الخميس، 30 ديسمبر 2021

عندما تحبك مريضة باضطراب القلق 2

أشعر بالخوف ..

في تلك اللحظات التي يجب علي أن أترك يدك فيها، أن أودعك بقبلة على خدك وأجر قدميّ إلى بيتي، أُلَوّح لك مودعة بعيون زائغة، وأنت تشير لي أنك ستتصل حالما تصل!

أشعر بفراشات في معدتي، وخفقان في قلبي، تلك المسافة الفاصلة بين بيتك وبيتي، رغم يقيني بأنك ستتصل بي، رغم يقيني بأننا حتمًا سنلتقي غدًا!

أشعر بالخوف ..

كلما اقترب موعد إقامتنا في ذات البيت، تحت ذات السقف، في نفس الغرفة، نتشارك حرفيًّا كل شيء، من أول الأفكار والخطط حتى الأنفاس، ورغم اطمئناني بك، ورغم هدوء اضطرابي بجوارك، لا أعرف لماذا أشعر بالخوف!

تمازحني بكل لطيف، وكل ما يصلني منك لطيف جدا، لطيف للغاية، رغم عنادك أحيانًا، رغم تمسكك ببعض أفكارك المزعجة أحيانًا أخرى، لكنك لا تبعث في قلبي غير الدفء والمحبة!

أرى اضطرابك بسبب مشكلة بالعمل، تلتفت لي وسط مكالمة ثقيلة فتبتسم، تغمز بعينك وأنت تبتعد حتى لا يصلني صوت غضبك، في كل مرة أسخر منك، وأنت تحيل الأمر إلى دعابة تسخر فيها مني! لماذا أنا؟!

أرى مثابرتك كل يوم، تتابع الخطط الثقيلة التي تأكلني تفاصيلها، أرى الحماسة في عينك، كنت أعتقد أن النساء يكن الأكثر حماسة حينما يتعلق الأمر بتكوين البيت، حتى التقيتك، ولأجمل ما جذبني إليك أنك لا تنازعني تفضيلاتي في الألوان، وتميز أسماءهم جيدًا، وتسألني إن كان هذا اللون تحديدًا يتسق مع الآخر، وتقول لي في لحظة لطيفة مرحة هل سيشعرك البرتقالي في غرفة المعيشة بالدفء أكثر أم وجودك، لأنك لن تجلس معي في بيتنا إلا ملاصقًا لي تمامًا! أصفك بالطفل التائه، فتثير حفيظتي بتقليدك الرخيص لبعض المؤثرين الذين أصفهم بال ( بيض).

أفقد أعصابي كثيرًا مؤخرًا، إما تخلصني من وسط قتال مع الصنايعية، أو تجنبني الاحتكاك بهم من الأساس، "دعي لي الأمر، لا بأس" صحيح أن الأمر يتأخر أسبوعًا كاملًا حين تتولاه أنت، لكني لا أستطيع إلا أن أكون ممتنة لك .. وبشدة

"سأبدأ بكِ عامي الجديد" .. "عيد ميلاد سعيد يا حبيبي" .. نتهامس، وأنا أرتجف من الداخل، خائفة بشدة، لا يدور في قلبي وعقلي إلا ماذا لو؟ لماذا أنت مبتسم طوال الوقت!

أنتظر لحظة سخطك، تلك اللحظة التي تمل فيها، ويتسلل كل الغضب الدفين خارجًا، تتأخر بعض الطلبات، ويستغرق عمال التوصيل أكثر من اللازم، تعاملهم بشدة وحسم، عيونك الحمراء تلك المرة تخيفني وتريحني في ذات الوقت!

أقول لنفسي أنك إنسانًا عاديًا، لست بلطف القاتل المتسلسل، ولست برعونة القاتل الأهوج!

أشعر بالخوف ..

وبلا وعي أقترب منك ونحن نتجول في السوق بحثًا عما ينقص بيتنا، بلا تردد أمسك يدك وألتصق بذراعك، كرجل رزين وعاقل وواثق من نفسه تكمل بذات الخطوات الثابتة والأنفاس المنتظمة، تظن أنك تتزوج بألطف امرأة في العالم رغم حدة مزاجها، تظن أن هذه رومانسية، لكني فقط أحاول أن أجد الطمأنينة .. وأجدها.

تتذكر بعد أسابيع تلك اللمسة، تكون رومانسيًا جدا عندما تقترب بوجهك نحوي وتبتسم بعذوبة، هل قلت لك أني في ذات اللحظة كنت أشعر بالهلع؟ وأود لو أختبيء بمعطفك أو أتكور في جيبك؟ لولا أعين الناس التي تراقبنا!

أشعر بالخوف ..

حين أفكر أن تلك السعادة التي لا أخبرك أبدًا عنها بوجودك، أكبر من قلبي، وأن كل هذا الجهد الذي تقدمه لي على طبق من ذهب، أجمل من كل ما رأيت، لأنه منك، ولأنه صادق مثلك، حين أفكر هل سوف تجعلني الحياة -أخيرًا- أهنأُ بك؟


أشعر بالخوف ..

في كل مرة أرسلت لك سؤالًا سخيفًا عن حالة الطقس في الصباح، فيكون ردك "أنا أيضًا أحبكِ" أريد فيه أن أسمع صوتك، أن أطمئن كـ أمِّ قلقة عليك، هل ترتدي اليوم ثيابًا تناسب الجو؟ لكني أبدًا لا أقول، لأنني أخاف إن سألتك حقًا أن ترى الخوف في صوتي وكلماتي!


أشعر بالخوف ..

حينما أعرف أني لأحظى بك، يجب أن أواجه كل هؤلاء البشر، أن أظل تلك القوية التي تنظر في عيونهم مباشرة، حينما أتذكر أنني يجب أن أمسك كل الزمام حتى لا أنكشف، حينما أقول بيقين لنفسي أننا يجب أن نتناقش في مسألة الإنجاب، ومسألة الانتقال للعيش معًا، ومسألة الزواج برمتها، وحينما أسألك إن كنت مازلت تحبني فتصمت، وحين تجيب بأنك تعشقني، وحين لا تجيب وتلقي عليّ طرفة، وحين تضمني لصدرك وتلفحني أنفاسك الهادرة! أشعر بالخوف لأنني أفكر في كل المعاني والاحتمالات في ذات اللحظة، ويطاردني ماذا لو!


وحين يمر اليوم بسلام، وحين أفتح عيني وأجدك بجواري، وحين أتيقن أنه لا مهرب من كوننا معًا بذات البيت، بنفس الرباط والميثاق الغليظ، فإذا رأيت عيني زائغة بلا سبب، وإذا رأيت روحي شاردة في اللاشيء، فاقترب كما تفعل وألق بنفسك على نفسك، وحوّط بذراعيك روحي وجسدي، وضمني إليك، كطفلتك الخائفة الشريدة، وهدهد قلبي بأغنيتك اللطيفة، ولا تفزع إن نزلت دموعي خلسة، ولا تبتئس إن وصلك صوت نحيبي، ولا تضطرب إن علت خفقات قلبي ووجدتني أتشبث بك أكثر كالغريق، لا تظن أبدًا أني أبكي وجودي معك، ولكن تذكر ... أنني وسط كل شيءِ أتشبث بك أنت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق