السبت، 20 أبريل 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (15)

أخاف ٢

ألم أقل لك يا صديقي أني أخاف من البشر ولا أفهمهم، وأني لا أحب أن تخرج أنيابي، لا أن أكشر عنهم ولا أن أعض بهم؟ ألم أقل لك بالأمس أني امرأة لا أحبها؟ وأن المرأة التي أحبها فعلا هي طفلة شريدة في هذا العالم؟ وأن هذه الطفلة عندما كانت على سجيتها كانوا يقضمون أصابعها ويأكلون طعامها ويخدشون وجهها وهي لا تفهم لماذا يتنمرون عليها بهذا الشكل؟ وأنها ظلت تراقبهم فعرفت أن بعض البشر يحبون التنمر من أجل التنمر وفقط، من أجل استعراض عضلاتهم وأنهم قادرون وفقط!

كانت تلك الطفلة تختبيئ، كانت تبكي دومًا وبلا توقف، كانت تندهش، كان هذا التنمر يصيبها بغثيان دائم، حاولت الحفاظ على بعض الهدوء، حاولت أن تفهم وأن تجد مبررًا لما يفعلون، حاولت التغير والتأقلم والتكيف، ثم تكشّف لها بعد ذلك أنها لم تكن هي المشكلة، بل هم يستمتعون باختلاق المشكلات الصغيرة، ثم تكبيرها وتصغيرها حسب فراغهم، يتغذون على هذا النوع من المشكلات!
منعت التنمر مرة، تحلقوا حولها، العصفورة الصغيرة صار لها أسنان! لعلهم لا يعرفون الآن أن العصفورة الصغيرة قد نمت لها أنياب شرسة، قد صارت مثل طائر الرخ!
تلك الصغيرة صبرت كثيرًا، في كل مرة تحلت بالمبادرة الحسنة والأخلاق كانت تلقى عقابًا على ذلك، قلبها كان يتسع للتجاوز والمسامحة، قلبها امتلأ، لم تعد قادرة على جعل مزاحهم السخيف يتجاوز قبضة يدها إلى قلبها مرة أخرى، تسأل نفسها كل ساعة: هل أرد القبضة لصدورهم؟ هل أرد القبضتين بقبضة أو قبضتين؟ هل أمنع الأذى وفقط؟ هل أكشر فقط عن أنيابي؟ أم أعضهم حتى يرتدعون لتلك الأيام القليلة الباقية قبل الرحيل؟ 
من أسوأ ما قد واجهت في حياتي ظن الناس أن الذي يتجاوز ضعيف! وظنهم أيضًا أن مريض الاكتئاب مضطرب عقلي! الاكتئاب في النفس في القلب في الروح المثقلة بحماقاتكم، وليست في العقل، العقل الذي يرى قبح أفكاركم قبل أن تتحول لأفعال!


في يوم ..... منذ زمن ... كنت خائفة جدًا، ظهرت أظفاري وأنيابي كنت أجرح بهم نفسي، خدشت أحدهم ربما بدون قصد، عندما أخاف أحب أن أكون وحدي، عندما لا أثق أن زوبعتي التي تتحول لإعصار بسرعة شديدة لن يحتويها هذا الحضن الصغير، وإذا قرر أن يفعل سوف يسحقه أعصاري، أحب أن أكون وحيدة، أريد أن أمسك بيد واحدة، أتشبث بها، ولكني أخاف على تلك اليد، فكنت أمسكها يومًا وأتركها يوما وأدفعها يومًا، لماذا يقرر أحدهم البقاء بشدة في ذروة الإعصار؟
وكيف لم أستطع الكلام؟ كنت أريد الوحدة والهدوء، أو كنت أريد قلبًا أوسع يقسم بصدق أن كل شيء سيكون بخير، أن يضمني رغمًا عني، وأن يمسك رأسي ويعصر أفكارها بعيدًا عني، وأن يخبرني أن كل ما أخاف منه ليس سوى أفكار، لا شأن لنا بها ولا شأن لها بنا!
أذكر كيف كنت أطعنه، كيف كنت مثل العاصفة تقتلع أشجار المحبة وتدهس أزهار الود، كيف كنت أدفعه خارجًا كي لا يتحطم عندي، وكيف كان يصر على الوقوف في الزاوية، لم يكن واثقًا بما يكفي ليحتوي ثورتي، ولم أكن قادرة على كبح أنيابي وأظافري. كيف أذكر تلك الأيام وأتألم بشدة، أود الاعتذار أحيانًا لقلب لم أخاف على أحد ولا من أحد مثله، وأنظر إلى أعاصيره التي تجتذبه وتسحقه، يختار الوحدة، ولا أملك الموافقة ولا أملك الرفض ولا أملك أي شيء سوى محاولة الخلاص من كل تلك الأفكار، من زوبعاتي، ومن ذكراه، ومن ملامتي لنفسي، ومن النظر للوراء!

الخوف ثقيل، يخرج ما ليس أنت ... إنسان آخر لا تعرفه، إنسان ضعيف وحزين وجبان، إنسان لا تعرف هل تصفعه لخسته وجبنه وأحيانًا لفقده السيطرة على حيوانيته وظلمه، أو تضمه حتى يهدأ ويطمئن؟ لو كان قلبك ضمني حتى اطمأن؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق