الثلاثاء، 21 ديسمبر 2021

متى ..2

 متى تتسلل المحبة إلى قلوبنا التي كانت تخاف كل شيء؟ فتطمئن؟ 

الشقوق المتصدعة، ينبعث منها وفيها النور والدفء.

فأجد نفسي أفتقدك بين تفاصيل يومي المزدحم، 

حين أغضب عليك، أقول أني لا أبالي، أمضيت اليوم بدون تذكارٍ.

وحين تتسلل بهدوء ويسري صوتك في هذا السكون فيملؤه، 

أجد أني أشتاق إليك فجأة، وبلا مقدمات!

توقظني رسالة طريفة منك، أهمس بعيون مغمضة وثغر باسم وقلب مطمئن، غـبيّ.

وأجد على غير موعد منك كلمات طيبة، فأعترف أني أفتقدك، أفتقدك الآن، أفتقدك في هذه اللحظة تحديدًا.

تسافر لعملك، وترسل لي بلا مناسبةٍ كوبًا من القهوة والحليب، تقول لي: دعي الدفء يدخل قلبك، البرد قارس!

لماذا يصعب عليّ إخبارك أنك دافيء؟

ولماذا يصعب علي تصديق أني أحبك؟

الحياة تمضي، ونحن كلانا يمضي معها، وتسير بي في أحياء الجنوب الباردة، تقول لي: "هل تريدين البطاطا؟ إنها دافئة وحلوة، ليست أحلى منكِ!"

أبتسم، أسخر منك، أتلقى كل إطراءاتك بأذن واحدة، وأغض طرفي كله عن الغزل اللطيف، وكأنه ليس لي!

لكن لا تنكر أني أخبرك عشرات المرات أني أحبك!

حينما أصرخ بوجهك لأني أريد الأفضل لك، حينما أترصد وجودك مثل المباحث، حينما أغض الطرف عن محاولاتك إشغال الغيرة في قلبي ولا أنفجر بوجهك، حينما أضحك مطولا على كل نكاتك، وأخبرك بحسم أن السخيف منها سخيف حقًا.

حتى عندما بحثت لك عن عروس، وحينما حاولت ترتيب لقاء لكما، وحينما بدوت بعينيك أنني سخيفة وغبية ولا أعبأ بمحبتك، كنت أحبك، أريد لك امرأة أكثر سكونًا من عواصفي، امرأة تستقبلك ببسمة، تخلع لك نعليك، وتنجب لك من الأبناء عشرة، وترضى بكونك رجلها، وتتنازل عن الثقة بذراعها، امرأة لا تسألك ألف مرة إن كنت تحبها، لأانها تنشغل بثوبك ونظافته، وطعامك وجودته، وتشاركك في المساء قراءة الرواية، وفي الصباح فنجان القهوة، تبدو مشرقة بلا هم، ومشغولة بكَ بلا كلل ... ليست مثلي، ليست أنا!

لأني سأحيل حياتك حربًا إن تجاهلت رسائلي، وأحيل غرفة نومك ساحة للقتال إن لم يعجبك فستاني ولم تثنِ عليه غاية الثناء، بصدق ومحبة، بكلمات أشعر أنها من قلبك لا مجاملة، لأني سأجرك في الشوارع وبين الأزقة بحثًا عن طعامٍ أنا نفسي لا أعرف ماهو، وسأنزع الرواية من يدك في المساء لأنني أنا الرواية والقصة، ولأني لم أخبرك بعد تفاصيل يومي، ولأني لم أنته يوما من سرد كل التخيلات التي دارت برأسي من حديث قبل أن يدور بيننا، ولأنك متعب من العمل، تعود منهكًا تريد من يحملك، أما أنا فلن أستقبلك بهدوء وصمت، ولن أحمل السكينة بين ضلوعي لأهبها لك عند عودتك من عملك، بل سأحفظ كل الصخب كي نتشاركه معًا، وأدخر كل الحماسة كي أدفعها دفعًا إليك، إليك وحدك، ولن أغزل الصوف لوليدنا القادم، لأنني أمـلُّ بأسرع ما يرتد إليك طرفك، ولن أعدك بمولود، لأني أخاف من كل الصغار، كيف أتكفل بطفل وأنا أتعثر بخطواتي، وكيف تثق بي كل تلك الثقة كي تهبني أطفالك وأهبهم حياتي وبعثراتي وجنوني؟ ولن تجد بيتك هادئًا، فالموسيقى تشعلني، ولن يكون صاخبًا، فأنا أنزعج بسهولة من الضوضاء، ولن يكون بلون واحد على كل حال! امرأة تسكن لك أو امرأة تثير جنونك في كل لحظة غير متوقعة كالبركان؟ فكيف تلقي بنفسك في فوهة البركان ولا أمنعك! سأجد لك عروسًا هادئة تطمئنك كي أطمئن! أليس هذا حبًّا؟

متى تسللت إلى كل تلك التفاصيل، متى تسللت إلى قلمي؟ ومتى أستطيع الهرب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق