الاثنين، 18 يناير 2021

شطيرة البيض بطعم أمي!

 باديء ذي بدء، كنت أنوي الحديث عن زبدة اللوز العنيدة، التي تسببت في أن قضيت معظم وقت راحتي في تبديل ملابسي المتسخة بالزيت، ولكن لا بأس، سأؤجل الكلام عنها ليوم آخر!


اليوم وكالعادة لم أستطع جر نفسي من السرير بسهولة، وبالتالي فقدت عادتي الصباحية الجميلة من الغناء وتحضير القهوة وتجهيز شطيرة أو تقطيع فاكهة أو إعداد طبق من الشوفان أو الجرانولا! فصرت أعد لنفسي شطيرة سريعة في استراحة منتصف اليوم التي تقارب الخمس وأربعين دقيقة، أقضي من عشرة إلى خمسة عشر دقيقة ذهابا وإيابا، والباقي بين غرض لي في البيت أو إعداد شطيرة ومشروب يكون غالبا القهوة أو الشاي!

اشتريت من فترة "طاسة" صغيرة تحمل بيضة أو بيضتين على الأكثر، لإنجاز وقت التسخين، ولم أجد بالأمس لبنة كاملة الدسم فاستبدلها لي بمنزوعة الدسم، وافقت مرغمة، واستبدلت الخبز الأسمر أو ذي الحبوب الكاملة بخبز الحليب "مرة من نفسي"، وتمدني أمي دوما بقوالب السمن الفلاحي الشهية التي لا مثيل لها ولا بديل، أضع قطعة السمن فتذوب وتشعل كل جميل من ذكريات وروائح بداخل قلبي، أشعر أن رائحة الطعام الطيبة تولد لدينا قدرة عجيبة على التخطي والإبداع!

أضع البيضة اليتيمة فوقها، بلا ملح أو بهار، وأقرر أن أفرد بعض اللبنة على شطري الخبز، وأضع الملح والفلفل الأسود وبعض الزعتر على قطعة الخبز الأولى وفوقها البيض وأكمل المهمة بالقطعة الثانية!

كافئت نفسي اليوم بشريحة خبز التحلية قبل الطعام، زبدة الفول السوداني والعسل، لا تخذلني أبدًا!

وعندما وصلت إلى العمل، وبدأت تناول شطيرتي اللذيذة، شيء غاص في قلبي! كان طعمها أشبه بالبيض الذي كانت تعده لي جدتي، وتطلب منها أمي أن تضع فوقه قطعة جبن قريش طازجة، وكنت أتذمر كثيرًا لإنني أكره طعم الجبن العذب، بلا ملح! ما الحكمة أن أتناول جبنًا بلا طعم بلا نكهة بلا ملح! لم أكن أفهم طعم الحليب، ولا أميزه، أنا عدوة الحليب منذ صغري، تقام مناحة قبل شربه ومناحة بعد شربه، وتتحايل أمي عليه بالشاي، فأبدأ الشكوى والتذمر لوجود طبقة القشدة على وجه الحليب! أكره الطعم الذي يخلفه الحليب الطازج في فمي بعد الشرب، وأكره إجبار أمي لي أن أنهي كل شيء طعامي وكوب الحليب!

"يا ماما بيعملي يع في بوقي" كان هذا تعبيري، وظل تعبيري تجاه الحليب وتجاه البندق! في مرة من المرات سألني شاب كنت معجبة به جدا:" لماذا لا تحبين الشيكولاتة بالبندق، إنها ألذ أنواع الشيكولاتة"

أنا: لإني لا أحب البندق!

هو: لماذا؟

أنا: عشان بيعملي يع في بوقي!

حقًا لا تعبير ينقذ حلقي من البندق أو الحليب إلا هو!

لماذا تختلف الأشياء عندما نكبر؟

الآن قد أتناول كوبا من الحليب الدافيء بكل رضا قبل النوم حتى يساعدني على التمدد والنوم!

وأحب أن أضيف الجبن القريش إلى صحن البيض إذا حللنا ضيوفًا على بيت جدي البائس بعد رحيله ورحيل جدتي!، وأتلذذ بالعيش الصابح المخبوز الذي لم أكن أستطيع مضغه وأنا صغيرة هاربة إلى الفينو والتوست!

اليوم وأنا أتناول هذه الشطيرة كانت لذيذة بشكل! كانت مثالية، رائعة، كاملة!

كان فيها لذعة الحليب، وطيبة السمن، وحلاوة البيض، والقليل من البهار الذي لم يعكر صفو المزيج! كان الخبز طريًا وفيه طعم الحليب، وكان ممتعًا لإن به رائحة جدتي وطعم جدتي وذكريات أمي!

شطيرة اليوم كانت بطعم أمي، الجبن القريش "نكهته الحليب وفقط" مع البيض والسمن البلدي ...

شطيرة اليوم كانت تحضن قلبي الوحيد هنا! 

يوم آخر لا بأس به على الإطلاق، وفطار آخر سعيد جدا! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق