السبت، 8 يونيو 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (20)

لعام وأكثر، أجرب الأشياء، الأطعمة والامتناع عن الطعام ... بعض الأنظمة الغذائية والحميات، بعض الفيتامينات والأدوية، امتنعت عن السكر لفترات طويلة، عن النشا، عن الحلوى، عن الفاكهة، عن الكافين، عن الشيكولاتة، عن بعض الحبوب، عن البقول من أجل قولوني، عن بعض الخضر من أجل معدتي، عن طرق معينة في تحضير الطعام، وعن جميع الأطعمة المصنعة، ابتعدت عن الناس، عن الكتابة والقراءة، عن الموسيقى إلا من كلمات أمير عيد وصخب ألحان فرقته، عن الرقص، عن مواد التجميل لفترة، عن الألوان، عن العالم، عن كل شيء إلا بعض الكوابيس

منذ أيام أجرع القهوة، لا أشتهي السكر لكنه يدخل فنجاني بلا احترام، لا أذكر كيف كان مذاق القهوة إذ عشقتها يومًا لكنها الآن تصر على الوقوف بجانبي، تصر على التواجد في المشهد الحزين!

لا أرشف القهوة كما المعتاد، أجرعها، وكأنها كأس خلاصي المسموم، إكسير لحياة أخرى لا أعرفها ولكني أريدها، شيء لا يشبه اللاحياة هنا.....

صديقتي هناك، على الجانب الآخر من العالم، تحادثني كل بضعة أيام، تناقش معي أمر علاقتها، يزعجها شريكها وتتعثر في قلقها اضطرابها، وأنا تزعجني الحكايا!!!!

أقول في نفسي لها مالا أصرح به يومًا!

لم أكن لأترك كل تلك الأفكار تعكر صفو حبي، لم يتعكر صفوي سوى بفكرة واحدة، هل يتركه القدر لي أم يأخذه مني؟
كل تلك المشكلات، كل هذا القلق، كل الاضطراب لفكرة مجنونة أنه سيلقى حتفه إن أحبني أكثر!

هل شاهد أحد  " The Dress Maker" 

هل يرسخ في ذاكرة أحد مثلي هذا المشهد الذي تخبر حبيبها فيه أنها نحس؟ أنا لعنة شؤم؟ أنها تخاف أن تقبل حبه حتى لا يصيبه نحسها؟ هل تعرف صديقتي نهاية الفيلم؟ لقد لقي حتفه وهو يحاول أن يثبت لها أنها ليست بلعنة، وأنها ليست بنحس!

في كل مرة يتكرر المشهد أمامي أبكي مسبقًا، ألم ينخر في صدري، ألم تقل لك يا عزيزي أنها نحس؟ لماذا لم تصدق؟

أما أنا لم أقلها، جبنت، خفت، لم يكن ليصدقني إن أخبرته بذا! لم يكن ليقف على حدود الخط الأحمر الفاصل بين الحياة والموت، كان ليأتي في كل مرة ليضمني إليه، ليطبع قبلته على جبهتي، ليخبرني أني ملاكه وملكته .... تصيب الملائكة أحيانًا لعنات الشياطين!

كان من المخطط أن أهرب أنا، أن أتأكد بشكل ما أن النحس يزول أو أن اللعنة تحل بلاد غير رأسي، لكنه هرب، لكرامته ربما هرب، لتأثير لعنتي ربما هرب، لامتداد نحسي ربما هرب، لشدة غبائي في الحب ربما هرب!

لماذا لا ينتهي المشهد يوما عن بسمة صافية وقلب سعيد؟ 

أشرب القهوة بلا سكر، بلا حليب، بلا مبيض، بلا كريمة، بلا قشدة، أشرب القهوة بسكر زائد، بحليب دسم، بمكسبات طعم، وبلا شيء على الإطلاق، أشرب القهوة وأشتهي الدخان، أبحث عمن يمدني بسيجارة واحدة، وجدت مددي مرة، أو مرتين، وفي الكثير من المرات يصيبني كسل شديد أن أجر قدمي بحثًا عن الدخان!

تقول صديقتي إذ علمت، سيقتلك الدخان، أن تسعلين من رائحة العطر، سيجارة ثانية وستموتين، أبحث منذ أيام عن خلاصٍ، أتجنت التوتر كي لا أبحث عن شيء مؤذٍ، تأتيني أخبار سيئة تشعل في قلبي النيران، أشتهي الآن الدخان، وصدري يسعل مسبقًا، والقهوة تدور في رأسي تبحث عن خلاص!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق