الخميس، 4 أبريل 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (13)

ألطاف الله التي تحميني!

عادةً أفقد التوقيت، أفقد الزمن، وأنسى عمري!!!! وأصدم حينما أتعرض لهذا السؤال، وأصدم عندما أضطر لحساب السنوات أو كتابة التاريخ!
التفسير الوحيد الذي تلقيته عن هذا الأمر هو شدة الضغط العصبي والنفسي الذي أتعرض له، والذي لا ينقطع تقريبًا منذ خمس سنوات الآن، لو أرقامي دقيقة، وغالبًا أكثر لإني لا أتذكر الأشياء جيدًا!

هذا الشهر، أتساءل كيف يبدأ الأسبوع بيوم الأحد ثم فجأة يكون الخميس وفجأة يأتي الأحد!!!!! أين الأسبوع في المنتصف؟ وأين العطلة في النهاية؟ لا أعرف

أتيه بالمنتصف، لم أعرف الله إلا تائهة، ولم يعرفني الله إلا تائهة! 
أقول على نفسي دومًا أني عبدٌ كلٌّ على مولاه، يأكل ويشرب ويتنعم ولا يستقيم كما يجب!

يقول لي الشيخ دومًا: الله لا ينتظر منكِ شيء، لا ينتظر منك تلك العبادة وتلك الطاعة حتى يرزقك، الله أكرم منكِ وأغنى منكِ، أنتِ فقيرة وضعيفة وبلا حول وبلا قوة، أنت مجرد مخلوق، ليس عنده الكثير، بل ليس عنده شيء!

أقول: صدقت!

يقول لي الشيخ: إن أشدّ الناس فقرًا هو أكثرهم حاجة للغنيّ، وإن أشد الناس ضعفًا أكثرهم حاجة للقويّ، وهو الله الغني القوي ... سبحانه 

أقول: صدقت ....

أقول في نفسي وزد عليه يا شيخي أني عبد كلّ على مولاه، ما الذي أفعله سوى العركلة في ملابسي والتعثر بأصغر أحجار الطريق، أسقط على وجهي فأجلس على الأرض أبكي، ثم أنسى ما الذي أجلسني على الأرض وما الذي أبكاني، ثم لعلي بعد كل هذا اسير بنفس الطريق العسر!

يقول لي الشيخ دومًا إذا ما فقدت الطريق والرفيق: الله هنا، الله معك، الله يرفع عثرتك، الله يسند قلبك، الله يراكِ، الله لا يتركك حتى إن تركتِه، الله لا يغفل عنكِ ولا ينام، الله يدبر لكِ حيث لا تفهمين ولا تدركين، الله رؤوف بعباده يا ابنتي!

هل أخبرت شيخي يومًا أنه في كل مرة يمسح على قلبي؟
هل أخبرت شيخي يومًا أن كلماته عن الله تتجسد في حضن كبير يلملم شعث قلبي؟
هل أخبرت شيخي يومًا أني أجلس أمامه مثقلة ومتعبة فيتحدث بما يجول ويجيء ويتصارع في صدري فأقوم من أمامه مثل فرخ عصفور يتنفس العليل الأول؟


في القصص القديمة التي مثلوها في الأفلام، كانوا يقولون " يا ألطاف الله" دِلالة على التعجب

وأنا أقول يا ألطاف الله تعجبًا واندهاشًا ..... كيف أن الله وحده الله يدبر كل هذا

في أيام كثيرة، أسودها كان أقوى وأشد وأكثر من أبيضها، في شهور أطول من أيام، ما كنت أرى سوى التيه، ومازلت أسقط في التيه، ومازلت أواجه الأسود، وتصيبني نوبات الهلع والركض إلى حيث لا وجهة ولا طريق، ويصيبني إعصار في رأسي فجأة في منتصف طريق سريع بسؤال أين تذهبين؟ ومن أنت؟ ومن هذه التي معك ؟ وإلى أين تنوين الذهاب؟ وهل هذا هو الطريق؟ أين أنت؟ ولماذا أنت هنا؟ في هذا الطريق تحديد؟ في مصر؟ على الأرض؟ ماذا أتى بك إلى هنا؟ أين أخيك؟ سافر؟ منذ زمن؟ هل سوف تلتقيه مرة أخرى؟ هل سوف يحين لقاء؟ لن تلتقيه؟ إذن أين خط الزمن وكيف يذهب؟ وأين ينتهي؟ ومتى ينتهي؟ ثم؟ حبيبك؟ أكان لكِ حبيب؟ مات؟ هاجر؟ هل التقيتِ به يومًا؟ أم كان خدعة؟ من أنتِ؟ ولماذا تسألين كل تلك الأسئلة؟ وأين أنا؟ وما هذا الزحام؟ وأين البيت؟ أين غرفتي؟ أين سريري؟ كيف أهرب من هنا؟ هل سوف أهرب؟ هل أنا سجينة؟ ...... أنا سجينة نفسي وقلقي وتفكيري وهذا النوع الفجائي من الأسئلة الذي جعلني أضطرب أكثر من مرة! ولكني الآن لا أعرف كيف أمسك رباطة جأشي وكيف أتجاهل تلك المرأة التي تسألني بداخل رأسي؟ وكيف إذا نسيت الطريق ونسيت وجهتي أنظر إلى لوحات الطريق وأهديء من روعي ثم أحاول التذكر أين يحملني الطريق وأين يسوقني القدر!!!

هكذا بالضبط تسير حياتي ... ألوم نفسي وأجلدها كل ليلة وساعة ونهار على أسبوع مر لم أقرأ فيه، وشهر مر لم أتعلم فيه، وسنة مرت لم أتقدم خطوة!

هكذا أرى من خرم الإبرة!

وليس هكذا تسير الأمور

الله .... الملك ... اختار لي أن أختار اللطف، فكان كل ما يفعله معي هو اللطف، لا شيء يفسر تقدمي خطوة للأمام سوى أن الله في كل مرة يجمع خطواتي

اختار مولاي أن يحمل عني عكازي، وأن يخلق لي قدمًا أمشي عليها
فكان يأخذ مني أحدًا أتكيء عليه، ليبدل قلبي قوة خفية، لم أرها إلا منذ أسابيع قليلة، لربما أيام!
مازال نفس الضعف في بدني يسري، ولكن قلبي لم يعد يناطح الضعف، ولم يعد يخجل منه

الله هو الملك وهو القوي، فلم الادعاء بأني شيء قوي؟ ولم الادعاء بصفات تخص الإله؟
لن يحدث الكمال على الأرض لإنها ليست مكان الكمال، وإن حدث لن يحدث من الناقصين الضعفاء، ننشده، نحاول تجاهه، لكن لا بأس إن أخفقنا بتحقيقه، لا بأس إن فعلنا وسعنا وكل طاقتنا ولم يكن الأمر كامًلا ١٠٠٪ بالنهاية! 
اقبلي كل هذا النقص، اقبلي كل هذا الضعف، أنتٍ لست إلهًا، والكون لا يدور في مدارك وكنفك!

أخاف من الأشياء، فيحمل الله إلي كل خوف :)

يقول أحد النبلاء: الشجاعة ليست انعدام الخوف، ولكنها مواجهة الخوف!

لماذا أختار كلام الفرسان دومًا؟ ولماذا يختار الله لقدري كلام الفرسان أيضًا، فعندما أجبن عن مواجهة خوفي يضعه الله أمامي!

أفقد الأحبة، بالموت مرة، وبالغربة مرة، وبالفراق مرة
أفقد الأصدقاء ويحقق الله في أمري معادلة لم أكن أفهمها ولا أستطيع شرحها، ولكنها تتلخص في كونك تفهم أخيرًا أنه من الجيد أن يكون لك أصدقاء جيدون، ولا بأس ولن ينهدم العالم ولن يتوقف الكون عن الدوران إن خسرتهم أو فقدتهم بأي شكل حتى لو كان انشغالًا بأمورهم عنك!
أفقد تلك الحاجة الملحّة لوجود البشر، أعترف بكراهيتي الوحدة، وأعترف بأن البشر لن يمنحوني الحب المطلق!

الله عرضني للحب .... الحب المطلق ... الحب الذي توقف فجأة ولم يصمد كثيرًا .... موجود ولكنه متخفٍّ ... الله أراد أن يقول لي البشر فانون فكيف تطلبين الباقي من غير الباقي؟ "سبحانه" 
أفقد نفسي .... لأرى كيف أنه سبحانه في كل مرة يجدني .... ويريني كيف يجدني .... أفقد حبي لنفسي ليتجلى كيف أن الله يحبني ... يحب كل مخلوقاته وكل عباده
أرفض نفسي فيقبلني الله ... بكل شيء .... وبكل صورة ... وبكل فعل ... وبكل ندم ... وبكل جهد .... وبكل كسل!
يعلمني كيف أقبل الخلق، كيف أتقبل شرود أحد وتقلبه، يريني أني بضعفي أستطيع تقبل هؤلاء البشر، يوسع قلبي، وينشر عليه من ستر المحبة، فكيف بأنه هو الواسع، وكيف بأنه هو البديع، وكيف بأنه هو الودود الذي يتودد لخلقه بالمغفرة والعفو
لكل الخلق ... يتودد لهم بالرعاية والعناية ... للمؤمن والكافر ... والناسك والفاسق .... للمنتبه والغافل ... للسائر والتائه ...
لكل أحد!
فعرفت أنه يقبلني ... وتعلمت أن أقبلني !

تلك الرسائل التي لا تنقطع
وتلك التدابير التي تنقذ رقبتي
وتلك الأشياء التي لا دخل لأحد فيها سوى لطف الله 

يقول لي الشيخ: كل إنسان بحاجة للعزلة، هذا القلب بحاجة للعزلة، بحاجة أن يتخلص من تعلقات الدنيا، أن يخلص لله وحده، اسألي نفسك كل يوم عن خمس تعلقات بالدنيا، خمس أغيار من الأشخاص أو الأشياء أو الصفات حتى هي كلها من الدنيا، أنتِ تظنين أنك لن تقدري على العيش بدونها، لكن جربي أن تقطعي الخمس أشياء عن نفسك ليوم، لأكثر أن تتخلصي من التعلق بها، أن تعرفي أنها مجرد أغراض في الدنيا، لا تتعلق بها حياتك ولا موتك، ولا فرحك ولا حزنك، إن أتت لك فالحمدلله، وإن ذهبت عنك فالحمدلله، لا شيء يتغير، لا تضيف لك قدرًا ولا تنزع عنك منزلةً، ثم إن فعلتِ يا ابنتي سوف يبقى الله وحده في قلبك، انعزلي، الله يهيء لعباده الأحباب الذين يحبهم تلك العزلة، ينبههم لها فإن لم ينتبهوا فرضها عليهم، حتى يختلوا بأنفسهم فيتدبروها، ويرجعون إلى الله، ويختلون بإلههم فيتجلى عليهم بجميل صفاته وبكمال لطفه ومحبته!

سيدي الشيخ .... هل قلت لك أنك تمسح قلبي؟ هل قلت لك  أنك تلمس قلبي؟ هل قلت لك أن قلبي يشعر بوسائد اللطف؟

اللهم لطفك بتلك العبدة الكليلة الضعيفة التي لا تهتدي بسواك! ولا تستقيم بدونك، ولا تقف بلا يدك وسندك ... آمين!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق