الأحد، 10 مارس 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (6)

هذا العالم لا يحبنا يا أمي!

أعرف

تزداد الوحدة بينك وبين العالم ...... هوّة كبيرة تحدث بينك وبين من أحببت ..... كأن كل صلتنا بالعالم تحدث من خلال من نحب، هناك شيء يحثنا على الحياة من أجلهم .... نفقد هذا الشيء ..... نفقد معنى الحياة

سوف أعيش من أجل نفسي ...... 

هذه كذبة الإنسان عبر القرون .... لا يعيش الإنسان وحده أبدًا .... نقول هكذا عندما نغضب كالصغار من هذا العالم، نحاول قدر المستطاع ألا نحتاج لأحد ..... نمر بكل ما نمر ولا نرفع صوتنا ليسمعه أحد 
نتعلم كيف نبكي بغير دموع، وكيف ندعي عدم الاهتمام حتى نصل إلى التبلد، ثم نمتليء فلا ندري أي اتجاه نذهب ولا حضن من نكتنف؟

أريد حضنًا ...... منذ الأمس وأنا أريد من يحتضنني .... منذ أسبوع لكني أعرف أنه ليس هناك أحد ..... منذ شهر ولكني كنت قوية بما يكفي ...... منذ عدة أشهر لكني كنت أتجاهل حاجتي .....

أنا شخص تلامسي جدًا ...... لا تتحدث يمكن أن تضمني فتزول كل جبال الثلج وتذهب كل البراكين إلى حيث جاءت إلى الجحيم ..... فجأة يذهب كل شيء ويعود الكون إلى مداراته والأفلاك إلى دورانها وهدوءها 

فأي شيء يمكنني فعله وعندما أبحث في شخوص الحكاية أجد أن البطل يسير في شارع بارد مظلم وحيدًا، لا يمر من جانبه سوى الأشباح، تتراءى من بعيد له شبهة ابتسامة وشبهة حياة، لكن لا أمل، ليس هناك سوى الضلالات الكبرى!

العائلة، هي كل شيء، هي أحيانًا كل ما نملك، نحافظ على الأطر الخارجية لإنها كل ما نستطيع احتماله، ولكن؟ أي حضن قد يساعدك على القيام؟
تبحث في الوجوه فلا تجد

متلازمة القلق وعدم الشعور بالأمان

متلازمة من أسوأ المتلازمات، أن تلتصق بإنسان مؤذٍ لك، بقصد أو بدون قصد هو مؤذٍ لك، لأنه هو كل صورتك عن الحياة، هو كل الأمان الذي تعرفه، هو الشخص الوحيد الذي تعرفه، هو من تثق به، يلعب بك الكرة إذ يعرف أن ثقتك به أمر مسلّم به ومحتوم، لا يقيم لك وزنًا، وتدفع من عمرك وأعصابك وصحتك وعقلك وقلبك وما تملك كي يرضى عنك.

أملٌ طفوليُّ أحمق أنه قد يرضى يومًا عنك، أنه عندما يرضى قد يعطيك هذا الأمان ويصبح درعك أمام العالم ....
لا يحدث
هذا لا يحدث 
ببساطة شديدة .... هذا لا يحدث

لا تجد الأمان من مصدره، تبحث في الوجوه عنه، تريد كالمتسول المحتاج أي شجرة يحميك ظلها عن هذا السعير، كل الأشجار سامة، حتى تلك الأشجار التي لها ورد وزهر وثمار، تلسعك من حيث لا تدري، تؤوي من الحيات والأفاعي مالم يجز عليك في تلك الحياة .... يا إلهي ... أي باب تطرق وأنت وحيد

تعود إلى مصدر الأذى المنوط به الدفء والأمان، يؤذيك، يبتزك أكثر، الاستعباد مقابل الحماية .... أي حمق يحمل برياح سفينتك إلى تلك الجزر المهجورة الموحشة!

لا أحد يفهمك

لا أحد يسمع شكواك 

من تشتكي؟ أمك؟ أبيك؟ بيتك الهاديء المثالي الصغير؟ عائلتك المحترمة التي يضرب بها المثل؟ من تشتكي؟ قلبك المكسور؟ حطامك تحت كعوب الأصدقاء؟ أشباح الأصدقاء؟ أنياب الأصدقاء؟ زميلك الذي يود لو تسحقك الأرض وتتنزل عليك لعنات السماء لمجرد أنك متفوق عنه؟ رئيسك الذي يراك بمرونتك وذكاءك تهديدًا رئيسيًا له؟
من تشتكي؟

والسؤال الأهم .... لمن تشتكي؟

أين تهرب وكل الطرق مغلقة عليك ....

القلق ينهشك والخوف فزّاعة مناسبة جدًّا لتلك الأجواء .... والاكتئاب يأكل فوق روحك ويشرب ولا يبالي

أصابتني متلازمة الإفراط في الطعام

أكلت كل شيء وأي شيء 

ازداد وزني كثيرًا ملابسي لم تعد تناسبني، ولم أعد أجد ما يناسبني بسهولة

تأكل وتتقيأ ما تأكل، وتسهل ما تأكل وتتقطع أمعاؤك بما تأكل، الشعور الوحيد الذي ينتابك وقتما تأكل هو الهروب، أنت تهرب في كل تلك الأطعمة اللذيذة، وتدفن كل تلك الأفكار في قالب الحلوى .... لم أكن يومًا صديقة الحلوى أصبحت صديقة الحلوى والقشدة وكل شيء شهيّ ولذيذ
أجرب الحميات الغذائية أقول لها أنا قادرة على دهسك، أمنع السكر، أمنع الكافيين، أمنع المقليات، أمنع وأمنع وأمنع وأعود بشراهة أكبر من السابق

الهوّة التي بينك وبين العالم تلتئم بحضن دافيء

فجأة .... كأن العالم كله تصالح على جنوني وعقلي الخفيف

كأن العالم يقول لي أقبل بك على أرضي وتحت سمائي

كأن العالم يمنحك تذكرة دخول ذهبية للحياة من جديد

في أفرادٍ نادري الوجود، قوةُ خفية خارقة، عندما يمنحونك الصباح، فإنهم يمنحونك الحياة، يمنحونك كل شيء كل شيء وكأن العالم لم يسلبك شيئا أبدًا

أتمسك بهياكل الأشياء، بهيكل العائلة وهيكل الأصدقاء، بلا وعي أقترب مع من يعاني ذات المعاناة
يخبرني صديق: مريم، انسي، لن يتغير شيء ..... هكذا قدرنا ... لا تعوّلي على أحد ولا عائلتك ولا أحد، سوف تعتادين الأمر، إننا أناس عاديون، تقبّلي الفكرة، نمرر الأيام كل لا نقوم بفعل غبي، نقول الله لطيف، ولا ننتظر أي شيء أن يتغير
أنا: ومتى ينتهي كل هذا؟
هو: بالموت ....
أنا: أريد أن أنهي كل تلك المشاكل، هذا الشعور القاتل، أريد أن أسعد مرة ثانية
هو: لا سعادة هنا صدقيني، السعادة كلها في الجنة، هنا أشياء عابرة .... عابرة جدًّا، تأقلمي!

يقترح صديقي القديم عدة نشاطات لأقوم بها، أخبره أني أفعل، أنها مسكنات، أني أريد استعادة حياتي ... يقلب شفتيه ... يعتذر .... يذهب ... نسكت طويلا ..... نسكت حتى يفاجئنا شيء نتحدث فيه .... أو نسكت حتى يفزع أحدنا لسكوت الآخر

نوبات الموت تجعلك تفزع لاختفاء أحدهم .... كأنها دائرة صغيرة تنتظر النهاية وفقط!

الوحدة لازمة، تأكلنا، تأخذنا، نستسلم لها ... لو أن لي يد أثق بها فقط ... لو أن هناك ولو نبتة صغيرة تقول لي أنها ستأتي بالصباح .... لو أني أسقي النبتة كل يوم وأبيت ساهرة بجانها، يحتمي كلانا بالأخر من العالم .....

أو 

لو هناك أمل ولو صغير بأن ينتهي كل شيء .... بأن أنتهي أنا من هنا .... الموت طيب ... لماذا نخاف الموت وهو الخلاص؟
ولماذا نتخلص به من الدنيا وهو مخيف؟

لا أعرف

حقًا لا أعرف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق