الخميس، 18 يوليو 2013

للـطـوافِ مـعــالـم أخــــرى !




حيث كل شيء يدور في فلكه تماما .

مثلما تدور عقارب الساعة ، بحركات في منتهى الدقة ، حول مركز محدد ، على مسافات متساوية ومتباعدة ، لا يختلف أحد عن مداره ، لا يتأخر ، وبالطبع لا يتقدم .

حيث شكل الجزيئات الدقيقة جدا يختلف في كل شيء حتى الخواص إلا في الطواف حول مركزه بسرعة ودقة وانجذاب وتناغم .

حيث الأجرام العظمى تعرف مداراتها جيدا وتدرك أين المحاور ، وتتناغم في الدوران حولها وفي المدارات بدقة .

كلها تدور في شكل منتظم ، أقرب للهندسة ، نظام لا يخطيء مثقال ذرة ، هذا الأمر ليس عبثيا البتة ، ولكنه إجباري إلى حد كبير !
ماذا عندما يكون إختياريا ! 

لما ينجذب أولئك الآلاف من البشر للطواف حول الكعبة ؟ 

إنه ذاك الشعور الرائع ، أنك تدور في فلك القوة العظمى ، ليس عن طواف الأرض أحكي وإنما عن الطواف الأعظم .

طواف الأرض هو فقط تجربة (بروفا ) للطواف العظيم ... حيث الروح تعلو في السماء لتطوف في المقابل بالبيت المعمور

لن يصف أحد الطواف وصفا دقيقا ، لن يقدر ، لن يستطيع ، ببساطة لأنه شعور ليس بمادي إطلاقا تعجز الكلمات عن وصفه ، فقط جربه ، بنفسك .......... روحك هي الوحيدة القادرة على وصف التجربه لك ! على تبسيطها !

الآن أصبحت أدرك لما يطوف راقصوا المولوية حول محورهم ! لماذا يدورون في دوائر تشبه دائرة الطواف تماما ؟ في عكس اتجاه عقارب الساعة ! مثل كل شيء على الأرض ! 

ليست هذه مصادفة !

إن الصوفية يؤمنون بتسامي الروح ، بأن نسختها تسافر عبر القورن والزمن ، عبر الأفق ، حيث تسبح طليقة وتدور حرة في فلك الطوافين !

للطواف معالم أخرى غير التي نلمسها ونراها ، إنها معالم السمو والروحانية الرائعة ، تلك التي تتدرج بالطائف فيها من الفضاء وعالم الروح إلى البيت المعمور ، إلى العرش !

حيث حول العرش يجتمع الأحبة !

حيث العشاق لنور الإله !

حيث أهل الله وخاصته !

حيث العشق العشق الذي لا تطاله القلوب ، ولا تدركه الحواس ، ولا تعيه الأجساد .

حيث يصغر كل شيء ويعظم نور الله .

حيث يرقصون ( إن صح التعبير ) ، حيث يسبحون بشكل طوافّـيّ حول العرش وكأن كل في ملكوته الخاص !

وكأن الله لكل واحد منهم فقط .

حيث لا شعور بشيء يؤلم ، ولا معنى لأي فرح مثل لقيا الله !

الله ! ........................ حيث العشق المطلق .............. حيث التبادل الأعظم ........... حيث النور ! النور وفقط !

لا يفكر الطائف بنور الإله بمشاهي الدنيا ، إن الدنيا هناك مثل ذرة هباء ، لا قدرة لها حتى على تعكير الهواء ، لا وزن لها أصلا ، لاوجود ولا حاجة إليها .

هناك ، حيث يسبح العاشقون في هيام تام ، يذوبون ويمتزجون بنور الإله ، حيث بصمات الكون الروحيه ، حيث السمو الأعظم .

هناك ................... يا الله ! هناك فقط سوف تدرك صغرك أنت بكل ما أعظمك من أشياء ومنح وعطايا وتملك زائف .

هناك ، سوف تدرك عظمة لحظة خشوع كنت فيها منذ أيام أو شهور أو سنوات ............. هناك لن تفهم قيمة الحساب ، هناك أنت معترف تماما بجرم وبشاعة ما فرطت في حق الإله ............ وهو ........ هو متسامح تماما حيث لا ذنوب تبقى في حضرته .

أنت تشعر بضآلة حجمك يا مسكين أمام المولى ، وهو يشعر بروعة إحساسك ، فيمنحك النور أكثر وأكثر .
أنت تدخل ، مثل الغريب ...... الصعلوك ... في قصر مهيب ، وهو يرفع رأسك لتتمتع بجمال الحضرة في ملكوته .
فإذا ما أبهرك حسن النور 
وإذا ما جذبك طواف الأحبة !
وإذا ما صرت من العاشقين 
وتميزت بين دقائق الأكوان أنك مجذوب !
سوف تدخل كل ليلة طواف العشاق ، مطأطيء الأركان رافع الروح ، وتبدأ بالطواف مثل رجل المولوية ، حول نفسك وحول نور الإله . 



سوف تتناثر عنك الدنيا ، تلك المشاحنات الصغيرة والكبيرة ، سوف تبقى البقايا مادمت غير معتاد الطواف ، سوف تبقى لمعة الأثواب في عينيك ، سوف تبقى إلا إذا أدركت سبل المريدين .................. وجعلت الطواف سبيلا نحو السالكين ..... وواضبت على السلوك حتى صرت من العارفين !

فإذا ما انجذبت وذبت وعشقت وهويت وصار الله هو سيد المعشوقين في عمرك بل هو المعشوق الأوحد المطلق !

سوف تدور أكثر وتتحرر أكثر وتنفش كل خيوط الدنيا التي تكبلك كماريونيت خلفك ، سوف تفهم مصدر خيوط الآخرين ـ سوف تنطلق فوقها ، سوف تعبرها ، سوف تدرك حكمة الخلق والكون ، سوف تنظر بعين الله إلى الخلق ، سوف تعلو في السما ، وتفرش قلبك للناس تسير فوقه على الأرض !

لا تقل كيف والله في القلب ! الله مع العارفين مزيج روح لا دخل للأجساد بالأمر ! الله مع العارفين بؤرة نور تتسع ليذوب فيها العارف وتشكله من جديد .........................

ومازلتم تقولون الجنة !!!!!

قل لي .................. أي متعة تضاهي رؤية النور ؟ أي لذة تجابه متعة النظر إلى وجه الإله ! أي راحة مثل الطواف حول العرش !

وفي الآخرة يجتمع الأحبه ..................... وتجدهم حول العرش سجدا ! أرواحهم في طواف مستمر !

يارب اوعدنا . . . 

هناك 3 تعليقات:

  1. تسمو الروح وترتقي
    عبر فلك تدور

    سر من أسرار العشق الإلهي.. ما لا تبلغه العبارة، بل تدركه الأدواق والأرواح.

    تحيتي

    ردحذف
  2. سقتني حميَّا الحبِّ راحة َ مقلتي وكأسي محيَّا منْ عنِ الحسن جلَّتِ
    فأوهمْتُ صَحبي أنّ شُرْبَ شَرَابهِم، بهِ سرَّ سرِّي في انتشائي بنظرة ِ
    وبالحدقِ استغنيتُ عنْ قدحي ومنْ شمائلها لا منْ شموليَ نشوتي
    ففي حانِ سكري، حانَ شُكري لفتية ٍ، بهمْ تمَّ لي كتمُ الهوى مع شهرتي
    ولمَّا انقضى صحوي تقاضيتُ وصلها ولمْ يغْشَني، في بسْطِها، قبضُ خَشيتي
    وأبْثَثْتُها ما بي، ولم يكُ حاضِري رقيبٌ لها حاظٍ بخلوة ِ جلوتي

    سيدي عمر بن الفارض

    ردحذف