السبت، 18 أكتوبر 2014

طبيب نفسي !


جلست أمامه صامتة ...... تنتظر إشارة البدء كي تتكلم !

نظر إليها من خلف نظارته الطبية 

وجهه البشوش مريح جدا 

هي تعرفه ذاك الطبيب المشهور الذي له كهفه الخاص وعالمه ولهذا أخذتها الجرأة أن تذهب بإراتها إلى حيث صومعته .

بابتسامة خفيفة تعلو محياه الودود .... تريدين الذهاب أليس كذلك ؟

نعم ! 

إذن تفضلي :)

تنظر للأرض في توتر بالغ .... أريد ... لكني لن أفعل !

لماذا ؟

لأني جئت إلى هنا في أمر مهم ... كابوس ... مرض يجب أن أضع له نهاية ... أو أكتب له نهايتي كوسام انتصار !

همممم ..... حسنا تكلمي !

تنظر للأرض ثانية 

لعينيه مباشرة 

تدور عينيها ألف دورة 

تتحرك شفتاها ولكن لا تنطق بكلمة تدور على الكرسي كأنما تهم بالخروج من هنا 

أي جنون أتى بك إلى هنا هيا اهربي !

يهمهم الطبيب .... حسنا ... أ...

تقاطعه بصرامة .... أحبه ... تتلعثم .. تصدر أصواتا غير مفهومة لثوان ... تعود لرشدها 

جئت هنا كي أكرهه !

يتراجع على كرسيه ... يضع قلمه في فمه ... يواري ابتسامة حانية ... يقول بهدوء بالغ مستفز ... لو أنك ترين عينيك الآن !

إلتماعة عين عاشقة لم تأت للكره أبداً .... لربما تقصدين ... وقبل أن يكمل النسيان ... قاطعته بقسوة ..

انظر .......... لا أحب تلك النبرة ... عينياي لا تلتمعان عندما أتحدث عنه ... عيناي لا تخجلان بسببه ... وجهي لن يحمر مطلقا .. لا شيء من تلك الأمور السخيفة يحدث سوى في خيالاتكم أنتم ...... أي لمعان تقصده لذكر رجل لم يقرأ شيئا في عيني وما إن يظهر حتى يرحل ! ... لا أحبه ... لا شيء يلمع .... لا شيء يبدو مختلفا بعيني عندما أذكره ... عادي ... شخص عادي مثل أي شخص

لا تبدأ معي هكذا ......... كلكم تعرفون كل شيء ... فقيهون ... لا أحد يفهم شيئا 

تثور

تلتهب

يبتسم أكثر

بعيون أب حان يميل إليها كي تهدأ بعد أن تركت الكرسي وبدأت تدور حوله 

لدقائق طوال كانت تجلس كجرو تائه وخائف على الكرسي أمامه حتى أنهى بعض الأوراق خاصتها ليتابع فيها حالتها !

ثم هي الآن كثور هائج !

ملامحها الهادئة تنم عن أدب جمّ ! لكن ثورتها تظهر شيئا آخر !

لربما الألم حقا يفعل كل شيء بنا !

بصوت يملؤه الحب وربما الشفقة ... شفقة حكيم خابر جنون الشباب ... همس ... اجلسي يا بنتي ! :) 

تهدأ قليلا

تنتبه أنها قامت ودارت حول الكرسي ! 

تجلس كأنها كانت أخرى وعادت لنفسها

آسفة !

لا عليكِ .... أكملي

لا شيء

ابدأي من أي جزء أردتِّ 

لا أعرف .........

تفر الدموع رغما عنها ... تعود جروا تائها في طلاسم الصخور والجبال .... تبكي كقطة صغيرة ... ترتعش كعصفور ... تتلعثم بالكلمات كطفل يتعلم صوت الحرف فيقلده ولا ينطق !

اهدأي ... بابتسامة ودود ... يتحرك ... يجلس أمامها مباشرة ... يربت على يدها بخفة وسرعة ... يعرف بخبرته هذا النوع من معدومي الثقة بالدنيا ... يتراجع بالكرسي قليلا ... مجالها النفسي واسع ولا تحب القرب الزائد ..... 

ها ؟ .... يبتسم 

تشهق كطفلة ... تعاود الكلام 

لا أعرف من أين يأتي هذا الشعور بداخلي .... كيف يتوهج وكيف ينطفيء ... كيف أشعر بنصل السكين يجتاحني يمنة ويسرة ، وكيف أشعر بنيران الثورة والحرب والغضب ؟ كيف يجتمع الحنو والقسوة ؟ كيف يأتي الشوق ويستعر الغضب ؟ كيف تأتيك كل الأضداد بلحظة واحدة !

تحبينه ؟

نعم 

لماذا يا ترى ؟

لا أعرف !

كأني خلقت هكذا ! كأني استيقظت يوما فوجدت نفسي أعرفه وأحبه ! وما أعرفه الآن أني أريد أن أكرهه !

أي شيء يميزه عن الرجال ! لعل في الآخرين شيئا لم تلحظيه ؟ ثم ... لم تحاولين الكراهية مادام هناك سبيل للنسيان !!

النسيان أفضل يا بنيتي ... النسيان أسهل كثيرا وأفضل لروحك من نيران الكراهية ! 

إنه نفس الممر الضيق الذي يتردد حولها منذ سنوات 

هل يأخذها إلى ذاك الممر الضيق كي يوصلها بالنهاية إلى ما يريد من أساليب العلاج ؟ 

أم هي التي تأخذه هناك لتصل به إلى العمق السحيق الذي تريد ....... وترى إن ينجو بها أو يغرق وحده ؟
 حيث تعرف سراديب القاع وأصدافه ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق