الجمعة، 27 فبراير 2015

عندما تكسرنا الحياة

وطالما كان جلّ ما تعتز به امرأة حرّة كبرياءها ، مخلوق من عدم ، عمل الإنسان عبر قرون على تطويره على حد ما ذكرت الراحلة الرائعة رضوى عاشور ، إنه الكبرياء !

ذاك الذي منعها من التألم ، والذي منع غيرها من الوقوع في الحب ذات يوم .

تأخذنا ثقة مجنونة أننا نقرأ في الواقع كل حكايا القصص الملونة ، نسير واثقات كجنِّـيَّـات الشمس اللاتي تلوِّنَّ قوس قزح برقصاتهنَّ الغجرية .

ذاكرة حديدة ومحدودة ، تجعلنا نضع ثقتنا في ذاك الآخذ لعقولنا قبل القلوب ، نظن أن العقل يحمينا شيئا فشيئا عن السقوط ، نضع كل أحلامنا في باطن كفوفهم ، نظن أنها حقا راحة الكف وراحة الروح !

ثم

لماذا نتبدل عجزنا عن الحكي النظر في دفاترنا القديمة ؟

إنما نفعل عندما نعجز عن الحديث عن واقعنا

حينما يصبح الواقع أكثر إيلاماً عن ذي قبل وعن كل شيء ! نهرب .... نهرب حيث شيء لم يعد يؤلمنا ، وإن فعل سابقاً ، نهرب حيث آلام وحروج اندملت ، حيث شخوص تركوا حياتنا ركاماً بعد أن كانت مدناً تحوي النور عن آخرها وأولها !

ثم !!!

كيف نفعل إن كنا محاصرين بين ماضٍ لا يريح وبين حاضر لا يدفيء ؟ أين نهرب إن خاصمنا الكتب والورق على حد سواء ؟

أين نتنفس إن كانت بساتين الماضي محرقة وغابات الحاضر موحشة ومقفرة ولا يصدح فيها سوى عويل السباع والوحوش ؟

بين طيات دفتر أصفر

وبين جنبات دفتر أبيض الصفحات

لا نجد الحكايا التي وددنا كتابتها أو رسمها

ولا نجد الحكايا التي تشبعت بتفاصيلنا وأرواحنا وحبنا وشغفنا وجلّ أحلامنا !!

لا نجد القصص الملونة التي كانت تقرأها أمي بشيء من حب

ولا نجد الحكايا المشوقة التي كانت تأسرنا !!!

لا الشر مختزل في شرشر المضلع ولا الخير ينتصر بنهاية العمر كما يحدث مع بكار في نهاية الحلقة !!!

لم يعد المحقق كونان رجلاً حراً يبحث فقط عن الحقيقة الحقيقة وفقط

ولم تعد بيضاء الثلج تعاودها الحياة بشهقة حب ! لم تعد تشهق من الحب !

عندما نتخلى عن كبرياءنا المزعوم

عندما نحب

عندما يكسرنا أكثر من وثقنا بهم

عندما يخذلنا من علمونا مفاتيح الحياة

عندما يصبح الظلم شيئا كضرب المثل

عندما نفقد الألوان ونفقد الشغف

نفقد ألوان القلب المترفة التي تساعدنا على تغيير تلك الظلمات التي نواجهها كل يوم !!!

ثم

كيف يصبح النهار وضيئا وقد تلطخ بدماء كثيرة وخنقه الموت !!

إن ظلم الظالمين ليس عدلا مطلقا !

إن الانتقام من طواحين الهواء لأجل ريح عاتية كسرت مركبنا ... ليس عقلا مطلقا !

إن التخلي عن أحلام كثر ... بنسج خيط شائه في حلم حاليٍ ليس رشداً مطلقا !

إن التعود والتطبع بالدماء ، بالظلام ، بالكراهية ، بالانكسار ، وبغاية الكبرياء ,,, ليس سواءً .. مطلقاً !

عندما تكسرنا الحياة

نجلس كالعاجائز ، نفتقد حكمتهم ، ونفقتد رشدهم ، ونفتقد حكاويهم المشوقة عن مغامرات الحياة التي عاشوها ، نأخذ عنهم جلستهم العاجزة الواهية ، نتفرج وفقط ، نمصمص شفاهنا ، ونقلبها في تذمر ، وننتقد كل ما تقع عليه عيوننا ، تلك الوردة الحمراء التي يهديها شاب لمحبوبته ، كنا يوما نرتعش لهذا المشهد ، صرنا نعرف الخاتمة ، امرأة لعوب أو خنزير كنصف رجل ... يتحدث ولا يفي !
شاب يصرخ بشعارات الحرية ، نضحك في تهكم ، ننتظر العصا التي تكسره ، كالسياط التي ألجمتنا !
جسد يحتضر ، ندير أوجهنا عنه ، لأنه يذكرنا بكل قاذورات الحياة التي غرست فينا ، بكل العفن الذي نحمله ، بكل التشوهات والندوب في ارواحنا ، سندير وجهنا ، قد ندعو له بالرحمة ، وقد .. نمصمص شفاهنا ، أو نتجاهل الأمر برمته ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق