الثلاثاء، 22 يوليو 2014

رمضان جدي ..... :)

الحلو :)

ذاك الرجل المفعم بالقوة والوقار يعيث الشيب في رأسه ويتيه ، هيبة يفرضها حضوره دون أن ينطق فإن تحدث أسمع ، وإن حكم صار كلامه كالسيف فوق الرقاب بلا سلطة ........ سوى الحب وهيبة القلوب له !
عمامته البيضاء ... جلبابه الرمادي ........ عبائته السمراء ...... نظارته البنية .... شاربه المحدود كالسيف ... وفي آخر سنة لحبيبي كانت لحيته البيضاء النوارة ... بسمته التي تشرق بها صباحات أيامنا معه ..... عطره الدافيء الغجري .... ينتشر بسرعة بين الغرف ليوقظنا .... يده القوية الحنون ... عكازته الخشبية الأصيلة .... بسمات عينيه وعينيه وعينيه وعينيه اللتان تضحكان فيشرق وجهه ببهجة عجيبة تجعلك رغم أي شيء تبتسم بلا وعي أمامها !

صوته القوي ... كل سنة وانتي طيبة .......... مشاغباتنا ............. دوراني حوله أتأمل كيف يتأنق أمام المرآة قبل ذهابه للصلاة ... تفصيلات شاله الأبيض ! رجل عظيم .

ذاك العيد ......... تلك اللحظات القصيرة هي العيد .... ويظل عبق تلك اللحظات يا جدي الحبيب هي العيد .... ويظل عطرك يهيج في صدري كلما ذكر العيد ... وتظل طلتك الرصينة الدافئة هي العيد ..... وتظل بسمتك يا عمري هي العيد ... كنت أنت العيد يا جدي وذهبت وذهب العيد معك ! وتعود الذكرى بك ... كل عيد .

في رمضان

قضيت وأنا بالصف الخامس شهرا كاملا معه ...

لجدي حديقة صغيرة بالبيت ... كان يزرع أشجارا خشبية طويلة ... قطعها وقرر زراعة زيتونة وليمون وموالح وأشجار فاكهة وبعض الخضروات .. والقصب ( كل مرة يزرع فيها القصب كان يخبرني زرعت القصب لأجل مجيئكم بالصيف ... كنت أحب القصب ... وكنت أوصيه ... وكان يزرع أجمل شتلات القصب السكري في الحديقة لتنمو مع موعد إجازتنا ) والنعناع الأخضر الزاهي الذي يملأ الحديقة بعطره النقي .

قبيل المغرب ... يأخذ فأسا ... منشارا ... أي شيء يسرع تكسير الخشب ... يملأ به الموقد ... يشعله ... وينتظر النار حتى تهدأ ثم يحمله إلى وسط الصالة ... ليبعث الدفء في البيت !

نعد الفطور مع جدتي وخالتي ... نلتف حول الطبلية ... ننتظر المغرب ... كنا صغارا وقتها ... وكانت أمي ترقد بين الموت والحياة ... وكان جدي ... معطفا دافئا في لسعة البرد المخيفة !

نفطر ... يعد الشاي على الفحم المتبقي .... نذاكر قليلا ... نشاهد بحضنه التلفاز ... ثم حين التاسعة يجمعنا لغرفة دافئة منفصلة عن البيت الجديد .... يحمل الموقد الذي مازال يبعث دفئا هادئا إليها ... يضعها بعيدا ... ويصدر فرمانه بموعد النوم !

لن أنسى أبدا .... بتلك الغرفة كان هناك سرير واحد كبير ... وكنبة .... كان لا ينام بغرفته ... لا يذهب إلى أي الغرف الأخرى ليستريح وحده على سرير وثير ويتركنا ... كانت جدتي تنام معي وأخر على السرير ويبقى هو على الكنبة !!!!!

هذا الرجل المتأنق .... ينام بجوارنا كالحارس .... يقلق لأقل صوت من أحدنا .... ملاكي الحارس :)

في السحور

كان يضع اللقيمات في أفواه الصغار الذين يغالبون النوم واليقظة كلاهما !

كان يحايل أحلامنا أن تتركنا نأكل ولو قليلا

كان يمتعنا بكلماته عن أي شيء يجذبنا فنستيقظ !

صوت المسحراتي ينادي باسمه من وراء سور البيت .... يحكي لنا جدي طرائف حدثت مع ذاك الرجل !

كان بالغرفة تلفاز قديم جدا .. أبيض وأسود .... كنا نشاهد المسحراتي بنفس الوقت ... محمد ثروت !

صلاة الفجر جماعة .... صوته الرزين ... قرائته المتأنية ... نحنحته من أثر التدخين تلحقه حتى في الصلاة ... تضفي عليه وقارا آخر .... اختياراته للآيات التي يقرأها ... لا يكرر آية ... ولا يخطيء بسورة

كنت أتعجب كيف يحفظ جدي كل هذه الآيات !

بعد الفجر .... حامل المصحف الخشبي ... الجد يجلس مربع القدمين ... يقرأ في هدوء وخشوع وقوة ... هذا الرجل كيف كان قويا هكذا ورائع !

للآيات وقع آخر ... على نفسه ونفوسنا .........
ما حرك عينه بالصلاة قط !

ولا حركها عن المصحف وهو يقرأ قط !

صوت الراديو ...... ترانزيستور صغير فوق رأسه على السرير !
أصوات التواشيح الساحرة .....

وصوت جدي الرصين القوي ...... لم يكن صوته مميزا بالقراءة منغما ... بل كان قويا أخاذا .

في الليالي الدافئة .... كنا نجلس في الجنينة ....

وفي الليالي الباردة كان يحضر لنا الشاي ..

كبرنا ..... وكان يعرف أنا كبرنا ..... وكنا لازلنا أحفاده المدللون !

وكان جدي دائما لديه الفستق واللوز المملح !
لديه اللب الأسمر والأبيض والسوداني

لديه أوراق الكوتشينه :)

كان يجلس بيننا .... يوزع الورق ....... يعلمنا لعبة جديدة .... أخفق في اللعب .. أغضب ... يقول اجلسي بجواري وتعلمي اللعب :)

ويلعب .... ويهزمنا .... ونعيد مرات ومرات .... هل جرب أحد أن يشاطر أحد الملوك اللعب ؟ هذا كان بالضبط شعورنا مع جدي !

الدومنيو :) ....

مرحه معنا ... يمل أو يترك لنا المجال .... نلعب بجواره ولكن بأدب

بيت مليء بالصغار يسير كالساعة !

حازم وصارم

ومفعم بالحب والحنان !

قبلاته الدافئة لجبهنا ووجناتنا وأيدينا !

ربتاته على أكتافنا عندما تبكينا أمهاتنا !

صوته الأجش حينما نغضب منهن فيأخذ لنا بالثأر ... ثم يميل علينا .. ولكن يجب أن تطيع أمك أليس كذلك ؟ ( أنا زعقتلها المرة دي بس مش عاوزك تغلط\ي )

رمضان يا جدي مر !

مر بالصيف أيضا

بلا بطيختك التي تكسرها لنا بعد الغداء او الفطور في رمضان !

بلا صوتك في الهاتف كل سنة وانتو طيبين

بلا صوتك بعيد الفجر وقبيل المغرب تتلو آيات القرآن وتسمع الشيخ الشعراوي !

بلا انتظار الرؤيا معك .... ماذا تتوقع يا جدي ؟ تراهن ؟ عشرة جنيه ؟ :)

بلا عطرك

بلا التراويح جماعة في البيت حولك

بلا تزكياتك لأنواع التمور

بلا حلويات توصي بها من أماكن محددة لا تحلو إلا بصحبتك !

العبد مازال هنا ... ما زلت أحب حلواة لأنها مفضلتك فقط !

لكن كل شيء طعمه اختلف

ما عاد به لا فرح الصغار ولا أمنهم !

والعيد سيأتي بعد أيام بلا رائحتك التي يزكو بها العيد !

بلا عيدية !

عيديتي بسمتك في الصباح وعطرك الفواح وعينيك التي تملأ القلب بهجة وهيبة !

ويحين إفطار الليالي الأخير ككل عام ......... ماسخ بدونك ! ممل بدونك ....... ثقيل بدونك ....

عشرة أعوام وأكثر !

مرت !

يا إلهي

ألا من ضمة أخرى يغوص بها أنفي بعطرك ... برائحة عرقك .... بملمس يديك ... بقوة صوتك ... بدفء ضمتك !

كل عيد وأنت ............ رائع وحنون وقوي ورجل وفارس يا جدي :) 

الأربعاء، 2 يوليو 2014

تلك الصباحات!

تلك الصباحات التي تبدأ بأغنيات السيد مارسيل خليفة

تكون مليئة بالبهجة

بالحب

تكون صباحات تشبهني وتجعلني مرتاحة لشروق الشمس
اكثر من اي يوم آخر

هناك أحد في قطر آخر من الأرض يعزفك على أوتار عوده!
هناك روح آخرى تطوف حيث نفس العبق الذي يسحرك
تلتقون معها بأنغام ونسائم وروائح مختلفةة كل منها يحملل جزءا منك وتحمله :)

#فلسطين
#البحر
#يافا
#الملح
#الزيتون
#البرتقال
#الزعتر

صباح الليل :)