السبت، 31 مايو 2014

حب اعتباريُّ ! HER

يجلس على كرسي مكتبه

يبدأ في إعداد الكلمات المناسبة

ينطقها بعدما ضبط إعدادات الحاسوب على الحالة الشعورية للراسل 

ليبدأ بدوره في سطرها بخط أشبه بخط اليد البشري !

على ما يبدو أنها مهنة ستكون مستقبلا ..... حيث لا يكون للبشر فرصة الوقت الكافية للحب ... للشوق ... حتى للتعبير عن ذلك !

وقفت هناك ... عند هذا المشهد طويلا ... هل سيأتي هذا اليوم ؟ أما يكفي أننا اليوم نتراسل إلكترونيا بحبر وقلم وهمي ؟ 

أما يكفي أننا نجتهد في تطويع الكلمات كي تحمل أرواحنا !

فرق كبير وشاسع بين خطاب بخط اليد تقرأ في تجاعيده مشاعر كاتبه ... وبين خط جامد لا تحييه سوى حرارة الكلمات تعبيرا !

لا أصدق الخط الإليكتروني إذا ما قورن بخط اليد .

ولا أصدق أن زمان سيأتي علينا نستأجر فيه كاتبا يبث أحبابنا بعض المشاعر التي نعلمه بها بكلمة صغيرة ! فيضيف هو بعض التفاصيل التي يعرفها عنا لتبدو حقيقية ... ويجود الحاسوب الأمر باصطناع خط يشبه تماما خط اليد بل ويوقع تحته أيضا !

ظرف أصفر ......... طابع ........ قبلة ........ ساعي بريد ...... سيبدو الأمر حقيقيا تماما ! 


هذا الكاتب للرسائل.. ثيودر ... والذي يضفي بعض الحميمية على صوته تتحول إلى تعريجات قلم على الحاسوب ... يعيش حالة من الانكسار العاطفي بعد انفصاله عن حبيبته وزوجته في انتظار توقيع أوراق طلاقه .... 

يتذكر وحيدا كجرو بائس كيف كان يعشقها .... كيف حدث شقاق بينهما ... كيف لم يحتملان الأمر وتنازلا عن كل ما مر ... كيف أنها باتت تمضي قدما في حياتها وعملها وكأن لا شيء يحدث في حين أنه يعيش حالة قاتلة من الرتابة !


يتعرف على أحد أنظمة التشغيل ذات الذكاء العالي ... تلك الأنظمة التي تجعل حياتك أسهل بداية من تصفح البريد الإليكتروني إلى تصفح مواقعك المفضلة والتعامل مع التطبيقات الخاصة بك والمتصلة دائما سواء على هاتفك النقال أو على حاسوبك أو شبكة الإنترنت .  

هذا النظام ذو التحديث التقني العالي جدا يستطيع التواصل من تلقاء نفسه ... كعقل اصطناعي بذكاء عالي التقنية .... بحيث أنه يخاطبك ويتفاعل معك جيدا .

اختار ثيودر أن يكون التطبيق بصوت أنثوي ... سألها عن اسمها ... سامانثا ! 

لتبدأ قصة حب ........... مع نظام التشغل ! 

تلون صوتها كامرأة حقيقية ..... تمنحه التنهيدات وتموجات الصوت ... يقف متسائلا ... لماذا تقومين بهذا وأنت لا تحتاجين الأكسجين !

يصور لها كل شيء بكاميرا الهاتف ........... يرسل لها كل ما تريد أن تراه ........ كامرأة حقيقية يتواصل معها .. يمنحها الشعور ... ويتفاعل مع حكاياتها العجيبة والغريبة عن عالمه ... حتى أنه مارس الجنس معها ! ! ! 

صارت كقصة حب حقيقة !

لا سبيل للقاء لكنه مكتف تماما بتلك المشاعر !

هل حقيقية نبعت أم أنها مجرد احتياج إلى أنيس !

يتفاجيء قرب نهاية الدراما المفجعة أنها على تواصل مع آخرين .... يصدم ... يجلس على درجات السلم ... يسألها ... كم رجل تتواصلين معه غيري ؟ رقم فوق الثلاثة آلاف والثمانمائة شخص !

وكطعنة ... يسأل ... كم رجل تحبين غيرين ؟ تبادلينه المشاعر معي ؟ تقول بصوت لا شك بشري .. لا شك مفعم بالحياة والحركة والأكسجين ... حوالي 641 على ما أذكر ربما أكثر ! 

يصعقه الرقم ....... يصفعه ........ تتدارك ...... لكنني أحبك أنت .... حبي لك مختلف حقا عن حبي لهم !


يفيق أنها مجرد تطبيق إليكتروني

لسبب غير معلوم .

تتوقف الشركة عن امداد التطبيق وتلغي تفعيله على جميع الهواتف

صديقته في الطايق القريب تتشارك قصة حب هي الأخرى بعد طلاقها مع نظام بشخصية ذكورية !

يلتقيان أخيرا 

كجروين بائسين

ينتهي الفيلم

لشخصين أشبه بالمسوخ

يقعان ضحية الاحتياج لشخص ذكي يمنحهم شعور ولو كان زائفا بالاهتمام والحب !



المفجع في الأمر أن الشخص نفسه كان زائفا 
أنه لم يستطع الدخول في علاقة حقيقة أو إقامة علاقة جديدة مع امرأة من لحم ودم !

أنه قال لها بهدوء لن ألتزم بشيء تجاهك ! لست في موقف الالتزام بأي شيء !

شيء حزين كم أن الإنسان أصبح بائس ....... كم نحن بائسون ! 

على أتم استعداد أن نحب تطبيق إليكتروني .... أن نحب أي شيء يملأ فراغ حياتنا ... أصبحنا نميل إلى الركن الرتيب في الحياة ... إلى تلك المنطقة المظللة من العالم ... 

غير آبهين لصدق الحب ............. أو لحقيقة المشاعر 

لعل المسوخ التي تشوه قلوبنا في عالم الواقع  هي التي دفعت بنا إلى هذا الركن !


لعل زيف يحيط داخلنا جعلنا لا نريد خوض المغامرة مع شخص يتفاعل حقا ويغضب ويخطيء ونحبه ونسامحه ونعتذر منه ونتداول الكرة فيما بيننا !

وصل البؤس به أن يستغني بمناخ زائف من الصور والموسيقي والتعبيرات الجنسية التي تهمه بها .... عن ضمه زوجته عندما يعود محملا بالهم مساء من عمله !

أن يقف وحيدا أمام الشاطيء وهو يصور لها منظر الناس والموج .... ويستغني بكلماتها عن رؤية خصلات شعرها تطير أمامه محمله بنسيم البحر وعطرها !


عن لمسة يدها وهو يسير معها في الطريق !

كيف يهديها باقة ورد ! 

كيف يلقي رأسه على كتفها ... أو يضم جنونها بين ذراعيه عندما تغضب !

كيف يغار عليها ... هي تطبيق متاح لكل البشر !

كيف أنا بائسون حقا !

من الممكن أن نتحول لحالة من إشباع الغرائز وفقط

نمتزج بالآلات ونتزاوج بتطبيقاتها 

نفقد أرواحنا !
تفردنا بأنا بشريون !

الآلة كانت تخونه

وهو بين ........ هل من حقها خيانته ؟ أم من حقه فرض الملكية عليها ! 

هي ليست كالبشر تهبك حبها وتنشد إخلاصك !

ينتهي الفيلم

بكلمات رقيقة يرسلها إلى تلك الحقيقية في حياته ......... زوجته السابقة !  

( ما دمت حقيقا لا شيء يهم ... لن يحيلك المسوخ حولك مسخا .... لن يقتلك الزيف ... لن يصيب جوهرتك ... ما دمت حقيقيا ... لن تقص جناحاتك التشوهات ... ولن يصيبك الهرم .... ما دمت حقيقيا ... لا تخش الحب أبدا ! ...... الحقيقيون يتعرفون بعضهم في نهاية الطريق .......... وتبقى أصداء المشاعر موسيقى الحياة للنهاية ) 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق