الأحد، 24 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (11)

لا أحد يحبك ....

ألم ننتهي من هذه الحقيقة؟ 

أعيدها لنفسي مرارًا وتكرارًا، أحاول أن أتقبل الهزيمة وأسامح نفسي وأعيش بفشل بسيط، أو كبير لا بأس، أحاول أن أتصالح مع الفكرة، أني فشلت فيما كنت أصبو إليه طوال عمري، وأني فشلت فيما أجيده، في الشيء الوحيد الذي أجيده ولا أجيد شيئًا مثله ......

لا أحد يحبني، ولم يحبني أحد، ولقد أهدرت هذا القلب على اللاشيء، على عمرٍ صار هباء، مرّ كالسراب، كأني لا أعنيه وكأنه لا يعنيني ....

مازلت أرى أشباحي تطاردني

صارحت نفسي بأشياء قاتلة، سببت لي اضطراب جسدي للعشرة أيام الفائتة، واجهت نفسي ببعض الحقائق المريرة التي لا أريد أن أراها، أسمعت نفسي الكلمات التي لا أريد أن أسمعها عنوة حتى لعلها تفيق!

واجهتها مرة أخرى بكلام من أحبّته أن كل شيء مرّ كان مجرد خدعة، أجبر نفسي على التصديق، أكسر معها ما تبقى من أحلامي، أحطم ما تبقى من لوحات جميلة للصدق والطهر والبراءة والحب والمثالية وتلك الوردية التي كانت تملأ بها حياتي، أقول لها كل تلك الألوان زائفة، وكل تلك الصور التي تحيطين نفسك بها ما هي إلا ذكريات كاذبة، لم يكن يحبك فيها مثلما أحببته، ولم يكن يحلم بك فيها مثلما حلمت به، ولم يكن فيها وردتك مثلما كنت فراشته .....

لثلاث سنوات، توقفت فيها عن ارتداء فستان بضيّ الأبيض عليه فراشات سمراء وحزام أسود في المنتصف، واسع يجعلني أشبه دمية جميلة، كان يحب هذا الفستان، في ليلة كنا فيها معًا، أحببت أن أفاجئه به، قال لي في لحظة صفاء: لو تقدمت لخطبتك أحب أن أراك بهذا الفستان ..... كيف قال جملة كهذه وسط الجمل؟ وكيف ضحكت كبلهاء ساذجة؟ وكيف انطوت الجملة بقلبي وانطوى الفستان بخزانتي ولم أرتديه يومًا بعده؟ أضعه في حقائب السفر، من الخزانة للحقيبة ومن الحقيبة للخزانة ولا يلامس جسدي ولا لمرة واحدة طوال تلك المدة .... 
ما الذي يمنعني؟

أنا كاتبة

بحق الله أنا كاتبة

أنا أقرأ القصص والروايات وأغزل الحبكة ...... وأنا أريد الحبكة في واقعي .... سوف يعود يومًا وسوف أخبره أني لم أرتدي فستانك الذي أحببت لسواك، وأني لم أخن عهد قلبي .... وأني لم أرد لغيرك أن يرى ما رأيت ...... ليس لأحد ما هو لك!

أنا كاتبة

أنا أغزل الحبكة والقصة والحكاية، وأصنع الخير والشر والحب والحياة وأسلبها وأهب الموت متى أريد

نسيت أني هنا خارج الكتاب، خارج القصة .... مخلوق ضعيف يُحكَمُ عليه بالموت كباقي أبطال القصص، أن كتابي سوف ينتهي دوني، دون أن أضع أنا كلمة النهاية وأستمتع بالخاتمة وأناقش فيها القاريء ....

نسيت أني في الحياة لا أمسك القلم، ولا تسير الأشياء مثلما نخطط للرواية، وتجري الأحداث وفق أنجمنا وأبراجنا، والطالع قد لا يطلع في الحقيقة، وتلك الأمنيات قد تظل مجرد أمنيات عابثة وعابسة!

أدركت كيف أني مخلوق ضعيف صغير جدًا، لا يقو على شيء، ولا يملك من أمره أي شيء، أسير مع قدري حيثما يؤذن لي!
وأن تلك النهايات السعيدة التي أحبها، تخيب فيها الحياة آمالنا، وأن الروايات الحقيقية ليس لها نهاية، ولا تنتهي بحدث ولا فكرة، وأنها تظل مفتوحة، مثل تلك الروايات التي كنت ألعن كتابها وأمقتهم، أود لو أحييهم من قبورهم لأسألهم ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ ولماذا تفعل بي هكذا؟

أخرجت الفستان وارتديته، ذهبت به إلى العمل، كان يومًا سعيدًا، أتلقى المجاملات على رقة ذوقه، أتغافل عن مجاملاتك التي ترن في أذني، أنشغل وأتشاغل، أجلس طويلًا مع الأطفال، مع الزملاء، مع ألعاب هاتفي، أحمل نفسي في نهاية اليوم إلى المجمع التجاري، أشتري ثوبًا، أنفق في اليوم التالي كل ما ادخرته في الأشهر السابقة في بعض الزينة، أعود في المساء أجر أذيال خيبتي، تواسيني أمي .... أجبر نفسي على التجاوز بدون تخيل رأيك فيما اشتريت، وبدون التعليق على كلامك عن إسرافي وجنوني في الإنفاق!!!

واجهت قلبي الصغير بك، جعلتك تكرر الكلام الذي كنت ترفض تكراره، لا لشيء إلا ليسمع قلبي، ويتوقف عن التفكير والامنيات وتلك الخيالات المريضة .... فلما تقفز في مناماتي؟ تتجاهلني في المنام كما تتجاهلني هنا، وتوجع قلبي في اليقظة والمنام، وحياتي التي تجري ولا أستطيع اللحاق بها ... ولولا الله لا أعرف ما الذي كان ليحلَّ بي!

أواجه أشباحي في السوق، أتذكر من الذي ظلمني ومن الذي ظلمته؟ من الذي أحبني ولم أستطع أن أحبه، أقول لنفسي لعل فلانًا كان صادقًا إذ أخبرك يومًا بحبه وتجاهلتيه، لعله كان صادقًا إذ أدرت وجهك عنه، والآن يدير الحب وجهه عنك ولم يصدق في حبه مثلك!
لكن القلب .... للقلب أحكام لا أتجاوزها، لم يتحرك قلبي قيد أنملة هناك، وتركني قلبي شبرًا وذراعًا وأميالًا هنا!!!!!
فلماذا تحكمين على قلبه؟
ولماذا تصرين على اجتذاب محبة كانت خدعة منذ الأساس؟

من المخطيء هنا ومن المصيب؟

أهلا بك يا صغيرتي في عالم الكبار المتشابك ..... حيث لا حب ولا كراهية ..... وحيث لا أبيض ولا أسود .... وحيث البشر مزيج مرعب من نور الملائكة ونيران الشياطين ....... وحيث أنه لا شيء يصفو إلا عند علام الغيوب 

لا أحد أحبني فقط!

لا أحد أحبي قط!

هذا شيء بسيط، لم يحبك وحدك، أحب نفسه أكثر، أو أحب عمله أكثر، أو أحب المال أكثر، أو أحب السفر أكثر، أو أحب النساء أكثر، أو أحب التقاليد والأعراف والعائلة أكثر، أو أحب الحرية وكأنك قيد على رقبته أكثر، أو أحب ذبابة تطير لمسافة قصيرة فوق طعامه مرارًا وتكرارًا أكثر

أيًّا ما كان كيف وماذا أحب أكثر ..... لم يحب أحد أكثر إلا أنت ... ويكأنني بقائلة لك أن الحب جريمة

الحب جريمة الصغار يا صغيرتي في عالم الأشباح الذي تعيشينه!

كاتبة مصابة باضطراب القلق، ورهاب الكذب، والشك، والإفراط في تتبع الصدق، مريضة بالحقيقة مهما قتلتها، يجعل حياتها تنتهي كل هذا القدر من التعقيد والكذب واللامبالاة
هي تعذرك جدًا لأنها مريضة مثلك، هي تفهمك وتود لو تضمك بصدق وتحمل عنك أوزارك وأثقالك، وهي تتيه الآن في كل شيء، في المفاهيم الكبرى

ما هو الصدق؟
ما هو الحب؟
كيف يعرف المرء أن الحب حب؟
وكيف يعرف المرء أنه تسلية وتمضية وقت؟
كيف يكون الصدق إذا تلاقت الأعين؟
كيف نعرف الكذب من الألسنة وهي تقسم باسم الله المجيد؟
هل يمكن لعاشق أن يكذب؟
وهل يمكن لكاذب أن يعشق؟
ثم كيف أن الأرواح تتبادل وتتعانق وتتآلف وتراسل بعضها وتكشف الصدق وتبادله بالصدق وصافي المودة بالحب الزلال ثم يكون كل هذا على غير ما كان عليه ؟
هل تخطيء القلوب؟
هل تخطيء الأرواح؟
ما الذي فاتني؟
ما الذي سيبقى؟
من أنا؟
أين أنا؟
ما الذي جاء بي إلى هنا؟
هل أستطيع النجاة من كل هذا؟

المرة القادمة أخبركم عن ألطاف الله .... :)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق