الاثنين، 8 أكتوبر 2018

عزيزي البحر!

ماذا لو عندما تعانقت أرواحنا حوّلتني إلى سمكة تعيش بداخلك ولا تمل منك ولا تمل منها؟

هل كان الأزرق يناسبني؟ هل كان يشبهني مثلما أزعم؟ هل كان هذا الهدوء الذي أبتغيه عندما أنام على صفحتك هو ما كان سيدخل قلبي؟

البحر واسع وضيق!

أسبح وأسبح وأسبح، أتعب أنا وانت ما انتهيت، ولا وصل بصري إلى شطآنك، ولا تصل قدمي ولا ظلها ولا امتداد الظل إلى قرب أعماقك ... فلماذا ينتابني الضيق إذا رأيت نفسي سمكة؟

لربنا صغر أحجام الأسماك التي أعجبني بيتها بين الشعب؟

ولربما لو حولتني إلى حوت أو حورية؟ هل كان الأمر ليختلف؟

هل تجعلني حورية بالنهار، ثم إلام تعيدني في الليل؟

هل تعيدني إلى نجمة تطل عليك من العلية؟ تبعث نور قلبها لترى انعكاس بسمتك كالمرآة؟

عزيزي البحر ...

هل كنت تعرفني قبلا؟ وإن كنت تعرفني؟ لماذا كنت تتسلل إلى مناماتي تلامسني وتغرقني ولا تأتيني في الصباح؟
لماذا كنت تشبعني من الحب في تلك المنامات، وتخيفني عندما أقترب من رمالك والموج الحثيث؟

من منّا الذي كان يغرب بوجهه عن الآخر؟ من منّا ذاق الحب ومن هابه واختفى؟

كنت أراك في ليالِ كثيرة، أسافر إلى تلك البلاد التي تحمل جزءًا منك ... سيناء ... أو بلاد لم أزرها يومًا .. كنت أتعجب .... كيف أعرف البحر في تلك البلاد ويعرفني؟

وكيف أدس قدمي في رمالك فيأتي الموج يقبلني؟
وكيف أغار منك؟ وأغار عليك؟ وأخشاك؟ وأحبك؟ وأود الغوص وأود الهروب؟

كان أخي يقول لي في كل مرة ... البحر يحملك .. الماء ترفعك

قالت لي صديقة ... أحبيه ... ثقي به ... أسلمي له نفسك وسوف يريك من أعجوباته

وكانت أمي تقول ... البحر غدار يا ولدي!

وأنا ... بين كل المقولات أقف أمامك وأتعجب ...أيهم يا عزيزي البحر أصدق؟

عندما انتابتني نوبة أرق منذ شهور طويلة ... أخبرني أخي عن تطبيق فيه صوت الموج ... أضبطه وأنام .... أشعر أني نائمة على الرمل ... الصوت يحاصرني ويبلعني .... والنسيم العليل يشرق برائحتك ... أملأ صدري .. فيصدمني هواء جاف! 

عندما التقينا منذ عدة أشهر ... كان أول لقاء ألقي فيه بنفسي إليك ... كان ترحيبك حار ... دخل الماء إلى كل جسمي ... إلى فتحتي أنفي وحلقي وعيني ... أقول لأخي لقد صرت ضربًا من المقبلات المملحات

وعندما التقينا قبل شهرين ... في أول يوم ... كأن الخوف كان يجثم على صدري ... بتّ ليلتي اتنفس بصعوبة ... كنت أشعر أن الموج يطبق على نفسي!
في اليوم التالي ... كنت تصالحني ... كنت تمد إلي يدًا حنون ... كنت تفتح لي قلبك ... كنت تغني لي ... كنت تحكي لي قصة الشاطر حسن الذي وجد صندوق الأعاجيب ... كنت تفتح لي صندوق الأعاجيب .

عزيزي البحر ..... أحبك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق