الأحد، 17 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (10)

العالم مضطرب جدًا، بالداخل والخارج، تختار التجاهل كي تحافظ على ما تبقى، وشيء بداخلك يناديك بواجبٍ عليك فعله.

أعظم ما يحارب إنسانًا مضطربًا هو الشعور بالذنب .... تلك الدائرة التي تدركها وتعرفها ولكنك لا تنتهي منها أبدًا.

التجاهل لا يحميك يا صديقي، هو مثل حجرة فارغة تلقي فيه بالأوراق المشعثة التي لا تقوى على قراءتها أو فهمها الآن، تمتليء الغرفة وتسير بكاملها إليك لتواجهك بالحقيقة المرة، أنه عليك قراءة كل تلك الأفكار والمشكلات وحلها ...

المدة التي تمتليء فيها الغرفة تختلف من شخص لآخر، والقدرة على التجاهل أيضا، عوامل كثيرة تحكم تلك العملية ....

فجأةً تدرك أن وقتك فات، وأن عمرك مرّ، وأحيانًا أنك تلك المواعيد التي كنت تظن أنك ستفعلها لم تعد موجودة، وأن هؤلاء البشر الذين وعدت نفسك بالاعتذار لهم أو بتصحيح الوضع معهم لم يعودوا هنا!

شعور مريع، تحتاج في هذا الوقت من يخبرك أن كل شيء سيكون بخير، من يعمل معك على إصلاح خراب ماضيك وفوضى مستقبلك، شخص يعمل لله والوطن بلا مقابل وبلا تعب وبلا كلل!

في يوم ظننت أن الطبيبة سوف تكون هذا الشخص، ليس بذات المعنى ولكنها قد تهتم ولو قليلًا، قد تنشلني من موجات التجاهل والقوقعة حينما أهرب من الجلسات أو أقطع التواصل معها لإن الثقب الأسود يبتلعني من جديد، هذا لم يحدث، هذا لن يحدث، لا شيء بلا مقابل في هذا العالم، وكل هذا الحب الذي ظننته مجانًا لم يكن ولن يكن كذلك!

تدفعني صديقتي التي أصبحت تخابر ذات الطبيبة إلى العودة لجلسات العلاج، تخبرني أنه لا أحد سيبقى هنا لأحد، ذات الصديقة تخبرني لثلاث سنوات أن أنضج، أن أتخلى عن كل تلك المفاهيم الطفولية عن العالم والناس، ثم؟ تنهار قواها وتبكي معي في ليالٍ كثيرة وطويلة، لم تحتمل فيها برودة الغرب، وأنا لا أحتمل فيها ظلام العالم والبعد والفراق والغربة حتى في عقر داري وموطني ........

عندما أنفعل، يقول أخي بعض الحلول، يحاول ترتيب الأوراق معي، ينفعل أحيانًا لحماقاتي المتتالية، ينصحني بالتخلي والتجاهل والسير، أخي لا يعرف أن بوصلتي متكسرة، وأن نظري بات ضعيفًا جدًا كي يقرأ النجوم ويهتدي الطريق!
أقول له: إنني حقًا لا أعرف متى تبدأ كل تلك المشاعر وكيف تتكاتف ومتى تنتهي، هناك هوّة عظيمة في داخلي ليس لها قعر ولا قرار، تبتلعني، أريد أن يعود العالم كما كان أو كما أذكر ولعله كما أتخيل، لقد فقد هويتي، لا أذكر أيهم كان حيواني المفضل؟ وما الطائر الذي يبشرني بحظ سعيد، وأي الورد كان فألي الحسن؟ الشيء الوحيد الذي أعرف أني مازلت أحبه بشدة وأنظر له دومًا هو السحاب .... أتمنى ألا يصيب السحاب اختلال ذاكرتي واضطراب هويتي ....

أخطأ صديقي في احتساب عمري، أنقص منه خمس سنوات، ثم فجأة سألني عن عمره، أخبرته، اندهش، قال لي كلا، هذا ليس عمري، قلت له ولا أنا، هناك خمس سنوات من عمرينا لا ندري فيم ذهبوا، بدا لي أنه حافة السلبية، قلت له أنّا في صراع ضخم، إننا أبطال، إننا طوال خمس سنوات نقاوم، لم أتغيب عن عملي سوى لمرض بدني شديد، وأنت ناضلت مع أسرتك وعملك ودراستك العليا، لقد قاومنا كثيرًا يا صديقي، لو كنّا في تلك الدول التي ننظر لشبابها ونقول أين نحن من هذا لكنا انتحرنا وأنهينا أعمارنا منذ زمن، قاتلنا وحدنا، ونقف الآن وحدنا أيضًا، لا بأس عليك يا أخي لا بأس عليك!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق