الجمعة، 21 يونيو 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (22)

الحب والأمل ..... كلاهما متشابهان .... أشياء لا منطقية تعطيك تفسيرًا منطقيًا لحياة لا تساوي جناح بعوضة!

كل تلك السعادة المشبوبة بالتفكير، لا شيء يفسد لهو المرء سوى الفكر!

أسير على خط رفيع، أستقيم يومًا وأسقط أيامًا أخرى، أخاف وأرتعب، وأدب الأرض في صباح عبثي بخطوات واثقة، من أين يأتي كل هذا لا أعرف!
في السابق، كنت أقول الأمل يجعلني أستيقظ كل صباح، أجتهد في القراءة، في الدراسة في العمل، أتعثر، من الممكن للإنسان أن يتعثر لكني لم أكن أعامل نفسي أني إنسان مسموح له أن يتعثر! أكتئب، أعاقب نفسي كثيرًا، لا أعطيها الفرصة لتصحح هذا الخطأ وتجتهد مرة أخرى ومن جديد!
في السابق، الحب يجعلني أنام، يجعلني أطير، يجعل كل مستحيل ممكن ووارد، يجعلني مثل فراشة تكتشف الحياة في أول ربيع لها في الحياة، لم تكن تعرف أنه آخر ربيع، لعلها كانت خائفة أن يكون آخر ربيع فأتاها الشتاء باكرًا تلك السنة، لكنه كان آخر ربيع!
الحب يجعل تلك الخطوات خفيفة وواثقة في ذات الوقت، يجمع المستحيلات تحت سقف واحد، يجعلني ضعيفة جدا أمام عينين اثنين، ويجعلني مثل التنين أمام أخريات، يجعلني واثقة جدًا من أنفاسك المنتظمة، ويجعلني ملتاعة إثر غيرة حمقاء لتصرفك الأحمق!

والأمل؟ يجعلني أومن بكل شيء ممكن ومستحيل، يجعلني واثقة من شكي القتّال، يجعلني أبحث عنك في الشوارع وأنا أعلم يقينًا أنك لست هنا، ويجعلني أتيقن أنك تأتيني رغم استحالة ورود الفكرة مع معطيات الواقع!

منذ أيام زارتني صديقة، نفس الصديقة التي زارتني منذ عامين، عندما كنت تنتظر تحت نافذتي المشرعة والأنوار الساطعة تنقل للفضاء كل هذا الصخب الذي يلف بيتنا عند الزيارات فقط، وقفت وحدك، وقفت هناك تنتظر رؤيتي وكنت أقف أنا كل ليلة ما عدا تلك الليلة أشكوك لكل شيء حولي، أسأل كل نجمة في سمائي الكاحلة ألم يشتاقني؟ ألا تشتهي خطواتك المسير إلينا؟ ألا تفتقد قدماك الطريق؟
شرفتي مفتوحة، الأنوار مزعجة، الستائر مشرعة، صخب وضوضاء، وذات الصديقة بالبيت، ذكرتني الأجواء، وأنت على جانب آخر من هذا العالم!

في اختبار أجرته لي الدكتورة منذ فترة، كانت أكثر الصفات السيئة التي أُنعت بها "غبية" كانت أكثر الكلمات التي أنعت بها نفسي.
أقولها لنفسي مرارًا وتكرارًا، أصبحت إذ ألاحظ بوادر أمل أو محبة، بواقي شوق وأطراف عتاب وعشم، وأشلاء حنين يجتمع أيامًا ليكون جارفًا ويبهت أيامًا ليكون كاللاشيء، أقول لنفسي غبية!

لكني تعلمت،

تعلمت الكثير بين الحب والأمل واليأس والرجاء والشوق والحزن وكسر الخاطر وتلاشي الأحلام ومرارة الحقيقة!

تعلمت أحيانًا أن أقبل مشاعري، هذا الفيض، هذا الحب الذي يذهب إليك سدىً ما عدت أنعت نفسي بالغبية لأجله، أدعه يفيض، وأستجيب له بحدود، أكتب عنك وأفرغ تلك المشاعر على الورق وعلى الملأ "كلماتنا في الحب تقتل حبنا إن الحروف تموت حين تقال"، أن أقبل كوني فشلت فيما اعتبرته ورأيته وسرى في قلبي "حب حياتي، ومعجزة الجنّيات التي انتظرتها طويلًا، والحلم الذي كنت أسير فيه حقيقةً" أن أقبل أني في وقت ما لم أكن مثلما كان يجب أن أكون، مثلما اعتدتني  وكتبت لي، وكتبت عني، وأن أقبل مشاعر رفضك المتأخرة كلها، وأن أرفضك أنا حقًا، أرفض رفضك، وأرفض الاقتراب منك!

أنا امرأة تكتب، امرأة شاخت فوق الورق، امرأة ما زالت تنام وهي تحتضن رواية، أخلق الأشخاص وأغير الحبكة في رأسي، وهكذا غيرت نهاية قصتنا مرارا، ورسمت لك طرقًا كثيرة كي نعود، ورسمت لك خططا كثيرة وحبكات أخرى، ورسمت لنفسي قصة حب أجمل من هذه، وأقاوم الآن مشاعر " ماهو مش بالساهل ننسى عشان مكنش بالساهل أصلا نتلاقى ونحب" إلى مشاعر تحتاج لنهر أكثر استقرارًا، تحتاج لإنسان يقبلني مثلما أنا، يقبلني هو ويبصق فوق تقاليد المجتمع، يقبلني أنا بشحمي ولحمي وطول لساني وجنون منطقي وتقلباتي وغبائي وعصبيتي وخوفي وفزعي وكوابيس نهاري وتخاريف ليلي، يقبلني إذا أصحو نشيطة مثل عصفور يهم بلثم جميع الزهور قبل أن تحضنهم الشمس، أتراقص على الموسيقى بين المطبخ لتحضير فطور شهي وبين الحاسوب والورق والكتب لمذاكرة شيء، أو ترتيب أفكار أو تعلّم جديد ورائحة القهوة تملأ المكان، أتنقل من هنا لهناك أرتب الأشياء بدقة وأزيل التراب، وأعد طعامًا آخر، وأفتح النوافذ عن آخرها، وأرقص وأدور وأضحك هكذا بلا سبب سوى أني سعيدة جدًا اليوم! فيأخذني للغداء بالخارج أو العشاء، يهديني الورد، ويمدح عطري النفاذ، ونعود سعيدين بالحياة كأنها صارت كما يجب أن تكون، ويحتمل أن أصحو مصابة بمغص لإني لم أنهي عملًا كان يجب أن أنهيه في المساء لكني عدت منهكة من العمل، أصرخ أني أريد تحضير ألف شيء ولا وأعرف من أين أبدأ، أن يحتمل خمسين اتصال باليوم، أصرخ فيهم أو أبكي أو أمزح بطريقة بذيئة، وأن يحتمل ألا أجيب أي اتصال منه لإني لا أريد أن أكلمه ولا أن أكلم أحدًا!! أن يحتمل صباحاتي التي أكون فيها ملاكه، أهمس له بحب عطف شديدين بكلام عذب وجميل، وأن يحتمل ألا أجيبه على كلمة صباح الخير!!! فإن فعلت يأتيني هو، يضمني، يقبلني، لا يأخذ الأمر على محمل شخصي، يدعني أجري حول نفسي، ويحضر لي القهوة! وهو يعلم يقينًا أن عدم كلامي معه لإرهاق أصابني، أو منام أزعجني، أو تفكير يأخذني مني، لا جفوة عنه، ولا ابتعاد عن خط المودة مقدار أنملة! أن يقرأ وجهي وصوتي وصمتي! أنت قرأت كل شيء، انت قرأت روحي على البعد، لكنك لم تواجه نفسك، ولا المجتمع، ولا أنا، ولا تلك الأفكار المعلقة على جدارك.
وأنا؟ مثل قدر هائل من البشر يسكن جسدًا واحدًا، لا أعرف مسبقًا أيهم يحكم اليوم، ولا أعرف حقًا أيهم يحكم غدا، رغم أنهم جميعا يعرفون أني أحبك .... كنت ... كنت أحبك! الآن أحاول أن أحبهم، أكثر!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق