الثلاثاء، 22 أبريل 2014

جنون الفراشات !

وتدري ... لا شيء مثل جنون الفراشات .... يبقين بداخل الشرنقات ...

تبدو من بعيد كلفافات الموتى ... تنمو الأجنحة بداخلها ... تضيق بها ... 

 العالم بالخارج موحش حقا بالنسبة للفراشات ... لا يعرفن منه سوى صوت النسيم الذي يبدو من داخل الشرانق كصفير الرياح العاتية ... يبدو البستان كغابة مقفرة وأعواد الزهر كأشباح يخفن الفراشات بشدة ... يرتعبن ... ظلال الزهور عندما تداعبها نظرات القمر فتنعكس على جدران الشرانق ... مع حفيف أشجار يبدو كصرير أبواب في مهب الرياح ترتطم فتحدث جلبة عظيمة ... ووسط هذا تهتز الشرنقة بقوة .

تخاف الفراشات .... لا يعرفن أنهن بالخارج سوف يشهقن عندما تدب بقلوبهن الحياة .... سوف يشهقن عندما يرمي الربيع بكلمات الحب بآذانهن ! سوف يعرفن أن الحياة تبدأ من هناك !

صار العالم بالنسبة لهن خارج الشرنقات مرعب حقا .... الشرنقة أكثر أمانا ودفئا واستقرارا !

لكن الأجنحة تنضج ... يرتعبن من فكرة الخروج !

عليهن المواجهة إذن .. تفكر إحداهن .. ماذا سيحدث ؟ الموت قادم لا محالة ؟ سأواجه مصيري بالخارج ... يخفن ... يمتن كل ليلة من الخوف بداخل الشرنقة ... شرنقة قبيحة كلفافات الموتى لا تناسب روعة ألوان الأجنحة ...

 تتنفس بعمق ... تحبس أنفاسها ... تغمض عينيها ... تدرك أنها حينما تضرب بأجنحتها جدران الشرنقة وتكسرها وتتحرر لن تعود ... لن تكون الشرنقة مناسبة للمأوى من جديد ... هي الآن  مستعدة تماما للخروج ... تضرب بأجنحتها الشرنقة 


 ..... وتضرب بأجنحتها الهواء .... تشهق ..... إنه النسيم ... إنها لم تمت ... تفتح عينيها برعب شديد ... ستواجه قبح البستان لأول مرة ... لتجده الجنة ... كان الخروج من الشرنقة ميلاد لها ...ليستقبلها النسيم و يهمس بأذنها ... اشتقتك .... أحبك .... تشهق ثانية ... كأنما ولدت من جديد ...

تفتح عينيها لتجد أشباح الشرنقة هي عيدان الزهور الباسمة .... تتلقاها وردات الربيع والأزهار والنسيم ومداعبات الشمس والرحيق وعبير الزهور ... كلهم يوجهون أنظارهم نحو الشهقة الوليدة ! نحو الفراشة !

تدور حول الشرانق الأخرى ... تخبر رفيقاتها .... أن الخروج ميلاد جديد .... وأن الحب .... ميلاد آخر ...
ويتلقاهم الربيع ... كفراشات الحب ... ببهجة وفرحة .... لم يكن يدركنها داخل جدران الشرنقة .

ليتني كنت مثلهن ! ... ليتني كنت شجاعة كالفراشة ... وليتك كنت النسيم .... أقع في الحب وأشهق بميلاد جديد ... تماما مثلما أشهق عندما تقول أحبك  .... ليت كان عمري كالفراشة  بضع أيام أو أسابيع أقضيها في أحضان الربيع ... أحلق والنسيم يداعبني ويلهو معي لساعات عمري القليلة ...
ليتك كنت البستان وكنت فراشته الوحيدة ... يتحين خروجها من الشرنقة .. ويرسل النسيم فيهمس شوقا .. ويزهر الوردات فتفوح عبيرا وعشقا وأظل أنا بين وردات الربيع ... أموت في هدوء .... لا يغيب عني النسيم طرفة عين !
ليتني أحلق كالفراشة لساعات عمري القليلة حولك ... فلا ندري ... هل الفراشة تضرب بأجنحتها النسيم فيتحرك .. أم النسيم يداعب جناحات الفراشة فيحملها ويطير !
جنون الفراشة شجاعة القرار بالميلاد ... ماذا سيحدث أسوأ ... ماذا سينتظرنا ؟ الموت ؟ لا شيء أقسى ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق