السبت، 7 مارس 2015

هلاوس الطريق ... !

تبدو الحياة أبدية الوجود لمن لا يتأملها جيدا

لكن المتعمق قليلا ... يجدها كالرحلة .... طريق يسيره البشر بلا عودة بالزمن يوما !

العمر يتقدم ولا شيء يعود للوراء

لا تعود الشجرة بذرة كما كانت أبداً

في بعثرات الحياة وعثراتها ، ينحرف الطريق يمنة ويسرة ، وننحرف معه بلا وعي أو بلا إرادة ، نتموج معه ونصعد ونهبط

نمسك بتلك الأشياء التي تنعش ذاكرتنا أننا نحن كي لا نتموه في الآخرين

تحملنا الدنيا وتتركنا نسقط من مرتفعاتها الزائفة ، نتألم ، نتأوه ، نحاول بعد كل سقطة وعثرة ، الوقوف من جديد .

تقابلا كجروين تائهين وخايفين ، هي تنظر للماضي وتبكي وتصرخ وتتساءل وتتوه بين ما تعلمته وآمنت به وبين ما تعلمه لها الحياة !

كلاهما يحمل مخاوفه في جعبته ، يحملها بشيء من خوف وحذر ، كلاهما يحمل هموما مختلفة في ظاهرها لكنها تنبت من نفس الجذر ...

الخوف يجمعهما

الضعف الذي لا يصرحان به لأحد ، لا يقرؤه في قوتهما الظاهرة أحد ، ولا تشي به قلوبهم لأحد !

الخوف سيد الموقف ، بين الجزع من تكرار المآسي الماضية ، وبين الخوف من السقوط فيما وقعت هي فيه ، تحفهما الهلاوس ، فيبقيان متربصين لكل شيء حولهما !

كانت ترتعش

اقترب منها

سألها

كانت تقسم ألا تحادث الغرباء .... منذ متى كان غريبا وكيف صار قريبا هكذا ؟ لا تعرف ... لا تجيب !

تبكي وسط الليل ... يتلصص نحيبها ... تحكي بأريحية شديدة ... تبثه كل مخاوفه وهلاوسه في حكايتها ... يمد ذراعه ... يربت على قلبها المتعب الوجل .... يبتسم ... كأن ما يؤلمها شيئا آخر غير الذي يوجعه ... يغني لها أغنية الطيور المهاجرة ... تغني ... تلتهي بحكاياته العذبة ... تضحك ... يسرقها النوم عن تلك الدموع !

بلا وعي صارا يسيران بالطريق سوية ، ليس كرفقة سفر ، وليس كأصدقاء عمر !

بلا وعي صارا يتقاسمان الفرح والجزع ، يتبادلنا الكآبة والمرح .

بلا وعي صارا يقتسمان الخوف :)

صار يدفع مخاوفها التي هي هلاوسه ، وصارت تدفع هلاوسه التي تركت ندوبها فوق قلبها الحزين !

كيف يصير الأمر بين مخلوقين هكذا ؟ كيف يصبحان في طريق بلا وجهة ؟ كيف يتساءلان فجأة لماذا نتقاسم هذا الخوف سوية ونطمئن سوية ؟ لماذا يهرب كل منهما من هذا السؤال ؟

لماذا نحتار عندما نسميهم ؟ ولماذا نتردد ونخاف عندما نرتاح لهم ؟ ولماذا نوتاب إن أخذنا الكلام والبوح ؟ لماذا نتردد بين الثقة وبين الخوف والجزع ؟ لماذا نختبيء ؟ ولماذا إذا ابعتدنا في كهفنا أردنا أن نشاركهم بعض الصناديق ؟ ولماذا نندم إن فعلنا ؟ لأنه لا خانة محددة لهم في قائمة التصنيفات المعقدة لدينا؟ أم ؟ لماذا لا نعتبرهم غرباء ولا أصدقاء؟ لا نخشى الحديث بل نريده ، ولكن نتسائل بعد كل حديث لماذا نسير بنفس الطريق ؟ ثم هل نلتقي ؟ أم نلوح مودعين ككل زملاء الرحلة ؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق