الجمعة، 19 يوليو 2019

سيف الخوف بتارٌ! (27)

أنا خائفة .... مم؟ ولم؟

أنا خايفة بحق .... الأمر لا ينتهي عند حد معين ... أتساءل كل يوم ما الذي حدث وكيف انتهينا هنا؟ وكيف صارت كل تلك المسافات بيننا؟ ومن منّا خذل الآخر؟ 
لم أخذلك ... طرفة عين لم أخذلك ... لمحة طرف لم أخذلك .... لم أخذلك وأنا ممسكة بطرف ثوبك أرجو منك كلمة حب واحدة!
ولم أخذلك حينما كنت أتوسد روحك وأنام
ولم أخذلك عندما قلت لك أخاف نهاية الأشياء، سوف نفترق .... سوف يذهب كل منا إلى طريق ... أقسم بربي لم أخذلك!
كنت أنتظر منك كلمة واحدة، أن تقول لي لن يحدث، أن تقول لي أن هواجسي ليست حقيقية ... أن تضمني لصدرك مثلما كنت تفعل دومًا، في ذاك اليوم كنت محتاجة أن تضمني لضلوعك وتسكنني روحك .... كنت محتاجة أن تقول لي لن يأخذك العالم مني .... لن يأخذك الخوف ... لن يأخذك اكتئابك اللعين .... لن يأخذك الوسواس حيث تخشين كل الرجال إلا أنا ... وترتعبين من كسر المسافات إلا عندما أقترب ..... وتتعثرين في أفكارك حتى أقول لك كل صباح " صباح الخير يا حلوتي"
لماذا قسوت علي في الفراق ولم تقسو وأنا في حضنك؟ لماذا لم تأخذني مني إليك عنوة؟ لماذا لم تضم شعر رأسي بيدك وتجذبها إلى كتفك وتقول لي اسكني أيتها الريح الشريرة؟ فتهدأ العواصف بداخلي، ويرقد البركان حيث يثور؟ لماذا أحببتني كل هذا الحب وسلبت مني الحياة؟ تعتذر مني وترجو أن أسامح عبثك، وجنوني من يغفره لي؟ وخوفي المتزايد من يتحمله عني؟ وقلقي منذ رحيلك من يخمده؟ وصراخ داخلي من يسكته؟ وشوقي لصوتك من يطعمه؟ وفراغ الحياة من مفهومها من يملؤه؟ وتلك الطرق المتداخلة والمتشابكة والمتفارقة والتي لا تهدي لشيء من يأخذ بيدي بينها؟ وهلعي كل صباح من يقول له كل شيء على ما يرام؟
كم مرة أخبرتك أني كنت أهرب مني؟ كنت أهرب حيث لا أنت ولا أنا؟ كنت أهرب حيث لا أفقدك .... كنت ومازلت خائفة ... هل إذا لمست وجهك احترقت؟ هل إذا لمست وجهي؟ ما الذي قد يحدث إذا لامست وجهي سوى الإشراق؟ تلك البسمات التي تشرق عليها صباحاتي في عينيك ..... 
هل أخبرتك أن قلبي يؤلمني إذ أذكر ضحتك؟ أني ملكت كل ما أردت من الحياة بلحظة؟ أني خسرت كل ما تمنيت من الحياة بلحظة؟ أينا الجاني يا صديقي؟ وأينا خذل الآخر إن لم يكن كلينا!
هل تسامحني؟ أنا سامحتك ... أنا لم أجافيك يومًا .... أنا لم ينكسر قلبي إلا لخيال امرأة ظهر لا أعلم من أين! أخبرتك كل جنوني عندما تكلمنا ....
أنت خائف يا حبيبي ... أعرف .... أنت غاضب مني كالصغار ربما .... أو غاضب من الدنيا .... أو غاضب من نفسك ...
متى ينتهي الغضب؟ ولماذا لا ينتهي الغضب؟ ولماذا لا يعود الزمن بنا للوراء أو يسير بسرعة للأمام أو للأعلى أو للأسفل فنلتقي؟ هل نلتقي؟ هل سوف نلتقي؟
كتبتَ منذ زمن طويل أنك مخذول في أحبة ..... رجوت أن أكون أنا كل أحبتك مثلما أنت كل أحبتي ... ورجوت ألا أكون صاحبة كلمة الخذلان! سألت نفسي مرارًا متى خذلته؟ سألت نفسي تكرارًا كيف خذلته؟

منذ يومين .... قبيل منتصف الليل ... أخبرت صديقتي خاطرًا يأتي على قلبي .... أننا التقينا ... قبل الخلق التقينا ... في الماضي السحيق التقينا .... في المستقبل البعيد التقينا ... في حياة أخرى التقينا .... منذ رأيتك أول مرة كنت أعرفك .... كنت أننا التقينا .... اهتزّ قلبي كزلزال يضرب جوانبه .... تنحبس أنفاسي وترتعد أواصري ... أنا أعرفه ... من هذا أنا أعرفه؟ ... وعندما مرت خمس سنوات التقينا ... وعندما مرت ست سنوات تقاربنا وتقاربت أنفاسنا وصرت أعرف رائحتك ... كنت أعرف رائحتك .... وصرت ألمس وجهك .... كنت أعرف وجهك .... وصرت أمسح شعرك ... كنت أعرف تعاريج رأسك .... كنت أعرف سعة صدرك .... كنت أعرف شكل عظامك .... فقبل أن نلتقي يا حبيبي كنا التقينا ....
هل كنت تعرف هذا قبل أن نلتقي؟ هل كنت تدرك هذا قبل ان نلتقي؟ هل كان ما قلته لي في لحظة سكر كان ما يدور بقلبك حقًا؟ هل تذكره؟ هل يعني لك شيئًا الآن؟ ..... " كنت عارف إنك موجودة، كنت متأكد إني هقابلك، الحب ده كله كان لازم يروح لحد" هل أخبرتك أني قبل جملتك هذه بتسع سنوات كنت رأيت في عينيك أنك حبيبتي فأنكرت وهربت منك؟ أني كنت أعرف أني إن اقترب منك سوف أذوب؟ سوف أتلاشى كقطع السكر؟
نحن التقينا .... وهذا خبر سعيد جدًا ... سعيد بحق ... سعيد قدر أني مازلت والله لا أصدق أنا التقينا .... حزين قدر أنه سريع جدًا .... متى انتهى اللقاء ولم أشبع من رؤية عينيك ولم أملأ صدري برائحتك؟ 
نحن التقينا يا حبيبي .... ولأول مرة كان للكلمات معنى، مهمة رائعة ... شكل وطعم ورائحة وملمس ودفء ... كان للكلمات دفء ... كان لصوتك إذ يغالب نعاسي كي أفيق دفء ... كنت أود ألا أفارق النوم كي تدللني أكثر .... لكن مزحاتك كانت تضحكني فينكشف أمري وأفيق!
منذ فترة طويلة، لم أعد أذكر الزمن تحديدًا، أعادوا عرض فيلم ( أرض أخرى Other Earth ) على التلفاز ... تمنيت أن نكون هناك .... تمنيت أن نعرف أننا هناك ... تمنيت أن نكون معًا .... أن يكون لنا ذات البيت ... وذات الدفء ... أن ننظر من الأعلى إلى نسختنا هنا ونضحك ونقول مساكين ... هذا كابوس يرعبهم لكننا معًا وهذا ليس حقيقي!
منذ يومين في السيارة مع صديقتي ... كنت أخبرها عن خوفي من فقدك .... عن الرعب الذي كنت أكابده كلما خفق قلبي لك ... عن أم موسى التي تعرف بقلبها أنه صبي وأنه محكوم عليه بالهلاك ... لأنه صبي؟ في قلبي كان محكوم علينا بالهلاك لأنك كل أمنيتي .... هل كانت الدنيا لتعطيني كل أمانيّ جملة واحدة؟ سوف تأخذك ... سوف تقتلك ... قلت لها هناك مشهد لا أنساه في فيلم "صانعة الأثواب، الخياطة The Dress Maker"، عندما أخيرًا ابتسم لها الحظ وشعرت بالحب ... قالت له أنها تخشى أن تصدق ... أن تصدق أن أحدًا يحبها .... وأنها تشعر بأمانٍ معه ... أزعجه قلقها .. لم؟ ... قالت له أنها نحس .... أنا نحس ... لا شيء أحبه يبقى معي .... قال لها أنت لست بنحس .... وأنا أحبك .... ووقف أمامها مازحًا يود أن يلقي نفسه بخزان الحصاد، يأمرها أن تقول له أنها ليست بنحس وإلا ألقى بنفسه .... لم تعرف كيف تتخل عن خوف لازمها لسنوات .... ترددت في الكلام ... أحبته ... وعندما أحبته خافت من نفسها عليه ... قالت له حسنًا أنا لست بنحس اخرج .... أتدري ما الذي حدث يا حبيبي؟ لم يخرج ... هي كانت شجاعة بما يكفي أن تقول أنها لعنة ... أنا نحس ... أنها شؤم ... أن ليس لها حظ مبتسم من الدنيا ... وأنا كنت أفكر ... هل ألقيك في اليم؟ هل اليم آمن عليك؟ لا يأتيني الوحي مثل أم موسى كي أتيقن يا حبيبي من نجاتك .... كنت بين هذا وذاك ... أن ألقيك وأن أمسك بك أكثر .... هل راجعت رسائلنا يومًا؟ هل تذكر كم مرة قلت لك ابق هنا؟ هل تذكر ما كنت تقول؟ "مالك بس يا حبيبتي أنا هنا أهو" هل كنت تعرف أني كنت أخاف من العالم، من كل العالم ، من أمي مع العالم، وكنت أرتاح إليك وأهرب معك من الدنيا؟ أنتَ الدنيا .... هل تذكر عندما كنا نتسوّق؟ كنت أريد بعض التفاح ... كان يومًا ثقيلًا، كنت خائفة كعادتي، وعندما يأتي الخوف والله لم أكن أعرف لماذا يجيء ومن أين يجيء، كنت أهرب إليك ... كنت ألتصق بك وأمسك بذراعك بكلتا يدي، قلت لك أريد بعض التفاح، قلتَ لي هاكِ ، اذهبي وأحضري ما تشائين، قلت لك تعالَ معي، لكنك رفضت وقلت لي: اذهبي أنتظرك هناك أراكِ من هنا، ذهبت خطواتي ثقيلة، أنظر إليك وأنت تبتسم، هل من المعقول أن أعود سعيًا إليك وأرتمي بحضنك وأقول لك أنا خائفة؟ وسط كل هؤلاء الناس أنا خائفة؟ في هذا المتجر المؤمّن أنا خائفة؟ هل يعقل أن شابة بعمري تجري عليك كأبيها وتبكي فجأة وسط الزحام والناس؟ نظرتك تدفعني للذهاب، بسمتك لا تفهم خوفي، ذهبت، بدأت بجمع بعض الحبات، ظل إنسان يقف بجانبي، أضطرب، يمد يده أمامي بتفاحة، أفزع، تبتسم تقول لي خذي هذه أيضًا، هل كان كل هؤلاء المسنين حولنا وكاميرات المراقبة والأمن وإداريي المتجر يسمحون لي بأن أحضنك وقتها وأبكي؟ أو أحضنك وأطمئن؟ أمسكت ذراعك ... التصقت بك ... تباعدت خطواتي قليلًا، كنت أخاف أن أبدو غير منطقية ومجنونة .... كنت أخاف أن أثير ارتباكك ...
هل تذكر عندما أحزنني أمر من هذه الخرابة التي نعيش فيها، كنا انتهينا من الغداء والليل أسدل ستائره، كنا في الطريق لمنزلي، كنت أخبرك عما يزعجني، تحدثنا قليلًا، أسندتَ رأسي لصدرك، وتشبثت أنا بك وقلت لك أريد أن أخرج من هنا، قلت لي أعدكِ أن أخرجكِ من هنا، قلت لكَ أنا حقًا خائفة ... ضممتني أكثر وقلت بهدوءك الجميل "خايفة من إيه يا حبيبتي أنا جنبك" كيف تسمح لي بالابتعاد؟ كيف تسمح لنفسك بالابتعاد؟ كيف تقول لي بعد كل هذا لم يكن حبًا .... بربك أقسمت عليك بربك ما كان هذا؟ 
هل تذكر حين تقابلنا سريعًا، قبل ذهابي إلى رحلة بعيدة، قلت لك أنا قلقة، قلت مم؟ قلت لك كابوس راودني وأفزعني، أنا خائفة، كان يبدو حقيقيًا الكوابيس تتحقق، قلت لي هذا مجرد حلم، لا تقلقي، لكن كوابيسي تتحقق ... لم تصدقني .. شبح أسود يقف بيني وبينك ... يأخذك بعيدًا عني ... وأنا عاجزة ... وأنت فاقد للوعي ... أبكي بحرقة ... أود لو أنادي عليك ... أمد يدي ... أختبيء خلف ساتر يحجبني عن الوحش ... وأنت ممدد هناك لا تتحرك ... أبكي بحرقة وأصرخ وأضع كلتا يدي على فمي كي يتيه الصوت عودًا لداخلي، والوحش يقترب منك ويأخذك ... وأنا أصرخ لا أعرف كيف أصل إليك؟ كنت تقولي لي أنه حلم، أني أوليه اهتمامًا أكثر من الزائد، لكنك خفت، في قرارة نفسك خفت ... في نظرة عينيك خفت ... وأنا كنت مرتعبة ... وسط كل الخوف كنت أتيه بعينيك ... حيث الأمان وحيث مصرع الخوف ومولده الجاني! 
هل تذكر آخر مرة تكلمنا؟ وكنت قاسيًا، وكنت مرتابًا، وأنا كنت في نوبة لم تنتهِ من القلق، لم تعترف لي أنك تحبني رغم أنك تقول صباح الخير مولاتي، ولم تجب عن سؤالي من أنا؟ رغم رسائلك إلى ملكة قلبي .... ولم تشف لهفتي بأمل .. رغم خطابك " أنا عايش بس عشان أرضيكي" وأنا عايشة ليه لو انت مش هنا؟
هل تسبقني بخطوات؟ هل أنت من المستقبل وتعرف أنه لا يجب أن نكون معًا أكثر؟
هل تخلفني بخطوات؟ هل أنت مازلت واقفًا حيث ازداد توتري وجنوني وكنت أصرخ فيك دعني وحدي؟

الخوف يهاجمني كل ليلة بحلم مرعب، أنك تقترب من امرأة غيري، وأنك حزين، أني أسألك تحبها؟ أتبين أنك لا تعرفها أصلا، أضربك، تقول لي كفى، تقترب، ماذا تريدين، هل كان يجب أن أخبرك في الحلم أني أريدك؟ لماذا لم نهرب من تلك الحياة التي لا تشبهنا؟ لماذا لم نحفر الخندق ونقف فيه معًا؟ لماذا لم نواجه أي خوف بداخلنا تجاه أنفسنا وتجاه الناس؟ ما الذي أخافنا أكثر كي نهرب من معركة لم تبدأ؟ ونموت بسكين لم تُسَنّ؟ 

هل أخبرتك أني بدأت جلسات جديدة؟ لأني لم أعد قادرة؟ هل أخبرتك أني لم أعد أصادق أحدًا؟ أن الجميع بلا استثناء لم يكونوا هنا؟ وأن لكل منهم مشهدًا واحدًا على المسرح لا يؤدي غيره، ولا يزيد من عدد الكلمات التي يحفظها ولو على سبيل اللباقة؟
هل أخبرتك أن أول طلب يطلبه المعالج أن أمحو كل أثر لك؟
أخبرتك أني حاولت ألا أتلصص عليك، أني نجحت ألا أزعجك، أني أكبت كل يوم رغبتي الشديدة في الرجوع من العمل والارتماء بحضنك وإخبارك ما حدث، أني أكبت فضولي الشديد أن أسألك كل مساء كيف كان يومك؟ أن أضمك، أضمك بشدة، أضمك مثلما لم أفعل من قبل، أضمك حتى أعصر الهم من رأسك، وأخرج الخطايا والآلام من أخمص قدمك، أضمك حتى يخرج ضيق قلبك مع قطرات العرق، أضمك حتى تبكي، وأبكي، أضمك حتى لا يبق لما كان قبل اجتماعنا أثر ولا معنى، حتى تخرج الدمعات التي كنت تحبسها، وحتى تنفرج الدمعات التي كانت تحبسني، وحتى تنام مثلما كنت تنام قرير العين هاديء النفس مطمئن الفؤاد على صدري ..... 
أخبرتك ألا أزعجك، وعدتك، وعدتك ألا ترى طيفي، ولا تلمح كعب قدمي ولا طرف ثوبي، وأنا والله أحاول يا سيدي، أحاول يا قمري، أحاول قدر ما أستطيع، أخبرتك ألا أزعجك، ولسوف أهاجر إلى مكان ليس بالبعيد مؤقتًا حتى يحين موعد سفري البعيد إلى حيث لا يزعجك وجودي أبدًا إن كنت تنزعج .... لو أقتل نفسي؟ أتمنى كل ليلة لو أقتل نفسي .... أتمنى كل ليلة لو لم أكن هنا من البداية .... الخوف يمنعني ... الشجاعة أحيانًا ... 
يخبرني المعالج أني سأبدأ من جديد .... يخبرني أني عندما أتخلص من تلك العلاقة سوف تبرق لي الدنيا 

هل عرف المعالج معنا يا حبيبي معنى الدنيا؟ هل يجدر بي أن أخبره عنك أكثر؟ عن أنك الدنيا؟
كيف يطالبون الناس أن يتخلصوا من أرواحهم كي يعودوا للحياة!

السابق ٢٦

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق