السبت، 26 مارس 2016

لا نور في نهاية النفق ...... أنا خطأ!

سلال الأمل قاتمة وخدعة

لا نور في نهاية النفق

كلهم مزيفون!

سوف تبقى وحدك

سعادتك بهم ومعهم لن تدوم

سوف يذهبون إذا ما نطقت عبارة تغاير مبتغاهم أو خططهم لحياتهم

لا أحد سيبقى!

لا أم ولا أب ولا أخ ولا صديق ولا حبيب ولا أحد

لا أحد سيبقى

كل سينشغل فيما يخصه، وإن لم يشغله شيء سوف يتشاغل، سوف يشق طريقه وحدك!


لماذا لم تتعلم الدرس أنك وحدك هنا مثل البداية؟

لا نور في نهاية النفق

إنها خدعة

إنها التماعة أفكارك بالأمل الكذاب

أنا خطأ

لا نور سوف يجلي القلب !

أنا كاذبة

كلنا سنموت قبل أن ندرك ذاك النور

سنموت في البحث عنه

سنموت من دواخلنا فإن قابلناه يوماً لن نعرفه

وسيبكي النور كثيراً من جهلنا

وسينطوي

وسينطفيء مثلما انطفأنا

لا نور في نهاية النفق

إنه النار

إنه الدماء التي تلطخ الجدار

إنه اصطدام الجماجم والرؤوس

إنه الكابوس

لا نور في نهاية النفق

لا صديق

ولا أم ولا أب

لا أخ

لا أحد سوف يحمل عنك عبء القلب

لا نور في نهاية الطريق

ولا روح

ولا جسد

ولا أذرع ممتدة لاحتضانك بينما تفرح أو حينما تسقط

لا أحد سيبكي لموتك

ولا أحد سيعرف

ولا أحد يهتم

لا نور في نهاية النفق ولا شيء

أنا خطأ

أنا كاذبة

أنا توهمت

السبت، 12 مارس 2016

تخفف من أحمالك سوف تلقى الله وحدك!

بعد سنوات من التعب والإجهاد النفسي، سوف تخلص إلى أنك وحدك هنا

وحدك تماماً

لا يقاطع وحدتك إلا حضن أهدهم أو همسة آخر، تربت على قلبك الحزين وتبث فيه بعض الحب أو الأمل أو الدعاء أو كلهم!

سوف تدرك  أكثر من مرة أنك سوف تعيش وحدك وتموت وحدك، وأن الذي ينسلّ ليسكن بين جنبيك لن يلتصق بجدار قلبك تماما في كل حالاتك وفي كل حالاته!

سوف تدرك أنك أحوج إلى العزلة منك إلى الوحدة ومنك إلى الاختلاط بالناس!

سوف تجري وحدك وسط أسراب قلبك، وسراباته، سوف تلقى ذات الوجه البشوش يربت على قلبك أن اطمئن.

سوف تهدأ ساعة، ثم سوف تهرب، من ذات اليد التي رتبت على قلبك، من نفسك، من روحك، إلى ماذا؟ إلى كل علامات الاستفهام الكبرى في رأسك التي تلح وتلح وتلح وتؤلمك!

لا شيء يعود للوراء، لكن الأشياء تنصلح إن أردنا لها الانصلاح، وتفسد إن أردنا لها ذلك أيضا!

سوف تعرف أن الموت ليس خياراً رفاهياً تستدعيه وقتما شئت، ثم تصحو منه نشيطاً وحيَّاً، سوف تعرف أنه قريب جدا جدا بذات قدر بعده الذي تظن!

وسوف تختبر كل أنواع المفاجأة!

وسوف تعرف ، سوف تعرف كل ألوان الألم، سوف تشعر بكل شيء حتى ولو لم يحدث الأمر جلّه معك على الحقيقة!

سوف تدرك أن خيارات البشر هي الأغبى مطلقاً!

وأن عليك التخفف من الأحمال

من الدمعات، من الضحكات، من الكلمات المسمومة التي بعثتها بلا قصد، ومن الطعنات النافذة التي تلقيتها على حين غرة أو بلا قصد ربما!

سوف تدرك أن عليك التخلص من صفحات الكتاب، لا طيها فقط، وأن عليك التخلص من علامات التعجب والاستفهام، لا تجاهلها فقط، وأن عليك الخلوص بنفسك لنفسك، وبنفسك لله!

لإنك مهما مر بك العمر.... سوف تلقى الله وحدك!

الأربعاء، 9 مارس 2016

ولأن أوجاع القلب متكررة

ولأن أكتر ناس قلبها وجعها هي أكتر ناس حبت من جوات قلبها زي الأطفال


ولأني أصبحت أقف عاجزة عن فعل شيء !

لربما أتوقف عن بث الأمل والحلم ، لكني لا أفهم غير الحب والتراحم والحاجات دي

إحنا مش ملايكة

إحنا لازم هنغلط، وإحنا مش شياطين، ف إحنا بالضرورة هتأنبنا ضمايرنا وتوجعنا

الله يكرمكم ... متوجعوش قلب حد!

متاخدوش الحاجات اللي بتقروها وتكتبوها شيء غير قابل للتطبيق

الحب سهل جدا، الفكرة بس نكون على قدر من الشجاعة للاعتراف بيه، وعلى قدر من المسئولية إننا منوجعش قلب حد بنحبه

وعلى قدر من الرحمة والود والطيبة إننا نطبطب على حبايبنا

وعلى قدر من الرجولة إن لما حد يطبطب علينا نردله الطبطبة!

وعلى قدر من العقل، إن اللي سلمنا مفاتيح قلبه وروحه وأمره كله، واختار يكون جنبنا، مينفعش ناخده كشيء مسلم بيه، ونهمله، ونهمل حبه لينا، فيدبل زي الوردة العطشانة واحنا في ايدنا المياة!

في خضم ما أنا بكتب، بفكر يا ترى أخلي البنت في الألوان تسامحه؟ ولا تعاقبه؟ ولا تهرب باللي باقي من روحها المتعذبة بسببه!

لما بدأت أكتب في الألوان، أخدت حتة صغيرة من تجربة سابقة ليا، حتة صغيرة خالص يعني، والباقي من حكاياتكم انتم، من كمية اللخبطة في حيواتكم، من كمية وجع القلب لما صديقة من الصديقات المتزوجات تحكيلي شعورها

أنا بس كنت بصيغ شوية الصراع اللي بيدورو من شوية قصص ملخبطة في المسار الخارجي، لكن جوهر المشكلة واحد !

الجبن والتسليم بالأمر

يا جماعة الحياة قصيرة أوي، والنبي حبّوا بعض بضمير شوية، خليكم واضحين من البداية، ولما تتلخبطوا اقفوا افهموا اتكلموا حاولوا تعرفوا انتم واقفين فين؟ والحب فين منكم، اعرفوا طريقكم عشان تعرفوا تمشوه ببساطة

متهربوش

متخافوش

متتكسفوش

متسيبوش مواضيعكم معلقة والفجوة تزيد بينكم والنبي، العملية مش مستاهلة كل وجع القلب ده!

لما تقرروا انه مينفعش تكلموا لأي سبب، وضحوا، واتكلموا، وفهموا، وحافظوا على شوية ود بينكم، عشان مينفعش نكره ونفارق أوي كده بعد ما كنا قريبين أوي كده!

بلاش الابواب المواربة الضبابية ( وضحوا مواقفكم)

ومتقفلوش الباب بالمفتاح وتسكروه عالآخر ، ما يمكن تحتاجوا للرجوع تعرفوا تدخلوا تاني!

وأعزائي الولاد

كفاية وجع قلب لأصحابي بقى، كفاية بقى كمية بنات قلبها مكسور بلا جريرة ولا ذنب واضح، كفاية حالة الحب واللاحب دي!

دول زوجاتكم، سكنكم، راحة بالكم، دول بيوتكم انتم متخيلين الفكرة؟ بيوتكم!

الاثنين، 7 مارس 2016

15-بيضاء ........٣

أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي ....

تلك هي الحماقات التي نخبر بها بعض الأشخاص كي لا يصيبهم إحباطات التأخير والطرد من حيواتنا المكتظة بالقائمين والزائرين والعابرين!

تلك الترهات لا نخبر بها من نشعر أنهم نحن، من نشاركهم كل شيء، من نفرح بنجاحاتنا في عيونهم، ومن نتألم بأحشائهم، ومن نتقافز  بقلوبهم، ومن نبكي بدموعهم!

تلك الترهات لا نخبرها لهذا الشخص الذي يصبح نحن، يصبح الشمس والقمر والليل والنهار وكل شيء، يصبح ضلعنا وعمودنا الفقري، يصبح روحنا المتحررة لمكان آخر، لكنها تمنحنا ذات الحياة وذات القدر، وربما ذات العبارات وذات النكت والكلمات!

تلك الترهات، تقصم أظهرنا إن نطقنا بها تجاه أعمدتنا الفقرية، لإنا إن نطقناها، فقد اخترنا لهم أن يصبحوا غير ذلك!

أن تأتي متأخراً مثلما لا تأتي أصلا!

هل يعود الزمن للوراء؟

هل تعود الدمعات للمحاجر من جديد، وتعود البسمات لباب القلب مرة أخرى؟ كلا، لا يحدث، لا شيء من هذا يحدث!

فلا تقترب إن أخبرك الحبيب تلك العبارة " أن تأتي متأخراً خير لك من ألا تأتي أصلا" فإن قال هذا، فهو قد أخرجك من دائرة الفرح والألم على حد سواء، هو قد اختار أو هي اختارت لك مكاناً على ذاك الرف، بجوار دمى الطفولة!

أن تأتي متأخرا خير..... تلك الخدعة التي تخبرك بها، هي تمهيد لطردك خارج قلبها، طرداً أبدياً،

هذا ليس تسامحاً البتة!

أتدري ما التسامح إذن؟ هو أن تثور بوجهك حقاً، أن تصفعك، أن تمزق ثوبك بأسنانها غيظاً ونقمة، ثم ترتمي فوق صدرك باكية، التسامح، هو أن تنتقم منك وفيك وبك ولك، هو أن تخرج كل حماقات قلبها لديك، وتبكي، فإن فعلت فاعلم أنه حقاً في هذا الوقت أن تأتي خير من ألا تأتي!!!!

الشوق؟

تلك اللعنة التي تجعلها تصبر، تطرده من قلبها ثم تعيده، إثر الشوق ألقت بنفسها بين يديه راضية، ولكن قلبها؟ هل يفتح تلك الأبواب أم أنه حقاً كما قالت " إن المرأة إن أدارت قلبها لا تعود" ؟

هل أدارت قلبها؟

هل تمنحه الآن فرصة؟

هل تسامحه؟ 

هل تثور بوجهه كالبركان؟

أم أنها قد أشبعت الشوق بداخلها وتستعد الآن لخدعة جديدة تكن ذريعة لطرده خارجاً؟

في المساء، يفتح عينيه فيجدها نائمة هناك تماماً، كان قد شعر بخروجها من بين يديه لتشرب، لم يكن يتوقع عودتها، لكنها عادت وبقيت.

القسوة حب مجنون، يتخفى كي لا يظهره الضعف والشوق واللوعة!

يتسلل منها، ويخرج!

تفتح عينيها، تبتسم، كم كانت تشتاقه، هل يتحادثان؟ بالطبع!

هل تمنحينه فرصةً؟ سوف يهرب من جديد؟ هل نسيتٍ طبائع الرجال؟ لا يواجهون حبهم، ولا يعاندون أقدارهم، بل لا يستسلمون للحب أبداً مهما بدا غير ذلك، عنيدون جداً، يحطمون قلوبهم من أجل خدش قلبك ولا ييأسون من تحطيمك مراراً وتكراراً.
هل نسيتِ كلام أمك؟ صديقتك؟ زوجة عمك؟ ابنة خالك الكبرى؟ هل نسيتِ؟ 
تراه مختلف عن كل الرجال؟ عن السابقين؟ 
ما الذي يجعله مختلفاً؟ كونه عاد إلى حضنك من جديد؟

الرجل صيّاد يا سيدتي، ينعم جلده كالثعبان حتى تطمئني، فإن ألنتِ جانبك له لدغك بالسم الرعاف!
كلا، لن يفعل، ثم لماذا عساه يفعل ولم يجبره أحد على العودة؟ ولا الحب؟ أليس هو الذي ظلّ يقترب حتى أحببته؟ ثم يتحايل المواقف حتى سمحت له بالدخول هنا؟ لماذا يهرب إذن؟ ولماذا قد يقسوا! قد كان يملك الفرار من قبل فلماذا عساه بعد كل شيء يقترب؟
الرجل طفل صغير، وأنت الدمية التي يهدهدها وقتما يريد ويلقيها إن جذبته لعبة أخرى!
لكن، لا ألاحظ عليه وجود امرأة!
ومن قال أن كل اللعب يجب أن يكن دمى؟ ونساء؟
إذن؟
إذن تهربين!
ولماذا؟
لأنه سيهرب عاجلاً أم آجلاً
لكنني أثق به، أثق بلمسة يديه، بقلبه الذي اطمأن لجانبي طوال النهار، لدقات قلبه التي عادت منتظمة، ولأنفاسه التي تتابعت مستريحة ورائقة!
لكن هذا لا شيء، لقد هرب من قبل، لقد، لقد أبكاكِ، أي رجل يبكيكِ ويستحق البقاء؟ بل العيش؟ إنك في غنى عنه، عن غيرته المجنونة، عن تعنته السابق، عن حبه المشروط والخانق، إنك في غنى عن صحبته، ألم يصبح لك صحبة جديدة؟ ما الذي منحكِ إياه لم تجديه بنفسك بعيداً عنه؟ حتى نجاحاتك تلك الصغيرة لم يشاركك إياها! أتعرفين وسادتك التي تشاركك الدموع والضحك أنفع لك منه! هل يعود بك الزمن؟ أفيقي، هو لم يعد شيئاً، من لم يقف سنداً في شدتنا، لا نصبح له بسمةً في رخاءه! اسمعيني!

تعكر صفو ضحكتها!
اعتدلت في السرير، نفضت عن نفسها النوم والفرش وقامت، كانت تنتظر سماع صوته يناديها، أو خطواته تلحقها، خرجت تتفحص الحمّام، لقد طال الوقت وهو بالخارج، لا أحد هناك، ثم يصم أذنها صرير عجلات السيارة!

شهقت !

سحقاً

لقد هرب!

كعادات الرجال العنيدين ..... هرب!

الأحد، 6 مارس 2016

14- بيضاء ..... ٢

يا ويلي !

كم نحن أغبياء ، نحن البشر أغبياء جدا، نعرف جيداً ما نريده لكننا نتظاهر بكل شيء عكس ما نريد!

لماذا لا نفصح عن الشوق الذي يغلي في قلوبنا وعروقنا؟ فقط لأننا نخاف، نخاف أن نواجَه بشوق أقل، أو فتور عظيم، نخاف ألا يبادلنا أحدهم ذات الشعور، أو يتعاظم قلبه على نبل قلبنا وضعفه في حضرته، أو نخاف أن نصبح فريسة للخداع والاستغلال من الطرف الآخر!

تلك الخبرات السيئة جدا التي نكتسبها كحيوانات مفكِّرة، دوما تلجم العقل والقلب عن التفكير والتصرف!

أحب الأطفال، نعم أحبهم، لأنهم إن أحبوا أخبروا، وإن كرهوا؟ إنهم يغضبون ولا يكرهون، فإن غضبوا أقاموا الدنيا وأقعدوها على هواهم، وتمسكوا بما يريدون، لا ينظرون للفوارق، ولا يحسبون للحواجز أي حساب، إن أرادوا الفرار منك إلى حضنك فإنهم يفعلون، يخبرونك أنهم يخافونك، ويخبرونك أنهم لا ملجأ لهم إلا صدرك، فينامون هناك قريري العين!

الفطرة تكسبنا الشجاعة، أما الخبرة، فتكسبنا الجبن، ولأننا أنويُّون جدا، فقد أسمينا هذا الجبن باسم راقٍ يليق بغرورنا وعجرفة نفوسنا، أسميناه  " الحذر "

عندما نعجز عن اتخاذ القرار، تتصارع في نفوسنا كل الخبرات السلبية، كل الخوف الذي يصور محبوبنا وكأنه الدجال، والذي يصور كل تقديم للسلام والحب على أنه استسلام وضعف، ثم تعلو أناتنا العليا وتسود، فيغرق الحب في اللاشيء!

ألم يكن يشتاقها كل الشهور السابقة؟

بلى !

ألم تكن تنتظره كل تلك الساعات واللحظات حتى أتعبها التمنى؟

بلى!

فلماذا يحذر كل منهما صاحبه؟ ولماذا يفضل كل منهما أن يصبح ردة فعلٍ لا فعلاً خالصاً جريئاً صريحاً؟

التصقت بصدره، لعل فرصة النوم أعطتها المجال للاختباء به منه ، مثلما كانت تريد أن تفعل لشهور، أن تغوص بقلبه وتبكي، أن تدس وجهها في صدره وتختفي عن عينيه في عينيه، وتتجنب جنونه في أحضان عطفه، وتتجنب غضبته في جنح محبته وشفقته، وتثور تثور بين ضلوعه كتنهيدة ساخنة زافرة!

التصقت به، وكأنها أخيراً عادت إلى البيت تختبيء به عن شرور العالم، عن صفاقته وعبثه وكذبه!

ويا للعجب، عاد لها ذات الشعور، بأنه البيت والسكن والملاذ الأخير!

ونامت، بعدما كان التظاهر نامت، ملء جفونها نامت، لأول مرة تنام قريرة العين تتشبث بتلابيب قميصه كأنها تخاف فراره أو فراقها، تضغط برأسها تحت ذقنه كأنما تغوص، ويضمها هو كأنه يتمسك بها أكثر وأكثر، يطمئنها أكثر وأكثر، ويذوبان!

الشمس تميل،

الليل نهار العاشقين، والهاربين أيضا!!!!

فتح عينيه ، رآها تنام كصغيرته الهاربة من كوب اللبن!
ابتسم
عادت إليه ثقته المكسورة بالحب، عادت إليه ملاكه المتمرد الصغير، طبع قبلته على رأسها، وراح يفكر، ماذا ستفعل حينما تفيق فتجد نفسها متشبثة به كطفلة تمنع أباها من الذهاب إلى العمل بدونها؟ فقررت النوم فوق صدره ومحاصرة أذرعه؟

هل يوقظها؟ يتأملها؟ اشتاق تأمل نومها وهي في حضنه، واشتاق تثاؤبها المجنون وشعرها المشعث لحظة الاستيقاظ!

سوف ينتظرها وليكن ما يكون!

كلا

سوف يتظاهر بالنوم حالما يشعر بها تفيق! نعم سوف يراقب ردة فعلها ثم يتصرف!

تتقلب، ترفع رأسها ثم ترتطم بالوسادة، تلوح بذراعها فتصطدم به، تفيق، تفتح عيونها بصعوبة، آآآه ! تتذكر وجوده، تلم شعثها وتبتسم، تمسح عن عينيها آثار النوم، تنظر إلى عينيه اللتين تبدوان غارقتين في النوم، تبتسم ، تعتدل، تضم ذراعه وتقبلها، ثم تطبع قبلة ناعمة على خده، تجلس، وتمسح على وجه كأم حنون، تحضنه في اشتياق جمّ، تبتسم له وهي تمسح شعره، ثم تقوم إلى الحمام!

تغسل وجهها وأسنانها، لأول مرة تتفحص وجهها في المرآة بهدوء منذ شهور، تلاحظ هذا التلأليء الذي ملأها، تفرح، بل تضحك، تنوي من صميم قلبها أن تقبل عذره إن اعتذر، والحذر؟ يجب على بشريتها أن تطغى على ملائكية الطفولة، سوف تأخذ حذرها ولن تشعره أنها تصدقه من المرة الأولى، تبتسم للفكرة، تصلح هيئتها وشعرها وتخرج..... فتراه .... كالشبح!

اختفى  . . . . . 

السبت، 5 مارس 2016

١٣- بيضاء !

استيقظت رائحة أنفاسه تملأ قلبهاالذي يدق بعنف!

هل اتشاقت؟

تستعد للخروج، ترتدي فستانها القمحي، تداعب طلاب فصلها، يغازلها أحدهم الذي ترى في عينيه كل شيء، لكن عيونها المطفية ماذا تجذب في شاب وسيم جدا كهذا؟ يملك حساً للدعابة وكلمات لطيفة؟

تقريبا يحضر لها الشوكولا كل حصة، ويلقي على سمعها كلمات الإطراء أكثر من مرة في اليوم، رغم تجاهلها وسخريتها!

ما الذي يجذب الرجال في الأعين المنطفئة؟ أم أنهم يعلمون بذاك فراغ قلب الأنثى من حب مشتعل يضيء وجهها، فيصبح الأمر بمثابة إشارة للعبور وبعثرة مفردات حياتها من جديد؟ لا تعرف !

منذ الأمس تتسائل، لماذا تطاردها رائحته طوال اليوم؟ لمسات يديه، هي لا تذكر متى كانت المرة الأخيرة التي لامست فيها يده!
شهور لربما!

لكن، لربما ذاك الحلم المجنون الذي طاردها حتى الصباح؟

استيقظت فلم تجده في البيت، كان البيت في حالة فوضى قاتلة، خرجت إلى طلابها، وعادت منهكة كالعادة،

كان اليوم هو يوم راحتها، قررت ألا تنظف ما أحدثه هو من الفوضى، قررت أن تتجاهل كل تلك الفوضى وتصنع قوتها وتجلس في الشرفة تتابع الزهر وأخبار الشجر وتقرأ في رواية جديدة عن طفل تاه من أمه في عرض البحر، فصار كالسندباد البحري يدور في بلد قريب لا يعرفه، وأمه تخرج للشاطيء كل صباح على أمل عودته!

لعل تلك القصة ذكرتها بحالها معه، أليس هو ابن روحها الأوحد؟ أليس ابنها وأباها وحبيبها ومسكنها؟

تتذكر رواية" الأب الضليل"، تلك التي بدأتها في سن المراهقة لكنها أبدا لم تصل نهاية الفصل الأول، لكن ظلت تتذكر اسمها، وتنوي يوماً أن تكملها، تتذكر "أبناء وعشاق"، تتذكر الأم المرهقة من مطالب أبنائها والأبناء الذين يكبرون ويزحفون إلى المدينة في تصارع صارخ بين ما تربوا عليه وبين ما يرونه هناك من مظاهر الزيف فيقتلهم!

تعود لقهوتها، عادت هي بالأمس فلم تمر على المطبخ ولا غرفة المعيشة ولا الصالة، دخلت من الباب الجانبي الذي جعلته خصيصاً لهما حينما يعج البيت بالغرباء، كما كانت تتمنى، أن تقيم وليمة كل أسبوع على الأقل، لتظل الألفة بينها وبين أهلها وأهل زوجها الذين يسكنون جميعا في المدينة البعيدة!

لأول مرة منذ سكنت هذا البيت تدخل من الباب الجانبي، كانت نسيت أي مفتاح مخصص له، لكنها أرادت تجنب دورة المرور اللعينة على آثار الليلة الماضية!

لم تعرف أنه نام بحضنها بالأمس، ولم تعرف أنه ضمها إلى صدره كي تهدأ، ولم تعرف أنه ما يزال ملاكها الحارس، وابنها الضليل، وأباها الذي يجمع العالم كله من أجل ضحكتها!

لعلها تعجبت في الصباح أنها تنام بمنتصف الفراش بلا سبب! لكنها أرجعت ذلك لاضطراب نومها حال حزنها، لم تفكر في الأمر كثيراً، هي على يقين أنه لا يلوي إلا على مصلحة ذاته، وراحته هو، عندما احتاج إلى رجوعها في حياته أفاض من كرمه فأحضر الورد والعشاء، بضعة أيام ثم يلقيها كالمزهرية بلا لون ولا طعم بدونه، أوليست المزهرية بلا طعم بدون الورد!

هي تعرف عادات الرجال، تتذكر كل نصائح جدتها، أمها، زوجة عمها، وبنت خالها الكبرى، تتذكر كلمات صديقتها المتزوجة عن الحب بعد الزواج، أن الرجال ليسوا ملائكة، أنهم أبشع مما تتصورين، أن الرجل الذي تحبينه حتى النهاية يقتلك قبل النهاية بكثير!

يؤلمها قلبها لتذكر كلماتهم، يؤلمها انها تشعر بالطعن من جديد، تسامحت كثيراً لكنها ماعادت تقوى على الأمر... تفر بسمة ساخرة من شفتيها كأنها تقول وقد كان ما قالوا وا أسفاه!

تكتب وتكتب وتكبت في ذاك الدفتر الذي تنساه على المنضدة الصغيرة فيقرأها، يثور، ويتألم، لكنه يذكر كيف أنها عادت للسكون بين يديه فيهدأ!

لم تكن تلاحظ وجوده في البيت، كان يعرف طقوسها فيتجنب أن تشعر به، بالأمس نظف كل شيء وهي بالخارج، لاحظت هذا فقط صباح اليوم وهي تعد القهوة، لم تعلق ولم تفكر، كانت تتعامل كأنهما غريبين في البيت يتشاركان العيش في غرف منفصلة.

قررت في هذا اليوم أن تركض لمدة ساعة، ثم تدور حول الحي بدراجتها برفقة الصغير الجميلة لساعة أخرى أو أكثر...
عادت منهكة ...

اغتسلت، ودخلت مشعثة إلى غرفتها، صففت شعرها بسرعة وبلا اهتمام، وألقت بنفسها على السرير ونامت!

هذا الحلم الذي رأته منذ يومين يطاردها، لعله يطاردها عند التعب أكثر،

كان هو شعر بخروجها، قرر أن يحدث أي تغيير لها، كان قد أحضر فيلما جديداً يمنّي نفسه بأمسية معها، فهيأ المكان، ولكنه لم يتعلق كثيراً بالأمل،
أنهى بعض أعماله من المنزل، وكان التعب يقتله، لكن القهوة صديقة المتعبين واللاهثين، كانت تمنحه بعض التحسن لينهي كل أعماله،

كان في الشرفة ريثما عادت، وما إن بدأت في النوم وعاودها ذات الكابوس، حتى بدأ يصل مسمعه بعض صوت، أنين؟
هل عادت تبكي؟
هرع إليها، كالعادة تنام ويعاودها الكابوس، لا دموع اليوم على وسادتها أو رموشها، لكن بعض الأنات تظفر منها، ابتسم لوجهها النائم رغم عبوسه،

الآن سيمارس هذا السحر!

مسح على وجهها وجبهتها، زال عبوسها، وأمسك يدها، فاطمأنت كالعادة أصابعها إليه، اليوم قرر أن يهمس بأذنها،

إني أحبك!

هدأت، سمعته، أدخلته حلمها، حيث كان هناك وكان هنا!

اليوم قرر ألا يهرب، أن يضمها، أن يفاجئها بالأمر مهما كانت ردة فعلها، أن يحملها في قلبه كما كان يفعل دوماً، أن يستسلم للنوم تماماً دون أن يترقب حركتها فيفزع ويفرّ هارباً منها قبل أن تصحو.

انزلق بجانبها، وضمها إليه، ونام..... فقط نام !

تشعر بالعطش الشديد، تقلق من نومها، شعر بثقل ذراعها، ذراع أخرى فوقها، تفزع، تجده هو، تغضب، تعود لتنظر في وجهه الساكن بجوارها، تتذكر براء تلك الملامح التي أسرتها من اليوم الأول، هدوء قلبه الذي افتقدته، إحكام ذراعيه عليها كان كان يفعل دوما حينما يريد أن يهديء روعها، رائحته التي اشتاقتها، تضع وجهها في صدره وتملأ أنفها منه،

تتسلل من بين ذراعيه، وتشرب، وتتسلل إلى بين ذراعيه، وتتظاهر بالنوم، وكأن شيئا لم يكن! :)

12- ناري ...٢

يروح ويجي في الصالة، حول المائدة، كالثور الهائج، يدفعه غضبه إلى الممر تجاه الغرفة، لكنه يعود من المنتصف، يسكب أكواب الشوكولا على الطعام ، يقذفها فترتطم بباب المطبخ القريب، يفتح تلك اللفافة الأرجوانية التي أحضر لها فيها ثوباً قرمزياً جديداً....

كان يعرف أن القرمز يشعلها، تماماً تماماً كما يشعله، يجعلها تضيء بهجة وبهاءَ، كان يغار عليها من فستانها القرمزي من أعين كل البشر، حتى من عيون نفسه، كانت تبدو جميلةً حقاً وبهيةً حقاً، كانت مثل زهرات التوليب التي تحبها، مستديرة وناعمة، كانت تبدو كالدمية الفاتنة، كالحور العين، كالملائكة، ناعمة ورقيقة، وكان هو يشتعل أمام بهائها ورقتها، الأحمر القرمزي تشرب بشرتها اللبنية، وتتشربه، يضفي على وجنتيها ملمحاً رقيقاً من تبرّج متزن، دون نقطة تبرّج واحدة!

كانت تبدو في عينيه شهية، مثل اللبن مع حبات التوت الأزرق والأحمر حينما يختلطان، وضحكتها، كانت تبدو أوضح حين ترتدي الأحمر أو القرمز أو الأرجواني، ضحكتها كانت تحرق قلبه كالنار حينما يلامس وجهها ضوء النار!!!

جميلة تلك المجنونة، جميلة!

كلا، هي ليست فاتنة بتلك الدرجة، كانت عادية، كانت ملامحها رقيقة فقط، لكنها لم تكن فاتنة إلى الحد الذي يجعله يغار ويشتعل، كان هناك الكثير من النساء أجمل منها، وأرفع قداً منها، وأخفّ، لكنه، كان يعشقها، يقدسها، يعبدهاإن صح الأمر!

كان يعرف أن فتنتها في حبها الجمّ له، عيونها التي تلتمع فقط لعيونه، وجهها الذي يضيء لبسمة في عينيه!

لم يكن الفستان، أو العطر، أو التبرج، بل كانت تلك الروح التي تزدان بالبهاء والجمال والجلال في حضرته!

لكن الغبي، أضاع من قلبه كل شيء!

فستان المخمل القرمزي الجديد، ضيق عن العادة، ينحسر عند وسطها ليبرزها كحورية بحر، طويل ، وله فتحة من ركبتها حتى أخمص قدمها،
حذاء جديد، كعب مرتفع، أسوده لامع، يعكس أضواء الشمع، ولمعات الدمع في عيني صاحبه!

افترشه أمامه على الأرض، بكى من جديد حينما تخيل خطوتها بداخله، بكى أكثر حينما تذكر بسمتها الساخرة وكأن شيئاً لا يعنيها، وتقطع قلبه حينما توقف لحظة أمام عيونها،

كانت عيونها حمراء، دامعة، أو تدل على أثر دمع مر بها، لا يخطيء هو دمعها أبداً، نعم، بياض عينها كان مشوباً بحمرة أثيمة، لقد كانت تبكي!

فرح، دق قلبه، بكى، احتضن الفستان وبكى، تحامل على الكرسي القريب ووقف، مسح دموعه في أكمامه كالطفل اليتيم، واقترب من الغرفة متسللاً....

غرقت في النوم، اليوم كان متعباً، وقلبها لم يعد يحتمل التعب، بكائها تحت المرش أنهك قلبها المتعب أصلا من دون شيء!

لكن الدمع صار يسري رغماً عنها ورغماً عن النوم!

في ذاك الحلم القاسي، كانت تبكي بحضنه، كانت تضمه، أو كانت غارقة كما كانت تفعل بين ذراعيه، كانت تعاتبه وتبكي، وكان يمسح رأسها ويبكي أيضاً، كانت تغوص بداخله، كأنها تهرب منه، إلى عمق صدره حيث خلقتها الأولى!

أنفاسها تضطرب، ويظهر بعض أنين عليها، يصل الشيء إلى مسمعه فيربكه، ظنّ أنها متيقظة تبكي وحدها، خاف أن يراها تبكي، خاف أن يضعف كما العادة أمامها، خاف أن يشتعل وينطفيء ألف مرة في الثانية ويعود كالطفل الصغير إلى حضنها، لم ينس أنه رجل!
ولم ينس أن من عادات الرجال الصلابة والقوة.

لكن

قلبه الصغير يقتله، يتحرق إلى ضمة صدرها له، ويتحرق إلى هدهدتها كالطفلة الصغيرة كما اعتاد دوما!

"ماذا حدث يا ربي لقلبينا!!! "

تسلل إلى الغرفة، يغالب كل شيء، كل شيء، يغالب دمعه، وغضبه، وحزنه، واشتياقه، وسخطه، ورعونة الذكور، واستعظام الرجال على التسامح لامرأة سخرت من رجولتهم، وفزع الطفل لدموع أمه، وجزع الأب لبكاء طفلته، وافتتان العاشق بأنين زهرته، وهرولة قلبه نحو صدرها ليذوب في قلبها المتعب الصغير!

لم تشعر به، لم تنتبه، لم تدر وجهها، اقترب، ضوء خفيف يتسلل من قنديل الممر، غارقة في النوم، لا تحس بوجوده، أنفاسها تلفح وجهه الذي اقترب منها، ودموعها تغرق تلك الرموش المنكفئة على الوجع، وأنين صدرها وارتفاعه وانخفاضه ينحت في قلبه وجعا من وجع!

انهارت كل أقنتعه، يعرف أنها تعشقه، نزلت دموعه فوق خدها فمسحها بسرعة، شعرها الذي يذوب في أصابعه، أنينها الذي ارتفع شيئا صغيراً كأنما ملمسه شاركها الكابوس، مسح رأسها وخدها ووجهها، جلس على الفراش وانكفأ يبكي فوقها، يمسك يدها التي أرخت أصابعها فوق يده، دخل الحلم حيث هو هنا، وهو هناك!

ناما.... كطفلين تائهين وجدا سبيل البيت فناما، شعرت برائحته تملأ أنفها فسكنت، ونامت، وهدأ قلبها عن البكاء.

وأحس بأصابعها تسكن ليديه فضمها كلها إليه ونام، كالطفل الغريق، الضليل، الذي عاد أخيراً إلى حضن أمه، وحصنها المنيع.

كل النيران التي دخل بها، نيران الغضب والنيران الصديقة، كل الاشتعال، كل الغضب والشوق والألم والأمل، كل الجوع وكل النفور وكل العطش وكل الفتور، كلها كلها انطفأت في حضنها .... وناما !