الأحد، 8 فبراير 2015

The Blue Caffe

اسمعوها من هنا :)


نظر إلى فنجانه وابتسم .......... يا إلهي ......... كم من الوقت مر علينا يا عزيزتي ....... كم حدود فصلتنا وكسرت قلبنا .... كم من عاهات وعادات جعلتني أترك هذا القلب الكريستالي ... لؤلؤة في محيط الحياة تتخطفها عني .... لكن ... ما باليلد حيلة ...

هكذا عزى نفسه وهو يهز رأسه ويعاود النظر إلى فنجان قهوته ... محاولا الثبات واختلاق حوار جدي بين اثنين ناضجين الآن بما يكفي لتجرع مرارة الماضي راضين تماما عن مجريات الواقع .

مـــي .... أخبريني عنك ؟ كيف أنت وكيف صرت ....

يغالب في قلبه كلمة اشتقتك .... يغالب ضمة عينيه لها ... يحاول أن يبدو رصينا رزينا كما تعودته ....

لا شيء .... لا جديد ... أنت تعرف كم تستهويني الأعمال المجتمعية ... نوادي الأدب والمرأة ... مؤخراً بدأت العمل على بعض قضايا الأطفال المعتقلين ... لا شيء مهم ... لا شيء يذكر ... أخبرني ... كيف حال ابنتك ؟ أصبحت بعمر المدرسة أليس كذلك ؟


في زاوية هذا المقهى الهاديء العتيق .... روائح الخشب تزكو بالمكان .... الأزرق الهاديء .... الموسيقى الناعمة .... هناك حيث يمكن للمرء أن يعود بعمره عشورن عاماً دون أن يشعر بفجاجة الأمر وخشونة الواقع الراهن ....
طالما التقيا على استحياء حينما كانا يصطنعان سببا للقاء ... لا كأصدقاء هم ولا كأحبة كانوا ... شيء عجيب كان يكسر القلب بينهما ... شيء لم يفهموه بعد ... لماذا لم يتجرأ على مقولة الحب وقتها ؟ ولماذا لم تتجرأ هي كي تخبره أنه في أحلامها على الدوام ؟

لعلها أخبرته بذلك مرة ... مرة فقط .... لعلها ألمحت له عن إعجابها الجم به ... لكنها لم تستطع أن تصرح اكثر من ذلك ... شعرت بأن غصة في حلقها تخنقها ... كان عيناها تشيان بكل شيء .... حنوهما لبسمته ... وجمودهما لحزنه .... كانت عيناها تعانقه في كل لقاء .... لكنه .... هل تجاهل الأمر ؟ .... هل شعر به وتهرب منه ؟ هل لم يكن يجرؤ على .... الحياة ؟


فتاتي ؟ نعم ..... إنها في عامها السابع بعد ... أصبحت في الصف الثاني .... تعلمين كثرة التنقل ... كم عايشت اللجوء يا عزيزتي ... " تفلتت منه كلمة يا عزيزتي ... كان يمسك كلمة حبيبتي حتى آخر نفس ... ارتبك ... لم يعتد أن يقل عزيزة لأي امرأة ... عاود إلى فنجانه ارتشف منه بعض القهوة بتوتر ملحوظ ... "

وكعادتها

تمسح عرق جبينه كلما تعرق خجلا أو توترا !!!

نعم نعم .... لا بأس ... عملك مازال في بيروت ؟

تعود بذاكرتها حيث السنوات التي فصلت بينهما .......

حيث رسالة أيقظتها في الصباح الباكر منذ يومين ..... أنا بالقاهرة ..... !!!!!!

تكسر بها حاجز الصمت وحاجز الذاكرة .... حيث بيروت الحبيبة .... حيث صخب الحرب هناك ... حيث الجنوب الذي امتلأ صراعاً عن آخره ونضح ... حيث غيابه المتكرر بين أسراب الشباب الثائر كل عدة أيام ..... حيث يلتهب قلبها خوفا وذعراً ... وحيث لا يعرف أحدٌ سر اختفاؤه سواها وهي في أحضان القاهرة .... حيث أول تراسل بينهما .... وحيث أول لقاء ... تماماً كما توقعته ... شاب يافع أسود العين والشعر .... لا يمت إلى شقرة توارثتها أسرته بصلة .... تكذب كل زميلات العمل وتصدق حدسها فقط ... وقد كان .

تسرح في ذاكرتها .... وكأنها لا تنتظر الإجابة ... يتكلم ... يسترسل في كلامه كعادته عندما يكون معها .... وكأنه يصوغ الماضي من جديد .... عيونها الثابتة فوق عينيه ..... نظرتها للفنجان ... تعض شفتيها برفق وكأنها تذكرت للتو ما أعادها إلى ذاكرة الوجع ... انتبهت أنها هنا ... صوت النادل أخرجها من كل ذلك ....

سيدتي .... هل تودين إحضار الفطور كالعادة ؟

بوجه شاحب ... ابتسمت ... قليلا من فضلك وأخبرك ...

انصرف


وانتبه هو أنها اعتادت تناول فطورها بنفس المقهى .... هكذا ظلت ترتب عاداتها وتنظمها .... وقبل أن يبدأ بالكلام ... باغتته

عندما أريد الجلوس وحدي أتناول فطوري هنا ... يعرفون مفضلاتي ... لذا عندما أحضر صباحاً يعرفون أن الأمر لن يتوقف عند فنجان قهوة ... لا يحب سُــهَــيل الأماكن الهادئة .... صغير ويريد اللعب ... " وسط حملقاته أكملت " .... نعم ... لدي صبي ... في الرابعة من عمره .... يحب الحلوى كثيرا مثل أمه .... " بهدوء ... ابتسمت "

تلفت حوله ... كأنما يهرب من سهام كلامها ... كأنما يرد بداخله على سؤال عينيها .... هل كنت تريدها محنطة لأجلك فقط ؟ ممنوعة من الحب والغرام ؟ ممنوعة من طفل يجرب حولها مثلما تزين حياتك صبيتان وطفل على وشك الوصول إلى الدينا ؟

تداعب خصلات شعرها القصير ... الذي أعطى وجهها دائرية كان يفتقدها ... أكملت بشيء بين القوة والرقة

إن الجرح إن لم تعبث به يبرأ ........ وإن الألم الذي نظنه يقتلنا ... يموت يوماً ما وحده على فراش الأمل .... !

تلعثم


خاف يوماً أن يصرح بحبه .... اليوم تلكمه .... تجبره أن يسكت تماما ... تخبره أنه يخاف التصريح بألمه ... وأنها تسمعه جيدا مثلما كانت تفعل رغم الأميال .... تخبره أنه خاف أن يكون فانتهى ... تطعن غروره بنعومة أظافرها ... ثم تبتسم بهدوءها وتقول ببراءة :

وكيف بيروت ؟ اشتقتها ... اشتقت البحر .... اشتقت كل مقاهيها ... تعرف طالمها حلمت برحلة رومانسية إلى بيروت ... لكن زوجي مجبر على الهجرة شمالا .... بين بلاد الثلوج نصف العام وبين قفار إفريقيا الوسطى بقيته ... ونحن هنا ... بين القاهرة والإسكندرية ... لا نطيق الخروج عن أرض الوطن !

لملم شعثه ... ابتسم بهدوء ... لم يجد ما يسعفه من كلمات ....

لماذا لا نطلب الفطور .... دعينا نأكل عيش وملح قبل موعد طائرتي !!!! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق