصاعدة هناك ؟

هل جربت أن من كنت تجري وراء الشمس لتمنحها لهم تركوك في عفن السكون وحدك .... !

شعور قاتل

شعور يجعلك تقسم ألا تفقد نور الشمس ثانية !

والحلم شمسي .......... والخيال مهجتي ............ وأرى في سواعدي الضعيفة وقلبي الصغير قوة العالم مجتمعة !

كل إنسان لديه القوة العظمي لفعل كل شيء يخطر بباله ........ لا شيء مستحيل ........ الصبر مفتاح الفرج !

لماذا علينا الاستسلام من أول جولة ؟ العالم ليس أقوى ! الكون ليس عدوا نتحداه !

أحب الأشياء حولك وابتسم ........ افتح بقلبك شباكا صغيرا ........ يدخل شعاع الشمس على استحياء ..... يوقظ بقلبك بقايا الحلم !!!!


وقلبي الذي مات بين يديك كمدا منذ حول وأكثر ...... كانت لديه مثل أي طفل صغير بقايا أمنية ......... لكنه انزوى .... عندما نهرته أثناء التحليق مع عصفورات الصباح انزوى ........ ودخل كهفا صغيرا مظلما !

وكان يتنشق كل يوم رطوبة الطين من حوله !

وكان ينتظر شعاع الشمس أو الموت الحميم !

لكن بقايا الحلم كانت يا فعة جدا ........ رفضت أن تموت في مكان عفن ...... رفضت أن تنزوي ......... ظلت تناضل وتحيي فيه الأمل وتبث نبضا من جديد .

تظن القلب تعافى ! القلب صار مشرقا ينظر للشمس ......... وبآخر الليل الحزين ينزوي وحده من جديد

لكن .......... تراه يموت من عرف الحلم يوما وحققه !

هكذا .............. من رأى نور الشمس يؤمن بالصباح !

بعض الثقة بأن الله هناك في مكان ما في السماء !

بأن الله ينظرني ............. وكنا نتكلم ............ وكان يرد كل كلماتي في الصباح ......... وكان يرسل قبلة لتنير وجهي في الصباح ........ وكنت أرسل له قبلاتي صباحا في الهواء !

وكنت أقول له في الليل يا رحيم ............ وكان نهارا يصلح بقية من بقايا الحلم في قلبي !

وكنت أيأس أحيانا وأجلس متعبة ... وأبكي !

وكنت ألهث وكنت أجري وكنت أجلس ليلا في الركن السكين .... وكنت أشكو إليه ... وكنت أقول له كم أنا ضعيفة !
وكان يبتسم ... وكان يقول إن الكون سخر لي .... وكان يربت على كتفي .... وكان يرسل كل صباح الشمس تضحكني !

وكنت أنظر للسماء ........... ظللت طويلا في كهفي ........ وأخرجني ........... وبدأت واللهُ يوما جديدا مجددا !

وبدأت معه أسير كل صباح أحمل حقيبة أحلامي ..... وكان هو من علاه يبتسم !

وكنت أذكرك ......... وكنت أنظر إليه ...... وكنت أقول تراه يا رب يذكرني !

وكان يبعث لي شيئا يطمئني عليك !

وكنت أجلس في المساء أجمع الدعوات كلها ... وأدعوا !

وكنت في مكان بعيد ... وكان قلبي يحدثني بأنك عابث !

وكنت أرجو في المساء التالي ألا أذكرك

وكنت نسيتك .......... لأول مرة ............ كنت نسيتك .......... فإذا حدث جئتني في منام !

وكنت أحمل في الصباح حقيبة الأحلام مثقلة !

بقايا الحلم

كنت أنثرها في كل شيء حولي

كنت أجمع كل نفسي لأجمع حلما جديدا لا يؤلمني أنك فيه أو أنك لست فيه !

ورأيت كل صعب يهون عندما أركب للحلم أجنحة !

وصارت الفراشات ملهمتي في الربيع التالي !

ورأيت كل شيء أصغر من نفسي وقلبي .... وسجادة أجلس فوقها ليلا ...... تصبح السماء تحت كفي أرسم بنجماتها كل شيء !

أنظر للإله وأبتسم .......... أقول له ........ ستحقق لي كذا وكذا في الصباح التالي ! ربما بعد شهر ... لكنك ستفعل !

أرسل له قبلتي

أنام لصباح جديد

يجذبني الكهف كل ليلة ...... أقاوم ......... تعلمت المقاومة ........... وليتني تعلمت كيف أهدم الكهف فوق رأسك !

تعلمت أن الأبواب المغلقة لها مفاتيح عدة ... وإن خلقت بدون مفتاح فهي تفتح بشيء آخر !

كل ما أملكه يا سيدي بعض الثقة بأن الله يرسل لي عيناه في الصباح تنظرني .... وأنظر لها وأقول يا الله أريد وأريد سأفعل وأعني

كل ما أملكه يا سيدي ثقة بأن الله لن يخذلني لأني حقا أحبه ! لأني حقا لا أنوي الشر ولا أقصده ولا أحبه ولا أسعى فيه ولا إليه !

كل ما أملكه يا سيدي ... أني بت أفهم أن الصبر والحب والتسامح والتحمل يجعلون المرأة أخف وزنا فيستطيع التحليق ليلا في السماء

من قال لك أني أحب الأرض !! أنا أكره الأرض ... أنا دائما هناك بين نجمات السما !

دائما ........ نحادث بعضنا ........ ونحلم سويا ..........

وأصعب شيء في التحليق ليلا .......... هو أن روحك كانت تشي لي بأشياء كثيرة !

الأمر يبدو جنوني أعلم !

لكن ........... كم مرة قلت لك آفاق الروح أوسع وأعلى وأكبر ؟ كم مرة قلت لك كنت ألتقيك وأفهم عنك ؟

أتذكر حلمك الذي رأيتني فيه ؟

كانت رسالة روحي ........ كنت أريد أن أضربك في صدرك بكلتا يدي وأدير ظهري عنك وأبكي !

مرة أردت صفعك .. مرة !

ولكن اليوم .............. أن تزعجك أحلامي ....... أن يزعجك طنين أجنحتي ...... أن تظن أن كل الكون على كوكب الأرض كائن ... أن تقص جناحاتي عبثا برأيك .......... أنت يا سيدي تجعلني أفاضل بين أحلامي وبينك !

وأنا لا أفاضل ....... أنا أحلم بكل شيء ............ إن ملكته ابتسمت ... وإن أفلته ....... ابتسمت لأنني لمست الحلم فيه !

بقايا الحلم .......... تلك البقايا التي قتلتني ... وأحيتني .... وحلقت بروحي لديك .... وسألتك ... وأخبرتك ... وعرفت منك ... تلك البقايا التي اليوم تحولت إلى أشواك ... تحولت إلى وجه قاس جامد يرفض الأحلام ....... جعلتني لأول مرة أنطق في قهر وحزن أني .......... أني أكرهك !

هو نفس الحلم الذي سطرت خطوطه معك ولأجلك !

كم قلت لك لا تعاند ولا تخرج غبائي !

كم قلت لك احذر من امرأة عاشقة !

أوصد الفؤاد دونك .......... وانتهى ! 

السبت، 3 مايو 2014

ذاك العمق !

هل تعرفون ذاك العمق ؟ هذا المكان السحيق بدواخلنا ؟ الذي لا نشعر فيه بنبض بل نشعر فيه بالغوص أو الغرق ؟

ذاك المكان في عمق الدواخل والحشا ؟ حيث هوة سحيقة هناك ؟ حيث ندفن هناك أحزاننا أو فرحنا بعيدا عن الكلمات والتعبير ؟

ذاك المكان الذي نعجز عن شرحه ووصفه بسهولة ؟ نحفظ فيه جواهرنا ونختلي بها !

هناك فقط ........ صندوق صغير ... مرصع بالبراءة ... ومزين بالصدق ... هناك صندوق خشبي .... يخلو من التبرج والتلون والزينة ... يشي بما نحاول تجاهله بوعينا !

هناك ......... يسكن الحب إن صدق بعد دوامات القلب القلوب ! 

هناك ........ يصل الحب إلى أبعد ما يمكن أن نصفه أو نختزله في الكلمات ... هناك وقتها .... نجد الصمت يلازمنا أكثر .... نجد تنهيدات القلب هي المتحدث الرسمي ... نجد أن النبض تلاشى ... أصبح كالكلمات ... أصبح لا شيء !

هناك ...... نغوص ونغرق ...... ونسبح ونطير .... هناك نجمات السماء ... وفراشات الربيع ... هناك رائحة الملح ورذاذ المحيط ... هناك نسيم الربيع وندى الصباح على ورق الزهور ! 


إن أصاب الحب هناك ... وهناك فقط .... تستطيع أن تقول أنك .... واقع في الحب ... هل عرفتم الآن لماذا في الحب نقع ؟ لا نصعد ولا نسير ؟ 
لأن الحب ............ هناك .......... في العمق العميق من الفؤاد ! :)  


الآن ....... هل تشعرون به ؟ 

بذاك الذي يشبه السقوط ؟ بتلك الهوة الرائعة ؟ بذاك الذي يعجز النبض عن وصفه ؟ 

نعم نعم هناك .......... أرسلوا من تحبون إلى هناك ........ هناك أصدق .... هناك لا يدخل إلا من تعارفت هوية أعماقهم .... إن شعرتم الصدق فيهم ... أرسلوا كل الكلمات والصور إلى ذاك الصندوق الرائع ... اسقطوا فيه معهم .... اغرقوا وغوصوا هناك 


هناك .............. شيء أقوى من الحب والغرام وما يتناقله الشعراء ... هناك قوة عجيبة ... قوة كالشمس تمنح التسامح بقدر ما تبث الحب .... تمنح الرحمة بقدر ما تولد القوة .... تمنح الشجاعة ..... تمنح البراءة .... تمنح الحياة كل يوم من جديد ! 

هناك شعور مختلف ... أعمق .... وأصدق .... وأقوى بلا شك !

هناك حيث نتحمل ملا يطيقه الجبل ! هناك حيث نصبر رغم تسرعنا وقلة صبرنا ..

هناك حيث ... عندما يسأل أحدهم لماذا تتحمل ؟ تجد نفسك بين اختلاط مشاعر كل منها أقوى من الآخر !

حيث تشعرين أنك عاشقة .. فإن استفز فيك الأنثى ... هبت لأجله الأم المختبئة هناك ... وإن عابته أمه ... وقفت الصديقة تقول بل يقصد ويقصد ! وإن رحلوا ... وفقت الأخت مشفقة ! 

هناك ... حيث تتعدد شخوصنا رعاية وحماية للحب في العمق ....... حيث لا نفهم أنفسنا .... حيث لا تأخذ الصراعات أكثر من الكلمات التي تطلق وقتها .... لا كراهية تثبت ساعةً ولا ضيق يصمد أمام صلابة الأشياء ونقائها في العمق ... هناك حيث تسامح لا ينضب وحب متوغل الجذور !

هناك حيث لآليء الأشياء ... حيث قيمة الجوهر هي كل شيء ! 

هناك لا شيء يعادل الرحمة ! المودة ! التي هي تولد الحب وتولد التسامح وتبدو كالشمس لا تغيب ولا تنتهي !

هو ذاك العمق الذي إذا سقطت فيه لـفترة ! تغضب ويجن جنونك للظواهر ... وتعود جواهر الأشياء تضحكك كأن لا شيء حدث ... هو ذاك العمق الذي لا أفقدك فيه مهما ابتعدت ... فيصبح القرب والبعد مستويان !

اغرقوا قليلا .... غوصوا هناك بأحبابكم .... غوصوا قليلا فقط ! 

ستدركون أن العمق أعمق من توافه الأشياء التي تمسكون بها وتصطرخون !

ستدركون أن كلمة الحب ... ليست أقوى الأشياء .. ولا أروعها ... أن النبرات الكاشفة عن الهوة العميقة تبدو أقوى كثيرا تزلزل كياناتكم كقطرة ماء فلقت حجرا صلدا !

مــاتـت !

ولأن الحياة سريعة والعمر كذلك ...  و لأني عندما كتبت لأنه لا يتنظر ! كنت أعنيها حرفيا !

كتبت يومها تعليقا على الأمر على صفحتي على (فيس بوك ) ما نصه :-

" العمر أقصر من الإنتظار !
أقصر من ألا تغمض عينيك وأنت تذوب مع قطعة شيكولاتة !
أقصر من ألا يسري الحب في جسمك مع كلمات قصيدة أو معزوفة رائعة !
أقصر من ألا تبتسم لمهجة طفل يلهو فتلاقت أعينكم !
العمر أقصر من أن تؤجل كل شيء للغد !
الغد قد لا يأتي .... الغد قد لا ينتظر ..... الغد قد لا يحمل اسمك بين العابرين !
العمر أقصر من موعد انتهاء العمل وانتهاء السفر !
أقصر من أن تخصص وقتا لمعرفة رائحة أحبابك وأنت تحضنهم !
من أن ترتب لقاءً منمقا كي لا تنس ملامح أصدقائك !
إن قابلتهم في الشوارع ...... إن تعانقتم ............ دس أنفك فيهم ......... رائحة الأحضان تبقى طويلا بعد أن يسرقهم الزمن ‫#‏إسألني‬ 
" لا شيء ينعش قلبي مثل تذكر رائحة جدي عندما كنت أنام بحضنه ! "
العمر أقصر من ألا تبتسم في وجه الحياة ... من أن تتكتم دمعتك ... من أن تتحفظ على دخول نسمات الهواء لتنفض عن ضلوعك الوهن !
العمر أقصر من الفرص
العمر أقصر من تكرار الفرصة ......... ومن الاحتفاظ بالحب ....... ومن التفكير في السعادة أو التعاسة أو التمهل !
أقصر من الإنتظار !
ابتهج باليوم ....... ولا تنتظر الغد ......... ببساطة .......... قد لا يأتي الغد ! "

جائت تخبرني بأن صديقتها ترقد على فراش الموت .... لعلها أسابيع قبل أن تقضي .... لعلها أيام

سألتها باهتمام : هل زرتها ؟ هل ذهبتم لرؤيتها ؟ قالت : كلا ، لا نريد ، كيف لنا أن نراها هذا ؟
منذ متى كانت آخر زيارة ؟
كانت منذ فترة ليست بالقصيرة ! لا أذكر .. حالتها  تسوء كل يوم عن ذي قبل ... كما يقول الطبيب .. لعلها أياما معدودات !

بصرامة ... : ما لقلوبكم ... اذهبوا لها ... زوريها ضروري ... غدا أو بعد غد ... لاتنتظري خبر وفاتها لتذهبي في مجلس العزاء 
( إلحقي شوفيها قبل ما تموت ... إلحقي سلمي عليها واحضنيها ... إلحقي يا **** قبل ما تندمي إنها ماتت من غير ما تودعيها فاهماني ؟

ردت : ( لأ ... مش هروح ... لا مش هقدر ... مش هنسى شكلها ... مش عاوزة أشوفها وهي كده ! )

بحال يوشك على الجنون : ( يعني ايه ؟ مش يمكن هي عاوزة تشوفكم وتودعكم ؟ ليه محطيتوش نفسيتها في اعتباركم ؟ ما يمكن هي كمان مشتاقة ؟ حرام عليكم والله ... تحرموها من شوفتكم قبل ما تموت .. أنا فعلا مش فاهمة المنطق اللي بتفكروا بيه ! أنا لحد النهاردة بندم إني مقعدتش آخر يوم مع جدي طول اليوم جنبه ... بلعن نفسي إني مشبعتش منه ! ) 

بهدوء وشرود : ( اللي عاوزه ربنا يكون ..... امتى آخر مرة شوفتيه فيها لما كان في أنهي غرفة ؟ )

وانتقل الحديث إلى جدي

ولم ألبث أفكر في الأمر ..... إن كنت مكانها ..... كيف سأفكر في آخر لحظات عمري .... سأفكر أن أموت في أحضان أهلي وأصحابي وأحبابي .... سأفكر أن أموت وآخر ما أغلق عليه عيني هي وجوههم .... سأوصيهم أن يبتسموا في وجهي وأنا أفارق تلك الحياة .... أن يتعطروا بعطورهم المميزة .... أريد أن أرحل ورائحتهم في أنفسي وشكل بسمتهم يرتسم في عيني ..... ما أجمل الموت على كتوف أصحابك

اليوم .... جاءها اتصال مفاجيء ... تغير وجهها .... لا حول ولا قوة إلا بالله ... بشيء من القهر سألتها : ماتت ؟ !!

قالت : نعم ... ماتت !

قلت لكـِ زوريها ... انظري في وجهها قبل أن تموت ! .... دعيها تراك !

سأذهب إليها الآن في المشفى الذي ترقد فيه !

في عقلي رددت : الآن ؟ لا فائدة يا سيدتي الآن

الموت لا ينتظر كلمات الحب منا حتى تخرج ... لا ينتظر حضنا نمنح فيه أحبابنا جزءا من أرواحنا .... لا ينتظر بسمة كنا نؤجلها لأن اليوم مليء بالمنغصات

الموت لا ينتظر حتى نعدل هندامنا ... ونحمل باقة مزهرة ... ونقف بأبهى الصور ... لنقول لأول مرة ... كم نحبكم
الموت لن ينتظر تعقيدات أفكارنا ... لن ينتظر سواد قلوبنا حتى نصفو تجاه من أوجعونا ... حتى نمنح الحياة معنى جديد
الموت لن ينتظر أن نسبح مع الأمنيات وفقط !

لن ينتظر شيئا منمقا 

إن أحببت ..... دس أنفك في حضن من تحب .... تعرف رائحته جيدا ... هي ما سيبقى معك بعد الرحيل ... أيكما ذهب أولا :) 



الخميس، 1 مايو 2014

دائما هناك ميلاد .. !

كل شيء حولنا في الحياة مثل الفصول .... ينبيء بميلاد جديد كميلاد الزهر واكتساء الأشجار ثانية في الربيع .... كل شيء يتغير .... يتقشر .... يولد ميلادا جديدا وكأن العالم كل صباح يفتح صفحات جديدة بيضاء خالية من ذنوب الماضي ومنغصات الأمس !

السماء .... كيف تبدو قذرة جدا .... يعلق بها الدخان والتراب .... تعلق بها الروائح الكريهة .. تعلق بها خطايا البشر في حق الإنسانية ..... حتى تتلبد غيومها كمدا .. وحسرة .... عندما ننظر للسماء نظن أنها ستنتقم منا .. لأنا من فعل ولوثها .... تبدو عصبية جدا ... كامرأة بأوجاع المخاض تتهادي وتتأوه .... يضطرب الغيم ويصطدم ... وتبدأ بغسل كل الخطايا بالمطر ..
ليست وحدها من تعود جديدة بعد المطر ... ليست وحدها من تبدو نظيفة تماما طفلة تماما بكل البراءة وكل الروائح الوليدة بعد المطر .. الأرض أيضا تخلع ثوب الكراهية ... وتتعرى في استقبال الاغتسال من كل الحزن ... تحت المطر !

شجرة البونسيانا تحت نافذتي .... تبهرني كل عام .... تقاوم الشتاء .... تغبرها الرياح يوما وفي الغد تفتح ذراعيها للاغتسال في حضرة المطر ... تبدو مع بزوغ الشمس يانعة ومشرقة ... شابة في مقتبل العشرين .... راقصة ... تداعب كل شيء حولها ... النسيم .. والسماء ... والطير .
في نهاية الشتاء ..... تكون قد أثقلت .... يسقط ورقها ... تبدو كعجوز من شدة الهم ... للذين لا يعرفون جوهر حياتها تبدو كشجرة رخيصة لا نفع فيها ... تقف بأغصان يابسة حزينة ... يبدو على تجعيدات أغصانها الأسى لطول الشقاء وطول الوقت الذي تأخذه في التحرر من أوجاعها .
كأنها هي الأخرى تحمل بعض الخطايا ... تلقي كل يوم خطية مع ورقة .... وذنب وجرم مع عود يسقط ... تتحمل صرخات الريح بين أغصانها العارية ... تتحمل كلمات البشر أنها لا نفع فيها ولا فائدة ... تعدياتهم عليها وقت ضعفها .... لكنها

ومع بداية الربيع تتأهب من جديد ....... تظل تنظر للسماء ..... تتألم .. لا لنظرات الحياة حولها .. لكنها كراهبة باتت في بيت الإله تتعبد .... تبرهن بسقوط أوراها على تعريها من الخطايا .... تشتكي تعبها من شجرة اكتهلت أوراقها ... تطلب كما الطبيعة أن تخلع ثوبها المهتريء وتطلب ميلاد جديد .
ترفع ذراعيها للسماء .... تستقبل بعد موات ظاهر مولدها المنتظر ..... بثقة ويقين ... كامرأة في المخاض ... تتوجع ظواهر الأغصان اليابسة .. لخروج الحياة فيها من جديد .... يشق ذاك البرعم طريقة بعزم ... يخترق الغصن ... يظهر بعد ألم ومشقة فقط كنتوء واضح ... عملية موسعة للجميع ... البونسيانا لا تفكر سوى بميلادها الجديد ... الذي سيعطيها عمرا جديدا ... يحيلها وليدة كما البداية من عشر سنوات أو يزيد .... تتزين بالأخضر ... ووفاء صبرها يهديها الربيع أزهارا رائعة الحسن .... حمراء مرة ... وبنفسجية أخرى .... تقف الشجرة رائعة من جديد ... كشابة ..... تستقبل عامها العشرين في ريعان الشباب ونضارته !

الأزهار كذلك ....
الطيور يسقط ريشها وتخلع جلدها .... الحيوانات تبدل الفراء .... حتى الثعابين تلتف حول نفسها لتعطي الطبيعة جلدها القديم وتستقبل حياة جديدة بميلاد جديد !

خشوع كالصلاة

وابتهالات كابتهالات التوبة

ورقصات الزهور كفرحة الغفران والفصح !

من قال أنا لا نولد كل يوم من جديد ؟

من قال أنا سنحتمل قبح الحياة الذي طالنا حتى الممات ؟

من قال أنا لا نملك أن نترك أخطاء الماضي وراء ظهرنا .... نرفع أيدينا للسماء ... نطلب كما الأشجار أن تهبنا مولدا جديدا مجردا من كل شر ... أن يولد الإنسان بدواخلنا ألف مرة ... لنحيا ببراءة الأطفال كل يوم ؟

من قال أنا نشيخ ؟ القلب أبدا لا يشيخ بتعداد الزمان للسنون التي يحياها ... القلب يولد مع دمعة نعترف فيها بأخطائنا وننوي التخلص منها كتخلص الشجر من الأوراق اليابسة استعدادا للربيع .... يولد ... عندما يرفع يديه تجاه السماء صارخا بين الجوانح كفى جرما ... يارب أطلب منك ميلاد جديد !

كما يغسل الغيث خطايا الأرض .... ويعيد الحياة للطين لتهبها للشجر ... كما تشرق الشمس مغسولة بدموعها نحو السماء فتبدو كطفلة ضاحكة .... كما تتخلص الفراشات من جنون وعبث الدنيا في الشرنقة وتلهو فرحة بعذرية الجناحات .... تغسل الدموع القلب الحزين ... تغسل عنه التراب الذي يشتد عليها كل يوم

الأمر فقط ... أن لكل ميلاد عظيم ... مخاض عسير .... وكلما غلا المولود ... كلما اشتد الألم واعتصر القلوب ... الأمر فقط .... بعض الصبر ... الصبر ... اليقين بأن جوهرة القلوب تستحق العناء وتستحق الدموع وتستحق التوبة وتستحق أن تبدل قشورها القذرة وتخلع عن القلب غشاوة الخطايا السابقة !

ثم الأمر لو كان ينتهي عند توبة واحدة وميلاد واحدة لما تجددت أوراق الشجر كل ربيع كأنها يوما لم تكن !

دعنا نودع أخطاء الماضي ونبكي ... نعتصر الفؤاد ألما .... نحتمل المخاض ليولد من جديد وليدا بريئا طاهرا ... كأن شيئا قبل هذا لم يكن من أعاصير وتراب وذنب ... ثم !

ثم .... نبتسم للعالم كالأطفال ونمرح .... ونعود كالصغار كل يوم لنرتكب أخطاء جديدة ! : )

ونبكي كل مساء على جنون الصباح ... ونقف على باب الإله ونبتهل ... ولنعده في المساء أننا سنبلي حسنا للعالم غدا ... وعندما نخفق .... فلنرفع أشرعة الدعاء ونبتهل .... أنت يارب تعلم كيف كنا ننوي .... أنت تعلم كم نحن ضعفاء وصغار ... التهينا ... نسينا ... امنحنا كالربيع فرصة ثانية ... سنحاول تلك المرة أكثر .... في الصباح بالفعل سنحاول الإصلاح .... سنحاول رسم البسمات .... لكنا إن تحملنا في المساء هموم العالم .... وخطيات البشر جميعا ... لأننا لم نستطع إنقاذ كل فرد قابلناه ... ولم نستطع كبح جنونا كل لحظة بنفس القوة ونفس الصبر والاحتمال .... سنبكي ثانية .... سنندم ونعترف بالخطأ والهزيمة .... وسنقطع وعدا جديدا .... وسنقول لله أنا مازلنا ضعفاء .... سنحاول أقصى ما لدينا .... ونولد كل مساء من جديد ... لتشرق الشمس بنفس الحب ... ونفس الحماس ... ونفس إشراقة الأطفال ..... فدعونا الآن نقترف أخطاء جديدة .... فلا معنى للإنسانية بدون أخطاء .... لسنا ملائكة ! : )