الخميس، 14 أبريل 2016

بيضاء ..... ٤ .... #مجنون

كان يدو في الغرفة مثل الثور الهائج

يدور ويدوي كالرعد

يزأر كالأسد ، يدور حولها ، يصم أذنها صوته ونهيجه وكلامه، يصم قلبها هذا الغضب الذي لا يرحم، هذا الجنون الذي يكسر قلبها في كل مرة إلى فتات، يطعنها، ألف طعنة في الحرف الواحد .... ماذا يحدث إذا توقف عن الصراخ وضمها إلى صدره؟

ماذا قد يحدث؟

الآن ينهزم أمامها بكل ما فيه من جأش وقوة، الآن، يصير أمامها بلا جيش ولا هوية، يصير بلا مدافع ولا دروع ولا فرس

الآن يترجل الفحل الكبير عن البطولة، ويسير محني الرأس في أسف، بطول وعرض الميدان في معرض الانتصار

الآن تضيع الصورة الحلوة، كتمويهات الألوان بعد انسكاب الماء فوق اللوح، الآن يضيع في باحات الفشل والهزيمة والعار، الآن يسقط ، ويتحطم ... الآن تسقط هي مغشيّاً عليها!

وهناك ..... في الأفق البعيد الذي لا يدخله الأطباء، كانت ترقد، كانت تسمع كل الصوت ولا تسمع، وكانت تعي ولا تعي وكانت في عالمها الآخر وحدها وفي وسط الزحام، وكانت تصرخ هناك وتبكي هنا !

هناك، في عالمها الآخر كانت تبكي، جلست تحت قدميه من التعب وهمست، هلّا أخفضت صوتك قليلاً؟ هلّا ضممتني؟
وبكت .... بكت بشدة.... فجلس عند قدميها وبكى! يا للهول بكى !

بكى هذا الحجر الصلد، بكى هذا الكهف الأجوف، بكى، ضم قلبها في خيالها وبكى!

صارت تبكي، صارت الدموع تنهمر على خديها وهي غائبة عن الوعي، يشخصون الأمر أنه انهيار عصبي حادّ

هزّها بعنف، فتح عينيها بقوة، نظرت كالتي تنظر اللاشيء لكنها أدركته في غيبوبتها المنتصفة،

عادت إلى هناك، كان صلبا جدا، كان واقفاً منتصباً كالسيف، كان يرميها بشرر من عينيه، جلست تحت قدميه وقالت، هل تضمني؟ بصوت مرتعش، هل يكفي الآن ؟

أدار وجهه عنها، التصقت بالجدار أكثر، أمسكت بنفسها، تحتضن ما تبقى منها، وتبكي أكثر....

الدموع تنهمر، وتتعالى نهرات الأطباء له، مجنون أنت؟

فجأة صمتوا، همهمة منها تتعالى، نحيب، وألم، تبكي بشدة، ضربات القلب تتزايد بشكل مضر، يلتفون حولها ويطلبون الخبير من منزله، يعلقون لها مهدءاً شديد المفعول، يحتد عليه الطبيب هل تناول طعاماً اليوم؟ هل تقيأت أو ما شابه؟ ماذا أكلت؟
قال: لا شيء ... لم تأكل ... تقيأت مرتين ....
علق لها محلولا سكرياً، أضاف له بعض الفيتامينات التي تعادل وجبة طعام متكاملة، طرده خارج الغرفة، انتظمت إلى حد قليل ضربات قلبها على سرعتها، تمسح الممرضة رأسها، قالت الطبيب: احضنيها...

تمددت بجانبها تحضنها، تهدهدها، تمسح وجهها وعينيها بزيت عطري مهديء للأعصاب، تمسح بمنديل آخر وجهها بماء بارد ، تضمها بحنان كأم رفيقة، تستجيب هي لهذا ..... تهدأ الدمعات..... يهدأ الأنين  ..... الآن تنام!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق