الخميس، 10 أغسطس 2023

عن الأمل ... واليأس .. وأشياء أخرى!

 لا يعرف قيمة الأشياء مثل من فقدها، وأكثر الناس إيمانا بالأمل هم من مروا عبر قنوات طويلة من اليأس!

لقد قابلت بعض الأشخاص، الذين يفتقدون الشمس كثيرًا، تلك الشمس التي تحرق وجهي، والتي اختبيء منها! أقول لهم ان أفتقد المطر كثيرًا، لكنهم يؤمنون أن لا جمال يضاهي نور الشمس!

تعجبت!

لكني عندما رأيت بلادهم فهمت! المطر المستمر، السحب التي تحجب الرؤية، الشمس البخيلة التي تنظر لهم من بعيد بدون دفئ يذكر!

كنت أعيش في الصحراء، والآن أعيش بجوار البحر، أشتاق للبحر، أذهب إليه كلما سنحت لي الفرصة، أمسك كتابي وأذهب قبيل الغروب، أقرأ قليلا، عشر صفحات على الأكثر، وأقضي ذات الوقت متأملة البحر!

هذا الغروب جميل، ودافيء وناعم، هذا السحاب الأبيض يؤنسني، وتلك الجزيرة على الضفة الأخرى تمنحني صحبة هادئة.

في صباحاتي الباكرة، أخرج للشاطئ أتريض، ترن في أذني أغنيات الشيخ إمام، عن العشق، عن الثورة، عن الغضب، عن اليأس، وعن الحياة

أجد في صوت الأبنودي تسلية، ومرارة، وأعرف، أن الشمس قد تغرب اليوم لكنها سوف تشرق غدا، ليس من مغربها بالتأكيد.

هذه الطفلة الجميلة، في كل مرة تنادي اسمي، مقطعين فقط، بطريقة مضحكة، يمتليء قلبي بالحب!

أنظر إليها، أشعر بأن اليأس خيانة لكل هذا الحب، أشعر أني يجب أن أبتسم وأن أشرق كما يشرق وجهها لي.

كم مرة قلت أني لا أشجع الإنجاب، أرى أن إحضار تلك الأرواح البريئة لهذا العالم القبيح جرم لا عقوبه توازيه ولا شيء يرفعه.

لكنها، كالنسمة الباردة في القيظ، والغمامة المنتظرة وقت الظهر، والمطر الجميل ليلطف الرياح ويطوي الغبار.

أنظر إلى تلك العينين، يقولون هي عينيّ، يقولون هي عيني أبي، وأنا ورثت عيني أبي، تلك الرأس الصلبة العنيدة، وتلك الأحضان الدافئة الطيبة الشهية، ورثتها عني!

صاخبة مثلي، ومستقلة، لعلها ورثت عن أبيها شعره المتناثر، وإصراره الهاديء في فعل الأشياء، لعلها ورثت عنه أن تدس إصبعها في كل شيء!

لكننا قررنا ألا ترث عن أي منا أي مرارة أو حزن أو يأس، أن ترث الحب والأمل، أن ترث القوة والضعف والهشاشة والنمو، أن ترث محبة الحياة ... وأن نصلي كي لا تقدمها الحياة بسرعة! وأن يكون لها جلدًا على مجابهة يأس الحياة ببسمتها الساحرة!

أحب البستنة، وأقضي فيها الوقت بلا ملل، أنزع الأوراق الصفراء، وأراقب البراعم الصغيرة، في الأصص الصغيرة دائرة الحياة بكل تبعاتها ومشكلاتها وصخبها، في الأصص الصغيرة دورة كاملة من اليأس والأمل!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق