الأحد، 6 أكتوبر 2019

عيد ميلاد بالغربة!!

اليوم زارت أمي صديقتي الصدوقة وزوجها وطفليها، أخذت الحب والمودة والصداقة وذهبت بهم إلى باب بيتنا، راسلني زوجها، تريدين شيئا من بيتكم؟ وأرسل لي صورته مع أبي!

تقول لي: عيد ميلاد سعيد ... إنت صحيح مش موجودة بس كان لازم نيجي ....

لماذا تأتي كل الدموع فجأة وكل الشوق فجأة وكل الحنين فجأة؟ لا أرى صديقتي لشهور طويلة، نعقد العزم على اللقاء ولا نلتقي، لن يلومها أحد، لماذا تذهب إلى بيت ليس فيه صديقتها؟ المحبة!

منذ عامين ..... يا إلهي عامين .... صرخت بوجهك من كل قلبي، أن تأخرت علي في تهنئة أنتظرها من العام للعام، تأخرت دقيقة أو دقيقتين، تأخرت ثواني، تأخرت لحظة وطرفة عين ناعسة، ولكن قلبي كان يقف على أطراف أصابعه، كنت أنتظرك، لشهور قبلها كنت أنتظرك، أدفع الأيام ببعضها ليأتي اليوم فقط، لتأتيني رسالتك فقط، أرتجف لأسبوع كامل، أرتجف بقوة ويختلج قلبي بكل شيء! بالخوف والترقب والشوق والحب والحزن والفرح والأمل واليأس وكل شيء، تضطرب معدتي، لأسبوع لا أنام، حرفيًّا لا أنام، ولا أكل، ولا أجوع، ولا أشبع ولا أهدأ، أقوم فزعة، أنظر لهاتفي، للتاريخ، للساعة التي أريدها أن تجري، للوقت الذي أدفعه ثقيلًا كي يمر ....... هل كان قلبك يدرك شوق قلبي؟ هل كان قلبك يفهم لوعة قلبي إذ تمر ثانية زيادة عن الوقت الذي مازلت أدفعه بكل طاقتي وأخيرًا أخيرًا منه انتهيت؟ لا أطيق لحظة واحدة، لا أحتمل ثانية واحدة ...
انفجر بركاني في وجهك، أنا غاضبة، غاضبة من الثانية، غاضبة من الوقت، غاضبة من البعد، غاضبة من صوتك الذي خاصمني وجفاني، غاضبة منك إذ تحجب قلبك عني، غاضبة منك إذ أنتظرك ولا تبالي، إذ أدفع الوقت إليك وأنت تنتظره بهدوء، اعتذرتَ وقتها، قلت لي أنك كنت تسهر خصيصًا كي ترسل تلك الرسالة لي، لكني كنت قد كسرت ... كانت رسالتك قشة الغريق، أتت بعدما دخل الماء في أنفي وفمي وقلبي، بعدما ثار بركان أمسكه لشهور، بركان أمنعه أن يأتيك وجهًا لوجهٍ، أن يصفعك، أن يلكمك، أن يذيقك مرّ اللقاء مثلما تذيقني أنت مر البعد، كلاهما بلا وصل مرّ .... اعتذرت، حاولت أن تمزح، وأنا؟ ألملم هذا البركان، أريد أن أكلمك، كنت قد رسمت آلاف القصص كي أحكيها، كنت قد تدربت على قولها آلاف المرات، كنت أكوم الحكايا أرصها فوق أرفف قلبي، كنت أحكيها لك كل يوم، ثم أعيد ترتيبها، ماذا أخبرك أولًا؟ ثم يأتيني هاجس، ترى هل سوف يذكرك؟ تراه يرسل لك أي مفتاح للحديث؟ تتبعثر كل حكاياتي على الأرض، يأتيني أمل خفيت بقلبي أنك تراسلني، ألملم في صبر أيوب وتسلية أم موسى آمالي المبعثرة، أسند الأمل بأنك لم تنس يومًا عيد ميلادي، بأنه مهما كان بيننا من خصام أو بعد لن تنساني، أرصهم مرة ثانية، موجة تضرب قلبي في أحد الصباحات بالشوق العارم، ينتعش الأمل ونعيد ترتيب الحكايا، هل أرتبها حسب الأهمية؟ حسب الطول والقصر؟ حسب مشاعرها؟ هل أنتقي الحكايا الطريفة أولا؟ أنت تحب الضحك، سوف أخبرك بإحدى حماقاتي والتي كانت تضحك، سوف أقول لك عندك حق، سوف أخبرك عن سياقتي كامرأة، سوف تسخر من سياقة المرأة، سوف أتددلل عليك كالعادة وأسألك وأنا؟ ماذا تظن في؟ سوف ترد ردًا مراوغًا، سوف تسخر أولًا ثم تراضيني رضاء مبطنًا، سوف تخشى أن تقول أي شيء يعطيني الأمل بالاجتماع مرة أخرى، ويعطيني مظنة اللقاء، لكني سأرضى، سأكتفي بضحكتك، سأكتفي بأن أطلب منك سماع صوتك، لن تردني، هذا عيد ميلادي، سوف أسمعه وأنام، آآه سأنام، أخيرًا سأنام .... كيف صار صوتك؟ ضحكتك؟ هل سوف تطربني مثلما اعتدتها منك؟ أم سوف تكون عصبية مثل المرة قبل السابقة؟ ستكون مرتاحة ... أفيق على يوم جديد في العمل، وعلى ليل أدفعه بثقل، وأنا أكلمك وأرسم كل الحكايا على جدران قلبي وكأن العقارب لا تسير وكأن الوقت لا يمر! ثم تأتيني رسالتك متأخرة  .....

قلبك؟ كان مثقلًا بكل هم، قلبك كان متعبًا، لكني كنت غارقة .... أشعر بك ولا أراك .... أود أن أضمك وأود أن أصرخ كفى وأضربك، أكرهك وأتمنى أن أقتل نفسي أمامك حتى تموت كمدًا، وأفزع في الليل إذا راودني شعور أنك لست بخير، كيف صنعت بي كل هذا الاضطراب؟ كيف جعلتني أنا وجعلتني كل شيء إلا أنا في ذات الوقت!! 
الآن لا أدري من الذي أفسد انتظار الآخر؟ الآن لا أدري من الذي أثقل الآخر فوق ثقله، ومن الذي طعن الآخر بصدره!
هل تعرف كم مرة هرعت إلى الحمام بمغص شديد؟ وأنا أكتب لك ردودي السخيفة؟ هل تعرف أني كنت أبكي؟ لو أني أملك جرأة أن أخبرك كل شيء دفعة واحدة وأموت؟ لو أنني أملك أن آتي إليك وأجرك جرًّا إلى حيث نرتاح ... إلى البراح الذي نلتقي فيه فتهدأ أنفسنا قليلا .... لو أنك لا تغضب إذ أخطو إليك .. إذ أقترب خطوة .... هل أخبرك شيئًا؟ كان قلبك يريدني أن أقترب ... كان خائفًا ووحيدًا ... كان عقلك يؤثر السلامة ... كان ينغمس في الوحدة والحزن كي يلقى سبيلًا للاعتذار المنمق!

الليلة .... يا حبيبي ..... نعم أنت حبيبي .... لا أعترف بها لنفسي .... لكني أعترف بها لك .... مرت الساعة منتصف الليل، لكنها عندك مازالت قبل المنتصف بقليل، لكنها عندي تسبقك قليلًا أو توازيك ربما؟ أعتقد تسبقك، تسبقك بساعة أو ربما أربعون دقيقة، لا أعرف، قررت ألا أعرف مسبقًا، قررت ألا أقحم أنفي الطويل عندك ... لعلي!

الليلة، مثل كل ليلة عيد ميلاد، أنتظر رسالة منك، لكني اللية أعرف أنك لن ترسلها، أتمناها وأعرف أني لن أحصل عليها، هل أقف بالعراء وأقول للكون أني أستحق رسالة منك وقلبًا؟ وأنه لم يحبك أحد مثلما أحببتك؟ وأن عينيك لم تلمع لأحد مثلما لمعت لي؟ هل يعرف الكون عنّا؟ أو يعرف الكون عني؟

هل يعرف الكون أني مازلت أتعركل بذكراك وأنت تتأسف على امرأة مرت بحياتك ورحلت؟ ترى من هي؟ هل يدرك الكون أني أقرأ كلماتك كطعن الخناجر .... كل الاحتمالات تقتلني ...... لو لي نصيب من الغمامة التي تعبر العالم كي تلمسك، أو لي نصيب من البسمة التي رأيتها أنت عذبة؟ هل بسمتي عذبة وروحي بهذا النقاء؟ هل أحببتني بهذا القدر المجنون الذي أحببتك به؟ هل ألقيت نفسك في الحب تجاهي؟ مثلما ألقيت بكلّي إليك؟ 

لو أنك تعرف؟ لو أنك هنا؟ لو أنك صدقتني؟ لو أن عندك نفسًا واحدًا أطول قليلًا؟ لو أنك تخبرني أن حبيبتك هي أنا؟ لو تقف معي بنفس الجبهة أو تفتح لي الباب إليك! 

مرت الساعة ولم تصلني رسالتك ... ولم تصلني أي إشارة أنك تذكرني ... سوى قلبي الذي .... يصرعه الأمل ... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق