الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

سيدة الزنابق والياسمين !

تفوح منها رائحة فلسطين الحبيبة

رائحة البرتقال ، واخضرار عود اللوز كما كان يخضر في الطنطورة وينور عن حباته اللذيذة اللاذعة ،
تفوح منها رائحة البحر ، كبحر الطنطورة الذي لا مثيل له .

كالخزامى ... التي زينت بها نوافذ غرناطة ، وأصيلة كشجرة التين وسط الدار تبث الدفء حولها للكل .

ست الكل

رحلت الزنبقة الحلوة !

رحلت في صمت ، رحلت وسط صخب الكلاب والذئاب ، رحلت بعدما سطرت يداها كيف أن الظلم أسود .
بعد أن علمتنا من جديد ما هي فلسطين وكيف كانت ، بعد أن سطرت شكلا آخر وألواناً مختلفة جداً للتهجير القسري للفلسطينين .

بعد أن خطت بنعومة قلمها الصارم ألم اللجوء ومرارة المخيم ، كيف تجسد التاريخ يا سيدتي في امرأة !
كيف للقلم معك صوت وطعم ورائحة وألوان وتجسيم ؟

كيف تجعلينني ألمس معك زهرات مريم .......... تذكرين مريمة ؟ كيف تجعلين الحبر أسود في يد الوراق فيصبغ أنملي وأنا ألقب معك الصفحة ؟

حمامات الأندلس الفواحة برائحة الياسمين ، وحمامات الحنون في فلسطين .

موج البحر الذي يأسرنا سويةً ، فلا رائحة كبحر الطنطورة يا سيدتي .

تلك القرى الصغيرة

تلك التفاصيل الحيية

تلك التعبيرات التي طبعت على قلبي يا ست رقية ، فأرى الصغار أمامي يفوقونني طولا فأقول يلعب الزنبرك دوره في ركبهم !
ويعدلون علي تبرجي أو ملبسي فأذكر مناوشاتك في المطبخ مع فنجان القهوة وعبد ومريم يتبادلون السخرية من صرامتك معهم الموضة القديمة !

الزنابق !

لأجلك أبحث منذ مدة عن زنابق :)

سألت طالبا فلسطينيا لدي عنها ... قال سأسأل أبي ... سأل وعاد وقال سأحضرها لك من أمريكا قريبا !
ابتسمت وشكرته .... تذكرتك ... زنابق الإسكندرية ليست كزنابق الطنطورة ....... ولا بحرها .

اليوم

رحلت يا زنبقة فلسطين ووردة مصر

رحلت قبل أن نلتقي ........ وكلما فاتني لقاء قلت لعلنا نلتقي في فرصة أفضل !

قاتل الله التسويف !

رحلت ........ قبل أن أجلس تحت قدميك أستقي الحب والقوة والحرية والكرامة !

رحلت قبل أن أخبرك بشيء مهم !

أرسلت للعزيز تميم يوما رسالة لكِ ( يارب يكون وصلها )

كنت أتمنى لو أقول لكِ كم رأيت فيك حلماً ، امرأة مصرية تكتب بقوة وعمق وثقافة ، عشق فلسطيني ، ولد كمثل والديه لا يخشى في الحق شيء !

أتعرفين أن أول ما أردت كتابته كتجربة لتكون رواية كانت بهذا الشكل ! ... سمعت قصتك كنت مازلت صغيرة .. عرفت السيد مريد أولاً ... ثم أنت ... أخبرتني صديقة أن بداية الرواية التي أكتبها تشبه قصة امرأة هي رضوى عاشور زوجة مريد البرغوثي !

يا للبهجة ... ويا لجهلي بك كم تأخرت !
عرفتك ....... عرفت ولدك ......... قرأتكما وسمعتكما وتعلمت الكثير الكثير الكثير

عرفتك يا زنبقة الزنابق يا وردة ليلة .... حنون وقوية صارمة وتتفاوض وكأنك لست امرأة واحدة !

كنت أريد أن أجمع أجزاء قصتي الحزينة وأجيء بها إليك يوما ... أجلس كتلميذة ... في مهد الكتب أتعلم ... فوجدت هذا جل ما يعبر عنك وعن شعوري عندما أذكر رضوى عاشور !

لكني عارف بإني إبن رضوى عاشور
أمي اللي حَمْلَها ما ينحسب بشهور
الحب في قلبها والحرب خيط مضفور
تصبر على الشمس تبرد والنجوم تدفى
ولو تسابق زمنها تسبقه ويحفى
تكتب في كار الأمومة م الكتب ألفين
طفلة تحمّي الغزالة وتطعم العصفور
وتذنِّب الدهر لو يغلط بنظرة عين
وبنظرة أو طبطبة ترضى عليه فيدور

وأمي حافظة شوارع مصر بالسنتي
تقول لمصر يا حاجّة ترّد يا بنتي
تقولها احكي لي فتقول ابدأي إنتي

وأمي حافظة السِيَر أصل السِيَر كارها
تكتب بحبر الليالي تقوم تنوَّرْها
وتقول يا حاجة إذا ما فرحتي وحزنتي
وفين ما كنتي أسجل ما أرى للناس
تفضل رسايل غرام للي يقدّرها ............

وهذا ما سطر تميم :) وهذا ما قرأته في كلماتك في كل الشخوص ... وهذا أبلغ ما قيل ... وهذا أنت يا جميلة الجميلات ... يا سيدة السير والحكايا ....... 

مشتتة أنا جدا !يهرب الكلام ........ يتصارع بداخلي ............ ما بين حب وألم وندم أني لم أبذل مجهودا أكثر كي أصل لك سريعا فكان القدر !

سأكتبك كثيراً

وأتحدث عنك كثيرا ما حييت

سأخبر أبنائي عنك

سأخبر تلاميذي

سأخبر كل أصدقائي كلما تحدثنا عن فلسطين

سيرحل الظلم وتبقين أنت

ويرحل الألم وتبقين أنت

ويرحل الصهاينة وتبقين أنت

تحاورين وتجادلين القدس والقاهرة

وترحل الشموس لظلام عتيد ، وتبقين شمعة صدق في ذاك الظلام ، ويبقى كلامك ، ويبقى تأريخك لكل تلك الأشياء التي تربينا عليها مموهة جدا بسطوع ألوانك بتلك الكتب !

ويرحل الربيع وتبقين أنت .... لوحة ألوان بين سواد الكتب

ويرحل البحر وتبقين أنت كملح الأرض

ويتغير يا أمي وجه القاهرة كل يوم وتبقين وجهاً يحفظ تلك الملامح جيداً ، لا يزور ولا يخون !

ويبقى كلامي كثيراً

يذهب ويجيء

ويبقى كل الذي بداخلي وكأن خلاصة الأمر دمع !

ويبقى الكلام طفوليا جدا ، صغيرا جدا حائرا جدا ما دام عنك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق