الخميس، 9 مايو 2019

كاتبة مصابة باضطراب القلق المرضي! .... (17)

التقينا منذ أسبوعين لأول مرة، عمل يجمعنا، بسمة عريضة ترتسم، قلب يرتجف، أعرف هذه البسمة جيدًا، هل ستطاردني الأشباح كثيرًا؟

التقينا اليوم للمرة الثانية، بسمة تقابلني، عريضة كالعادة، كلمات ساخرة تترامي على مسامعي، أعرف تلك النبرة في السخرية، تلك الأشباح تصر على مطاردتي!

اعتراض بسيط، رد هاديء، أسلوب مهذب دافيء، وبسمة عريضة، أشباح تشبهك تطارد نهاري بعدما أقضت ليلي!
أيكما الأصل وأيكما الخدعة؟ وما الذي أصابني؟ وما الذي أفعله هنا؟ وهناك؟

لأسبوعين أتجاهل كل أشباحك، تلك المنامات التي لا يكون لك أي سياق بها ولكنك تظهر، هذا الحزن البادي في كل أحلامي، تلك المجنونة الحنون التي يسوقها قلبها إليك في كل مرة حبيسة الآن في إحدى غرف عقلي الحصينة، لا يجرها قلبها إليك فتراسلك تسأل لم أنت حزين يا حبيب أيامي؟  عقل منشغل بأشياء كثيرة غيرك وإن لم ينشغل يذهب في النوم أو الكتابة، يفرغك أول بأول على الورق " كلماتنا في الحب تقتل حبنا إن الحروف تموت حين تقال " حتى لا يبقى أي شيء منك يشكل دافع صغير ثم محرك كبير يتحكم في تلك التصرفات الحمقاء التي كانت تصدر عني، تلك التصرفات الطيبة والحنون والطفولية والمهتمة، تلك التصرفات التي أخرج نتيجتها مكسورة الخاطر ومعدومة الكرامة ومسلوبة الاحترام! أن تكون طيبًا شيء جميل، ولكن أن تكون أحمقًا؟ لا أعتقد أنك كنت لترضى لنفسك ذلك وإلا لبقيت ولم ترحل ولم تغلق ألف باب بوجهي عندما أدرت وجهي عنك ليس صدودًا ولكن خوفًا وذعرًا واضطرابًا وقلقًا وأشياء أخر!

بسمته العريضة، تنقصها لمعة عينيك عندما تراني، عيناه تلمعان، ولكن قلبي الحزين كان يحبك أنت بحماقاتك!
بسمته عريضة، ورغم كامل الارتياح الساري في كل جسمي عند رؤية بسمتك فإن صوته هاديء ومريح!

مضطرة لهذا العمل وتلك الشراكة المؤقتة، والضيقة جدًا، لولا أني أحتاج تلك الشراكة لضيق وقتي لكنت هربت، أطلقت ساقاي للريح وهربت، لكنت هربت جريًا على قدميّ، وكنت صرخت لنهاية الطريق، شبح شبح، بسمة عريضة وصوت هاديء، شبح شبح، سخرية لطيفة وعمل منظم منضبط، شبح شبح، كلمات تتقاطع وتتشابه مع أسلوب كلامك، شبح شبح، عفريت جديد يطارد صباحاتي ونهاري، أشباح كثيرة تطارد ليلي ومناماتي، وأطياف تأتيني على أي وضع لا يهمها ولا يشغلها إن كنت مسرعة على الطريق أو كنت مستلقية على الأريكة، تأتيني بقشعريرة الأشباح في جسدي، أنتفض، ويكأن أنفاس تقترب من وجهي، ويكأن رائحة أحدهم تسري بالمكان، أهرب، بداخل عقلي أهرب، أجري كثيرًا، بقدر ما أريد الاقتراب بقدر ما زهدت فيه وفيك وفي الحب وفي كل شيء!

بسمة عريضة تطاردني وتعجبني، أفتقدها، أفتقد تلك اللمعات الجميلة التي كانت تضيء ليالينا سويًا، بسمة عريضة، أقسم أنها لم تكن تظر إلا لي، بسمة عريضة، أقسم أنها كانت تشع بنور رقيق ثغر وضّاء ومحيًّا يعرفني ولا يتهلل هكذا إلا لي!
بسمة عريضة بلا لمعات، وبلا روابط، تخلعني من الهروب وتضعني أحيانأ في الهلع، وأحيانًا أجعلها تحدٍّ جديد ويكأني أواجهك أنت، فأبتسم بأريحية شديدة لأني لا أعرفه، وصرت لا أعرفك! أو أقطب جبيني بأريحية أيضًا وكأنه تمرين مريح كيف لي أن أقاوم بسمات عريضة جذابة مثل تلك!

ثم، لماذا أشبه بسمته بك؟ وببسمتك؟ لماذا لا يكون هو، بسمته هو، وكلماته هو، وطرفاته هو؟ وخفة ظله هو التي تملأ المكان مرحًا رصينًا؟ ولماذا لا يكون مزيجه الخاص؟ بين بسمة جميلة وعقل واعٍ رزين، وكلمات لطيفة مسلية؟

لماذا قد تكون أنت موضع تشابه أو تنافر؟ ولماذا أنت هنا؟ والعالم لم يعد عالمك ولا الكون صار يدور في فلكك؟
الكون يدور في فلك خالقه، وعالمي البسيط يدور حولي وأدور معه، والحب الذي أهرب منه بسببك قد يأتي من بعدك مثلما أتى معك!
القلب سيشفى، في وقت ما سيشفى، أمَا لو كنت مقدَّرًا؟ الله قادر أن يشفي كل تلك الندوب، لآجلي لا لأجلك ....
يعلم الله سريرة كل عبدٍ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق