السبت، 25 فبراير 2017

عندما نغني!

عندما تدخل كل تلك الكلمات إلى أرواحنا، تلمسنا من الداخل، تفعل فعلتها في أجزاءنا وخلايانا، تلك الكلمات نحن، تلك الموسيقى الصاخبة بما يدور في قلوبنا من ألم أو فرح، تلك الطقطقات التي توائم بشدة نبضات القلب، تحدث إيقاعًا خاصا جدا، لا ندري لم نحن بالذات، ولم تلك الأغنيات بالذات، لكن هذا ما حدث!


عندما نغني، عندما نمنح هذا الشيء جزء كبير منا، عندما نتوحد في تلك المقطوعات الصغيرة، عندما نعيدها مرارا وتكرارا، عندما نضع سماعات الأذن ولا نسمع أي شيء يدور بالخارج، ندخل في عالمنا نحن، عالمنا وفقط، نشارك فيه الجميع بسمات لا متناهية، بسمات قد تختلط بمزيج من الألم والقسوة والمرارة، ذاك الصبر الذي يخرج في صريخ موشِّح بقول يااارب، وأنين أخرى بآهة ألم وعذاب وشوق!

عندما تضيق علينا جلودنا، يسعنا اللحن، يسعنا الغناء، يسعنا الفضاء، يسعنا هذا المزيج المكلوم من كثرة السكوت، يسعنا الوتر، الوتر الذي يصرخ عندما يشتد، ويعوِّل عندما يتألم، ويرق ويضحك حينما يبتسم له ثغر الحبيب!

في الرقص، يتلاشي كلانا بصاحبه، في الغناء، نكون نحن وفقط، نحن الذين يتلاشون في النغمات حتى تفرقنا السماء في أنحاءها فنسقط كالمطر، أو تجمعنا فنطل على الأرض في هيبة كالسحاب!

السماء التي تضحك معنا فتبعثنا من جديد في قوس قزح، وترسلنا قبلة لتلك الزهرات والوردات، أو تعصف بكل أوجاعنا، وتجعل من خناجر القلب الكليم رعدا وبرق!

عندما نغني، نجد أنفسنا، نبكيها ونضحكها، نجد تلك الجواهر المدفونة تحت كل الألم والسخط والتعب والضعف والخوف والوحشة والارتياع، كأن الألحان تجمعنا على أشلاءنا من جديد، كأنها تربط قلوبنا بأوتار الكمان، كأنها تسند ظهورنا بعصا الإكسليفون، أو تدفئنا بداخل طبلة، أو ترثينا في صوت الناي الحزين!

أعطني الناي وغنِّي، أعطني فضاء يسعني، أعطني قلبي الذي يهرب في كل كلمة، وأعطني تلك الروح التي لا تجتمع إلا مع الناي الحزين!

هذا الغناء .... هذا السحر ..... هذا الفضاء ..... هذا الشيء الذي يجمع فتات القلب!

* من وحي فيلم ( غنِّي) SING 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق