اليوم، تفقدتها، وجدت أننا رغم رفقتنا الطويلة جدًا إلا أنني لم أكتب لها حرفًا واحدًا من قبل!
يا عيب الشوم!
رفيقتي اليوم هي امرأة استثنائية، ورغم أنها تنعت نفسها دومًا بامرأة لأنها تخطت الثلاثين، إلا أنني لا أراها إلا طفلة جميلة ضاحكة!
هي امرأة بوجوه عدة، وشخصيات متشابكة، لا تدري أيهما هي، ولا تملك بعد أن تعرفها جيدًا إلا الرضوخ لصدقهم جميعًا. إذا رافقتها في حديقة ألعاب، ستعرف لماذا أراها طفلة، وإذا رأيتها في العمل ستفهم لماذا تنعت نفسها بـ "امرأة حرة مستقلة .. وقوية.. قوية جدًا لدرجة الشراسة"
هل رأيت من قبل زهرة الصبار؟ هي مثلها تماما، يحيطها الشوك، مهيبة، لكن الزهرة ناعمة جدا ورقيقة، وردية اللون، تتفتح بيسر وليونة، لا تفهم كيف تخرج تلك البراءة من قبة الشوك الصلدة. لكنها ... مثل زهرة الصبار!
زهرة الصبار عزيزة، يظنها البعض أنها عنيدة ومرّة، لكن على العكس تمامًا، هي فقط لا تخرج بكل وقت، ولا تزعج برائحة فواحة، ولا تتباهى بغصن قوي يسقط بتلاتها بعد حين، لكنها تنمو مرة واحدة بالسنة، بالربيع فقط، ولا تفتح بتلاتها لكل زارع، لكن لكل عناية تظهر الحب والمودة، تخرج مرتبطة بالصبار بغصن كالحبل السري، يخرجان معًا، وينتظران معًا بنهاية المهمة!
رفيقتي .... لها ضحكة رنانة، إذا سمعتها لا تظن أنها قد رأت دمعًا قط، بسمتها عريضة وساحرة، يقولون لها هذه صورة رسمية، لا يجب أن تضحكي، ابتسمي دون ظهور الأسنان، فتخرج الصورة عابسة! ليس عندها منطقة وسطى، هي تضحك أو لا تضحك على الإطلاق.
حنونة، وكريمة، تملأ الدنيا بهجة، تحمل الحب في سلال مثل الأمل والبرتقال، توزع من قلبها ويفيض قلبها بالحب كلما أعطت، تجعل قلوب من حولها مليئة، لكنها قليلة حظ! أحيانًا يبخلون عليها بالحب، أحيانًا يسلمون بأنها تعرف قدرها عندهم، فلا يلقون حبال الود إلا عندما تشهق بالغرق! بخلاء، لكنها تعذرهم دومًا.
صادقة، أقول لها: بالله انضجي، كوني ولو لمرة كامرأة، امسكي الكلمات، او تحكمي في تعبيرات وجهك، لا يسعها!
حقيقية كالموت، وممتعة كالحياة! تكره الزيف، وتختنق إن أمسكت بتصرفات الكبار التي تحمل شيئًا من نفاق!
تشعر أنها خارج جلدها، يختنق العالم عليها، يطبق الجبل فوق قلبها، لا تطيق!
تذوب في الأشياء بعين فنانة، وأحيانًا تدير ظهرها للعالم بلا مبالاة.
هي أشياء كثيرة، وأشخاص كثيرة، يصعب أن أصفها بكلمة، ويصعب أن اضعها في خانة!
تحب السماء، وتكره الأماكن الضيقة، تعشق البراح، وترتاح في ركن دافيء في بيتها، تحب دائرتها الصغيرة، تستمتع بالطبخ لمن أحبت، تدعوهم لبيتها، تضايفهم كأنها خادمة مطيعة، وتستقبلهم كسيدة القصر، يسعدون، يأنسون، يتسامرون، يشبعون، الحب والدفء يشبعهم قبل الأكل، وفي النهاية تراقبهم بصمت عميق، وبسمة محبة على وجهها، ورغم سعادتها وأنسها بهم، إلا أنها تتنفس الصعداء بساعات خلوتها بنفسها.
تحب الزرع، بشكل مجنون، وتحب الحيوانات، وترتاح بأعمال البستنة، ولا تستسلم أبدًا إن ماتت إحدى زرعاتها، تقول أنهن مؤنسات حياتها.
تقف لساعات أمام عمل فني، ترتاح لكل تفاصيله، تدقق، تبتسم، يترقرق الدمع بعينيها، تتذكر أنها امرأة قوية، لا يجب أن يظهر دمعها أمام لوحة، تشد ظهرها وتمشي في ثبات، ثم تقف ثانية أمام أخرى وتبتسم كالبلهاء.
قوية هي، عندما أدارت الحياة ظهرها لها، أدارت هي أيضا ظهرها للحياة، من يعرف كيف عانت وخرجت زهرة الصبار؟
تركتها الحياة وحدها، فهاجرت، وتركت الحياة وحدها!
عنيدة! رأسها كالصخر، تقف قوية بوجه الريح، لكنها تدخل بنهاية اليوم غرفتها وتبكي، تبكي بشدة، تبكي بحرقة كالأطفال، ثم تنهض بالصبح، وتشد ظهرها، وتخرج للعالم القميء الزائف، وتملؤه بألوان محبتها وبهجتها!
رقيقة، وروحها بريئة بشكل مقلق، تجذب الأطفال والحيوانات، وتطير حولها الفراشات، تعطي بلا مقابل، وتأخذ بخجل شديد، تقول أنها كبيرة كفاية، لا يجب أن تفتح يديها وهي لا تحتاج! لكم عانيت معها حتى تقبل الهدايا والمنح، رغم أنها تعطي بسبب وبدون سبب!
تلك الفتاة، شارفت الموت يومًا، انتهت حياتها، لكنها عادت، بشهقة شقت صدرها!
إن كتبت عنها لن أنتهي، ولكني هنا لأقول لها شيئًا مهما جدا، أنـــــا أُحــــبك جدا، وفخورة بك فوق كل تصوراتك!
فخورة بأنك أنت، وبأنك هنا، أحبك كثيرًا، وأسعد بوجودك دائما، وأتمنى لو كان هناك نسخة منك لكلينا! أحبك جدا، وأحب رفقتك، وأحب ضحكاتك الساخرة، وتعليقاتك الهزلية، أحب تلك المواقف الخرقاء التي تنتهي بسخريته من نفسك، أحبك عندما أخبرت الشاب الذي يعجبك أنه لوّح لك بالخطأ ليقول لك أنه يقصدك! أحب أنك لا تعرفين حقًا كيف يراك الناس رائعة ومبهرة وجميلة وغالية! وفي كل مرة تندبين حظك، أعجب من كليكما أنت وحظك، كيف لا يمكنك رؤية كل هذا الجمال الذي يخرج من قلبك الصغير؟ كيف لا تذكرين إلا أخطاؤك الحمقاء التي لا تعد حقا ذنبا لا يغتفر، وكيف تكونين بهذه القسوة على نفسك؟ وكيف يكون العالم بهذه الغباوة أمام عينيك!
عينيك!
هل قلت لك أن عينيك جميلتين حقًا؟ أذكر أن صديقة لنا قالت لك هذا عدة مرات، وأذكر أن شخصا آخر ذكر ذلك ذات مرة لكني لا أذكر من، عينيك جميلتين، معبرتين، واسعتين بسعة الدنيا، ويخرج منهما نور يملأ من يتمعن فيهما!
كيف لعاشق صادق أن يخطيء عينيك؟
أحبك جدًا، وأراك أجمل مما تصدقين، لإنك غبية، لا تمنحين نفسك الفرصة للنظر من بعيد، في عالم الزيف هذا، كم إنسان صادق مثلك؟ حقا؟ لا أحد!
تندبين حظك في كل ليلة، أعرف، لكني أعرف أيضًا أنك مثل اللؤلؤ الأسود، على الغواص أن يكون قويًا جدًا، صبورًا جدًا، عنيدًا جدًا، ومجتهدًا جدا ليحصل عليه!
أنت غنيمة، لماذا تظنين أن كل عابر قد يعرف قدرك؟ أنت غنيمة، على من يريدها أن يخوض كل تلك الحروب التي جعلتك كنزًا ثريًا!
يا بخته ويا حظه اللي ينول رضاكي!
لإنك تمنحين لكل ما تلمسين قبلة الحياة، فيصير الكون بعدك مختلف عن ذي قبل!
وأنا لن ادعك تمنحين الكنز لمن هب ودب "لحتى ما يعتب ... يتعب كتير"
أحبك، بعدد كل الذين خذلوك، بعدد كل مرة أنا أيضًا خذلتك، وأغمضت عيني ولم أكن رفيقة جيدة لك
في كل ليلة، أتمنى لو اني أضمك بقوة، بحب، بحنان، لأقول لك أنك جميلة، محبوبة، ثرية، وأني فخورة بك جدا جدا