السبت، 5 أبريل 2014

صندوق الذاكرة .. !

في هذا الركن البائس المقفر من الذاكرة
نلقي تلك الأمنيات القديمة كقطع الخردة
نتمنى كل يوم زوالها .... ولكن لأنا مثل الأطفال في تعلقنا بالأشياء نرفض وضعها بمكب المهملات !
فنظل نلقي شيئا وراء الآخر

تتراكم الأشياء في الركن البئيس
وعندما يقتلنا الواقع لا نجد سوى صندوق الدمى القديم

نتقوقع فيه فنعود صغارا

نعود بالزمن لأشياء مضت وصور لأناس فارقوا الحياة إلى عمر بهيج آخر ليس على سطح الأرض .
نجلس كطفل كسر دميته يبكي ...... يحتضن الأشياء ويبكي ... كيف فرطنا في تلك السنون نجمع الخردة في ركن مقفر أسود ؟

التراب من حولنا

يخنقنا

وحدها بسمات الذكريات الصافية تجعل السعال أشبه بموت باسم

ثعبان ملون

أفعى ناعمة تعتصر القلب بهدوء بالغ ..... مسلمين لها كامل الأمر بثبات عجيب .
كم يوما نقضيه في الخرابة ؟ لا ندري ... نجلس هناك وفقط ... نغلق منافذ النور .... نغوص ..... تشيكنا الأطراف المتكسرة للأشياء ... نتألم من جديد ... يعاودنا نفس الوجع عندما كسرت تلك الصورة ... وعندما تمزقت تلك الرسمة ... وعندما ذبلت تلك الزهرات ..... نستنشق الرحيق ثانية محملا تلك المرة بتراب كالعلقم ... لكنه سريعا ما يخبو ... مع ربيع يشرق باسما ... نعود معه كآلة زمن إلى لحظتها ... فنضحك .... ونتقافز كفراشات الربيع ...... ونتعب من الجري ... نجلس لنستريح ... باسمين للذكرى .... ونغمض الأعين في نشوة عارمة ......... لنفيق على ...... صندوق الخردة المقفر والمكفهر !

وفي أمس الحاجة إلى النسيان .............. نجلس بكامل قوتنا في صندوق الذاكرة !

وفي أمس الحاجة إلى ضعف ذاكرتنا ........... تظهر هي شامخة في عنفوانها !

تبدو الأشياء يها أكثر اكتمالا ..... الأوان أكثر نصوعا ..... الأشياء أكثر سطوعا ! ماذا حدث !
قد كان مقفرا منذ لحظات قليلة ..... الأشياء هناك تخنقها خيوط العنكبوت ! لماذا تبدو أكثر شبابا وازدهارا ؟

كنسمات باردة تثير حفيف الأشجار تسبق العاصفة يأتي احمارا متدرج حول أشفار العين منذر بإعصار من البكاء والانتحاب ...... بأطراف الأنامل ......... تمر على خصلات شعر ترجعها للوراء رغم أنها تسكن في هندام عجيب ... كأنه لا مطر ولا رعد ولا برق أوشك على الوصول ...... أمام المرآة ........ لن أستسلم تلك المرة لعنفوان الذاكرة العاتي !

لا شيء مثل مرارة القهوة في تلك الأيام التي نهرب فيها !

لا شيء مثل  قطعة موسيقى مجنونة اللحن ! أو رصينة أكثر مما يجب !

لا شييء مثل القلم

مثل صفحات صفراء من ورق

مثل ركن هاديء مظلم


مثل غروب الشمس الذي ننتظره مع إشراقة كل صباح كي يطوي صفحة ...... نظن أنها بسلة المهملات ...... لنجدها مطوية حزينة .... بجوار الأشلاء ...... في صندوق الذاكرة  .... مع قطع الأحاجي والدمى ! 

هناك تعليقان (2):

  1. كتابات تمتلك الوعى ووضوح الرؤية كعابر يمر بطريق مزدحم وواسع وعيناه أوسع جدا من الطريق وتنظر لنهايته بعمق وثقه
    أشغف دائما بقرآءة ما يكتب هنا
    يوفقك الله

    ردحذف