السبت، 30 مايو 2015

طلع عشقان !

تجلس في توتر بالغ وتحكي

ماذا أفعل ؟ بعد كل هذا ... بعد كل تلك السقطات .. أصدق رجلا !

مستحيل !

تمسك هاتفها الجوال .. تفرك عليه بأصابعها .. بلاهدف تبحث فيه عن اللاشيء .. تتركه وتنظر ثانية وتكمل :

يقول لي فرصة ثانية !! ثانية ؟ إنها المرة الثالثة .. فرصة أخرى ؟ فرصة جديدة !! كلا

بالطبع كلا .. ألم يكفني ما أصابني من الرجال ؟

بالطبع لن يحدث هذا .. لن أسمح له .. لن أسمح لنفسي ... لا شيء في جعبتي يخرج لأحد .. أفرغت كل الكيس في الفضاء !

تدور عينيها في الغرفة الواسعة ... تقع على إحدى الزهرات في ركن الغرفة المظلل ... قد بدأت ترزع الورد منذ زمن قريب في محاولة بائسة منها للتجاوز والنسيان .. نسيان كل شيء !

- لقد بدأت بالفعل التجاوز عن الأمر .... نعم ألتمس للغائب بعض العذر .. تعلمت الدرس وتجرعت الألم والمرار .. أعيش بمخططاتي السابقة الآن ... لا شيء يمنعني .. لا شيء يقيدني !

ألم تخبريني أن المرأة بلا قيد أفضل ؟ المرأة بلا رجل امرأة حرة .. المرأة بلا رجل مثل فراشة تبتهج بالربيع بلا ثقل يكبل أجنحتها !
وأنا ؟ لم يعد لي أجحنة ... خلاص .. خلصنا !

هناك في منتصف المسافة بين الحائطين واستناداً للمقابل يقف التلفاز شامخا ... شامخا بشيء من حياء .. ذرات التراب تعلو سطحه الرفيع ... أما الشاشة فتعرض نشرة الأخبار ...
بين ثورتها تتوقف .. إذ يبدو أن الخبر المذاع يمس الشخص المغضوب على وجوده هنا في الحياة وفي الذكر وفي الذاكرة ليكون في المستقبل أو الحاضر أو الوعي !

تتوقف أمام الشاشة ... تفزع ... تجلس مكانها في خواء .. تمد يدها إلى الجوال الذي ألقته على الأرض منذ دقائق في يأس ... تطالع أخباره ... ترسل برسالة قصيرة إليه .. تمسحها .. تحاول تلصص الأخبار ... تطمئن .. تلقي بجسدها مسجى على الأرض .. وتبكي

لا شيء أقسى على امرأة عرفت الحب بجنته والهجر بألمه وعذابه من الاختيار !!

لا شيء أقسى على فراشة من الاختيار بين قفار تامة أو زهر يملؤه الشوك !!

كلاهما قاتل !

فراشتك التي كسرتها النوائب المتتالية تبحث في ذاتها عن مكان للزهر من جديد .... تبحث عن ألوان داخلها كي لا تنظر إليك مرة أخرى ... تبحث عن الشمس فيها .. كي لا تصبح بين ليلة وضحاها أنت الشمس وأنت القمر !!

هدأت قليلا ... تتأمل علو سقف الغرفة بينما تثور بصوت مبحوح ضعيف من أثر النشيج ..

- أبعدته عن طريقي الأولى والثانية ... مسح عن جبيني العرق في يوم قائظ ... وفي آخر كان لي كمعطف الشتاء ... أتدرين نعومة الفراء في المعاطف الوثيرة ؟ أتدرين دفئها في صقيع يوم عاصف ؟ أتدرين كيف يطيب الصوت جرحاً غائراً ؟ وكيف يصبح الكلم البسيط زاداً وجرعة ماء في ظمأ ؟ كيف يصبح الحب أمناً من كل شيء ... ثم كيف يضيع كل شيء فجأة وتواجهين فصول العام وحدك في القفار !!! ترعبك أصوات الرياح ويبدو حفيف الأشجار وخيالها كأنها الأشباه المميتة ؟ القاتلة ؟ يعرف كم أخشى الظلام .. ثم ذهب بالنور كله وتركني ! ... هل أسلم رقبتي للحب ثانية ؟ كلا ... مستحيل !!

- ثم .. كلهم يقولون نفس الكلام وذات الكذب ... لا شيء يتغير .. يقول أنه لا يشبه الرجال ثم يصبح في لحظة مثلهم .. بكل ما قتلك في السابق سوف يقتلك ثانية !!!

مقابل التلفاز .. كان يرقد في حالة يرثى لها .. إكليل أزهار برية ... كان قد ألفها مع بعضها لأجل عيون السيدة ... كان قد حملها بطاقة صغيرة بألوان زهرية .. كتب فيها ... بانتظارك دائما !

كانت كلما نظرت تجاه الإكليل ثارت ثائرتها ... وهاجت وماجت في جنون ... ثم تذبل الوردات يوما تلو آخر .. تتجاهلها وتسترق النظر لها .. تقول ستذبل أولا .. ثم يذبل صاحبها ..

كان لا يمل !

كان على خلاف كل توقعاتها يرسل الزهر بنفس الموعيد كل أسبوع ... يتبعه ببطاقة جميلة أرق من سابقتها وأجمل .. يرسل فيها كلمة أو ثنتين .. لا ينتظر رد ... يخبرها أن العالم خارج القوقعة مليء بالحب والمرح .. مليء بالتسامح والسلام .. يخبرها أنها هي الشمس .. لأول مرة تجد من يرى الشمس بعينيها وشعرها الذهبي .. لأول مرة تؤمن أنها تنير حقا ... أوقفتها عبارته .. قررت الرد

كانت تنوي لأول مرة أن تهذب كلامها ليبدو راقيا كزهراته ... وصل صوته من بعيد ... تعثرت بكل شيء .. تلعثمت .. صرخت بوجهه ولامته أشد لوم على إرسال الورد صباح كل سبت !!! ... أغلقت الهاتف .. وجلست مشدوهة من فعلتها

لم تملك أي شيء سوى أن تبكي عبثها وألمها الذي صار يكسر كل شيء جميل حولها !!

مرت الساعة

أرسل لها باقة ورد أخرى

لم يرسل البطاقة

وقف أمام بابها مباشرة .. وعندما فتحت .. أتبع ورداته بكلمة واحدة

أحبك !

........................................................................................

تلك الفتاة الخمرية

تدرو في محرابها حيرى

تخبر مرآتها ونجمات ليلها

لا تجيبها سوى زهرات ربيعه العامر

طلع عشقان ! :) 

هناك تعليقان (2):

  1. :)
    جميلة :)
    قلت أسهر هنا الليلة دي عشان أشحن طاقة جمال من كتاباتك :)

    ردحذف
    الردود
    1. طاقة جمال ! :) :)

      وأنا بستنى سهراتك وملاحظاتك يا عزيزي :)

      حذف