الاثنين، 7 مارس 2016

15-بيضاء ........٣

أن تأتي متأخراً خيراً من ألا تأتي ....

تلك هي الحماقات التي نخبر بها بعض الأشخاص كي لا يصيبهم إحباطات التأخير والطرد من حيواتنا المكتظة بالقائمين والزائرين والعابرين!

تلك الترهات لا نخبر بها من نشعر أنهم نحن، من نشاركهم كل شيء، من نفرح بنجاحاتنا في عيونهم، ومن نتألم بأحشائهم، ومن نتقافز  بقلوبهم، ومن نبكي بدموعهم!

تلك الترهات لا نخبرها لهذا الشخص الذي يصبح نحن، يصبح الشمس والقمر والليل والنهار وكل شيء، يصبح ضلعنا وعمودنا الفقري، يصبح روحنا المتحررة لمكان آخر، لكنها تمنحنا ذات الحياة وذات القدر، وربما ذات العبارات وذات النكت والكلمات!

تلك الترهات، تقصم أظهرنا إن نطقنا بها تجاه أعمدتنا الفقرية، لإنا إن نطقناها، فقد اخترنا لهم أن يصبحوا غير ذلك!

أن تأتي متأخراً مثلما لا تأتي أصلا!

هل يعود الزمن للوراء؟

هل تعود الدمعات للمحاجر من جديد، وتعود البسمات لباب القلب مرة أخرى؟ كلا، لا يحدث، لا شيء من هذا يحدث!

فلا تقترب إن أخبرك الحبيب تلك العبارة " أن تأتي متأخراً خير لك من ألا تأتي أصلا" فإن قال هذا، فهو قد أخرجك من دائرة الفرح والألم على حد سواء، هو قد اختار أو هي اختارت لك مكاناً على ذاك الرف، بجوار دمى الطفولة!

أن تأتي متأخرا خير..... تلك الخدعة التي تخبرك بها، هي تمهيد لطردك خارج قلبها، طرداً أبدياً،

هذا ليس تسامحاً البتة!

أتدري ما التسامح إذن؟ هو أن تثور بوجهك حقاً، أن تصفعك، أن تمزق ثوبك بأسنانها غيظاً ونقمة، ثم ترتمي فوق صدرك باكية، التسامح، هو أن تنتقم منك وفيك وبك ولك، هو أن تخرج كل حماقات قلبها لديك، وتبكي، فإن فعلت فاعلم أنه حقاً في هذا الوقت أن تأتي خير من ألا تأتي!!!!

الشوق؟

تلك اللعنة التي تجعلها تصبر، تطرده من قلبها ثم تعيده، إثر الشوق ألقت بنفسها بين يديه راضية، ولكن قلبها؟ هل يفتح تلك الأبواب أم أنه حقاً كما قالت " إن المرأة إن أدارت قلبها لا تعود" ؟

هل أدارت قلبها؟

هل تمنحه الآن فرصة؟

هل تسامحه؟ 

هل تثور بوجهه كالبركان؟

أم أنها قد أشبعت الشوق بداخلها وتستعد الآن لخدعة جديدة تكن ذريعة لطرده خارجاً؟

في المساء، يفتح عينيه فيجدها نائمة هناك تماماً، كان قد شعر بخروجها من بين يديه لتشرب، لم يكن يتوقع عودتها، لكنها عادت وبقيت.

القسوة حب مجنون، يتخفى كي لا يظهره الضعف والشوق واللوعة!

يتسلل منها، ويخرج!

تفتح عينيها، تبتسم، كم كانت تشتاقه، هل يتحادثان؟ بالطبع!

هل تمنحينه فرصةً؟ سوف يهرب من جديد؟ هل نسيتٍ طبائع الرجال؟ لا يواجهون حبهم، ولا يعاندون أقدارهم، بل لا يستسلمون للحب أبداً مهما بدا غير ذلك، عنيدون جداً، يحطمون قلوبهم من أجل خدش قلبك ولا ييأسون من تحطيمك مراراً وتكراراً.
هل نسيتِ كلام أمك؟ صديقتك؟ زوجة عمك؟ ابنة خالك الكبرى؟ هل نسيتِ؟ 
تراه مختلف عن كل الرجال؟ عن السابقين؟ 
ما الذي يجعله مختلفاً؟ كونه عاد إلى حضنك من جديد؟

الرجل صيّاد يا سيدتي، ينعم جلده كالثعبان حتى تطمئني، فإن ألنتِ جانبك له لدغك بالسم الرعاف!
كلا، لن يفعل، ثم لماذا عساه يفعل ولم يجبره أحد على العودة؟ ولا الحب؟ أليس هو الذي ظلّ يقترب حتى أحببته؟ ثم يتحايل المواقف حتى سمحت له بالدخول هنا؟ لماذا يهرب إذن؟ ولماذا قد يقسوا! قد كان يملك الفرار من قبل فلماذا عساه بعد كل شيء يقترب؟
الرجل طفل صغير، وأنت الدمية التي يهدهدها وقتما يريد ويلقيها إن جذبته لعبة أخرى!
لكن، لا ألاحظ عليه وجود امرأة!
ومن قال أن كل اللعب يجب أن يكن دمى؟ ونساء؟
إذن؟
إذن تهربين!
ولماذا؟
لأنه سيهرب عاجلاً أم آجلاً
لكنني أثق به، أثق بلمسة يديه، بقلبه الذي اطمأن لجانبي طوال النهار، لدقات قلبه التي عادت منتظمة، ولأنفاسه التي تتابعت مستريحة ورائقة!
لكن هذا لا شيء، لقد هرب من قبل، لقد، لقد أبكاكِ، أي رجل يبكيكِ ويستحق البقاء؟ بل العيش؟ إنك في غنى عنه، عن غيرته المجنونة، عن تعنته السابق، عن حبه المشروط والخانق، إنك في غنى عن صحبته، ألم يصبح لك صحبة جديدة؟ ما الذي منحكِ إياه لم تجديه بنفسك بعيداً عنه؟ حتى نجاحاتك تلك الصغيرة لم يشاركك إياها! أتعرفين وسادتك التي تشاركك الدموع والضحك أنفع لك منه! هل يعود بك الزمن؟ أفيقي، هو لم يعد شيئاً، من لم يقف سنداً في شدتنا، لا نصبح له بسمةً في رخاءه! اسمعيني!

تعكر صفو ضحكتها!
اعتدلت في السرير، نفضت عن نفسها النوم والفرش وقامت، كانت تنتظر سماع صوته يناديها، أو خطواته تلحقها، خرجت تتفحص الحمّام، لقد طال الوقت وهو بالخارج، لا أحد هناك، ثم يصم أذنها صرير عجلات السيارة!

شهقت !

سحقاً

لقد هرب!

كعادات الرجال العنيدين ..... هرب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق