الخميس، 15 أغسطس 2013

عن سلام الأفعى ...

اليوم .... أقصد لربما الغد أو بعد الغد ، لربما بعد عدة قرون أو سنوات من الآن ,,,, سوف يدرك البعض أن قلة قليلة كانت صادقة في حب هذا الوطن ، هذه القلة تختنق كل يوم تموت كل يوم بالصدمة والأمراض العصبية والنفسية .... وفي سجون وبرصاص العسكر وبلا شك !
سيدركون بعد فوات الأوان أنهم أرادوا لأنفسهم أن يعيشوا كالبشر لا كالعبيد ... أرادوا لأوطانهم سلاما حقيقيا ينبع من الأرض ، يشرق مع الشمس ، سلاما ينمو بضحكات البشر لا فوق دمائهم !
العالم اليوم أصبح أكثر وحشية إطلاقا ، العالم أصبح يتغذى على دماء الشعوب وصرخات الأيتام والثكالى ، العالم اليوم أصبح يضع مفهوما جديدا للسلام ، مفهوما يرسخ في الأذهان فقط مع بقايا الدم ورائحة الأشلاء المحترقة ، مفهوما جديدا يرتدي ثوبا حريريا لامعا مثل جلد الأفعى ، هذا بالضبط هو سلام العالم !
هذا هو السلام الذي تمارسه إسرائيل منذ سنوات مع الشعب الفلسطيني الأعزل هذا هو السلام الذي كان يقتل الأطفال في بحر البقر ويقصف البيوت في السويس وبورسعيد والعباسية هذا هو السلام الذي قتل الشيوخ في حيفا ويافا وعكا والخليل وبيت حانون ونابلس وجينين ، هذا هو السلام الذي انتشى من رائحة دماء من ادعوا أنهم إرهابيون في صبرا وشتيلا ، هذا بالضبط نفس السلام الذي شعر بالزهو في مذابح جنوب لبنان على صرخات اختناق الأطفال تحت أنقاض البيوت ، هو نفس السلام الذي ترعرع مع عويل نساء المقطم على أطفالهم وأبنائهم ، هو السلام الذي ازدهر وأينع عن دخان أشلاء العزل في غزة ، نفس السلام الذي مسح على وجه أحد البلطجية وجعله رمزا وطنيا ، وبصق على وجه عملاق الجاسوسية المصرية الذي أنقذ البلاد بأعماله البطولية قبيل حرب 73 وتركه يموت في حجرة ضيقة عفنة كالفئران تحت الأرض ، هو السلام الذي يمسك الطبلة للراقصة التي تسحر العيون كالحية عن حقيقة مايجري خارج الملهى الليلي القذر ، السلام الذي ترك الفقراء في بلادنا يموتون بهدوء خارج المصحة لأنه لا أسرة تحتمل قذارة ملابسهم الفقيرة الممزقة ، هو السلام الذي يحرق أصحاب العقيدة الواحدة فقط لأنهم قلة ، هو السلام الذي يرفع أصحاب الشذوذ الإنساني فوق بسمات القمر زهوا وفخرا بهم ويطالب بحريتهم في ممارسة شذوذهم بأسماء كثيرة مستعارة لا يستطيع بريقها إخفاء قذارتهم ووقاحتهم ، هو السلام الذي جعل الإرهاب في بلادنا يظهر فجأة ويختفي فجأة وكأنه يظهر تحت الطلب ، هو السلام الذي جعلنا نتمنى أن تزهق أرواحنا في أحضان العذاب والقهر ، لأننا لا نريد أن نتلوث في آخر لحظاتنا ونتلطخ بالدماء التي في يد هذا السلام المزيف .... لأن سلامنا الحقيقي في محاربة القهر ... لأن سلامنا أصبح حيث يكمن ألم العالم ويصرخ .... أصبح حيث نشاركهم الألم بعد أن عجزنا عن هبتهم الفرحة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق