السبت، 15 سبتمبر 2018

قلبي المضطرب ... ولجام عقلي الواعي

بالأمس حدث شيء أربكني ... جعلني أرجع خطوتين إلى الوراء ...

لماذا في كل خطوة أرجعها للوراء أتوقع يدك تلقفني؟ وكأنك هنا ... كدت ألتفت إليك وأقول : هل رأيت؟ ماذا أفعل؟
أن ألقي بهذا الهم على كتفك، بهذا الاضطراب فوق راحة صدرك وأبكي .... وهدوء أمواجك يحملني 

كان طفلا ... هل هو طفل؟ هل مازال؟ هل وعيي دقيق؟ لا أعرف

أنهيت الدرس معه، طفلا كأوراق الزهور الطيبة، الزهور التي تعلم بفطرتها أن ترحب بالفراشات الجميلة، وأن تبتسم للعصفور، وأن تودع الندى كل صباح بقبلة على شفتيه دون أن تخاف من الأشواك ... تلك الزهور المرويّة جيدا فلا تحتاج لاقتناص الماء بأشواكها ... كان زهرًا بلا شوك!
اقترب مني مودعًا ... عناق ... شكر ... يهم بالذهاب ثم يعود !
هل نسيت شيئًا؟ عليك أن تذهب للحاق بحافلة المدرسة!
اقترب اكثر ووقف بهدوء بجانبي ... يلتصق بي .. ما بك؟ 
قال: لا أعرف ولكن .... بدأ ينحني .... 
أقول هل أضعت شيئا يا صغيري؟ ماذا وقع منك؟

أنت تعرف أني أوزع تلك الأحضان الصغيرة لهؤلاء الصغار طوال الوقت ... أنت تعرف أنني أرتبك من الاقتراب من الكبار
أنت تعرف أنني أرتبك من الاقتراب أصلا وأن هؤلاء الصغار هم من علموني الحب يومًا كدت أفقده!

ارتبكت ... انحيت معه أبحث عن الشيء الثمين ... أخذ وضع السجود على الأرض ... انهض! ماذا وقع منك
أمسك قدمي المتهزة وكاد يقبل حذائي!

لا أعرف كيف يعمل عقلي الواعي في الوقت المناسب؟ كيف ينقذ صغير البراعم من عاصفة القلق المرضي، ومن نوبة حادة من الصراخ والرجوع للوراء حتى أرتطم بالحائط؟ ومن نوبة بكاء هيستيري لإنه ما يجب أن يفعل هذا بي ولا بكم؟
لا أعرف هذا ال "ميكانيزم" الذي يمسك زمام الأمور في الوقت المناسب قبل أن  أفقد كل شيء في لحظة واحدة 
قد أهرب مثل المجنونة .... أصرخ ... أو أبكي ... أو أتلعثم بالكلمات ..... أو أردد كلمة " كفى" عشرات المرات المتتالية قبل أن أتوقف ..... لا أعرف كيف صارت العواصف تتوقف، لكني صرت أعلم أن هناك عاصفة ستهب، أو إعصار عاتي!

جلّ ما قلته: ماذا تفعل؟
أشكرك لأنك تعلمينني ... أشكرك لأنك تساعديني كل يوم!

هل يتوقف قلبي الآن؟ لماذا لا تنبت الأجنحة فجأة وأطير من هنا؟ لماذا لا أختفي؟ لماذا لا توجد فرجة في الجدار الأرض أو السقف تسحبني؟

لا تفعل ..... أمسك زمام صوتي المرتعب ... أتنفس ... لا يجب أن تفعل .. إياك أن تفعل هذا ثانية!

أدير وجهي ... ثم أعود .. يجب انت تغادر الآن ... اذهب
يداي مرتعشتان وقلبي يضطرب!

يطل علينا بضحكته ووجهه الباسم زميله الذي كان خارج الفصل ... هل أنت مغادر؟ 
إذن إنه الوقت للعناق الجماعي ..... group hug

أقصى درجات ضبط النفس ... أدله على الطريق، وأذكر الصبي الآخر بالعودة لفصله لانتظار والديه .... وأود لو أغلق الفصل على نفسي وأنهار ... وأبكي!

هذا القلب الذي لا يتوقف عن الدهشة والخوف والارتعاش .... لا يعرف الطفل ان طفلتي مرتعبة من هذا العالم
لا يعرف الطفل أني طفلة لكن الزمن أمر جسدي بالفوران وعقلي بالبلوغ، وأن دائرة الحياة أوجدتني هنا في كراسي الكبار!

لا يعرف الطفل أني عندما وجدتك، سمحت لنفسي أخيرًا بمشاركة الخوف ومشاركة الضعف ومشاركة الحزن ومشاركة الطفلة المرتعشة أحدهم بعدما كنت أحبس كل الضعف والخوف والهشاشة خلف قضبان المرح! 

كنت أود لو أخرج فأتصل بك .... وأبكي .... وأقول لك كيف يحدث هذا؟ وترد بقولك أنه طفل أنه حتما يحبك أنك طيبة يا حبيبتي ولهذا يحبك ... أن تملأ السخرية مكان الخوف، أن تتوعد بنبرة مرحة كيف أحضنه دونك؟ أن تطمئن كلماتك في رصانة عقلك .... وأن يلملني الصوت الطيب الخارج من قلبك ...

كنت أود في صباح اليوم التالي لو أقص عليك الأمر بصورة مختلفة، أقول لك يا إلهي لقد ألجمت ثورتي ونوبات فزعي، لقد انتصرت اليوم على ال Anxiety
لكني أود البكاء :) حقا انتصرت ... لكن شيء بقلبي يريد البكاء ... ولا أعرف السبب!


واليوم .... أحكي لك من بعيد ... لا أعرف ما الذي قد يحدث .... أعرف أن المسافات لن تعود 
لا أطمح للكثير .... لا خطة لدي هذه الأيام أكثر من مزيد من الانتصارات على القلق والخوف والاضطراب وتوزيع الأحضان الدافئة على صغاري والتمسك بالأمل النابض في ضحكاتهم ورؤية هذا العالم من هناك ... من حيث الورد وردًا بلا أشواك! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق