الثلاثاء، 28 أكتوبر 2014

هذا العالم لا يحبنا يا أمي .... !

وهذا الجمال الذي علمته إياي يقتل يا أمي !
وهذا الخلق الحسن قاتل يا أمي !
وإيمان المتفائل بعدالة القضاة قاتل يا أمي !
ونعومة بشرتي في عالم خشن صارت تقتل يا أمي !


إليكم ما قالته الحسناء : " عزيزتي شوليح، علمت اليوم أنه قد جاء دوري الآن لمواجهة القصاص. أنا متألمة أنك لم تعلميني بنفسك أنني قد وصلت إلى الصفحة الأخيرة من كتاب حياتي. ألا تظنين بأنني كان يجب أن أعرف؟ تعرفين كم خجولة أنا من حزنك. لماذا لم تعطيني الفرصة لتقبيل يدك ويد أبي؟


سمح العالم لي أن أعيش لمدة 19 عاماً. وكانت تلك الليلة المشؤومة هي الليلة التي كان يجب أن أقتل فيها. كان سيتم إلقاء جسدي في ركن من أركان المدينة، وبعد بضعة أيام، كانت الشرطة سوف تستدعيك لمكتب الطبيب الشرعي للتعرف على جثتي، وهناك كنت ستعلمين أيضاً أنني تعرضت للاغتصاب. القاتل لم يكن ليتم العثورعليه لأننا لا نمتلك ثرواتهم وقوتهم. ومن ثم كنت ستقضين حياتك في معاناة وعار، وبعد سنوات قليلة كنت ستتوفين نتيجة هذه المعاناة، وكان كل شيء سينتهي هناك.

رغم ذلك، ومع تلك الضربة اللعينة، تغيرت القصة. جسدي لم يلق جانباً، ولكن في قبر سجن إيفين وعنابره الانفرادية، والآن في السجن الذي يشبه القبر في شهرراي. ولكن تعرفين جيداً أن الموت ليس نهاية الحياة.

لقد علمتني أن أحدنا يأتي إلى هذا العالم لاكتساب الخبرات وتعلم درس، وأنه مع كل ولادة توضع مسؤولية على كتف شخص ما. لقد تعلمت أنه على الشخص أحياناً القتال. أتذكرين عندما قلت لي انه لخلق قيمة ينبغي على المرء أن يثابر حتى لو كان عليه أن يموت.

أنت علمتني أنه عندما أذهب إلى المدرسة ينبغي علي أن أكون سيدة في وجه النزاعات والشكاوى. هل تذكرين كم كنت شديدةً بشأن الطريقة التي نتصرف بها؟ وكانت تجربتك صحيحة. ولكن عندما وقع هذا الحادث، تعاليمي لم تساعدني. تقديمي إلى المحكمة جعلني أبدو وكأنني قاتلة بدم بارد ومجرمة بلا رحمة. لم أذرف الدموع، لم أتسول، لم أبك في داخلي منذ أنني كنت واثقة بالقانون.

ولكنني واجهت تهمة أنني غير مبالية في مواجهة الجريمة. معاملتي للحيوانات فسرت على أنني أميل إلى أن أكون صبيا، والقاضي حتى لم يكلف نفسه عناء النظر إلى حقيقة أنه في وقت الحادث كان لي أظافر طويلة ومصقولة.

كم متفائل هو من كان ينتظر العدالة من القضاة! لم يشكك حتى في حقيقة أن يدي ليست خشنة مثل يد ملاكم. وهذا البلد الذي أنت من زرعت حبه في داخلي، لم يكن يريدني أبداً، ولا أحد دعمني عندما كنت تحت ضربات المحقق أبكي وأسمع أكثر المصطلحات إهانةً. وعندما نزعت عن نفسي علامة الجمال الأخيرة وحلقت شعري، كوفئت بـ 11 يوماً في الحبس الانفرادي.

عزيزتي شوليح، لا تبكي على ما تسمعينه الآن. في اليوم الأول الذي قام به وكيل الشرطة بإذائي من أجل أظافري فهمت أن الجمال ليس أمراً مرغوباً في هذا العصر. لا جمال المنظر، جمال الأفكار والرغبات، الكتابة اليدوية الجميلة، جمال العيون والرؤية، ولا حتى جمال صوتٍ جميل.

أمي العزيزة، لقد تغيرت أيديولوجيتي، أنت لست مسؤولة عن ذلك. كلماتي لا تنتهي، وأعطيتها كلها لشخص ما حتى عندما أعدم من دون وجودك ومعرفتك، يعطيها لك. ولقد تركت لك الكثير من المواد المكتوبة بخط اليد كتراث لي.

ومع ذلك، أريد شيئا منك قبل موتي، وعليك أن تقدمي لي هذا الشيء بكل قوتك وبأي شكل من الأشكال. في الواقع هذا هو الشيء الوحيد الذي أريده من هذا العالم، هذا البلد ومنكم.

أمي الطيبة، أكثر شيء عزيز علي في حياتي، أنا لا أريد أن أتعفن تحت التراب. لا أريد لعينيّ أو قلبي الشاب أن يتحولوا إلى غبار. توسلي بحيث أنه بمجرد أن يتم شنقي، سوف يتم أخذ قلبي والكلى والعيون والعظام وأي شيء يمكن زرعه بعيداً عن جسدي ويعطى لشخص يحتاج إليه كهدية. لا أريد أن يعرف المتلقي اسمي، أن يشتري لي باقة ورد، أو حتى يقوم بالدعاء لي.

أنا أقول لك من أعماق قلبي إنني لا أريد أن يكون لي قبر لتأتي إليه وتحزني وتعاني. أنا لا أريدك أن تقومي بارتداء الملابس السوداء علي. وابذلي قصارى جهدك لنسيان أيامي الصعبة. وامنحيني للريح لتأخذني بعيداً.

العالم لم يحبنا. والآن أنا استسلم لذلك وأحتضن الموت. لأنه في محكمة الله سوف أقوم باتهام المفتشين، وسوف اتهم القاضي، وقضاة المحكمة العليا في البلاد الذين ضربوني عندما كنت مستيقظة، ولم يمتنعوا عن مضايقتي.

في العالم الآخر، إنه أنا وأنت من سيوجه التهم وغيرنا هم المتهمين. دعينا نرى ما يريده الله. أنا أحبك.

"

البعض انشغل أنها سنية !
البعض انشغل أنها مسلمة !
البعض انشغل أنها امرأة !

لم يقتل هذا العالم فينا كل مظاهر الجمال ؟

فتاة شابة قوية ، أتمت تعليمها وصارت بمنزل محترم في المجتمع ، تحمي جمالها من تآكل الأيام ، تحمي شرفها من نهش الذئاب .
ما العيب أن تحمي فتاة جسمها ؟

ماللقبح أن تصقل أظافرها وتطيل شعرها ؟ لاموها لأنها امرأة ، حلقت شعرها ، ألقوا بها في حبس انفرادي ! #اللعنة !

ماذا يريد الظلم منا ؟

معتقل بالسجون المصرية

يؤخذ على ظلم من بيته

يزأر في القفص كأسد جريح

يضعونه في زنزانه باردة

يضرب عن الطعام احتجاجا !

يخبرونه في إحدى العيادات ... سنتركك تموت جوجا كالكلب الضال !

لماذا يا أمي لا يحبنا العالم هكذا ؟

لماذا أخبرتنا في الصغر أن الإنسان يحقق في العالم الحق والخير والجمال ... تلك الجواهر الثلاثة التي نظل طوال العمر نبحث عنها ونصقلها ونشيعها بين الأمم ؟

لماذا أيها العالم ان كنت تكرهني جعلتني امرأة !

ولكنك تكره الرجال أيضا ؟ ولكنك تعذب الرجال أيضا ؟

لماذا إن كنت تعشق السلطة جعلت منا السادة والعبيد ؟

لماذا توجد القوانين إن كان لا أحد ينفذها ولا أحد يهتم ؟

هذا العالم يا أمي لا يحبنا ............ ورغم أنك أخبرتني عن الحق ( الذي دافعت به عن نفسي ) وعن الخير ( الذي دفعني لأتخلص من أيقونة شر كانت ستحرق عشرات الزهرات خلفي ) وعن الجمال ( الذي بدافعه هذبت شعري وجسمي وأظفاري ... هذبت أخلاقي وكبريائي وجمالي ... هذبت قوتي وحريتي وشعوري بالاعتماد على نفسي والاستقلال عن القبح والضعف والشرور ) إلا أن أحدهم يا أمي لم يمنع حبل المشانق عن رقبتي الدقيقة ، أحدهم يا أمي لم يمنع الجلاد عن ظهري البريء من الآثام ، أحدهم يا أمي لم ينظر لقلة ثروتي وقلة قوتي وقلة نفوذي ... أحدهم يا أمي انتظر مني أن أواجه القدر بنفس القذارة التي تحلى بها القاضي والجلاد والمقتول حقا في شرفي ! 

هناك تعليقان (2):

  1. مش عارف أعلق بإية، لأن التدوينة مؤثرة جداً، مش بس لتناولها رسالة "ريحانة"، لكن لأنها بتعرض واقع قبيح بنعيشه.
    الظلم والإستبداد والدموية والكراهية، لن يخلو منها العالم، لأنها تعيش في قلوب البشر، لكن في نفس الوقت، الكرامة والحرية والشرف والحق لن ينعدموا في أرواح وقلوب البشر. الكل يولد بهم، لكن قليلون من يستطيع العيش بهم والموت بهم. وكانت ريحانة وغيرها من هؤلاء القلة.

    ردحذف
    الردود
    1. ريحانة حفرت في عمق المفاهيم الإنسانية نقشها الخاص ونقشت من جديد على صخور اتصلبت أكتر وأكتر

      إزاي هي قوية وهي ميتة دلوقتي وإحنا عجزة وإحنا أحياء

      شاعرة بقهر كبير جدا يا أحمد والله

      حذف