الجمعة، 1 نوفمبر 2013

التوهان أفضل !

التيه والضياع

إحساسنا دائما أن هناك شيئا خطأَ فنبحث ونهرع حيث الخرائط الدالة على الطريق ، حيث خبير نثق فيه أو صديق اختبرنا صدقه ، نسأله ونميل عليه ، هل نحن على ما يرام أم أنا تغيرنا ؟

أن نخبط في الطريق ، ونقف فجأة في المنتصف وننظر حولنا .... هل هذا ما قصدنا إليه سبيلا ؟ أم أننا ضللنا طرق الوصول ثانية ؟

نسقط .... جميل أن نسقط .... لنأخذ استراحة محارب ونعد العدة من جديد

جميل أن نتخبط وتسقط من حولنا أقنعة البشر

من قال أن اكتشاف الخونة والزائفين ليس ممتعا ولا رائعا ؟

أن نجد أنفسنا فجأة مشدوهين لجنازة أحد الرفاق ...... نعلم كيف مات ولماذا  .... نقف لحظة نتأمل كيف بعنا مبادئنا ونسينا هويتنا ؟

كيف أنا تركنا الكنز خلفنا وسرنا نركض في الحقول فقط وراء الذبابات ولم نعي كيف تكون الفراشات زينة الطريق حينما يتزين ؟

كيف أنا نردد دائما حتى ملت ألسنتنا الكلمات ، أننا نعرف واجبنا ، أننا ننجح في الحياة لأجل القضية والمبدأ والهوية والوطن

والحقيقة أننا لا نفعل سوى أن نأكل ونتتبع خطوط الموضات العالمية كلها في اأكل واللباس والحلي وطريقة العيش لا لشيء سوى لفراغ كنا كثقب أسود في القلب أخذ في الاتساع حتى ملأنا !

أن نكتشف بعد أن كان نطمئن أنفسنا أننا على الطريق واقتربنا أخيرا لم يعد سوى بضع خطوات نخطوها سريعا ونستريح أننا لم نتعب بعد في الطريق لنستحق الراحة ، لم نعمل لنستحق المكافأة لم نزرع لننال حصادا مع نهاية الربيع ! لم نفعل شيئا يذكر .

لقد أصبح التموه والزيف والتمسخ موضة عصرنا ... صرنا نقلد وفقط .... نقلد الذي يسير ألف ميل وسط الغابات لشد بطنه ويقوي ظهره بأن نحرك أرجلنا في مواضعنا .

نقلد ونتمسخ من الذي اخترع الكهرباء والحاسوب بأن نشتري أكثرهم غلاء وأشدهم نفعا !!

نقلد الرجل المكافح في فيلم غربي والذي بدأ من المبيت في المزابل حتى صار صاحب شركة وله شأن بأن نشرب القهوة في الصباح !! وأن نتعلم بعض اللغات الجديدة علينا !!

سحقا !

أين ضعنا منا ؟

أين ضاعت بطاقة هويتنا التي كانت تشبهنا وتشبه ملامحنا ؟

أين ضاعت رائحة فطائر أمي في الصباح ؟ بين سكاكر المحلات المتراصة على الطريق !

أين ذهبت جمعة الجيل الثالث من العائلة فنتكلم كما كنا عن شيء مفيد !!
ذهبت إلى حيث فيلم نقضي نصفه سخرية من بعضنا البعض ! ونضحك

لكنا ننسى أن نبصق على أنفسنا في الصباح !!

تكرار دورة التاريخ السوداء ليس مؤسفة دائما

تكرارها يذكرنا أن هناك هوية تندثر تحت بطش القوى المهيمنة فنصير كائنات مائهة ممسوخة عفنة الرائحة قبيحة المنظر .

يذكرنا أن بلادنا لم تعد تطلب أكثر من أن تدفن بثوب الجدود وهي مزكرشة بحضارة أضاعتها كروش تطلب الشهوات ليل نهار فأكلت وتخمت ونامت وغطت في نومها .

يذكرنا .... حيث كنا أمة واحدة .... تألم لنفس الجرح ..... كيف تفرقت بنا الركبان أولاد العم والخالة !

يذكرنا ..... أن الأمم المستهلكة والجاهلة ... تندثر شيئا فشيئا لا بين يوم وليلة .... تندثر حين تكثر فيها الدماء ويشتعل القمع ويقل الرزق وتكثر الشهوات ويقل الانتاج ويخفت العمل ووهج الكتب ولمعان الثقافة وتحرق الهوية وتنطمس بتقاليد مستوردة ليس بالأفضل دائما ولكن لحداثتها تبدو لامعة فقط يأخذها الجهال بلا تفكر ، فيفرحون ويلبسون ويتحدثون ويعيشون ويتتطبعون مثل الأغراب عن الطين والدور ولا يلتفتون لغيوم العقبان التي بدت تظهر جلية لكل رائي وناظر في السماء وليس تحت قدمية ... فتنقض شيئا فشيئا وتتخاطف تلك الأمة وهي مترنحة كالسكاري من تخمة الحداثة الكاذبة !!!

بعد أن كانت صامدة بحضارتها كما الجبال الراسخة .

والبشر كالأمم

فلهذا

التيه أفضل لنا

أن نسقط وترتطم أسناننا بالأرض خير

أن تنكسر عكاكيزنا

أن تظلم الشمعة

أن نجد أنفسنا فجأة في مكان مسدود

أن ندرك أننا لسنا على الدرب الصحيح فنعاود الأدراج ونمتليء من الزاد ونغامر من جديد !

هناك 3 تعليقات:

  1. يا الله
    هذه تدوين ة من التدوينات التي لا نستطيع كتابة تعليق عليها من روعتها

    ردحذف
  2. الله على الروعة.. المفروض تنتشر فى جرنان مش مدونة بس

    يسلم قلمك :)

    ردحذف
  3. i like the way you expressed yourself, and what you think is recently happening to society and to humanity. although it seems somewhat pessimistic! since it gives no credit to credibility of others who are productive and are hard workers. but generally speaking, such stereotype is true to a great degree. hence, mimicking others is more suitable since doing so is simply easier than being creative & thoughtful in our own unique ways. and if that was the case then unfortunately such creativity might be rejected since its not the norm within such society.
    overall, thank you for putting reality into words, and point out facts, perhaps it could teach others 'to change for the better'. Thank You

    ردحذف